لماذا سيتراجع الاقتصاد الروسي في عام 2024؟
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
موسكو- من غير المرجح أن يتمكن الاقتصاد الروسي من تكرار التعافي في النمو الاقتصادي الذي حققه خلال العام المنصرم، بل على العكس، فسيعاني في العام الحالي من تراجع واضح، كما خلص إلى ذلك التقرير الذي أصدره مؤخرا معهد التنبؤ الاقتصادي التابع لأكاديمية العلوم الروسية.
وحسب التقرير، يُتوقع أن ينخفض معدل نمو الإنتاج الصناعي في أبريل/نيسان ومايو/أيار المقبلين، على سبيل المثال، 3 مرات مقارنة بمؤشرات العام المنصرم.
وتأتي الخلاصة الصادرة عن أهم مركز للدراسات الاقتصادية في البلاد مغايرة للنتائج التي حققها الاقتصاد الروسي العام الماضي، والتي تجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي نسبة 3.5% وجاء بمثابة مفاجأة للكثيرين.
ويتلاقى مع المركز في هذه الخلاصة -وإن بتقديرات مختلفة بشكل طفيف- صندوق النقد الدولي الذي كان قد حسّن توقعاته للنمو الاقتصادي الروسي للأشهر الثلاث الأخيرة من عام 2023 بينما خفض توقعاته لعام 2024 من 1.5% إلى 1.3%.
يأتي ذلك بينما يشعر مراقبون روس بالقلق أيضا بشأن احتمال تراجع عائدات التصدير الروسية العام المقبل بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية وتباطؤ الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي، ناهيك عن احتمال تعرض البلاد لرزمة جديدة من العقوبات الغربية.
نتائج فاقت التوقعاتوكانت روسيا حققت في العام المنصرم نتائج فاقت حتى توقعات البنك المركزي ووزارة التنمية فضلا عن مراكز الدراسات الاقتصادية. وقال الرئيس فلاديمير بوتين إن اقتصاد بلاده أصبح الأفضل في أوروبا وتفوق على الاقتصاد الألماني.
وقبل عام واحد، سادت فكرة استمرار انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الروسي في عام 2023 بين الأوساط الاقتصادية في أوروبا، وكان النقاش وقتذاك ليس الانخفاض من عدمه بل كم سيكون هذا الانخفاض، لكن الاقتصاد الروسي أظهر انتعاشا قويا، وصل إلى مستويات عام 2019.
تباين في الديناميكياتويعزو الخبير الاقتصادي فيكتور لاشون أسباب التراجع المتوقع في معدلات النمو إلى أسباب، من بينها خارجية، كالمشاكل المالية العالمية المتراكمة والتداعيات التي سيتسبب بها التراجع في الصادرات وأسعار النفط، وهو ما سيؤثر بشكل مباشر وملموس على الميزان التجاري إلى درجة التدهور.
لكن العامل الرئيسي، كما يوضح لاشون في حديث للجزيرة نت، هو انخفاض الواردات بسبب ضعف الروبل المتوقع في الخريف وتباطؤ الطلب المحلي تحت تأثير تشديد السياسة النقدية.
وللإشارة، فقد كان البنك المركزي رفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 16%.
ويتابع لاشون بأنه إذا كانت في البداية ثمة مبالغة في تقدير التأثيرات السلبية للعقوبات على الاقتصاد، فإن المعادلة انقلبت بعد ذلك، وتحولت إلى عملية استخفاف بتأثير العقوبات والتقليل من شأنها. لكن الواقع سيتغير خلال العام الحالي، وسيصبح تأثير القيود ملموسا أكثر.
سيناريوهات هجينةلكن مع ذلك، يعتقد أن تفاقم الصراع الأميركي مع الصين واحتمال قطع إمدادات الطاقة عن الصين من الجنوب (من أفريقيا والشرق الأوسط وأستراليا)، سيكون في مصلحة روسيا وتعزيز اقتصادها، إذ ستشكل هذه الخطوة تهديدا جديا لمصنع العالم (الصين) وسيترك العالم كله بدون أي منتجات.
