مجلة فرنسية: المواجهة بين أمريكا وإيران في البحر الأحمر.. "رقصة مضحكة"
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
وصفت مجلة "لوكورييه انترناسيونال" الفرنسية التوتر في البحر الأحمر بين الولايات المتحدة الأمريكية ودولة إيران بـ "الرقصة المضحكة".
وقالت المجلة في تحليل لها إن التوتر الأخير في البحر الأحمر يرسم صورة صراع بخاصية غريبة تظهر فيه كل من الولايات المتحدة وإيران حريصتان على تفادي أي مواجهة عسكرية مباشرة على الرغم من التصعيد المبادل بين التحالف البحري الذي تقوده واشنطن وجماعة الحوثي التي تنفذ عمليات بالوكالة عن طهران.
وشبهت الصحيفة الفرنسية في عنوان التحليل الصراع القائم بـ "الرقصة المضحكة بين واشنطن وطهران"، مشيرة إلى العناية الخاصة التي يوليها الطرفان لحدود التصعيد في رسائل متبادلة.
وقالت "في حين يخشى الكثيرون من أن تؤدي الاشتباكات في الشرق الأوسط في نهاية المطاف إلى دفع الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران إلى مواجهة مفتوحة، فإن الصراع يبرز حتى الآن بخاصية غريبة وهي أن كلا من طهران وواشنطن تحرصان بعناية على عدم تدخل قواتهما في مواجهة مباشرة".
وتابعت "لا أحد يعرف إلى متى سيستمر هذا الأمر كما يعترف الدبلوماسيون وغيرهم من المسؤولين الأوروبيين والأميركيين، لكن معظم المراقبين يعتقدون أنه بينما حرضت إيران حلفاءها في المنطقة على مضايقة القوات الأميركية والضغط على إسرائيل والغرب في العراق وسوريا ولبنان وعلى الطرق البحرية في البحر الأحمر، اتخذ الإيرانيون احتياطات معينة حتى لا تسبب حريقا".
لكن صحيفة 'ليكسبريس' الفرنسية وفي ظل هذه التطورات المتسارعة، تساءلت "ماذا لو كان الانزلاق نحو الجحيم قد بدأ بالفعل في البحر الأحمر؟".
وقال الباحث ماكسنس بريشو في مقال بالصحيفة الفرنسية إن "الجديد في الأزمة الحالية هي تلك الجهات الفاعلة غير الحكومية التي تمتلك الصواريخ والطائرات المسيرة والقدرة على ضرب البحر من الأرض، تماما مثلما تفعل الدول".
وأوضح أنه بعد التدخل الأميركي سيترك الأمر لأصحاب السفن تقييم ما إذا كان المرور يبدو آمنا بما فيه الكفاية في البحر الأحمر ام لا.
وأطلقت الولايات المتحدة وبريطانيا الشهر الماضي عملية حارس الازدهار لمواجهة هجمات الحوثيين، غير أن المصادر في بروكسل أكدت أن الاتحاد الأوروبي لا يرحب بالمشاركة في هذه العملية التي تتمتع بصلاحية استخدام القوة.
ومع ذلك فإنه يخطط لإرسال فرقاطات إلى منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب، من بين خيارات أخرى، لمواجهة التهديدات الحوثية التي تتربص بالسفن التجارية بالمنطقة.
ومن المتوقع أن تتضح خطة المهمة العسكرية الأوروبية في البحر الأحمر قبيل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في السابع عشر من فبراير/شباط القادم.
وبحسب مصادر دبلوماسية من المقرر أن يضع الخبراء العسكريون المخططات اللازمة المتعلقة بالطواقم العسكرية والفرقاطات التي سيتم إرسالها ومناطق النفوذ وذلك عقب تقرير الاتحاد الأوروبي عن الأوضاع التي ستعمل بها السفن.
وبحسب ما تسرب من معلومات لا يشترط الموافقة بالإجماع لإقرار العملية العسكرية التي تهدف لضمان حرية الشحن وتأمينه في البحر الأحمر، حيث بإمكان بعض دول التكتل تشكيل مثل هذه التكتلات العسكرية من أجل المصالح المشتركة المحددة وعلى رأسها التجارة البحرية.
ودفعت الهجمات التي يشنها الحوثيون على سفن الشحن في البحر الأحمر عددا من شركات النقل البحري إلى تغيير مسارات سفنها حول افريقيا ما تسبب في قطع مسافات أطول تصل إلى ما بين 10 الى 15 يوما اضافيا وهو ما يزيد في كلفة التأمين والشحن.
