حذر خبراء لوجستيون من أن الهجمات التي شنتها مليشيا الحوثي على سفن الشحن في البحر الأحمر تهدد بخلق فترة من الفوضى للمصنعين وتجار التجزئة في أوروبا وسط تعطل سلاسل الإمدادات.

وغير عدد كبير من سفن الحاويات تقريباً مسارها من قناة السويس تجاه طريق رأس الرجاء الصالح الذي يستغرق فترة أطول، لكن رغبة في الابتعاد عن البحر الأحمر حيث يشن الحوثيون هجمات تستهدف سفن الشحن التي تعبر هناك منذ شهر ديسمبر كانون الأول الماضي.

ويؤثر تحويل المسار على عمليات الإبحار ما بين آسيا وأوروبا، ويضيف أسبوعين إضافيين إلى الرحلات التي تستغرق في العادة 35 يوماً، بما يخلق فجوات طويلة لمواعيد وصول السفن نحو الموانئ الأوروبية.

وقال كبير المديرين لدى شركة Drewry Shipping Consultants سايمون هيني إن هناك آلاما مؤكدة لشركات الشحن والمستهلكين بالتبعية.

وأضاف في التصريحات التي نقلتها صحيفة Financial Times: في هذه الفترة الانتقالية، يبدو الأمر فوضوياً بعض الشيء. لكنه توقع مع ذلك أن تؤسس خطوط الشحن شبكات جديدة وأكثر موثوقية في وقت قصير إلى حد ما.

وتعرض خطوط الحاويات التي تتعامل مع حركة السلع والمكونات المصنعة خدمة واحدة أسبوعياً على طرقها الأكثر شعبية.

واضطر بعض مصنعي السيارات إلى تعليق خطوط إنتاج تابعة لهم نتيجة تأخر وصول المكونات. وفي حالة استمرار هذا الاضطراب سيتم استنفاد مخزونات تجار التجزئة على الأرجح بسبب التأخيرات، كما تواجه الشركات التي تنقل البضائع رسوماً إضافية إذ تحاول خطوط الشحن تعويض تكاليف تحويل المسار.

قطاع السيارات الأكثر تأثراً بأزمة البحر الأحمر

من جانبه، توقع الرئيس التنفيذي لشركة Stellantis المالكة لـJeep وPeugeot أن يتسبب التأخير في زيادة تكاليف الشحن بصورة أكبر بالنسبة لصناع السيارات.

فيما توقع المتحدث باسم Hapag-Lloyd حدوث ازدحام أمام الموانئ الأوروبية إذ تصل السفن خارج الأوقات المحددة.

وتشير التقديرات إلى أن صناعة السيارات هي الأكثر تأثراً بالأزمة بسبب قلة المخزونات، ومع ذلك فإن الزيادة الطفيفة في مستويات المخزونات منذ الاضطرابات في السنوات الأخيرة جعلت تلك الأزمة أقل وطأة مما كانت ستصبح عليه.

وأكدت شركة Volkswagen أنها كانت تتلقى قطع الغيار في أوروبا من آسيا عبر طرق أطول منذ الشهر الماضي. وعلى الرغم من تأكيد الشركة على أن هذا القرار أدى إلى زيادة التكاليف، لكنها نجحت في تجنب مشاكل الإنتاج التي أثرت على مصنعين آخرين.

أما على صعيد قطاع الأغذية، كشفت شركة Danone أنها ستبدأ في وضع خطط تخفيف بما في ذلك استخدام بدائل مثل الشحن الجوي في حالة استمرار اضطرابات البحر الأحمر لأكثر من شهرين أو ثلاثة.

فيما حذرت شركة Pepco Group التي تمتلك Poundland وتشغل حوالي 3500 متجر يركز على الملابس في أنحاء أوروبا من أن الوضع يميل نحو ارتفاع تكاليف الشحن وتباطؤ التسليم.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

إقرأ أيضاً:

الفوضى وأثرها على الأمم

 

لعل السؤال الأبرز اليوم في هذا الكوكب هو: ما الذي يجري؟ لماذا كل هذا الانهيار في القيم؟ وفي النظم الأخلاقية؟ لماذا ينحدر العالم إلى الحضيض؟ لماذا تعلن روسيا استراتيجية الأمن الثقافي القومي؟ ولماذا المسلمون يتقبلون الواقع على مذهب ذلك الأعرابي الذي قال: أخذوا الأبل فأوسعتهم سبا؟.

