22 دولة إفريقية معرضة لخطر الإفراط في المديونية
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
باريس "أ ف ب": في حين يثقل تضخم الديون كاهل النمو الاقتصادي العالمي، يحذر الخبراء من أن منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا حيث تعاني العديد من البلدان من التخلف عن السداد، تشهد أسوأ أزمة لها على الإطلاق.
ويقلص ارتفاع أسعار الفائدة والإفراط في الاستدانة قدرة البلدان على تمويل تنميتها، كما أكد عدد من الزعماء الأفارقة في كلماتهم في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
وفي أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية في الفترة 2007-2009، أبقت البنوك المركزية في البلدان الصناعية عموما أسعار الفائدة منخفضة، وتوفرت لبلدان الجنوب العالمي التي كانت تقترض في الغالب على المستوى الثنائي أو من المؤسسات المالية الدولية، إمكانية غير مسبوقة للوصول إلى الأسواق المالية.
وقالت الاقتصادية الكينية عطية واريس التي تعمل أيضًا خبيرة مستقلة لدى الأمم المتحدة: إن "العديد من الدول النامية التي كانت في حاجة ماسة إلى ضخ الأموال في اقتصاداتها سارعت إلى الاستعانة بهذه القروض منخفضة التكلفة، في أسواق لا تخضع لقواعد أو تنظيم".
وأضافت: إن صندوق النقد الدولي شجعها على ذلك. وساعدت هذه الأموال في إعطاء دفعة كان العديد من الاقتصادات الإفريقية في أمس الحاجة إليها. لكن البلدان التي تعتمد على تصدير المواد الخام مثل النفط والمعادن والخشب تعرضت لضغوط شديدة عندما بدأت أسعار السلع الأساسية في الانخفاض في عام 2015. ثم زادت جائحة كوفيد من تفاقم الوضع.
وأدى انخفاض أسعار السلع الأساسية إلى تقليص إيرادات العملات الأجنبية التي تحتاجها هذه البلدان لتسديد خدمة قروضها. وحصلت العديد من البلدان على قروض جديدة لسداد ديونها القديمة، مما أدخلها في دوامة من الديون تحول دون الاستثمار في البنية الأساسية والأنظمة الصحية والتعليم.
وقدر البنك الدولي العام الماضي أن 22 دولة معرضة لخطر الإفراط في المديونية، بما في ذلك غانا وزامبيا اللتين تخلفتا عن سداد ديونهما الخارجية.
وتضم القائمة أيضا مالاوي وتشاد اللتين لديهما برنامج مساعدة من صندوق النقد الدولي. وتتفاوض إثيوبيا التي أعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني إفلاسها جزئيا في ديسمبر، على حزمة إنقاذ.
وفي عام 2022، بلغ الدين العام الإفريقي 1,8 تريليون دولار مسجلاً قفزة بنسبة 183 بالمائة عن عام 2010، بعد أن نما بمعدل أربعة أضعاف أكثر من الناتج الاقتصادي، وفقا لأرقام الأمم المتحدة.
ويسعى الدائنون العامون الغربيون المنضوون في مجموعة العشرين والعديد من الشركاء إلى التوصل إلى إعادة هيكلة ديون 40 دولة إفريقية. وبين هؤلاء الصين المتهمة بتقديم قروض ميسرة لمشاريع البنية التحتية لا تستطيع هذه البلدان تسديدها.
وبُنيت صفقات الديون هذه على مبدأ المساواة في المعاملة ومشاركة جميع الدائنين. لكن يصعب على الدول الإفريقية إبرام اتفاقات لأن المقرضين من القطاع الخاص غالبا ما يرفضون الشروط.
وفي السنوات الأخيرة، صار المستثمرون الخاصون - بما في ذلك صناديق الاستثمار وصناديق التقاعد - أكبر دائني الدول الإفريقية.
وفي عام 2022، كان هؤلاء يمتلكون 42% من الدين العام الخارجي الإفريقي، مقارنة مع 38% للمؤسسات المتعددة الأطراف مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، و20% لدول أخرى.
ومن بين الـ 20 في المائة التي تمتلكها الدول الأخرى، كانت الصين أكبر مقرض لإفريقيا، وتمتلك وحدها 11 في المائة.
وقال ماثيو باريس منسق البرنامج الفرنسي للديون والتنمية الذي يجمع أكثر من عشرين مجموعة مدنية للضغط من أجل إعادة هيكلة الديون على نحو مستدام "يتم تقديم الصين في كثير من الأحيان، لكنها أدركت أهمية توفير جرعة هواء للدول التي تعاني من مشكلات عميقة وهي تشارك الآن في الجهد المبذول، حتى وإن استغرق ذلك بعض الوقت".
