جبال كندا الثلجية.. الوجهة المثلى لعشاق التزلج
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
تزخر كندا بالعديد من منتجعات التزلج الشهيرة، كما تشتهر بطريق "ترانس كندا" السريع الذي يمتد من المحيط الهادي في الغرب وحتى المحيط الأطلسي في الشرق، ويعتبر ثاني أطول طريق سريع في العالم بعد الطريق السريع "ناشونال هاي واي 1" في أستراليا.
الطريق السريعويعتبر الطريق السريع "ترانس كندا" الوجهة السياحية الأولى لعشاق التزحلق على الجليد، إذ تقام فيه أطول جولة للتزلج في العالم؛ حيث تصطف عشرات المنتجعات السياحية على طول الطريق، وخاصة في بريتيش كولومبيا وألبرتا وكيبيك.
ويمكن للسياح أخذ إجازة لعدة أشهر والانطلاق في جولات تزلج لاستكشاف هذه المنتجعات الساحرة.
وتزداد جودة الثلوج في المناطق الداخلية، ولكن غالبا ما تتساقط الثلوج على السواحل أيضا، وخاصة على الساحل الغربي، الذي يعرف باسم جبال الساحل "كوست ماونتنز"، وهناك بعض الشركات السياحية، التي توفر خدمة التزلج عن طريق طائرات الهليكوبتر مثل "بيلا كولا" و"وايت ويلدرنيس"، إضافة إلى الكثير من النزل وأماكن الإقامة الصغيرة.
وتعتبر جزيرة فانكوفر نقطة الانطلاق في أقصى الغرب لما يعرف بأطول طريق لسفاري تزلج في العالم؛ حيث تتساقط في تلك المنطقة كميات كبيرة من الثلوج تتراكم لارتفاع حوالي 11 مترا سنويا، ويعتبر جبل واشنطن "ماونتن واشنطن" من الوجهات السياحية البديعة لما يمتع به من إطلالة رائعة على المحيط الهادي.
ونادرا ما يغامر السياح بزيارة المنتجع السياحي الصغير، والذي يقع إلى مسافة ساعة بالسيارة شمال الطريق السريع.
وأوضح مدرب التزلج نايغل هاريسون، الذي يقيم عند سفح الجبل، قائلا: "تضم منطقة التزلج حوالي 80 مسارا للتزلج وتمتد على مساحة 7 كيلومترات مربعة من الثلوج، كما أنه يلبي متطلبات العائلات والأشخاص، الذين يرغبون في التزلج خارج المسارات المحددة".
أكبر منتجع للتزلج في أميركا الشماليةويقع أكبر منتجع للتزلج في أميركا الشمالية على مسافة 5 ساعات بالسيارة من جبل واشنطن، ويمتد على مساحة 33 كيلومترا مربعا، وتعتبر هذه المسافة على مرمى حجر بالمعايير الكندية، ويمكن الوصول إلى هذا المنتجع بواسطة العبّارة من نانايمو التي تعتبر جزءا من الطريق السريع، حتى الوصول إلى ويسلر، والتي نالت شهرة عالمية منذ تنظيم دورة الألعاب الأولمبية في فانكوفر عام 2010.
وقال داريل باوي، بطل كندا السابق في السباحة الحرة ومدير المخيمات الخاصة بمدرسة التزلج الكندية: "ويسلر هي بمثابة حلم لكل عشاق التزلج؛ حيث تنتشر بها المسارات الواسعة والمنحدرات السريعة، وكذلك التضاريس الرائعة خارج مسارات التزلج".
وتعتبر منطقة ويسلر من عوامل الجذب السياحي المهمة؛ حيث يقصدها بعض السياح فقط لركوب الجندول "بيك تو بيك"، والذي يربط على ارتفاع المحطات الوسطى بين جبلي "بلاككومب" و"ويسلر"، ويمتد لمسافة 4.4 كيلومترات، كما تحلق عربات الجندول على ارتفاع 436 كيلومترا فوق الوادي البديع.
