من المتوقع أن يصل التوتر الطائفي في الهند ذروته هذا الأسبوع، عندما يدشّن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي غدا الاثنين معبدا مكرّسا لِما يسمونه "الإله رام ماندير"، في خطوة يخشى مراقبون من أنها تمثل مسمارا آخر في نعش العلمانية التي طالما كانت أساس النظام السياسي في البلاد.

ويفيد مقال للصحفية الأميركية ياسمين سرحان نشرته مجلة تايم، أن المعبد أقيم في موقع متنازع عليه كان يضم مسجد بابري في مدينة أيوديا شمال الهند، الذي يعود تاريخه إلى القرن الـــ16، وظل قائما لقرون عدة قبل أن يشمله التدمير على أيدي "غوغاء" من القوميين الهندوس المتطرفين في 1992.

وتقول رنا أيوب، وهي واحدة من أشهر الصحفيين في الهند، ومن ألد خصوم حزب بهاراتيا جاناتا، إن مودي اعتمد طوال حياته المهنية على إقامة المعبد في أيوديا "لأنه أدرك في وقت مبكر أن الوسيلة الوحيدة كي يصبح محبوب الجماهير، هي بالتقرب إليهم من خلال معبد رام".

وتضيف أن هذه الخطوة "هي أقصى ما يمكنه القيام به كونه زعيما قوميا هندوسيا، وأفضل الأوقات لجعل الهندي المسلم مواطنا من الدرجة الثانية".

وتضيف رنا "يظل تدمير المسجد البابري جرحا مفتوحا"، وتقول "أن نُذكَّر دائما بالندبة، ثم نُخبَر الآن أن الأمة بأكملها تحتفل بهذا المعبد، الذي يُبنى فوق مسجد؛ فهذا يشبه صب الملح على جرح غائر أصلا".

الهندوس المتطرفون يرون أن بناء معبد راما على أنقاض مسجد بابري انتصار كبير للهندوسية (وكالة الأنباء الأوروبية)

ويمثل الموقع بالنسبة للهندوس مسقط رأس رام ماندير، "أحد أكثر الآلهة قداسة في الهندوسية".

ووفقا للمقال، فإن المراقبين يرون أن احتفال التدشين سيمثل بداية غير رسمية لحملة رئيس الوزراء مودي للفوز بولاية ثالثة على التوالي، في الانتخابات التي ستُجرى في الربيع. ولهذا السبب، آثر قادة حزب المؤتمر المعارض عدم حضور الحفل؛ إذ يرون أنه لا يعدو أن يكون "مشروعا سياسيا جرى تقديم موعده، لتحقيق مكاسب انتخابية".

ورغم أن الحكومة الهندية والعديد من الهندوس، ينظرون إلى تدشين المعبد في 22 يناير/كانون الثاني الحالي على أنه مناسبة احتفالية تكتسي أهمية وطنية ودينية كبيرة؛ فإن المراقبين يخشون –حسب مقال تايم- أن يكون الحدث مسمارا آخر في نعش الروح العلمانية في الهند.

ويقول مايكل كوغلمان، مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون بواشنطن، لمجلة تايم في رسالة بالبريد الإلكتروني إن الأحداث التي رافقت إنشاء معبد رام ماندير "تتمحور حول بعض أكثر القضايا إثارة للفرقة الدينية والمجتمعية في الهند المعاصرة". وأضاف أن تدشين المعبد "يخفي في طياته أشد الأحداث إيلاما وتنازعا في تاريخ الهند".

من أحدث صور المسجد البابري قبل هدمه في 1992-الجزيرة نت (الجزيرة)

ومن المتوقع أن يتوافد عشرات الآلاف من المتدينين الهندوس إلى مدينة أيوديا، التي يطلق عليها الزعماء القوميين الهندوس اسم "الفاتيكان الهندوسي"، تشبيها بمقر الكنيسة الكاثوليكية المسيحية.