وخلقت هذه التطورات وضعا آخر في الموانئ الافريقية اذ زاد الطلب على وقود السفن وارتفعت أسعاره كما تزايد تكدس السفن في موانئ المنطقة وهو ما يشكل حتما ضغوطا على تلك الموانئ.
وترغب الدول الأوروبية ذات الموانئ الضخمة كألمانيا وهولندا وبلجيكا التحرك فورا لمنع الهجمات على التجارة الحرة في البحر الأحمر وحماية مصالحها.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية اليوم الأحد إنها ستنفق 405 ملايين جنيه إسترليني (514 مليون دولار) لتحديث نظام صاروخي تستخدمه البحرية الملكية الآن لإسقاط طائرات مسيرة معادية فوق البحر الأحمر.
وذكرت في بيان أنه سيتم تحديث نظام الدفاع الجوي 'سي فايبر' بصواريخ مزودة برأس حربي جديد وبرمجيات تمكنه من مواجهة تهديدات الصواريخ الباليستية، مضيفة أن العقود أرسيت على الوحدة البريطانية لشركة إم.بي.دي.إيه، وهي مشروع مشترك لصناعة الصواريخ تملكه شركات إيرباص وبي.إيه.إي سيستمز وليوناردو.
وقال وزير الدفاع غرانت شابس في البيان "مع تدهور الوضع في الشرق الأوسط، من الضروري أن نتكيف للحفاظ على سلامة المملكة المتحدة وحلفائنا وشركائنا"، مضيفا "كانت منظومة سي فايبر في طليعة هذا الأمر، كونها السلاح المفضل للبحرية في أول عملية إسقاط لتهديد جوي منذ أكثر من 30 عاما".
وأسقطت القوات البحرية الأميركية والبريطانية في البحر الأحمر طائرات مسيرة وصواريخ أطلقتها حركة الحوثي اليمنية هذا الشهر مع اتساع نطاق الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إلى أنحاء أخرى من المنطقة.
ضربات أميركية جديدة ضدّ أهداف تابعة للحوثيين
وشنّت الولايات المتحدة ضربات جديدة على أهداف تابعة للمتمردين الحوثيين في اليمن السبت، وفق الجيش الأميركي، مستهدفة صاروخا مضادا للسفن كان "جاهزا للإطلاق".
وتسعى واشنطن إلى تقليص القدرات العسكريّة للحوثيّين المدعومين من إيران، لكن بعد أسبوع على ضربات مكثّفة ضد أهداف تابعة لهم، لا يزال هؤلاء يُشكّلون تهديدا وقد تعهّدوا بمواصلة استهداف السفن التجاريّة في البحر الأحمر وخليج عدن.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني، يشن المتمرّدون الحوثيون المدعومون من إيران والذين يسيطرون على أنحاء واسعة من اليمن هجمات على سفن يعتبرون أنها على صلة بإسرائيل، واضعين ذلك في إطار دعم الفلسطينيين في قطاع غزة.
ودفعت هجمات الحوثيين الكثير من شركات الشحن البحري من بينها "ميرسك" الدنماركية، إلى تحويل مسار سفنها عبر رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا.
ويمرّ نحو 12 بالمئة من التجارة البحرية العالمية عادة عبر مضيق باب المندب المؤدّي إلى جنوب البحر الأحمر، لكنّ عدد الحاويات التي تمرّ في هذا الممر المائي انخفض بنسبة 70 بالمئة منذ منتصف نوفمبر الماضي، وفق خبراء.
ودفعت هجمات الحوثيين الولايات المتحدة في ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى تشكيل تحالف بحري دولي يسيّر دوريات في البحر الأحمر لحماية حركة الملاحة من الهجمات.
ووجّه التحالف ضربات استهدفت الحوثيّين في اليمن للمرّة الأولى في 12 ديسمبر/كانون الثاني طالت رادارات وبنية تحتيّة لصواريخ ومسيّرات.
ونفّذت الولايات المتحدة سلسلة ضربات أخرى استهدفت خصوصا منصّات إطلاق صواريخ. وتُمثّل الضربات التي شنتها واشنطن السبت السلسلة الخامسة من الضربات الأميركية على الحوثيين في الأسابيع الأخيرة.
