الإفتاء توضح حكم صيام المريض النفسي
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الأمراض النفسية تتفاوت فيما بينها في درجة المرض من جهة تأثيره على إدراك المصاب وقدرته على التحكم في ذاته وقواه العقلية، فإن لم يؤثر على إدراكه وسلامة قواه العقلية، فهو مكلف بالصوم لتحقق الأهلية وأسباب التكليف وشروط صحته، غير أن الحكم في ذلك منوط بالقدرة والاستطاعة، بحيث إذا أدى المرض به إلى تأخير بُرْئِه، أو أدَّى إلى زيادة مشقة لا تُحتَمَل عادةً، أو نحو ذلك مما يستلزم الإفطار بعد الرجوع إلى الطبيب المختص واستشارته؛ فيُرَخَّصُ له حينئذٍ بالفطر، ويلزمه القضاء بعد البُرْءِ والتمَكُّنِ من الصيام إن كان مِمَّن يُرجى برؤه من مرضه هذا، وإلا لزمته فدية عن كُلِّ يومٍ من الأيام التي أفطرها من رمضان.
أضافت الإفتاء، أنه إذا أَثَّر على إدراكه بحيث غَلب على عقله وعَطَّل قواه ولو كانت نوبات غير مزمنة؛ فلا يلزمه الصيام في تلك الحالة، ومع ذلك لو برئ من مرضه أثناء شهر رمضان تعلق به التكليف حينئذ ولزمه الخطاب، فيجب عليه الصيام، وهذا كله مع مراعاة أنَّ الطبيب النفسي المختص هو المرجع في تقرير تأثير المرض النفسي على الإدراك والقوى العقلية للمريض من عدمه.
بيان أن العقل هو مناط التكليفأوضحت الإفتاء، أن الصيام أَحد أركان الإسلام الخمس التي وضع الشرع الشريف لانعقاده أركانًا وشروطًا، والتي منها: العقل، وهو من تمام أهلية الإنسان التي عليها مدارُ تكليفِه وخِطابه من الأوامر والنواهي، وذلك لكونه آلةَ الفهم ووسيلةَ الإدراك، كما أفاده العلَّامة زين الدين ابن قُطْلُوبُغَا في "خلاصة الأفكار".
وتابعت: ومن عوارض الأهلية: فَقْدُ العقل أو نقصانُه، فالعقل مِن أعظم نِعَم الله تعالى على الإنسان، وهو مناط التكليف، وَهَبَهُ الله سبحانه وتعالى للإنسان ليميزَ الخبيث مِن الطيب والنافع من الضارِّ، وقد يولد الإنسانُ مجردًا مِن العقل، وقد يولد باضطرابٍ عقليٍّ، وقد يولد ومعه عقله لكنْ يعترضه ما يوقف العقلَ عن سيره في أول أطوار حياته، أو بعد ذلك بقليلٍ أو كثيرٍ مِن الزمن، وقد يُولد سليمَ العقل ويساير عقلُه جسدَه في النمو حتى يبلغَ رشيدًا، ثم يعتريه مرضٌ يُذهب عقلَه كُلَّهُ أو بعضَه، أو يذهب به في بعض الأزمنة دون بعضٍ، أو لا يؤثر على عقله.
