صدى البلد:
2025-04-17@06:41:11 GMT

كريمة أبو العينين تكتب: عذاب الفقر وعذاب القبر

تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT

من عجائب هذه المرحلة، التربح باسم الدين، والمتاجرة بجهل الفقراء وعدم معرفتهم بصحيح أمورهم الدينية. 
تلك الجملة استوقفتني خلال متابعتي ومشاركتي في واحدة من الفعاليات الثقافية المبطنة بكسوة دينية لا أعرف سببها وإقحامها في هذه المناسبة التى تعد وطنية وليست دينية.

فوسط تنظيم جيد وإعداد مستوفٍ للشروط ؛ اصطفت القاعة وترأسها توليفة من العالمين ببواطن الأمور وظواهرها.

وبدأت الفعالية المباركة بكلام منمق لكبير المكان والذي صال وجال متحدثا عن فضل أولي الأمر وأحقيتهم، وضرورة الولاء والطاعة لهم، واستكمل حواره بالحديث عن غضب السماء لعدم اتباع أوامر أولي الأمر والسير على مقاطعة ما نهوا عنه.

وأنهى المحاور الكبير حديثه، مؤكدا في نهايته أنه في حالة صحية لا تسمح له بالإجابة عن أية أسئلة أو استفسارات؛ إلا أنه لم يرفض أن ترسل الأسئلة على صفحته عبر وسائل التواصل الاجتماعى، وحينها سمعت همهمات وضحكات تتحدث عن أنه يريد من ذلك السلوك زيادة متابعيه ؛ وربما الاستفراد بمعارضيه وشكواهم ومعاقبتهم قانونيا .

جاءت كلمة لمشارك آخر ممن يشهد لهم بالعلم والمعرفة وأيضا يشار إليهم بالمعارضة ورفض الكثير من السياسات الغربية المفروضة على منطقتنا، وللحق فقد بدأ حديثه بسلاسة جذبت آذان كل السامعين؛ واستشهد بفترات من التاريخ القديم المعبقة بالعزة والكرامة؛ وأخذنا معه أخذا إلى المقارنة بين ما كان وكنا، وما نحن عليه، وما هو متوقع، حديث منمق، وعبارات مستوفية وصل بنا من خلالها وأثناءها إلى الرد على ما يقوله  عدد من واعظي هذه المرحلة وتركيزهم على عذاب القبر؛ والثعبان الأقرع ، وملكي العذاب والثواب ، وظلمة القبر على الظالمين؛ ونوره وضيائه وبهجته على الأبرار الصالحين.. لم ينكر العذاب؛ ولكنه تحدث عن السبب فى التركيز فى الوعظ على هذه الوضعية وهذه النهاية.

وتساءل لماذا نركز على الترهيب وليس الترغيب؟ وتساءل أيضا عن الحكمة في أن تكون نصائحنا تتحدث عن النهايات وليس البدايات والاستمرارية ؟ وهب غاضبا وهو يذكر أن أحد الأئمة سُئل عن عقاب تارك الصلاة فأجاب بأن تأخذه معك وأنت ذاهب للصلاة ! واستشهد بحكايات كثيرة ومواقف جليلة لرجال دين أكفاء كان وعظهم عن الترغيب وليس الترهيب، وعن جذب المحبين وليس تنفيرهم وتشتيتهم، وجاءت المداخلة ومعها رد من آخر ممن يعتلون قاعة النقاش، وكان السؤال هل يعذب الفقراء فى قبورهم فوق عذابهم فى حياتهم؟ وحرمانهم ، وضياع هيبتهم،  وإذلالهم؟ الإجابة لم تكن متوقعة !! فقد كان الرد عنيفا اتهم فيه المجيب السائل بالزندقة ؛ والاعتراض على ترتيبات الخالق، ودرجات الخلق ومكانتهم ، وبأن الله لم يخلق الكون اعتباطا؛ ولكن كل بقدر،  ولكل مكان ومكانة ؛ والفقراء مبتلون لأنهم منعمون فى الجنة ، عبثا حاول السائل أن يوضح مغزى سؤاله ، والحصول على إجابة تتفق مع ما يريده من معرفة؛  ولسان حاله يقول إنه لا يعارض ترتيبات الخالق سبحانه، ولكنه فقط يسأل حول عذاب الفقر وعذاب القبر؛ هل يجتمعان معا فى قبر الفقير الذى حُرم من كل الملذات وربما صبر، أو اضطر للعيش والتعايش حتى وافته المنية وعاد إلى دار الخلد.