نحن اليوم نعيش واقعا متموجا ومضطربا وقلقا، اليسار العالمي تصدع وبانت شروخه في جدار الزمن، والنظم الديمقراطية أخفقت في تقديم النموذج الأخلاقي الشريف الذي ينتصر للإنسان، والمسلمون في غفلة الوقت فكهون يكتفون ببيانات التنديد والشجب وبالتظاهرات، في حين تقوم التطبيقات الاجتماعية في تفكيك نظمهم الأخلاقية، وجرهم إلى عالم التفاهة، وليس من مشروع حضاري قادر على البقاء والصراع في هذا الواقع المتموج والمنحدر إلى الأسفل.

قبل سقوط بغداد عام 2003م كان هناك مصطلح الفوضى الخلاقة، وبعد سقوطها شاعت هذه الفوضى حتى رأينا البناءات الاجتماعية والنظام العام والطبيعي يتداعى إلى درجة السقوط في الكثير من البلدان، ثم شاعت فكرة الفوضى في الفنون والآداب، وحاول الكثير من أرباب الفنون عن طريق الفوضى الخلاقة إيصال رسالة التشظي والانكسار والانهيار إلى الناس خاصة المجتمع العراقي كمجتمع مستهدف مطلع الألفية الثالثة، وبعد اجتياح فوضى الربيع العربي وانهيار النظم العامة والطبيعية في الكثير من البلدان العربية، ها هي فكرة الفوضى الجديدة تبرز من جديد كقوة تحارب جنبا إلى جنب مع النظام الرأسمالي في مواجهة روسيا التي سارعت إلى الإعلان عن استراتيجية الأمن القومي الثقافي، كجزء من استراتيجية الصراع مع الغرب الذي يفرض النظم الأخلاقية الجديدة التي تستهدف الإنسان في قيمته المادية والمعنوية وتحويله إلى كيان فوضى ومسخ .

الغرب اليوم يقر بحقوق التحول الجنسي، ويقر المثلية، ويقر الممارسة الجنسية مع الحيوانات، ويستهدف الإنسان حتى يصبح كيانا خاليا وعاطلا من أي محتوى قيمي، أو إنساني من خلال نظم الفوضى الخلاقة، وقد نشأ في الغرب نفسه تيارات فكرية مناهضة لهذا التوجه السياسي للنظام الدولي، وصدرت عدد من الكتب، هذه الكتب تناقش فكرة النظام الأخلاقي الجديد، كيف تبدأ الأفكار؟ وكيف تصبح في مخيلة المجتمع؟ وكيف يتخيل المجتمع وجوده الاجتماعي في العلاقات والتعامل البيني؟

فالمتخيل الاجتماعي فهم عام مشترك يجعل الممارسات الاجتماعية ممكنة كما تذهب إلى ذلك الكثير من النظريات الاجتماعية الحديثة.

اليوم نحن نعيش في زمن ما بعد الحداثة العالم يطرح رؤى فلسفية، ومتخيلات لنظم أخلاقية، ويعمل على فلسفة القيم ويعيد بناءها بعد القيام بنظم التفكيك وبما يتسق مع المستوى الحضاري المعاصر.

نحن كعرب وكمسلمين ما الذي نقوم به؟

هذا السؤال هو السؤال الأهم في سياق ما يحدث حولنا من انهيارات وهزائم للنظم الأخلاقية والقيم النبيلة التي كانت تنتصر للإنسان في سالف الزمان والعقود.

السؤال المطروح سؤال وجودي في عالم يسيطر على الموجهات الكلية والعامة، ضرورة الإجابة عليه لا تعني بالمطلق بيانات الإدانة والشجب ولا التظاهرات والحملات الإعلامية التي تنتهي في ظرف زمني وجيز لا يتجاوز الساعات وربما الثواني المعدودة.

