شهادات مروعة لأطباء بريطانيين عملوا في مستشفيات غزة
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
يمانيون|
قال أطباء بريطانيون عملوا بمستشفى شهداء الأقصى في قطاع غزة إنهم شاهدوا هناك أسوأ الإصابات التي مرت عليهم خلال حياتهم المهنية، واضطروا في كثير من الأحيان إلى علاج الجرحى من دون معدات طبية.
وروى الأطباء الذين تمكنوا من دخول قطاع غزة، والعمل في مستشفى شهداء الأقصى لمدة أسبوعين، ظروف عملهم تحت وطأة القصف الإسرائيلي، والإصابات المروعة التي كانت تصل إلى المستشفى، وكان أغلبها أطفالا ونساء.
ودخل الأطباء البريطانيون غزة بمبادرة من لجنة الإنقاذ الدولية ومنصة العون الطبي للفلسطينيين، وهم البروفيسور الدكتور نيك ماينارد، والدكتورة ديبورا هارينغتون، والدكتور جيمس سميث، وقد عملوا في مستشفى شهداء الأقصى من نهاية ديسمبر/كانون الأول 2023 حتى التاسع من يناير/كانون الثاني 2024.
“إصابات لم أتوقع مشاهدتها في حياتي”
وقال الدكتور ماينارد، الذي يعمل جراحا في أكسفورد ببريطانيا، إنه وزملاءه وصلوا غزة قادمين من معبر رفح، بعد رحلة استغرقت يوما كاملا، وإنه بدأ العمل يوم 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأوضح أن أول شيء لفت انتباههم، بعد العبور من معبر رفح الحدودي إلى غزة، كان كثرة النازحين الذين اكتظ بهم المكان، وقال “رأينا مئات العربات تجرها الحمير مليئة بالناس والبضائع”.
وأشار ماينارد إلى أنه كان يشارك في اجتماعات عبر الإنترنت مع أطباء موجودين في غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع، وكان يعد نفسه لما سيراه بعد دخول القطاع، لكن ما رآه كان أسوأ بكثير مما توقع، وقال “رأيت في مستشفى شهداء الأقصى أفظع الإصابات التي لم أتوقع أن أشاهدها في حياتي المهنية”.
وذكر ماينارد أنه وزملاءه رأوا العديد من الأطفال المصابين بحروق قاتلة، وبعضهم بترت أطرافهم والبعض تعرضوا لإصابات مميتة في الصدر والبطن، واضطروا لإجراء تدخلات طبية لمصابين وهو ملقون على الأرض، وقال إن غزة كانت جحيما.
عمليات جراحية على الأرض
وعن ظروف المستشفى ونقص الأدوية والمعدات الطبية، قال ماينارد “كانت الإمكانات في غرف العمليات محدودة، وفي بعض الأحيان لم يكن هناك ماء. كنا ننظف أيدينا باستخدام المواد الكحولية فقط. كنا نفتقر للمعدات والملابس. وفي بعض الأيام، لم تكن لدينا مسكنات للألم لاستخدامها في علاج الأطفال المصابين بحروق خطيرة أو الذين بترت أطرافهم”.
وتابع “رأيت طفلا عمره 6 سنوات ملقى على الأرض في غرفة الطوارئ، ولم يكن هنالك عدد كافٍ من الأطباء للاهتمام به، كما لم يكن معه أي أحد من عائلته. كان يعاني من حروق مؤلمة للغاية وجروح مفتوحة في الصدر. أخذناه على الفور إلى منطقة الإنعاش. وبما أنه لم تكن هناك أسرّة أو نقالات كافية، أجرينا التدخل الطبي اللازم على الأرض”.
واتهم الطبيب البريطاني “إسرائيل” باستهداف سكان غزة ومنشآت الرعاية الصحية في القطاع بشكل ممنهج.
وقال إن غزة يمكن أن تستعيد عافيتها إذا عمل العالم كله معا وأجبر “إسرائيل” على وقف إطلاق النار، وإن على المجتمع الدولي دعم جهود إعادة الإعمار في غزة في مرحلة ما بعد الحرب.
القدرة الاستيعابية للمستشفى
من جهتها، علقت الطبيبة المتخصصة في التوليد ديبورا هارينغتون على الوضع في المستشفى بالقول “لا أستطيع أن أشرح كم كان الأمر مخيفًا. هناك أشخاص بحاجة إلى الرعاية الطبية ليس في مبنى المستشفى فحسب، بل حوله أيضًا”.
وذكرت هارينغتون أنه تم نصب خيام في محيط المستشفى الذي كان مكتظًا بالأطفال الجرحى، وهو ما ترك أثرًا عميقًا في نفسها.
وقالت “كان عدد كبير جدا من الأطفال يصلون وهم مصابون بحروق خطيرة، وبتر في الأطراف، وإصابات مروعة، وكانت معدات المستشفيات غير كافية لمثل هذا العدد الكبير”.
وقالت إن “معظم الحالات التي وصلت إلى مستشفى شهداء الأقصى كانت فظيعة للغاية. لم تكن الإمكانات الموجودة في المستشفى قادرة على التعامل مع هذا المستوى من الحالات الخطيرة. القدرة الاستيعابية للمستشفى كانت 300%. كان هناك أشخاص ينتظرون العلاج في كل مكان، معظمهم مصابون بجروح خطيرة. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك أقارب للمرضى والنازحين. ولم يكن هناك شبر واحد من المستشفى خاليًا من الناس”.
وأكدت هارينغتون ضرورة وقف الحرب لوضع حد لما يجري في قطاع غزة.