ويرجح بأن تستفيد روسيا من هذا السيناريو الجذري، لأنها ستكون مستعدة لتزويد الصين بالنفط والغاز بكميات كبيرة، وهو ما من شأنه أن يجعل بكين أكثر استعدادا لبناء خط أنابيب الغاز العملاق "قوة سيبيريا – 2".
أسباب جيوسياسيةأما فلاديمير أوليتشينكو، الخبير في المعهد الأعلى للاقتصاد فيرى أن استمرار الصراع الأوكراني يشكل المصدر الرئيسي للمخاطر بالنسبة للاقتصاد الروسي.
ويشير أوليتشينكو في حديثه للجزيرة نت إلى "مخاطر خارجية" ترتبط بشكل أساسي بالعقوبات الجديدة وتشديد القيود الحالية. وقد يؤدي ذلك إلى تشويه ميزان التجارة الخارجية إلى حد كبير، وذلك كنتيجة لانخفاض سقف أسعار النفط والحظر الجديد على الصادرات الروسية، وما يتبعه من تراجع لعائدات التصدير وحتى الواردات، إذا شددت "الدول الصديقة" الحدود والضوابط على إعادة التصدير.
علاوة على ذلك، توجد مخاطر داخلية تكمن في الزيادة المحتملة في الاضطرابات السياسية في الفترة التي ستسبق الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في مارس/آذار المقبل، فضلا عن تصعيد الصراع الأوكراني إلى حدود أوسع.
عصب الإيراداتويقول أوليتشينكو إن أوكرانيا أغلقت بالفعل خط الأنابيب على الخط الجنوبي، ولا تمر الإمدادات إلا عبر الفرع الشمالي. كما أن الإمدادات إلى أوروبا عبر السيل التركي توقفت تقريبا عام 2023.
ويتابع بأن هذه كانت محاولة لمنع عبور الغاز من خلال فرض حواجز إضافية (رسوم)، يمكن أن تؤدي إلى أن يصبح الغاز الروسي باهظ الثمن، وليس من المربح شراؤه.
كما يعتبر أولتشينكو أن سيناريو التوقف الكامل لإمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خطي الأنابيب (التيار الأوكراني والتركي) محتمل للغاية وهو ما يمكن أن يلعب دورا إضافيا في الإبطاء من وتيرة النمو الاقتصادي في روسيا.
وحسب رأيه فإن الولايات المتحدة ستضغط على أوكرانيا لمنع العبور بمجرد انتهاء "موسم التدفئة"، لإخراج روسيا من سوق خطوط الأنابيب الأوروبية.
يشار إلى أن هنغاريا التي لا تريد أن تفقد الغاز الروسي تدخلت ضد بلغاريا، التي سعت لفرض ضريبة إضافية على عبور الغاز الروسي المتدفق عبر التيار التركي بمبلغ 111 دولارا لكل ألف متر مكعب، وقامت بودابست بالتهديد بأنها ستمنع دخول بلغاريا إلى منطقة شنغن في حال قامت بذلك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاقتصاد الروسی الغاز الروسی
إقرأ أيضاً:
مستشار حكومي: العراق تقدم بـ17 مرتبة في مؤشر القوة الناعمة
الاقتصاد نيوز - بغداد
أعلن مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، السبت، أن العراق تقدم بـ17 مرتبة في مؤشر القوة الناعمة مقارنة بعام 2023، بفضل التحسينات في الحوكمة وتطوير البنية التحتية، مؤكدًا أن هذا التقدم يعكس تحسنا ملحوظا في استقرار الوضع الداخلي للبلاد.