ويحتل منتجع "ريفيلستوك" المركز الأول من حيث الارتفاع (1710 أمتار)، ويحمل الرقم القياسي في أميركا الشمالية، كما تشتهر المدينة الصغيرة الواقعة على نهر كولومبيا بأنها "عاصمة التزلج عن طريق طائرات الهليكوبتر في كندا"، وما بها من نزل وفنادق صغيرة، وشركات سياحية، كما تشتهر جبال "سيلكيركس" و"بوغابوس" بوجود أشهر أنواع مسارات التزلج.
وافتتح المنتجع عام 2007، ويزدهر حاليا بنفس درجة ازدهار المدينة، والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بتاريخ السكك الحديدية "ترانس كندا"؛ حيث كانت سكك حديد المحيط الهادي الكندية، والتي تم بناؤها عام 1885، بمثابة النموذج لإنشاء الطريق السريع "ترانس كندا هاي واي"، وقد كانت جبال روكي "روكي ماونتنز" بمثابة التحدي الأكبر لكلا الطريقين؛ نظرا لأنه غالبا ما يتم إغلاق ممر روجرز إلى الآن بسبب تساقط الثلوج بكثافة.
وإذا تمكن السياح من عبور الممر، فيصلون إلى منطقة تزلج زاخرة بالتحديات بكوخ تزلج جميل في منطقة "غولدن"، ويرتفع المنتجع مثل عش النسر فوق جبل "كيكنغ هورس"، ويعتبر مقر تنظيم الجولة الحرة، والتي تجمع أفضل المتسابقين في العالم لأداء الجولات الحرة على مسارات التزلج شديدة الانحدار.
وإذا رغب السياح بالمزيد؛ عليهم التوجه جنوبا؛ لمنطقة بانورامية لجولات التزلج المتنوعة، كما يمكن لأصحاب الخبرة الانطلاق إلى القمم البعيدة والمنحدرات للاستمتاع بالجولات الحرة.
وعند مواصلة السير إلى الشرق انطلاقا من منطقة "غولدن" يصل بالسياح إلى جبال روكي عبر الأنفاق الحلزونية الشهيرة لخط السكك الحديدية، وتعمل هذه الأنفاق على تغيير الاتجاه داخل الجبل بمقدار 288 درجة، ولذلك يمكن للسياح تخيل الطريق السريع مثل قطار طويل يخرج من نفق في اتجاه معين بينما نهاية القطار تدخل النفق في الاتجاه المعاكس.
وتوجد بحيرة "لويز" في منتصف المحمية الطبيعية "بانف"، وتمتاز بتنوع المناظر الطبيعية وتحظى بإعجاب الكثيرين، وتضم فندقا أسفل نهر فيكتوريا الجليدي.
ويشاهد السياح مئات القمم، التي ترتفع وسط غابات لا نهاية لها، ويتخذ منتجع "بانف صن شاين" من أحد التلال المرتفعة مقرا له بجوار الطريق السريع، ويضم فندقا جبليا وحيدا وسط منطقة التزلج في كندا، ويشتمل منتجع "صن شاين" على مسار التزلج "ديليريم دايف" الوعر، والذي يعتبر من أكثر مسارات التزلج انحدارا في أميركا الشمالية.
ويصل السياح إلى منتجع "بانف" بعد جولة بالسيارة لمدة 25 دقيقة، ويعتبر من أشهر مواقع العطلات في جبال روكي على الطريق السريع مباشرة، وتم إنشاء أول مصعد على جبل "نوراكواي" عام 1927، ويمكن للسياح والمتزلجين زيارة منتجعات "بانف" و"صن شاين" و "ليك لويز" بتذكرة تزلج واحدة.
وتقع منطقة "ناكيسكا" بين "بانف" و"كالغاري" وبجوار بحيرة "ليك لويز"، وقد كانت مقرا لاستضافة المتزلجين من منطقة الألب خلال دورة الألعاب الأولمبية في كالغاري عام 1988؛ حيث كانت الفرق الوطنية تتدرب بانتظام على الجانب الشرقي لجبال روكي، وكانت البراري تبدأ من عند سفح هذه الجبال.