نحن أمام حرب ثقافية وهذه الحرب تواجه بمثلها، فالصاروخ والدبابة والبندقية لا تحسم فيها معركة، ولذلك فخوض المعركة – وهو أمر حتمي – يتطلب وعيا متقدما وفهما للواقع واستراتيجيات، وخطط واضحة المعالم والأهداف، ويمكننا العودة إلى زمن الحرب الباردة بين الشرق والغرب للاستفادة من طرق وأساليب إدارة المعركة مع هذا الغول المتوحش الرأسمالي الذي بدأ يشيع في حياة البشرية نظريات الفوضى وتمتين علاقتها مع نظريات أخرى مثل نظرية الاحتمالات، ونظرية الكارثة، ونظرية التعقيد.

التفكير العلمي والمنطقي الذي يستمد مقوماته من تغيرات الواقع، ويحوّل ذلك إلى تصورات في محاولة لتفسير هذا الواقع هو الطريق القادر على الوقوف أمام هذا التوحش.

فالفكر العلمي المعاصر تتخلله رؤى جديدة إلى الواقع في مختلف مستويات الوجود، تعبر إلى حد ما عن انفصال وقطيعة مع ما تحقق في الماضي ولا بد لنا من معالجة الظواهر بما يتسق وضرورات المرحلة الحضارية والثقافية.

يقول الكاتب خليفة داوود: ” لقد قدم الفكر العلمي الجديد نماذج معرفية صنعتها عدة نظريات، لاسيما في ميدان الفيزياء، وكان من أهمها: ميكانيكا الكم ونظرية النسبية… وما صاحب ذلك من تغير بعض المفاهيم العلمية الأساسية كالانتظام والاطراد والتنبؤ والاتصال..، وبرزت إلى الوجود أبحاث تسعى إلى الكشف عن تفاصيل الظواهر الطبيعية؛ فتوصل بعض العلماء إلى أن ظواهر الطبيعة لا هي بمطردة وغير منتظمة ولا يمكن التنبؤ بها، ومن ثمّ فإن إمكان فهم الطبيعة باستعمال المنهج الرياضي لا يصمد – في كل الأحوال – أمام ما تزخر به ظواهر الطبيعة من تفاعلات غير متوقعة”.

نحن في معركة كبرى اليوم ولا بد لنا من استخدام النظم المعرفية والنظريات حتى ننتصر، فالمعركة التي أعلنت عن نفسها اليوم هي معركة كبرى البقاء فيها للأكثر معرفة بقوانين الطبيعة وبنظم المعرفة وبالمستويات الحضارية التي تحتاج إلى الانتظام والأخلاق بما يتسق مع التطورات، فالفوضى لن تكون إلا دمارا شاملا للأمم والشعوب.

 

مقالات مشابهة

  • اتلانتك: كيف يمكن لترامب أن يحبط تهريب الأسلحة عبر البحر الأحمر من قبل الحوثيين (ترجمة خاصة)
  • مجلس الأمن الروسي: “الناتو” يدرس شن هجمات في قاع البحر
  • بريطانيا.. ارتفاع حجم تجارة التجزئة إلى أعلى معدلاتها منذ 2020
  • شهر على عودة الرئيس ترامب.. الأيام الثلاثون التي هزت العلاقات بين ضفّتي الأطلسي
  • الفوضى وأثرها على الأمم
  • فانس: الهجرة غير الشرعية تهدد الغرب.. والسلام في أوكرانيا "على الطاولة"
  • بلدي مسقط يطلع على خطة تطوير النقل العام بالحافلات
  • دونالد ترامب... الذّات الضجرة التي تتسلى بإحداث الفوضى ومشاغبة الخصوم
  • “غزة ليست للبيع”.. أوروبا تنتفض ضد خطة التهجير التي يتبناها ترامب
  • أرامكو السعودية تستحوذ على حصة 25% في شركة فلبينية