وتسعى الولايات المتحدة في الوقت نفسه إلى ممارسة ضغوط دبلوماسيّة وماليّة على الحوثيّين، بعدما صنّفتهم مجددا على أنّهم "تنظيم إرهابي". ومن المقرّر أن تدخل هذه العقوبة حيّز التنفيذ في 16 فبراير/شباط.
ولا يشكّل اليمن سوى جزء من صراع أوسع نطاقا، ما يثير مخاوف من اندلاع نزاع إقليمي مع دخول الحرب بين إسرائيل وحماس شهرها الرابع.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر الصين أمريكا إيران الولایات المتحدة ة فی البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
ضغوط واشنطن.. لماذا توجه أمريكا اتهامات للصين بدعم الحوثيين؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تعمل الولايات المتحدة الأمريكية بكل الطرق والوسائل الممكنة على تضييق الخناق على الميليشيا الحوثية من خلال ثلاث مسارات، أولها، شن غارات بمناطق سيطرة الحوثيين باليمن، وثانيها، فرض عقوبات على أبرز قيادات ومؤسسات الحوثي، أما المسار الثالث، فمن خلال مراقبة أية تحركات تقودها دول إقليمية أو دولية تقوم بتقديم الدعم سواء المادي أو العسكري للحوثيين.
في هذا الإطار، لا تتوقف وسائل الإعلام الأمريكية منذ شن الحوثيين هجمات في نوفمبر 2023 وحتى الوقت الراهن على السفن الإسرائيلية أو الداعمة للاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن وصولاً إلى المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، عن توجيه اتهامات إلى كل من إيران وروسيا وأخيراً الصين، بتقديم دعم للحوثيين لمواصلة هجماتهم البحرية، وهو ما لا تريده أمريكا.
اتهامات أمريكية
يأتي هذا في سياق ما كشفته مصادر استخباراتية أمريكية لموقع "Foundation for Defense of Democracies" في 2 يناير الجاري، أن جماعة الحوثي تستخدم أسلحة صينية الصنع في هجماتها على الشحن في البحر الأحمر مقابل الامتناع عن شن هجمات على السفن الصينية، وأفادت أن الميليشيا حصلت على "مكونات ومعدات توجيه متقدمة" لصواريخها بعد زيارة قادة الحوثيين للصين في عامي 2023 و2024 لإنشاء سلسلة توريد، وأضاف التقرير أن الحوثيين يخططون لاستخدام مكونات الأسلحة الصينية لإنتاج مئات الصواريخ المجنحة.
يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يكشف فيها مسؤولين أمريكيين عن دعم صيني أو روسي للجماعة الحوثية في هجماتهم البحرية، إذ أنه في مطلع أكتوبر 2024، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركتين مقرهما الصين لتزويد الحوثيين بـ "مكونات ذات استخدام مزدوج (مكونات أنظمة التوجيه الصاروخي المتقدمة)" من شأنها أن تعزز "جهودهم المحلية لإنتاج الصواريخ والطائرات بدون طيار".
دوافع واشنطن
وما يقلق واشنطن من العلاقة بين الصين والميليشيا الحوثية، هو إدراكها بأن بكين ترى في العمليات الحوثية ضد إسرائيل وحلفائها فرصة لتقليص حجم المنافسة الأمريكية لها، وهو ما كان أبرز دوافع بكين لرفض عرض أمريكي للانخراط بتحالفها لحماية الاحتلال الإسرائيلي بالبحر الأحمر.
وبناءً عليه، فإن أية معلومات أمريكية بشأن دعم الصين للحوثيين، ليس أمراً مستبعداً، نظراً للعلاقة الجيدة التي تجمع الميليشيا الانقلابية بالدولة الآسيوية، وهو ما أكد عليه الحوثيون مرارا، خاصة أن التعاون القائم بين الطرفين، هدفه ضمان الممر الآمن للسفن الصينية مقابل قيام بكين بمنع المزيد من القرارات ضد الحوثي في المنظمات الدولية، وهو ما حدث خلال الأشهر الماضية، حيث امتنعت الصين أوائل يناير 2024 عن التصويت على قرار رعته أمريكا واليابان وأدان هجمات الحوثيين على السفن، وفي منتصف فبراير 2024، شككت الصين في شرعية الضربات الغربية ضد الحوثيين، وقالت إن مجلس الأمن لم يأذن بها على الإطلاق.