وتشتهر مقاطعتا ساسكاتشوان ومانيتوبا بأنهما بلد رعاة البقر والمزارعين، وهناك مناطق صغيرة للتزلج في أوشابواسي (ساسكاتشوان) وأسيسيبي (مانيتوبا)، كما في مقاطعة أونتاريو، التي يوجد بها جبل "مونت بالدي" المطل على بحيرة "سوبيريور".
وينعم السياح هنا بقدر محدود من متعة التزلج، نظرا لوجود حوالي 10 كيلومترات فقط من مسارات التزلج مع فرق ارتفاع يصل إلى 150 مترا فقط، وعند مواصلة السير إلى الغرب من مقاطعة "كيبيك" يصل فرق الارتفاع من 230 إلى 875 مترا، حتى الوصول إلى القلب الفرنسي لكندا.
وتحظى منطقة "سافوير فيفر" بأهمية كبيرة، والتي تقع على أبواب مونتريال، ودائما ما ترفع شعار "إذا كان التزلج مهما فإن أنشطة ما بعد التزلج مهمة أيضا". ويعتبر جبل "تريمبلانت" أكبر منطقة تزلج في "كيبيك"، ودائما ما يقصده الخبراء والمتمرسون.
وتشتمل على 14 مصعدا وأكثر من 100 مسار تزلج، وتعتبر مكان استضافة سباقين من سباقات التزلج المتعرج العملاق ضمن منافسات كأس العالم.
وعند السير باتجاه الشرق يصل السياح إلى منطقتي التزلج "مونت سانت آن" و"لو ماسيف دي شارليفوا"، وهما من مناطق التزلج الكبيرة في "كيبيك"، وتقعان على الطريق السريع مباشرة على الضفة الأخرى لنهر "سانت لورانس".
وتشتهر منطقة "نيو برونزويك" بأعلى نطاق مد وجزر في العالم في خليج "فندي"، وتضم هذه المنطقة حوالي 20 كيلومترا من المنحدرات على جبل كراب، وهناك 5 مسارات تزلج في متنزه "بروكفيل" للتزلج والواقع في جزيرة الأمير إدوارد، وتشتمل منطقة "كيب سموكي" في نوفا سكوتيا على 6 كيلومترات فقط من مسارات التزلج، كما أنها تتيح للسياح إطلالة رائعة على المحيط الأطلنطي.
وفي المرحلة التالية من الجولة يصل السياح إلى منطقة التزلج التي تقع في أقصى شرق كندا وتمتد على مساحة ألف كيلومتر، ويمكن الوصول إلى بعض أجزائها عن طريق العبّارات.
ويمر الطريق السريع "ترانس كندا" عبر منتجع "وايت هيلز" الصغير في مقاطعة "نيوفاوندلاند" و"لابرادور".
ويمثل هذا المنتجع خط النهاية لأطول جولة سفاري تزلج في العالم، بدءا من مسارات التزلج البسيطة في الغرب ووصولا إلى المسارات المنحدرة والشاقة في الشرق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی أمیرکا الشمالیة الطریق السریع السیاح إلى الوصول إلى للتزلج فی فی العالم فی کندا تزلج فی
إقرأ أيضاً:
بكين تؤكد مسارات الدبلوماسية الصينية وترفع شعار "مجتمع المستقبل المشترك للبشرية"
◄ وزير الخارجية: الدبلوماسية الصينية ستظل قوة فاعلة في الحفاظ على السلام والاستقرار العالمي
◄ الصين تهدف لتحويل الأرض إلى "قرية كونية" يشارك الجميع فيها
◄ التعريفات الجمركية الأمريكية على الصين "لا تليق بدولة مسؤولة"
◄ لا بُد للصين والولايات المتحدة من التعايش السلمي
◄ الدبلوماسية الصينية أصيلة وملتزمة بالطريق الصحيح
◄ العلاقات الصينية الروسية ناضجة ولا تتأثر بالاضطرابات
◄ لا يجوز للجانب الأمريكي رد الجميل بالإساءة
◄ الصين سترد بكل تأكيد إذا أصرت الولايات المتحدة على فرض الضغوط
◄ قطاع غزة ملك للفلسطينيين.. وما غير ذلك لن يحقق السلام
بكين- فيصل السعدي
عقد معالي وانغ يي وزير الخارجية الصينية مؤتمرًا صحفيًا على هامش الدورة الثالثة للمجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب الصيني؛ حيث استعرض وانغ يي وزير الخارجية وعضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الصيني، أبرز ملامح السياسة الخارجية للصين والمبادرات الدبلوماسية التي تبنتها البلاد خلال العام الماضي، وتسليط الضوء على رؤية الصين للمستقبل على المستويين الإقليمي والدولي.