ومن المفيد هنا النظر إلى حالة زامبيا. فبعد عامين من المفاوضات الصعبة، توصلت في يونيو 2023 إلى اتفاق قُدم على أنه "تاريخي" لإعادة هيكلة ديونها. لكنه لا يتعلق سوى بـ 6,3 مليار دولار من ديونها الخارجية البالغة 18,6 مليار دولار.
والأسوأ من ذلك أنه لن يدخل حيز التنفيذ إلا إذا وافق المقرضون من القطاع الخاص على شروط مماثلة، في حين رفضت ذلك شركة إدارة الأصول الأميركية بلاك روك، وهي من كبار مالكي الديون الخاصة التي اقترضتها زامبيا.
وقالت الخبيرة الاقتصادية واريس: "لقد عرقلت شركة بلاك روك عملية المفاوضات بكاملها" بالنسبة لزامبيا.
وقال الخبير الاقتصادي الغاني تشارلز أبوغري: إنه مع زيادة أسعار الفائدة التي تثقل المعاناة بسبب الديون المتراكمة، "تشهد الدول الإفريقية تقلبات خطيرة في أسعار العملات فيما يزداد التضخم باستمرار".
وأضاف إن "الأثر اليومي مأساوي بالنسبة للفقراء، فنحن نشهد تضخما في تكاليف النقل والغذاء والسكن، في حين أن الأجور الفعلية راكدة".
ورأى أمين إدريس أدوم، أحد كبار المديرين في وكالة التنمية التابعة للاتحاد الإفريقي: أن "المسألة الحقيقية معرفة كيف يمكن الخروج من تحت وطأة الديون، بل كيف يمكن الاقتراض بذكاء". وفي حين أن إعادة هيكلة الديون مهمة، إلا أنه "لا ينبغي أن يتم ذلك على حساب الاستثمار في البنية التحتية والصحة والطاقة" لدعم تنمية الاقتصادات والمجتمعات.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العدید من فی حین
إقرأ أيضاً:
تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
قالت صحيفة عبرية إنه مع تراجع الصراعات مع حماس وحزب الله تدريجيا، تتجه إسرائيل الآن إلى التعامل مع الهجمات المستمرة من الحوثيين في اليمن.
وذكرت صحيفة "جيرزواليم بوست" في تحليل لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إنه مع تدهور حزب الله بشكل كبير، وإضعاف حماس إلى حد كبير، وقطع رأس سوريا، يتصارع القادة الإسرائيليون الآن مع الحوثيين، الذين يواصلون إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار على إسرائيل.
وأورد التحليل الإسرائيلي عدة مسارات لردع الحوثيين في اليمن.
وقال "قد تكون إحدى الطرق هي تكثيف الهجمات على أصولهم، كما فعلت إسرائيل بالفعل في عدة مناسبات، وقد يكون المسار الآخر هو ضرب إيران، الراعية لهذا الكيان الإرهابي الشيعي المتعصب. والمسار الثالث هو بناء تحالف عالمي - بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - لمواجهتهم، لأن الحوثيين الذين يستهدفون الشحن في البحر الأحمر منذ السابع من أكتوبر لا يشكل تهديدًا لإسرائيل فحسب، بل للعالم أيضًا.
وأضاف "لا توجد رصاصة فضية واحدة يمكنها أن تنهي تهديد الحوثيين، الذين أظهروا قدرة عالية على تحمل الألم وأثبتوا قدرتهم على الصمود منذ ظهورهم على الساحة كلاعب رئيسي في منتصف العقد الماضي ومنذ استيلائهم على جزء كبير من اليمن".
وأكد التحليل أن ردع الحوثيين يتطلب نهجًا متعدد الجوانب.
وأوضح وزير الخارجية جدعون ساعر يوم الثلاثاء أن أحد الجوانب هو جعل المزيد من الدول في العالم تعترف بالحوثيين كمنظمة إرهابية دولية.
دولة، وليس قطاعاً غير حكومي
وحسب التحليل فإن خطوة ساعر مثيرة للاهتمام، بالنظر إلى وجود مدرسة فكرية أخرى فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الحوثيين، وهي مدرسة يدعو إليها رئيس مجلس الأمن القومي السابق جيورا إيلاند: التعامل معهم كدولة، وليس كجهة فاعلة غير حكومية.