“إصابات لم أر مثلها من قبل”
بدوره، قال طبيب الطوارئ جيمس سميث، الذي عمل في عدة مناطق تشهد صراعات وأزمات، إنه كان ضمن فريق طبي مكون من 9 أشخاص يعملون في غزة.
ولفت سميث إلى أن قسم الطوارئ، وهو أكثر الأقسام تجهيزًا بالمستشفى، كان يواجه صعوبة في استيعاب العدد الكبير من المصابين والمرضى الذين يصلون إليه.
وأشار إلى أن العديد من العاملين في المستشفى فلسطينيون موظفون في قطاع الرعاية الصحية الفلسطيني، وبعضهم نزحوا إليه من مستشفيات أخرى.
وقال إن المستشفى كان يفتقر لمعظم المستلزمات الطبية الأساسية، وتابع “في أحد الأيام نفد الشاش الذي كنا نستخدمه لتضميد الجروح، وفي اليوم التالي نفد المورفين الذي كنا نستخدمه للأشخاص الذين يعانون من آلام خطيرة. لقد عملت لدى عديد من المنظمات الإنسانية وشاهدت المرضى في عديد من مناطق الصراعات لسنوات، لكن لم يسبق لي أن رأيت إصابات مؤلمة بهذا الحجم والخطورة. لقد كانت تجربة غزّة حقًا أضخم حدث مررت به على الإطلاق”.
وختم سميث حديثه عن مشاهداته في غزة بالإشارة إلى أنه شهد عديدا من الحالات التي كانت تصل المستشفى وهي مصابة إصابات قاتلة، ومنها الحروق الخطيرة التي تذيب الجلد والعضلات والعظام، وكان شاهدا على عديد من الإصابات التي تضمنت بترا مروعا للأعضاء.
ويواصل الجيش الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة منذ منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقد أدت الحرب المدمرة لاستشهاد 24 ألفا و927 فلسطينيا، وإصابة 62 ألفا و388 آخرين، وفق وزارة الصحة في غزة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: مستشفى شهداء الأقصى على الأرض قطاع غزة فی غزة لم یکن إلى أن
إقرأ أيضاً:
الناطق باسم الدفاع المدني بغزة: الوضع خطير ولا مكان لعلاج الجرحى
أكد الناطق باسم الدفاع المدني في غزة الرائد محمود بصل، أن استهداف الاحتلال الإسرائيلي لمستشفى الأهلي العربي (المعمداني) يعرّض حياة المصابين والجرحى للخطر، لأنه لا وجود لمكان آخر يخضعون فيه للعلاج.
واستهدفت غارة إسرائيلية فجر اليوم الأحد المستشفى المعمداني، مما أدى إلى خروجه عن الخدمة. وقال مراسل الجزيرة إن عشرات الجرحى والمرضى افترشوا شوارع محيطة بالمستشفى بعد القصف.
وكشف الرائد بصل أن مستشفى الأهلي العربي هو المستشفى الوحيد الذي يقدم الخدمة لآلاف المواطنين في غزة، واستهدافه يعني الشلل الكامل في المنظومة الطبية بمدينة غزة، وحذر من أن المشهد يزداد خطورة في غزة بعد هذا الاستهداف، لأن الطواقم الطبية وطواقم الدفاع المدني ستعجز عن تقديم الخدمة للمواطنين والمرضى.
وقال في مقابلة مع قناة الجزيرة: إن طواقم الدفاع المدني لا تعلم إلى أين ستأخذ الجرحى الذين يسقطون في القصف الإسرائيلي المتواصل، فكل الأماكن مغلقة ومهددة بالقصف الإسرائيلي.
ووصف الواقع في غزة بأنه صعب جدا، لأن المنظومة الطبية والخدماتية باتت متهالكة، وقوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل توغلها في القطاع وتقصف الناس، وقال إن الليلة الماضية كانت قاسية جدا على الغزيين خاصة في مناطق الشجاعية والتفاح في شرق مدينة غزة.
إعلانوبشأن الرواية الإسرائيلية عن رصد مسلحين في مستشفى المعمداني، قال الرائد بصل إن الاحتلال يروج دوما لنفس الرواية، وإن هناك قرارات داخل إدارة المستشفى تمنع وجود المنظمات الفلسطينية أو أي مظهر من مظاهر التسلح في المستشفى.
وقال الجيش الإسرائيلي في تعليقه إنه هاجم مستشفى الأهلي المعمداني بالتعاون مع جهاز الأمن الداخلي (شاباك) لاستخدامه من قبل عناصر حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
قرار عاجلومن جهة أخرى، تأسّف الرائد بصل لكون الحراك الدولي والعربي لا يرقى لمستوى المأساة التي يشهدها القطاع الفلسطيني، فالاحتلال ينتهك بشكل واضح كل مقومات الحياة وكل المنظومات الخدماتية، وقتل أكثر من 60 إلى 70 ألف مواطن، فضلا عن الإصابات التي تقدر بالآلاف، وأكثر من 23 إلى 24 ألف حالة إعاقة، بالإضافة إلى التدمير والتجويع والحصار.
وقال إن المطلوب أن يكون هناك قرار عربي وإسلامي وأممي فوري وجاد لإنهاء الحرب وإنهاء المعاناة الإنسانية في قطاع غزة.
ويذكر أن حركة حماس قالت إن قصف المستشفى المعمداني وتدمير طائرات الاحتلال لمبنى الاستقبال والطوارئ وتشريد المرضى والجرحى فيه؛ جريمة حرب جديدة يرتكبها جيش الاحتلال ضمن مسلسل جرائمه الوحشية في القطاع.