وقال صالح، في اصريح أوردته وكالة الأنباء الرسمية، واطلعت عليه "الاقتصاد نيوز"، إن " احتلال العراق المرتبة 98 عالمياً في مؤشر القوة الناعمة لعام 2025 يعد أمراً مهماً في هذه القفزة خلال عام انتقالي واحد بين نهاية عام 2023 ونهاية عام 2024، والتطلع إلى عام 2025، إذ يأتي متقدما 17 مرتبة عن تصنيفه السابق في عام 2023، ما يجسد تقدما واستقرارا تشهده بلادنا بشكل لافت، بعد أن كان في المرتبة 116 عالميا في السنة قبل السابقة."
وأضاف أن "العراق أحرز تسارعا في موضوع القوة الناعمة خلال عام واحد متواصل بين عام 2023 ونهاية عام 2024 والمضي في عام 2025، ويأتي هذا التسارع من بين جملة عوامل ومؤشرات للقوة الناعمة تُستخدم عادة من جانب المؤسسات العالمية المهتمة بقياس مدى تأثير الدولة في نطاقها العالمي من خلال الوسائل غير العسكرية، مثل الثقافة، والدبلوماسية، والتعليم، والقيم، والابتكار."
وأوضح أن "من أبرز المؤشرات التي يتم استخدامها في تصنيفات القوة الناعمة والتي حظي العراق فيها في عام 2024 هي سمعته الدولية المتميزة في إطار العلاقات الخارجية، إذ عدت قدرات بلادنا الدبلوماسية في التأثير في الشؤون العالمية وصورتها الدولية هي في أفضل مستوياتها، التي تعاظمت في السنوات الأخيرة بفعل ازدهار النشاطات الخارجية وشبكة العلاقات الإيجابية مع الدول الأخرى التي وفرها المناخ الديمقراطي المنفتح للعراق كأحد أهم هذه العوامل."
ولفت الى أن "الاستقرار السياسي والأمني في العراق شهد تحسنا كبيرا، إذ تلاشت التوترات الداخلية والصراعات التي كانت تؤثر سلبًا على صورة البلاد في العالم، ما ساعد في تعزيز قوة العراق الناعمة".
وأشار إلى أن "قدرة البرنامج الحكومي الذي سار في تطبيقاته بشكل متقدم في تطور البنية التحتية والتحسين المستمر في الخدمات الأساسية، ولا سيما الأمنية والرقمية منها، رافقتها حركة متقدمة من الحوكمة المؤسساتية إذ ارتفعت كفاءة وشفافية المؤسسات الحكومية، مع إقرار خطة التنمية 2024-2028 التي التزمت بالتنمية المستدامة وحماية البيئة، وتوفير جاذبية عالية للاستثمار بعد إعلان مبدأ الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص ضمن فلسفة السوق الاجتماعي، وإعلان مشروع طريق التنمية الاستراتيجي كمشروع لتقدم العراق نحو الأمام."
وأكمل، أن "الانفتاح الحضاري والثقافي على درجة عالية من الاهتمام، جعل بغداد عاصمة السياحة والثقافة في العالم، وهو أمر يعكس بلا شك جودة الحياة والقيم المجتمعية السائدة لحضارة وادي الرافدين التي يمتد عمرها إلى أكثر من 7 آلاف عام، فضلاً عن الحرص على إبراز دور التراث الوطني عموما والاثنيات المختلفة خصوصا، ما أثر ذلك إيجابيا في قوة التنوع المجتمعي وانتقاله من المستوى الوطني إلى المستوى الخارجي."
واستدرك بالقول: "إن تنويع الاقتصاد والتنمية المستدامة ومغادرة الاقتصاد الريعي يبقى من بين التحديات التي تواجه تصاعد القوة الناعمة، وهذا هو ما يعمل عليه البرنامج الحكومي بحرص شديد يؤازره الاتجاه السائد في أوساط الفكر الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في العراق بشكل متواصل عبر عملية المؤازرة الوطنية لبرامج التنمية الاقتصادية الشاملة للدولة والحكومة، لبناء عراق أفضل على الدوام."
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام