(CNN)-- كشف تحقيق أجرته شبكة CNN أن الجيش الإسرائيلي قام باجتياح ما لا يقل عن 16 مقبرة في هجومه البري في غزة، مما أدى إلى تدمير شواهد القبور، وقلب التربة، وفي بعض الحالات، تم استخراج الجثث. 

وفي خان يونس، جنوب قطاع غزة، حيث تصاعد القتال في وقت سابق من هذا الأسبوع، دمرت القوات الإسرائيلية مقبرة، وأخرجت الجثث فيما قال الجيش الإسرائيلي لشبكة CNN إنه جزء من البحث عن رفات الرهائن الذين احتجزتهم حماس خلال 7 أكتوبر 2023.

 

راجعت CNN  صور الأقمار الصناعية ولقطات وسائل التواصل الاجتماعي التي تظهر تدمير المقابر وشاهدتها مباشرة أثناء السفر مع الجيش الإسرائيلي في قافلة. وتكشف الأدلة مجتمعة عن ممارسة منهجية مع تحرك القوات البرية الإسرائيلية عبر قطاع غزة. 

يعتبر التدمير المتعمد للمواقع الدينية، مثل المقابر، انتهاكًا للقانون الدولي، إلا في ظل ظروف ضيقة تتعلق بأن يصبح هذا الموقع هدفًا عسكريًا، وقال خبراء قانونيون لـ CNN إن أفعال إسرائيل يمكن أن ترقى إلى مستوى جرائم حرب. 

ولم يتمكن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي من تفسير تدمير المقابر الـ 16 التي قدمت CNN إحداثياتها، لكنه قال إن الجيش في بعض الأحيان "ليس لديه خيار آخر" سوى استهداف المقابر التي زعم أن حماس تستخدمها لأغراض عسكرية. 

وقال الجيش الإسرائيلي إن إنقاذ الرهائن والعثور على جثثهم وإعادتها هي إحدى مهامه الرئيسية في غزة، ولهذا السبب تم نقل الجثث من بعض المقابر. 

وقال متحدث بإسم الجيش الإسرائيلي لشبكة CNN، إن "عملية تحديد هوية الرهائن، التي تتم في مكان آمن وبديل، تضمن الظروف المهنية المثالية واحترام المتوفين"، مضيفًا أن الجثث التي تم تحديد أنها ليست جثث الرهائن "يتم إعادتها بكرامة واحترام". 

لكن في حالات أخرى، يبدو أن الجيش الإسرائيلي استخدم المقابر كمواقع عسكرية. وأظهر تحليل CNN لصور ومقاطع الفيديو عبر الأقمار الصناعية أن الجرافات الإسرائيلية حولت مقابر متعددة إلى مناطق تجمع، وقامت بتسوية مساحات كبيرة وإقامة الحواجز لتحصين مواقعها. 

في حي الشجاعية بمدينة غزة، أمكن رؤية مركبات عسكرية إسرائيلية في مكان المقبرة، مع وجود حواجز/ سواتو تحيط بها من كل جانب. وتم تطهير الجزء الأوسط من مقبرة الشجاعية قبل الحرب، بحسب تقارير إعلامية محلية. لكن صور الأقمار الصناعية أظهرت أن أجزاء أخرى قد تم تجريفها مؤخرًا، وأن وجود الجيش الإسرائيلي كان واضحًا، اعتبارا من 10 ديسمبر/ كانون الأول  2023. 

مقبرة الشجاعية في مدينة غزة.Credit: CNN/Maxar Technologies

في 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، نشر الجيش الإسرائيلي صورة بدون تاريخ لما قال إنها منصة إطلاق صواريخ تابعة لحماس على أرض مقبرة الشجاعية. ولم تتمكن CNN من التحقق بشكل مستقل من متى أو مكان التقاط الصورة. 

وشوهد مشهد مماثل من الدمار في مقبرة بني سهيلة، شرق خان يونس، حيث كشفت صور الأقمار الصناعية عن التجريف المتعمد والتدريجي للمقبرة، وإنشاء تحصينات دفاعية على مدار أسبوعين على الأقل في أواخر ديسمبر/كانون الأول وأوائل يناير/كانون الثاني. 

مقبرة بني سهيلة شرق خانيونس.Credit: CNN/PlanetLabs

وفي مقبرة الفالوجة في حي جباليا شمال مدينة غزة، ومقبرة التفاح شرق مدينة غزة، ومقبرة في حي الشيخ عجلين بمدينة غزة، توجد شواهد قبور مدمرة وعلامات مداس ثقيلة تشير إلى مرور مركبات مدرعة أو دبابات ثقيلة فوق القبور. 

وقد مرت ناقلة الجنود المدرعة التي كانت تقل فريق CNN الأسبوع الماضي مباشرة عبر مقبرة البريج الجديدة في مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين في وسط غزة، في طريقها للخروج من القطاع. وشوهدت القبور على جانبي الطريق الترابي الذي جرفته الجرافات حديثًا، كما يظهر على شاشة داخل السيارة تظهر بثا مباشرًا من الكاميرا الأمامية. وأكدتCNN  موقع المقبرة من خلال تحديد الموقع الجغرافي للقطات التي التقطتها من داخل غزة في ذلك اليوم والتحقق منها عبر صور الأقمار الصناعية. 

مقبرة البريج الجديدة في مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة.Credit: CNN/PlanetLabs

ولم تظهر المقابر الأخرى التي حللتها CNN في صور الأقمار الصناعية سوى القليل من علامات الدمار أو التحصينات العسكرية، من بينها مقبرتان حيث دُفن الجنود الذين سقطوا في الحربين العالميتين الأولى والثانية، بما في ذلك المسيحيون وبعض اليهود. 

ولم يوضح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي سبب تجريف مساحات واسعة من المقابر لتحويلها إلى مواقع عسكرية أو سبب وقوف المركبات العسكرية في المكان الذي كانت توجد فيه القبور ذات يوم. وقال المتحدث لـCNN: "لدينا التزام جدي باحترام الموتى، ولا توجد سياسة لإنشاء مواقع عسكرية خارج المقابر". 

ألحقت القوات الإسرائيلية أضرارًا جسيمة بالمقبرة في خان يونس بين ليلة الاثنين وصباح الأربعاء، أثناء توغلها في المنطقة المحيطة بمجمع مستشفى الناصر ومستشفى ميداني أردني، وفقًا لصور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو التي استعرضتها شبكة CNN وحددت موقعها الجغرافي. 

وقال الجيش الإسرائيلي لشبكة CNN إنه عند "تلقي معلومات استخباراتية أو تشغيلية هامة"، فإنه يجري "عمليات دقيقة لإنقاذ الرهائن في مواقع محددة حيث تشير المعلومات إلى احتمال وجود جثث الرهائن". 

وقالت إسرائيل إن 253 شخصًا احتجزوا كرهائن خلال هجمات حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وتعتقد أن 132 رهينة ما زالوا في غزة – 105 منهم على قيد الحياة و27 قتيلاً. 

عدد القتلى في غزة يتزايد يومًا بعد يوم. وقد تجاوز عدد القتلى الـ 25 ألف فلسطيني في الهجمات الإسرائيلية، وفقًا لوزارة الصحة التي تسيطر عليها حماس في غزة. وكثيرًا ما تتم عمليات الدفن بسرعة وفقًا للتعاليم الإسلامية، ومنذ بدء الحرب، كثيرًا ما يتم دفن الموتى في مقابر جماعية. 

وفي أواخر ديسمبر/كانون الأول 2023، أعادت إسرائيل جثث 80 فلسطينيًا قتلوا في الحرب، قائلة إنها أكدت أنهم ليسوا رهائن إسرائيليين احتجزتهم حماس. وذكرت تقارير إعلامية فلسطينية في ذلك الوقت أن الجثث التي أعيدت لم يتم التعرف عليها. لا تستطيع CNN  التحقق بشكل مستقل من هذه الادعاءات. 

 

احترام الموتى 

يقول خبراء القانون الدولي إن تدنيس المقابر يتعارض مع نظام روما الأساسي، وهي معاهدة عام 1998 التي أُنشأت وتحكم المحكمة الجنائية الدولية للفصل في جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم العدوان. إسرائيل، التي أيدت في الأصل إنشاء المحكمة، لم تصدق على نظام روما الأساسي. 

تحظى المقابر بالحماية باعتبارها "أعيانًا مدنية" بموجب القانون الدولي، كما تتمتع بحماية خاصة، مع استثناءات محدودة. 

لا يجوز مهاجمة المقابر أو تدميرها إلا إذا استخدمها الطرف المتحارب الآخر لأغراض عسكرية، أو إذا كان القيام بذلك يعتبر ضرورة عسكرية، مع تفوق الميزة العسكرية المكتسبة على الأضرار التي لحقت بالأعيان المدنية. 

"إن الطبيعة المدنية للمقبرة لا تزال سليمة إلى حد ما" لذا فإن الشخص الذي يريد مهاجمة مقبرة لا يزال يتعين عليه أن يأخذ في الاعتبار نوع الاستخدام المدني للمقابر والأهمية المدنية للمقبرة، وعليه تقليل الضرر الذي يلحق بهذه الوظيفة المدنية للمقبرة"، قالت جانينا ديل، المديرة المشاركة في معهد الأخلاق والقانون والصراع المسلح بجامعة أكسفورد لشبكة CNN. 

أثارت جنوب أفريقيا مسألة تدمير الجيش الإسرائيلي للمقابر في غزة كجزء من قضيتها في محكمة العدل الدولية التي تقول إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية. وتنفي إسرائيل هذه المزاعم، لكن ديل قالت إنه في حين أن تدمير المقابر وحده لا يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، إلا أنه يمكن أن يضيف دليلا على نية إسرائيل. 

وأضافت ديل: "هناك معنى رمزي كبير لفكرة أنه حتى الموتى لا يُتركون في سلام. إن القانون الإنساني الدولي يحمي كرامة الأشخاص الذين هم خارج القتال أو القتال، وهذه الحماية لا تنتهي عندما يموتون." 

ولكن، في حالتين على الأقل، من الواضح أنه تم بذل جهود كبيرة لاحترام الموتى - في المقابر التي لا يُدفن فيها الفلسطينيون. 

على بعد نصف ميل فقط من مقبرة التفاح المدمرة، شرق مدينة غزة، توجد مقبرة تضم جثث معظم الجنود البريطانيين والأستراليين الذين ماتوا في الحرب العالمية الأولى والثانية سليمة إلى حد كبير. تظهر حفرة على أرض المقبرة في صور الأقمار الصناعية في الفترة ما بين 8 و15 أكتوبر/تشرين الأول، لكنها لم تمسها الحرب. 

وتقدم مقبرة ثانية تديرها لجنة مقابر الحرب التابعة للكومنولث في وسط غزة مثالا صارخًا. وكانت السيارات الممزقة والطرق المدمرة منتشرة في جميع أنحاء المقبرة. لكن المقبرة نفسها، التي تحتوي على قبور معظمها من المسيحيين وبعض الجنود اليهود من الحرب العالمية الأولى، ما زالت سليمة. 

حتى أن الجنود الإسرائيليين وقفوا مع العلم الإسرائيلي بالقرب من قبر جندي يهودي مدفون هناك، وتظهر صورة أخرى نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي دبابة مستقرة على حافة المقبرة - احترام قدسية تلك الأرض المقدسة. 

وقالت منى حداد، المحامية في مجال حقوق الإنسان والباحثة في مجال معاملة الموتى، لشبكة CNN، إن احترام بعض الموتى، دون غيرهم، يتعارض مع القانون الدولي. 

وقالت: "ما يحدث هو انتهاك واضح لهذه القواعد الأساسية ويعتبر جريمة حرب تتمثل في ارتكاب الاعتداءات على الكرامة الشخصية بموجب نظام روما الأساسي".  


 

إسرائيلانفوجرافيكغزةقطاع غزةنشر الأحد، 21 يناير / كانون الثاني 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: انفوجرافيك غزة قطاع غزة صور الأقمار الصناعیة الجیش الإسرائیلی کانون الأول مدینة غزة مقبرة فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

السيد القائد: العدو الإسرائيلي راهن على اجتياح لبنان ولكنه صُدم صدمة كبيرة وتلقى الصفعة القوية من مجاهدي حزب الله

يمانيون/ خاص

أوضح قائد الثورة أن العدو الإسرائيلي اتجه إلى العدوان البري وكان يؤمل أن الظروف قد تهيأت له وأن بنية حزب الله أصبحت منهارة، لكنه تفاجأ.

وقال السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، في كلمة له اليوم الخميس، حول آخر تطورات العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان والمستجدات الإقليمية، أن جيش العدو الإسرائيلي راهن على اجتياح لبنان من جديد أو أجزاء منه، ولكنه فوجئ وتعرض لصدمة قوية وهو لا يزال في أطراف الحدود.

ولفت السيد القائد إلى أن العدو الإسرائيلي صُدم صدمة قوية وكبيرة في أطراف لبنان في الحدود مع فلسطين المحتلة وحتى في المواقع المحتلة، وأن العدو عندما أراد أن يبدأ بمحاولات التقدم تلقى الصفعة القوية والضربة المنكلة من مجاهدي حزب الله، وكان هول الصدمة واضحا.. مشيراً إلى أن العدو الإسرائيلي بدأ يتحدث عما جرى لجيشه أثناء محاولاته للتوغل في لبنان بأنه كارثة وصدمة

وأكد قائد الثورة أن واقع المجاهدين في حزب الله في تماسكهم وثباتهم، وجهوزيتهم في التنكيل بالعدو الإسرائيلي هو بنفس ما كانوا عليه في كل ما قد جربهم فيه وفشل، وأن حال حزب الله لم يتغير بعد استشهاد سماحة الأمين العام لحزب الله إلا بفارق أنهم ازدادوا ثباتا وعزما وتصميما وتفانيا في العمل في سبيل الله.

ونوه السيد إلى أن المجاهدون في حزب الله يمتلكون من الحافز والدافع بعد استشهاد الأمين العام لحزب الله ما هو أكثر من ذي قبل، وأن الحالة التي انعكست على واقع المجاهدين في حزب الله ليست انهيارا ولا عجزا ولا فشلا ولا ضعفا ولا وهنا إنما هي تصميم وعزم وحرص على أداء الموقف العظيم المشرف.

وقال السيد القائد أن المجاهدون في حزب الله أكثر اهتماما وجرأة في الاستهداف للعدو الإسرائيلي ومواجهته، وهم اليوم أكثر تشوقا لمواجهة العدو الإسرائيلي من أي مرحلة مضت.. مؤكداً على أن العدو الإسرائيلي لا يفهم هذه الأمة المجاهدة فيما تحمله من روحية وإيمان وعزم ويتصور أن الجرائم بحق القادة ستحقق أمله في انهيار بقية الأمة

وأكد السيد على أنه بعد أيام من استهداف سماحة الأمين العام لحزب الله، العدو بدأ يعبّر بمنطق مختلف عن منطقه المغرور والشيطاني ويتحدث عن صدمة ومفاجأة.. مشدداً على أن ينبغي أن يفهم العدو الإسرائيلي أنه لن يحقق آماله من استهدافه لسماحة الأمين العام لحزب الله ولا باستهداف كوادره القيادية.

ولفت قائد الثورة إلى ان حزب الله متماسك في بنيته وتنظيمه وتكوينه وثابت على موقفه وقادر بمعونة الله تعالى على إحراز النصر وإلحاق الهزائم المذلة بالعدو الإسرائيلي.. مشيراً إلى أن رسالة مجاهدي حزب الله للسيد نصر الله بالقول “كما كنت تعدنا بالنصر دائما، نعدك بالنصر مجددا” هو منطق الاستمرار والثبات ومسار صنع الانتصار.

وأضاف السيد أنه منذ اليوم الذي قال فيه السيد نصر الله. “ولى زمن الهزائم وأتى زمن الانتصارات”، فهو قد أرسى هذه المعادلة وأرساها اليوم بعد استشهاده ببركة تضحياته

ونوه السيد القائد إلى أنه مع الجهد والعمل الذي قدمه السيد نصر الله طوال عقود من الزمن وببركة التضحية، فالله لن يضيع جهده وجهاده وتضحيته.. مؤكداً أن الأثر العظيم لجهاد وتضحية السيد نصر الله سيبقى في مسيرة المجاهدين في حزب الله، في الحاضر والمستقبل.

مقالات مشابهة

  • صور من الأقمار الصناعية تظهر تدمير قاعدة نيفاتيم الإسرائيلية عقب الهجوم الإيراني
  • صور الأقمار الصناعية تكشف عن الأضرار التي لحقت بقاعدة نيفاتيم الجوية الصهيونية نتيجة الهجمات الصاروخية الإيرانية.”
  • الأقمار الاصطناعية تكشف كارثة بأهم القواعد العسكرية الإسرائيلية (صور وفيديو)
  • السيد القائد: العدو الإسرائيلي راهن على اجتياح لبنان ولكنه صُدم صدمة كبيرة وتلقى الصفعة القوية من مجاهدي حزب الله
  • الأقمار الصناعية تفضح آثار القصف الإيراني.. صور
  • «الأرصاد»: الأقمار الصناعية ترصد تكاثر السحب على الوجه البحري
  • الأقمار الصناعية تحرج إسرائيل.. صورة تثبت إصابة أكبر قاعدة جوية بصواريخ إيران
  • صور أقمار صناعية تُظهر ما فعلته الصواريخ الإيرانية بقاعدة جوية إسرائيلية
  • بعد اجتياح الاحتلال الإسرائيلي البري لجنوب لبنان.. ماذا تعرف عن الفرقة 98؟
  • الجيش الأمريكي ينتشر بـ12 دولة في الشرق الأوسط والعراق وسوريا الأقل تواجداً