بدأ الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل الحديث عن الفيلد ماريشال "مونتجمري" فى كتابه الشيق والممتع "زيارة جديدة للتاريخ" قائلا إنه كان من أماني صباه أن يلتقي ذات يوم وجها لوجه مع أحد الماريشالين الكبيرين أو كلاهما إذا أمكن: المريشال "برنارد مونتجمري" الإنجليزي والماريشال "اروين روميل" الألماني وهما بطلا معركة العلمين الشهيرة التي دارت على الأرض المصرية وكانت نقطة  تَحَوَّلَ أساسيَّةً  في مسار الحرب العالمية الثانية، آخر صراع ساخن على مستوى الدنيا كلها، وأكد على ذلك بقوله: وأظنه سوف يظل "آخر صراع" أيضا لأن الصراعات الساخنة على مستوى الدنيا لم تعد قضية مطروحة في العمر النووي- إلا إذا قررت الإنسانية كلها في لحظة جنون مطبق أن تنتحر الحياة ذاتها وأن يذهب الكوكب الوحيد الذي اتسع لها في نطاق الكون كلة إلى الجحيم معها!

وأضاف أن معركة العلمين الشهيرة -سنة ١٩٤٢ -كانت متابعة أول تجربة صحفية حقيقية يخوضها وكان عمره 19 عاما، وذهب بناء على اقتراح من رئيس تحرير جريدة «الإجيبشيان جازيت» وكان ملحقا بها للتدريب وقتها، وكان ذهابه يرجع إلى  اقتراح رئيس التحرير آنذاك  "هارولد ايرل"  وكان يريد رؤية مصرية لحرب عالمية تجرى على أرض مصر.

وقال الكاتب إنه تطوع بحماس الشباب للمهمة ووجد نفسه بعد يومين في معسكر لتدريب المراسلين في "الدخيلة" -قرب الإسكندرية -وبعد ثلاث أسابيع كان ضمن قافلة عسكرية تتقدم إلى ميدان القتال في صحبة "ستيفن باربر" المراسل الأصلي للجريدة والذي كان مفروضا أن يكون الكاتب مسئولا أمامه فترة وجوده في الميدان.

 وأشار إلى أن "ستيفن باربر" أصبح فيما بعد عميد المراسلين الأجانب في "واشنطن"، باعتباره مراسل "ديلي تلجراف" في العاصمة الأمريكية.

 واستقر في واشنطن أكثر من عشرين عاما، حفظ فيها كل أروقة ومسالك السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية.

وانهمر شلال الذكريات عند "الأستاذ هيكل" إذ ذكر بأنه التحق بالكتيبة الواحدة والعشرين من الفرقة الهندية الخامسة، وأضاف بأنه وصل إلى موقع الكتيبة قرب منطقه "الحمام" فاذا هي ممزقة نتيجة ضربة ألمانية مفاجئة.

وذكر الكاتب أن "ستيفن باربر" مراسل الجريدة الذى كان مسئولا أمامه سأله ربما مشفقا عليه إذا كان يريد أن يعود مع الكتيبة التي صدرت لها الأوامر بإخلاء مواقعها لكي تلتقط أنفاسها وتعوض خسائرها،  إلا أنَّ الكاتب قال محتجا: "ولكنني لم أرى شيئا من الحرب بعد".

 وهكذا وجد نفسه ملحقا بالكتيبة التاسعة من الفرقه "النيوزيلاندية" الثانيه التي كان يقودها جنرال مشهور وهو الجنرال "فرايبرج"، ثم استرد الكاتب ذكرياته من الزمن وَعَادَ لِيُرَوَّى بَقِيَّةَ مَا حَدَثَ.

قال الأستاذ "هيكل": وظلت تجربة هذه الحرب محفورة في أعماق الاعماق من وجداني، وشدتني إلى  تجارب حروب أخرى، فلقد رحت -فيما بعد- أتابع الحروب حيث تكون وأقصد ميادينها وأرى وأسمع وأتابع وأكتب  مُعْتَقِدًا أن الحرب هي ذروة المأساة الإنسانية وان اجوائها مجالات لمعارف وخبرات واسعه عن التاريخ والصراعات والإنسان وذلك (لِمَنْ يَمْلِكُ تَشَوُّقِ أَنْ يَتَعَلَّمَ).

 بِإِذْنِ الله أكمل الأسبوع القادم حديث الأستاذ "محمد حسنين هيكل" عن كيف التقى بالفيلد ماريشال مونتجمري  بطل معركة العلمين الشهيرة؟

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: محمد حسنين هيكل معركة العلمين

إقرأ أيضاً:

من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. حتى في غيابك!

حتى في غيابك!

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ .. 21 / 3 / 2017

تنظرين في عينيّ التائهتين طويلاً فأشفى منّي واهتدي الى سبيلي..حتى في غيابكِ لم تتركيني لحظة واحدة..كلما ضاقت بي الدنيا ونزفتُ قلقاً على الوسادة ،تدلّيت من بين عناقيد الحلم قطفاً من نور..تمسحين على شعري ،تجلسين على كرسيكِ أمامي وتؤنسيني بوجودك حتى تهدأ روحي المضطربة..