وأردفت الإفتاء: ولَمَّا كانت الأمراض النفسية تتفاوت في درجة المرض، ومراتب الإدراك والقدرة على التحكم في الذات، بل قد يُحدث الاضطراب النفسي في بعض الحالات اختلالًا سريريًّا جسيمًا في إدراك الفرد أو ضبطه لمشاعره أو سلوكه، وعادة ما يرتبط بالكُرَب أو بقصور في مجالات مهمة من الأداء، بمعنى: أن المرض النفسي يمكن أن يتحول إلى مرضٍ عقليٍّ في حالات الإدمان غير المعالج، وحالات المرض النفسي غير المعالجة، والتي تؤدي إلى ظهور اضطرابات ذُهانية شديدة كالخرف المتدهور، ونوبة الفصام الحاد، ونوبات الهوس الشديدة والحادة، سواء كانت هذه النوبات مزمنة أو غير مزمنة، والتي تؤثر على قوى المصاب بها العقلية والسلوكية، ويُشار إلى الاضطرابات النفسية أيضًا بحالات الصحة النفسية، وهذا المصطلح الأخير أوسعُ نطاقًا؛ لأنه يشمل الاضطرابات النفسية والإعاقات النفسية والاجتماعية؛ كما أفادته منظمة الصحة العالمية في تقرير "الذهان والفصام" المنشور بتاريخ 24/ 10/ 2021م، و"الاضطرابات النفسية" المنشور بتاريخ 8 يونيو 2022م.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإفتاء دار الإفتاء الأمراض النفسية
إقرأ أيضاً:
هل يجب قضاء الصلوات الفائتة بالترتيب؟.. الإفتاء توضح آراء المذاهب الأربعة
أوضحت دار الإفتاء أن مسألة ترتيب الصلوات الفائتة أثناء قضائها من المسائل التي اختلف فيها الفقهاء، حيث تنوعت الآراء بين المذاهب الأربعة بشأن وجوب الترتيب من عدمه.
ورأى فقهاء الحنفية أن الترتيب بين الفوائت واجب إذا لم تتجاوز عدد الصلوات الفائتة ستًّا غير الوتر، فإن تجاوزت هذا العدد سقط وجوب الترتيب.
كما يسقط الترتيب أيضًا في حال ضيق وقت الصلاة الحاضرة بحيث لا يتسع لأداء كل من الحاضرة والفائتة، أو في حالة نسيان الصلاة الفائتة أثناء أداء الحاضرة.
وأكدوا أنه في حال عدم الالتزام بالترتيب في هذه الحالة تبطل الصلاة الحاضرة.
أما المالكية، فقد ذهبوا إلى أن الترتيب واجب في كل الأحوال، سواء كانت الفوائت قليلة أو كثيرة، بشرط تذكر الصلاة الفائتة والقدرة على أدائها. ووافقهم الحنابلة في وجوب الترتيب بين الفوائت، وكذلك مع الحاضرة، ما لم يكن هناك خوف من فوات وقت الصلاة الحاضرة، ففي هذه الحالة تقدم الحاضرة على الفائتة.
بينما خالفهم فقهاء الشافعية، حيث رأوا أن الترتيب بين الصلوات الفائتة، وكذلك بينها وبين الصلاة الحاضرة، هو من السنن وليس من الواجبات، بشرط ألا يخشى المصلي فوات وقت الحاضرة، وأن يكون متذكرًا للصلاة الفائتة قبل شروعه في أداء الحاضرة.
واعتبرت دار الإفتاء أن رأي الشافعية هو الأيسر والأكثر تيسيرًا على الناس، حيث لا يؤدي ترك الترتيب إلى بطلان الصلاة، ويظل القضاء صحيحًا.
وفي السياق ذاته، أكدت دار الإفتاء أن الصلاة من أركان الإسلام، وهي عماد الدين، ولا تسقط عن المسلم البالغ العاقل إلا في حالات مخصوصة كحيض المرأة ونفاسها.
وأشارت إلى أن من فاتته صلوات مفروضة يجب عليه قضاؤها، ولا تسقط عنه بالتوبة أو مرور الزمن، وذلك باتفاق الأئمة الأربعة، رغم وجود رأي شاذ يُجيز عدم القضاء.
كما أوضح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أن التهاون في أداء الصلاة ابتلاء، وعلاجه في المواظبة على الذكر ومجاهدة النفس، حتى تلين القلوب وتُقبل على الصلاة بشغف ومحبة.
من جانبه، أشار الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إلى أن من لا يعلم عدد الصلوات التي فاتته فعليه أن يجتهد بالتقريب، ويصلي قضاءً مع كل فرض حاضر حتى يغلب على ظنه أنه أدى ما عليه.
وأكدت دار الإفتاء في ختام توضيحها أن المحافظة على الصلاة في وقتها من أعظم القربات، وأن قضاء ما فات منها دين في رقبة المسلم لا يُرفع إلا بأدائه.