وقال وزير الخارجية الصيني إن عام 2024 كان عامًا مليئًا بالتغيرات العميقة في المعادلة الدولية؛ حيث سجلت الصين تقدمًا كبيرًا في مجالي الإصلاح والتنمية تحت قيادة الرئيس شي جين بينغ. وأوضح أن الدبلوماسية الصينية لعبت دورًا محوريًا في تعزيز بيئة خارجية داعمة للتنمية عالية الجودة، مع تقديم مساهمة ثمينة في تحقيق الاستقرار لعالم يعاني من الاضطرابات والتحديات المتشابكة. وأشار إلى أن الصين واصلت البناء بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤية "مجتمع المستقبل المشترك للبشرية"، رغم الظروف الدولية الصعبة.
أهداف دبلوماسية
وتابع وانغ يي أنه بالرغم من التحديات، فإن الصين ملتزمة بتحقيق أهدافها الدبلوماسية الأساسية، والعمل مع الدول الأخرى على اتباع طريق ينسجم مع تيار العصر ويدعم العدالة والإنصاف الدوليين، مع الحفاظ على السلام والاستقرار. وأشاد وزير الخارجية بدور الرئيس شي جين بينغ في قيادة الدبلوماسية الصينية؛ حيث شهدت الدبلوماسية الصينية العديد من اللحظات البارزة، ومن بين هذه اللحظات إحياء الذكرى السنوية السبعين لإصدار المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، واستضافة قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي، وكذلك منتدى التعاون الصيني-العربي.
وذكر وانغ يي أن الرئيس شي جين بينغ استقبل عددًا كبيرًا من الشخصيات السياسية الدولية؛ حيث أجرى أكثر من 130 لقاءً ومحادثة على أعلى المستويات، وأن هذه اللقاءات عززت العلاقات الثنائية مع العديد من الدول، وسطّرت صفحات جديدة من الصداقة بين الصين وشعوب العالم.
ومضى قائلًا إن الرئيس شي جين بينغ قاد الدبلوماسية الصينية بخطوات متزنة، تعتمد على الابتكار والرؤية العالمية والمسؤولية تجاه العصر. وأكد أن هذا الأسلوب أثَّر إيجابيًا على العلاقات بين الصين والعالم؛ حيث زادت الدول التي تدعم المبادرات الصينية مثل "الحزام والطريق" والمفاهيم التي طرحها الرئيس شي.
وأوضح وزير الخارجية الصيني أن عام 2025 سيكون عامًا مفصليًا بالنسبة للصين والعالم؛ حيث ستشهد الدبلوماسية الصينية المزيد من اللحظات البارزة الجديدة، وبالتالي ستواصل الصين استضافة فعاليات دبلوماسية كبرى مثل قمة منظمة شانغهاي للتعاون، مع الاحتفال بالذكرى الـ80 لانتصار الشعب الصيني في حرب مقاومة العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية. وتوقع وزير الخارجية أن يقوم الرئيس شي جين بينغ بجولات دبلوماسية مهمة إلى الخارج؛ مما سيعزز التعاون الدولي ويدعم العمل المشترك مع دول العالم.
العلاقات الصينية الروسية
وقال وانغ يي، إن العلاقات الصينية الروسية، علاقات نموذجية من حيث الاستقرار والتعاون، لافتًا إلى نجاح الصين وروسيا في تطوير شراكة استراتيجية شاملة تقوم على مبادئ عدم التحالف وعدم المواجهة وعدم استهداف طرف ثالث.