مع كل محاولة للتوضيح من قبل السائل كان عنف المجيب يزداد ويتغول لينتهي بطلب المجيب من الأمن إخراج هذا السائل الزنديق المدسوس من قبل أعداء الله والدين.. خرجت بدوري وأنا أحاول أن ألحق بالشاب العشريني وأفك أسره من أيدي الأمن وأربت عليه وكلي أسى وأسف على أن يعذب الفقير مرتين في حياته ، وفي أفكاره والله أعلم ما سينتظره وينتظرنا في القبور !!

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

الاتفاق الأمريكي-الإيراني: ترتيبات الكواليس وتداعياتها على فلسطين والعرب السنّة

في عالم السياسة الدولية، لا تُكتب كل التفاهمات في البيانات الختامية، بل إنّ ما يُدار خلف الأبواب المغلقة -خصوصا في الاتفاقات بين القوى الكبرى- يحمل في طياته ترتيبات غير معلنة قد تكون أشدّ تأثيرا من العناوين الرسمية. ومن بين هذه التفاهمات، يبرز الاتفاق الأمريكي-الإيراني الأخير، الذي وإن ركّز علنا على الملف النووي والعقوبات، إلا أن تداعياته امتدّت بعمق إلى الساحة الفلسطينية والعربية، خاصة بين العرب السنّة.

أولا: القضية الفلسطينية في ظل تفاهمات "اللا تصعيد"

1- تراجع الأولوية السياسية

رغم الخطاب الإيراني المعلن حول "دعم المقاومة"، لم تحضر القضية الفلسطينية على طاولة المفاوضات كأولوية. إذ طغت قضايا الملف النووي وتجميد العقوبات وأمن الخليج وإسرائيل على ما سواها. بهذا، تم تهميش القضية الفلسطينية لصالح ملفات أكثر التصاقا بالمصالح المباشرة لطهران وواشنطن.

2- تضييق على فصائل المقاومة

برزت آثار التفاهم الأمني غير المعلن من خلال خطوات على الأرض، أبرزها:

- خفض ملموس في الدعم اللوجستي والمالي لبعض فصائل المقاومة الفلسطينية.

- جمود في خطوط الإمداد التي تمر عبر بعض أذرع إيران الإقليمية، كحزب الله أو المليشيات في سوريا والعراق، وإشارات سياسية من طهران لضبط حلفائها وعدم التصعيد من غزة أو جنوب لبنان.

3- تهدئة جبهات التماس

أحد البنود الضمنية للتفاهم كان تجميد الجبهات المشتعلة، سواء في لبنان أو غزة، مقابل مكاسب اقتصادية وسياسية لإيران. حزب الله وحماس، وإن لم يُعلن ذلك، يبدوان في حالة "إدارة تصعيد" محسوبة، تنتظر نتائج التسويات الكبرى.

ثانيا: العرب السنّة ودور المتفرج القلق

1- شعور بالخيانة

خلفت الاتفاقات الأمريكية-الإيرانية شعورا عميقا بالخيانة لدى حلفاء واشنطن التقليديين من العرب السنّة، خاصة في الخليج، إذ شعروا بأن واشنطن سلّمت مفاتيح التوازن الإقليمي لعدوهم التاريخي (إيران)، دون مراعاة لمصالحهم أو أمنهم القومي.

2- الاندفاع نحو التطبيع

تسارعت خطى بعض الأنظمة السنيّة نحو إسرائيل، ظنا بأنها تمثل توازنا مضادا للنفوذ الإيراني المتصاعد بعد الاتفاق، فكان التطبيع خيارا استراتيجيا، لا تطورا دبلوماسيا فحسب.