وقال إيلاند في مقابلة على كان بيت إن إسرائيل يجب أن تقول إنها في حالة حرب مع دولة اليمن، وليس "مجرد" منظمة إرهابية. ووفقاً لإيلاند، على الرغم من أن الحوثيين لا يسيطرون على كل اليمن، إلا أنهم يسيطرون على جزء كبير منه، بما في ذلك العاصمة صنعاء والميناء الرئيسي للبلاد، لاعتباره دولة اليمن.
"ولكن لماذا تهم الدلالات هنا؟ لأن شن الحرب ضد منظمة إرهابية أو جهات فاعلة غير حكومية يعني أن الدولة محدودة في أهدافها. ولكن شن الحرب ضد دولة من شأنه أن يسمح لإسرائيل باستدعاء قوانين الحرب التقليدية، الأمر الذي قد يضفي الشرعية على الإجراءات العسكرية الأوسع نطاقا مثل الحصار أو الضربات على البنية الأساسية للدولة، بدلا من تدابير مكافحة الإرهاب المحدودة"، وفق التحليل.
وتابع "ومن شأن هذا الإطار أن يؤثر على الاستراتيجية العسكرية للبلاد من خلال التحول من عمليات مكافحة الإرهاب إلى حرب أوسع نطاقا على مستوى الدولة، بما في ذلك مهاجمة سلاسل الإمداد في اليمن".
ويرى التحليل أن هذه الإجراءات تهدف إلى تدهور قدرات اليمن على مستوى الدولة بدلاً من التركيز فقط على قيادة الحوثيين - وهو ما لم تفعله إسرائيل بعد - أو أنظمة الأسلحة الخاصة بها. ومع ذلك، هناك خطر متضمن: تصعيد الصراع وجذب لاعبين آخرين - مثل إيران. وهذا ما يجعل اختيار صياغة القرار مهمًا.
وأشار إلى أن هناك أيضًا آثار إقليمية عميقة. إن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية من شأنه أن يناسب مصالح دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي تنظر إلى الحوثيين باعتبارهم تهديدًا مباشرًا والتي قاتلتهم بنفسها.
إعلان الحرب على اليمن يعقد الأمور
أكد أن إعلان الحرب على اليمن من شأنه أن يعقد الأمور، حيث من المرجح أن تجد الإمارات العربية المتحدة والسعوديون صعوبة أكبر في دعم حرب صريحة ضد دولة عربية مجاورة.
وقال إن الحرب ضد منظمة إرهابية تغذيها أيديولوجية شيعية متطرفة ومدعومة من إيران شيء واحد، ولكن محاربة دولة عربية ذات سيادة سيكون شيئًا مختلفًا تمامًا.
وطبقا للتحليل فإن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية يتماشى مع الرواية الإسرائيلية الأوسع لمكافحة وكلاء إيران، ومن المرجح أن يتردد صداها لدى الجماهير الدولية الأكثر انسجاما مع التهديد العالمي الذي يشكله الإرهاب. ومع ذلك، فإن تصنيفهم كدولة يخاطر بتنفير الحلفاء الذين يترددون في الانجرار إلى حرب مع اليمن.
بالإضافة إلى ذلك حسب التحليل فإن القول بأن هذه حرب ضد منظمة إرهابية من الممكن أن يعزز موقف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في حربها ضد الحوثيين، في حين أن القول بأنها حرب ضد اليمن من الممكن أن يضفي الشرعية عن غير قصد على سيطرة الحوثيين على أجزاء أكبر من اليمن.
وأكد أن ترقية الحوثيين من جماعة إرهابية إلى دولة اليمن من الممكن أن يمنحهم المزيد من السلطة في مفاوضات السلام والمنتديات الدولية. كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع دول أخرى، وتغيير طبيعة التعامل الدولي مع اليمن.
يضيف "قد يؤدي هذا الاعتراف إلى تقويض سلطة الحكومة المعترف بها دوليا في العاصمة المؤقتة عدن ومنح الحوثيين المزيد من النفوذ في مفاوضات السلام لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن بشكل دائم".
ولفت إلى أن هناك إيجابيات وسلبيات في تأطير معركة إسرائيل على أنها ضد الحوثيين على وجه التحديد أو ضد دولة الأمر الواقع في اليمن.
وتشير توجيهات ساعر للدبلوماسيين الإسرائيليين في أوروبا بالضغط على الدول المضيفة لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية إلى أن القدس اتخذت قرارها.
وخلص التحليل إلى القول إن هذا القرار هو أكثر من مجرد مسألة دلالية؛ فهو حساب استراتيجي له آثار عسكرية ودبلوماسية وإقليمية كبيرة.