وأضاف أن العام الماضي صادف الذكرى السنوية الـ75 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وروسيا؛ حيث التقى الرئيس شي جينبينغ بنظيره الروسي فلاديمير بوتين 3 مرات؛ مما عزز التعاون بين البلدين. وأكد وانغ أن العام الجاري سيشهد المزيد من التعاون بين الصين وروسيا، خاصة في ظل إحياء الذكرى الـ80 لانتصار الحرب العالمية ضد الفاشية.
وعلى الصعيد العالمي، أشار وانغ يي إلى أن العالم يمر بفترة من التحولات والاضطرابات المتشابكة؛ حيث أصبحت عوامل اليقين نادرة، مؤكدًا أن الصين ستقف بثبات إلى جانب العدالة والتاريخ، وستواصل المساهمة في تحقيق الاستقرار العالمي من خلال سياساتها الدبلوماسية.
وذكر وانغ يي أن الصين تتمتع بتقاليد عريقة في تقوية الذات، ولن تخشى التحديات أو الضغوط القصوى. وأوضح أن الشعب الصيني، البالغ تعداده 1.4 مليار نسمة، سيواصل السير بخطى ثابتة نحو تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية، كما إن الدبلوماسية الصينية ستظل قوة فاعلة في الحفاظ على السلام والاستقرار العالمي، والعمل على توسيع علاقات الشراكة الدولية المبنية على المساواة والانفتاح. ومواصله دعم تطوير النظام الدولي نحو مزيد من العدالة والإنصاف، مع تعزيز التعاون مع دول الجنوب العالمي.
المستقبل المشترك
وأكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن الرئيس الصيني شي جينبينغ، انطلاقًا من فهمه للزخم العام للتاريخ ورؤيته لتطور العصر، قد طرح مفهوم بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. وأوضح أن هذا المفهوم يدعو دول العالم إلى تجاوز الخلافات والعمل معًا لحماية كوكب الأرض، الذي يعد الموطن الوحيد القابل للحياة للبشرية، كما يهدف إلى بناء "قرية كونية" يشارك الجميع فيها مستقبلًا مشتركًا.
وأشار وانغ يي إلى أن عددًا متزايدًا من الدول باتت تدعم مفهوم "بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية"؛ حيث شاركت أكثر من 100 دولة في "المبادرات العالمية الثلاث"، وانضمت أكثر من ثلاثة أرباع دول العالم إلى مبادرة "الحزام والطريق". وأكد أن التاريخ سيظهر أن الفائز الحقيقي هو من يضع مصالح الجميع في عين الاعتبار. كما شدد على أن التوجه نحو بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية سيجعل العالم مكانًا أكثر عدالة وشمولًا لكل الدول، وسيضمن مستقبلًا مشتركًا لكل الشعوب.
أما فيما يخص الأزمات الدولية، فقد أشار وانغ يي إلى أن الصين دعت منذ بداية الأزمة الأوكرانية إلى الحوار والتفاوض كسبيل للوصول إلى حل سياسي، وهذا ما يؤكد على التزام الصين بموقف موضوعي وعادل، وتسعى من خلال صوتها الهادئ إلى تهيئة الظروف الملائمة لتسوية الأزمة والتوصل إلى توافقات بين الأطراف المعنية. وقال إن الصين تدعم جميع الجهود الرامية لتحقيق السلام، لكنها أشارت إلى تعقيد وجذور الأزمة التي لا يمكن حلها بين ليلة وضحاها. ومع ذلك، أكد وانغ أن المفاوضات هي نقطة النهاية للصراع ونقطة البداية للسلام، ودعا كافة الأطراف إلى التوصل إلى اتفاق عادل ودائم ومقبول من جميع الأطراف. كما أبدى استعداد الصين لمواصلة لعب دور بناء بالتعاون مع المجتمع الدولي لضمان تسوية الأزمة بشكل كامل وتحقيق السلام الدائم.