3- تمدد إيراني في الجغرافيا السنيّة
إدراك هذه التفاهمات الخفية لا ينبغي أن يمرّ مرور الكرام، بل يجب أن يكون دافعا لتحرك استراتيجي جديد يُعيد الاعتبار للمصالح الحقيقية لأمتنا، ويوحّد الصف أمام مشاريع التجزئة والتهميش
من اليمن إلى العراق مرورا بسوريا ولبنان، شكّل الاتفاق متنفسا سياسيا واقتصاديا لطهران، عزز من حضورها ونفوذها. والنتيجة: تصاعد التوتر الطائفي، وتراجع قوى السنّة في مساحات كانوا فيها فاعلين.

4- تنازلات أمريكية على حساب السنّة

ضمن ترتيبات ما وراء الكواليس، غضّت واشنطن الطرف عن انتهاكات مليشيات موالية لطهران في مناطق سنّية، مقابل تعاون إيراني في ملفات النووي وأمن إسرائيل. وهكذا، تمت التضحية بمطالب السنة في العراق وسوريا واليمن كجزء من "صفقة كبرى".

ثالثا: ما دار في الخفاء.. ترتيبات غير معلنة

- ترسيم غير معلن لمناطق النفوذ: تفاهمات ضمنية حول توزيع السيطرة في سوريا والعراق، بحيث تحتفظ إيران بوجودها، مقابل انسحاب جزئي أمريكي.

- التزام بتهدئة الجبهات ضد إسرائيل: إيران أبلغت -عبر وسطاء- باستعدادها لكبح حلفائها من التصعيد مع إسرائيل، مقابل تسهيلات اقتصادية ومالية.

- قنوات أمنية غير مباشرة: عُمان والعراق كانا محطات لتبادل الرسائل الأمنية، بما في ذلك ما يخص المليشيات والسلاح الإيراني الدقيق.

- تجميد الدعم للمقاومة: مقابل الإفراج عن أرصدة مجمدة، تم الاتفاق على تهدئة حلفاء إيران وتقليص دعمهم لحركات المقاومة الفلسطينية.

خاتمة: إعادة ترتيب الشرق الأوسط.

الاتفاق الأمريكي-الإيراني ليس مجرد تسوية نووية، بل هو إعادة رسم للخريطة السياسية للمنطقة، حيث يتم استبعاد بعض اللاعبين، وإعادة تأهيل آخرين. وتبدو القضية الفلسطينية -مرة أخرى- الخاسر الأكبر، إلى جانب المجتمعات السنّية التي فقدت حليفا دوليا طالما اعتبرته سندا.

إن إدراك هذه التفاهمات الخفية لا ينبغي أن يمرّ مرور الكرام، بل يجب أن يكون دافعا لتحرك استراتيجي جديد يُعيد الاعتبار للمصالح الحقيقية لأمتنا، ويوحّد الصف أمام مشاريع التجزئة والتهميش.

مقالات مشابهة

  • ترتيبات لتفعيل النقل النهري بين السودان ومصر
  • وزير الخارجية اليمني: ترتيبات مقبلة لافتتاح سفارتنا في سوريا
  • الاتفاق الأمريكي-الإيراني: ترتيبات الكواليس وتداعياتها على فلسطين والعرب السنّة
  • هند عصام تكتب: الملك زوسر
  • روان أبو العينين تقدم «تريندينج البلد» السبت والأربعاء على صدى البلد
  • يانكوبا مينته من حياة الفقر في غامبيا إلى نجومية البريميرليغ
  • أبو اليزيد سلامة: القبر أول منازل الآخرة ينتقل الإنسان إلى الحياة البرزخية فيها نعيم أو عذاب
  • "تجمع القصيم الصحي" يفتتح وحدة حقن السائل الزجاجي بمستشفى الرس
  • حين تكتب الحرب ذاكرة شعب- في مأساة المثقف السوداني ومعقولية الخراب
  • أبو العينين: لدينا معدل نمو إيجابي رغم التحديات العالمية