مقالات ذات صلة الاحتلال يغتال صاحب الصورة الأشهر في انتفاضة الأقصى 2024/10/03

أتعبتك في حياتك وفي رحيلك يا غالية فسامحيني..سامحيني لم أكن أعي قيمة صوت أقدامك البطيء على درجات غرفتي أثناء « التوجيهي» الا عندما عزّ الزائرون في غيابك..لم أكن أعي ماذا يعني أن تــُقرّبي عود الثقاب من عينيك الغائمتين لتريه ،فتشعلين النار تحت إبريق الشاي وتحضريه لي في مساءات الشتاء الطويلة الا عندما تجرّعت الوحدة الباردة!!…سامحيني لم أكن أعي ما معنى أن تصمتي وأنتِ تشاركيني السماع لإذاعة الشرق قبيل امتحان الانجليزي بليلة..كان صمتك يتمنى أن أغلق الراديو وأركزّ في كتابي جيّداً..لكنك خجلت أن تقوليها وأنا لم التقطها في حينها..

قلت لكِ في مقالٍ سابق ..أنتِ لم ترحلي لكنّك غيّرت مكان الإقامة فقط ، ما زالت غرفتك العسلية عامرة بأنفاسك ..نتحلّق كل مساء حول مكانك الفارغ ، نسهر نتكلم ،نصمت..لكننا لا نجرؤ على نسيانكِ..ما زال كل شيء يحترم اختيارك ويرفض غيابك..الروزنامة في مكانها ،نجددها كل عام ونحتفظ بــ»الجلدة»القديمة ، سخّانة قهوتك، فناجينك الثلاثة ، حرامك البٌنّي ما زال الحِرام الوحيد الذي يداري غفوتي المسائية أو يدفئني إذا ما تسللت إلىّ قشعريرة آذار ..صور الأحفاد المعلّقة على الخزانة وقرب الستارة ما زالت تبتسم لمكانك ..ولأنها من اختيارك؛ أحفاد البرواز لم يكبروا بعد..كرسيّك الأبيض ما زال شاغراً كعروش الملوك لا يعتليه أحد ..إصدارات كتبي التي كنتِ أهديكِ إياها ما زالت في «الساطرة» قرب مطحنة القهوة و»البنوّرة» وساعتك المتوقفة عند العاشرة..

ما زال رقم ملفّكِ الطبي مخزّنا على هاتفي، وما زلت أحتفظ بأرقام أطبائك المختصين أتصل بهم كل عيد فيذكروني ويذكرونك يا أمي، وما زال اسمك برغم كثرة الأسماء على رأس القائمة «أأأمي» كتبته بهذه الطريقة كي لا يسبقك بالترتيب أحد وكي لا تضيعي في زحمة الأسماء ،صحيح أن هاتفك «لا يمكن الاتصال به»..لكنك تتصلين بي كل ليلة وكل حلم ودون انقطاع او تشويش ..

ما زال كيس الدواء في نفس الزاوية ، وما زلت أحفظ أسماء أدويتك عن ظهر قلب وتدرّج الجرعات..أنت لم تغيبي لحظة عنا صدقيني ..أنت تقضين مناوبتك في الرحيل فقط..

سامحيني يمّه ، أن اختلف شكل الهدية ،أو قطعت أغاني الأم في الراديو وغيّرت الموجة ، أو حاولت الالتهاء بأي شيء عند سماع «إعلانات ست الحبايب» فلن استطيع أن أهديك ما يقترحون ..ولن تستطيع أن تلامس شفتاي جلد يديك الرقيق…سامحيني ان شغلت نفسي هذا المساء بأي شيء..فوقت «اللمّة « الليلية وتقديم الهدايا والتناوب في الجلوس على سريرك ورفع اليدين في الأدعية..كل هذا يرميني على حافة الحزن فسامحيني!…

هذا المساء وحسب توقيتي اليومي في زيارتك..سأطبع قبلة على رخام الضريح وأقول ..كل عام وأنتِ بألف ألف خير!..عندما تبقى أشياؤك أجراس ذكرى لنا..فأنت بخير..عندما لا تغيبين لحظة عنّا وعن الأولاد فأنت حتماً بخير..عندما تتوهّج غرفتك قنديلاً في عتمتنا فأنت بألف ألف خير..عندما أمسح العشب الطري عن جبهة قبرك فأنت بخير..عندما تفتحين باب الحلم كل ليلة وتضيئين زوايا الغياب فأنت بخير..عندما أزرع «زنبقة» في مفرق القبر وأرويها ماء وأدعية كل مساء حتى تتفتح أكفها كأكفّك فأنا بخير..

ظلّي قربي..حتى في غيابك ..فأنا نقطة من»حِبرك» انا زفرة من صبرك..أنا فاصلة في هامش الأيام ..وأنت «ترويسة» العمر!

#93يوما

#أحمد_حسن_الزعبي

#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي

#الحرية_لأحمد_حسن_الزعبي

#سجين_الوطن

مقالات مشابهة

  • بين الحاضر والماضي... رحلة النزوح اللبنانية التي لم تنتهِ "ألم يرفض النسيان"
  • المعهد الديمقراطي: ندوب الحرب التي دامت عقد من الزمان لا تزال تلازم كل جوانب الحياة في اليمن
  • سماح أبو بكر: الكاتب الناضج هو من يكتب للطفل.. وأصدرت عدة كتب للأطفال
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. حتى في غيابك!
  • و أنت عائد إلى بيتك فكر في تلك المدينة الصامدة التي غيرت مجرى الحرب
  • الأمم المتحدة: الاستعدادات جارية لحملة تطعيم ثانية ضد شلل الأطفال في غزة
  • من كتاب «أحاديث السحاب» للكاتب الصحفى الكبير عادل حمودة.. هيكل الاختلاف لا ينفى الإعجاب (2)
  • على طريقة الأفلام.. سائق تاكسي يقتحم مباراة في بلغاريا
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. خالة العروس
  • الحرب و السياسة و المتغيرات التي أحدثتها