وأشار وانغ يي إلى أن الأزمة الأوكرانية، التي امتدت لأكثر من ثلاث سنوات، كان يمكن تجنبها، ومن الضرورة أن تأخذ الأطراف المعنية الدروس من هذه الأزمة، مشددًا على أن الأمن لا يمكن أن يكون أحادي الجانب أو قائمًا على حساب أمن الآخرين. ودعا إلى تبني مفهوم أمن مشترك ومتوازن ومستدام كسبيل لتحقيق السلام في منطقة أوراسيا والعالم.
مكافحة المخدرات
وفي سياق مكافحة المخدرات، أكد وانغ يي أن الصين تتخذ أكثر السياسات صرامة ودقة في العالم لمكافحة المخدرات، مشيرًا إلى أن الصين فرضت منذ عام 2019 قيودًا صارمة على جميع المواد المتعلقة بالفنتانيل؛ بناءً على طلب الولايات المتحدة. ومع ذلك، أوضح أن مشكلة إساءة استخدام الفنتانيل في الولايات المتحدة هي مسألة يجب أن تعالجها واشنطن بنفسها. وأضاف أن الصين قدمت مساعدات إنسانية مختلفة للولايات المتحدة في هذا السياق، إلّا أنه انتقد فرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية إضافية غير مبررة على الصين، مشددًا على أن هذه التصرفات لا تليق بدولة مسؤولة.
وفي إشارة إلى العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة، تساءل وانغ يي عن جدوى السياسات الأمريكية في هذا الشأن. قائلًا: "إن لم تنفع جهودكم، ابحثوا عن السبب في أنفسكم". وأكد أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين قائمة على مبدأ التكافؤ والمنفعة المتبادلة، وأن التعاون هو السبيل لتحقيق المكاسب المشتركة، ولاكن سترد الصين بحزم إذا لزم الأمر.
وأكد وانغ يي على التزام الصين بمفهوم "مجتمع المستقبل المشترك للبشرية"، الذي طرحه الرئيس شي جين بينغ؛ وهذا ما يعكس القيم الثقافية الصينية ويضع رفاهية البشرية فوق كل الاعتبارات. وأوضح أن هذه الرؤية حظيت بدعم عالمي واسع؛ حيث انضمت العديد من الدول إلى مبادرات مثل "الحزام والطريق". وأوضح أن التاريخ سيثبت أن التعاون لتحقيق مصلحة الجميع هو السبيل لتحقيق مستقبل مشترك للبشرية، مشيرًا إلى أن الصين من خلال رؤيتها الدبلوماسية والتنموية، تسعى إلى صنع عالم أكثر عدالة واستدامة؛ حيث يكون المستقبل ملكًا لجميع شعوب الأرض.
وبيَّن وانغ يي أهمية الدور الذي تؤديه منظمة شانغهاي للتعاون في تعزيز التعاون الإقليمي والدولي؛ إذ إن هذا العام يحمل دلالة خاصة للصين، كونها الرئيس الدوري للمنظمة، مما يمنحها فرصة لدفع عجلة التعاون بين الدول الأعضاء. وشدد وانغ يي على أن الصين تعمل بجدية من أجل تنفيذ أكثر من 100 فعالية متنوعة في مجالات السياسة، والأمن، والاقتصاد، والتبادل الثقافي والشعبي، مؤكدًا أن العمل يتم تحت عنوان "تكريس روح شانغهاي". وأعلن وزير الخارجية الصيني عن استضافة الصين لقمة المنظمة هذا العام في مدينة تيانجين؛ حيث سيُناقش خلالها قادة المنظمة سبل تعزيز التعاون والتنمية المشتركة؛ مما يعكس التزام الصين بإعلاء روح شانغهاي ودفع المنظمة نحو مستقبل أكثر إشراقًا.
القضية الفلسطينية
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أكد وانغ يي أن قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية، مشيرًا إلى أن أي محاولات لتغيير وضع غزة قسرًا لن تسهم في تحقيق السلم؛ بل ستؤدي إلى اضطرابات جديدة. ودعا إلى ضرورة وقف إطلاق النار الشامل والدائم في غزة، وتعزيز المساعدات الإنسانية، ودعم إعادة الإعمار من خلال الخطط التي أطلقتها الدول العربية مثل مصر. وأكد أن "حل الدولتين" هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وطالب وانغ يي المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده لدعم إقامة دولة فلسطين المستقلة. موضحًا أن تأسيس دولة إسرائيل قد تم بالفعل منذ عقود، بينما ما زالت الدولة الفلسطينية هدفًا بعيد المنال، وهو ما يشكل لبّ الأزمة في الشرق الأوسط.
وشدد وانغ يي على أهمية تحقيق الوحدة بين الفصائل الفلسطينية، داعيًا لتنفيذ "إعلان بيجينغ" كخطوة مُهمة لتعزيز التضامن الفلسطيني. كما دعا الأطراف المعنية في الشرق الأوسط إلى تجاوز الخلافات ودعم الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، مؤكدا على أن الصين، شريك استراتيجي لدول الشرق الأوسط وصديق مخلص للدول العربية، ستواصل الوقوف بجانب شعوب المنطقة لتحقيق العدالة والسلم والتنمية. وأعرب والنغ يي عن أمله في أن يتحقق السلم والنهضة في الشرق الأوسط في أقرب وقت ممكن، بما ينعكس إيجابًا على مستقبل شعوب المنطقة.
الصين وأفريقيا
وقال وانغ يي ووزير الخارجية الصيني إن العلاقات بين الصين وإفريقيا لطالما كانت نموذجًا للصداقة العميقة والشراكة الاستراتيجية؛ حيث دخلت هذه العلاقات أفضل مراحلها التاريخية تحت القيادة المشتركة للرئيس الصيني شي جين بينغ وقادة الدول الإفريقية. ووصف وانغ يي الصين وإفريقيا بأنهما "أخوين شقيقين" يعملان معًا لتحقيق مستقبل مشترك يستند إلى الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وأوضح وانغ يي أن الصين أقامت شراكات استراتيجية مع كل الدول الإفريقية التي تربطها بها علاقات دبلوماسية، وتم تعزيز مفهوم "مجتمع المستقبل المشترك" ليشمل كافة المجالات. وأضاف أن هذا العام يصادف الذكرى الخامسة والعشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني الإفريقي، الذي كان له دور محوري في تطوير العلاقات بين الجانبين.
وشدد وانغ يي على أن تايوان تعد جزءًا لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وهو ما تؤكده الحقائق التاريخية والقانونية. وأشار إلى أن هذا العام يصادف الذكرى السنوية الـ80 لاستعادة الصين سيادتها على تايوان بعد انتصارها في حرب المقاومة ضد العدوان الياباني. واستشهد وانغ يي بإعلانات تاريخية مثل "إعلان القاهرة" و"إعلان بوتسدام"، اللذين نصا بوضوح على إعادة تايوان إلى الصين، وأكد أن استسلام اليابان دون شروط كان بمثابة اعتراف صريح بهذه الحقيقة.
كما أشار وانغ يي إلى القرار رقم 2758 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1971، الذي أكد الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية كممثل شرعي وحيد للصين في الأمم المتحدة، وطرد ممثلي سلطات تايوان. وأكد أن أي محاولات للترويج لـ"استقلال تايوان" أو خلق نموذج "صين واحدة وتايوان واحدة" تتعارض مع النظام الدولي ما بعد الحرب العالمية الثانية، وتشكل تهديدًا لاستقرار مضيق تايوان.
وحذر وانغ يي من أن "استقلال تايوان" يعني تقسيم الصين والتدخل في شؤونها الداخلية، مؤكدًا أن مثل هذه المحاولات لن تؤدي سوى إلى زعزعة الاستقرار. وقال: "من يروج لاستقلال تايوان يلعب بالنار، وسينتهي به الأمر بحرق نفسه".
وفي سياق آخر، أكد وانغ يي أن العلاقات الصينية الأوروبية قطعت شوطًا كبيرًا خلال الخمسين عامًا الماضية؛ حيث ارتفعت قيمة التبادل التجاري بين الجانبين من 2.4 مليار دولار إلى 780 مليار دولار، بينما تجاوز حجم الاستثمارات المتبادلة 260 مليار دولار. كما أصبحت السكك الحديدية التي تربط الصين بأوروبا "ممرًا ذهبيًا" يعزز التجارة بين القارتين. وأشار إلى تصريحات الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي أكد في مكالمة هاتفية مع رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، أن العلاقات الصينية الأوروبية يجب أن تستمر على أساس الاحترام المتبادل والتعاون الاستراتيجي، مشددًا على أن الصين ترى أوروبا شريكًا موثوقًا به.
وفيما يخص العلاقات مع اليابان، أشار وانغ يي إلى أن العام الحالي يصادف الذكرى السنوية الـ80 لانتصار الشعب الصيني في حرب المقاومة ضد العدوان الياباني، وهي مناسبة للتأكيد على أهمية مواجهة التاريخ بشفافية. وأكد أن النزعة العسكرية اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية ألحقت كوارث بالشعبين الصيني والياباني، مشددًا على ضرورة منع إحياء هذه النزعة بأي شكل من الأشكال.
وفي الوقت نفسه، رحب وانغ يي بالجهود المشتركة لتعزيز العلاقات الصينية اليابانية، مشيرًا إلى أن التعاون القائم على المنفعة المتبادلة يمكن أن يسهم في تحسين العلاقات الثنائية وخلق مستقبل مشترك يستند إلى حسن الجوار.
وحذر وانغ يي من أن أي محاولة لاستخدام تايوان كوسيلة لاستفزاز الصين ستعود بالضرر على اليابان نفسها، مشددًا على أن الصين ستدافع بحزم عن سيادتها ووحدة أراضيها.
وتحدث وانغ يي عن موضوع الفلبين في بحر الصين الجنوبي قائلا: "سيواصل الجانب الصيني الحفاظ على سيادته الإقليمية وحقوقه ومصالحه البحرية وفقًا للقانون، وسيظهر أيضًا روحه الإنسانية وفقًا للاحتياجات الواقعية عند إدارة شعاب رنآي جياو وجزيرة هوانغيان داو. من الضروري توضيح أن الانتهاكات والاستفزازات لن تمر بدون عواقب، ومن يقدم نفسه كقطعة شطرنج سيتم التخلص منه في النهاية".
وأكد وانغ يي أن التعاون بين الصين وأمريكا اللاتينية يُعتبر نموذجًا للتعاون بين دول الجنوب ويتميز بالدعم المتبادل بعيداً عن المصالح السياسية؛ حيث تلتزم الصين بمبادئ المساواة والمنفعة المتبادلة، ولا تسعى للنفوذ أو استهداف أي طرف. وأشار إلى أن شعوب أمريكا اللاتينية تبني ديارها وتطمح للاستقلال وليس الاستعمار الجديد.
وتابع أن التعاون مع الصين يحظى بالترحيب في دول أمريكا اللاتينية، حيث يلبي احتياجاتها ويقدم آفاقًا واعدة للنمو، مشيرا إلى أن الجانبين حققا نتائج مثمرة في إطار بناء مجتمع المستقبل المشترك، مستفيدين من آلية منتدى الصين ومجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. وأوضح أنه في هذا العام، يحتفل الجانبان بالذكرى العاشرة لتأسيس المنتدى، حيث سيُعقد الاجتماع الوزاري الرابع في الصين.
وعبَّر وانغ يي عن موقف الصين الثابت في الحفاظ على سيادتها وحقوقها البحرية، مشيداً بالجهود المشتركة مع دول مجموعة "آسيان" لتعزيز السلام في بحر الصين الجنوبي. وأكد أن الحوار والتعاون هما السبيل لحل أي قضايا عالقة، مشيرًا إلى أهمية وضع قواعد سلوك واضحة في المنطقة.