ومع أنه من غير المقرر أن يكتمل البناء –الذي بدأ العمل به في 2020- قبل ديسمبر/كانون الأول المقبل، إلا أن الحفل الذي سيقام يوم 22 يناير/كانون الثاني الحالي يعدّ التدشين الرسمي للموقع، حيث ستقام طقوس دينية لأيام عدة احتفالا بهذه المناسبة، التي لن تقتصر على أيوديا وحدها؛ بل ستمتد لتشمل عموم الهند.

وبالنسبة لرئيس الوزراء مودي، فإن بناء معبد رام يعدّ أكثر من مجرد وفاء بوعد قومي هندوسي قبل عقود من الزمن، ومشروعا أساسيا لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، حسب ياسمين في مقالها بالمجلة الأميركية.

وتعتقد الكاتبة أن مودي بهذا التدشين إنما يعزز إرثه السياسي كونه واحدا من أكثر زعماء البلاد أهمية، خاصة أنه يعمل على تحويل الهند من دولة ديمقراطية علمانية، إلى أمة هندوسية صريحة.

وحسب مقال ياسمين، فإن تدشين المعبد يأتي بعد عدد من الإجراءات السياسية الأخرى التي نفذها مودي، في سعيه لتعزيز (أجندة) حكومته القومية الهندوسية؛ مثل: إقرار قانون تعديل المواطنة المثير للجدل لسنة 2019، الذي يمنح الجنسية الهندية للأقليات الدينية من الدول المجاورة ويستثني المسلمين، ويقوّض العلمانية التي يفرضها دستور الهند.

ومن ضمن تلك الأجندة، إلغاء وضع الحكم الذاتي الخاص لكشمير الخاضعة لإدارة الهند، وهي الولاية الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة في البلاد.

وتنقل ياسمين عن مدير معهد جنوب آسيا، مايكل كوغلمان، القول إن تدشين المعبد هو "تعبير قوي عن إستراتيجية حملة مودي الانتخابية"، مشيرا إلى أن مودي ربط إقامة المعبد مع سلسلة من مشروعات البنية التحتية والرعاية الاجتماعية، "وهو بهذا المعنى إنما يجمع بين القومية الهندوسية والرعاية الاجتماعية، وهما محوران مميزان ليس في هذه الانتخابات فقط؛ بل في سياساته الأوسع نطاقا. إنه مزيج من عوامل نجاحه".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی الهند

إقرأ أيضاً:

المليشيات تدشن حملات تجنيد إجبارية للطلاب والكادر التربوي في صنعاء

  

كثفت الجماعة الحوثية الارهابية من استهداف قطاع التعليم الأهلي ومنتسبيه في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس الأهلية على المشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية»؛ بغية تجنيدهم للدفاع عن أجندتها ذات البعد الطائفي.

وبحسب مصادر تربوية يمنية دشنت الجماعة الحوثية خلال الأيام القليلة الماضية حملات تجنيد للطلاب والكادر التربوي من أجل استقطاب مقاتلين جدد إلى صفوفها.


ويفرض الانقلابيون الحوثيون على مديري المدارس الخاصة في صنعاء اختيار 15 طالباً و10 تربويين من كل مدرسة في صنعاء؛ لإلحاقهم بدورات تعبوية وعسكرية. كما تتوعد الجماعة - طبقاً للمصادر - الرافضين لتلك التوجيهات بعقوبات مشددة تصل إلى حد الإغلاق وفرض غرامات مالية تأديبية.

وأثار الاستهداف الحوثي الأخير للمدارس موجة غضب ورفض في أوساط الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، فيما اتهم التربويون الجماعة بالمضي في استغلال مؤسسات التعليم بعد تجريفها للحشد والتجنيد.

واشتكى أولياء الأمور في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» من استهداف أطفالهم بعد أخذهم عنوة من فصول الدراسة دون معرفتهم إلى أماكن مجهولة لتدريبهم على القتال وغسل أدمغتهم بالأفكار المتطرفة، تمهيداً للزج بهم إلى الجبهات.

ونتيجة لذلك الاستهداف، شهد عدد من المدارس الأهلية في صنعاء غياباً ملحوظاً للطلبة والمعلمين الذي رفضوا استمرار الحضور، جراء ما يقوم به الانقلابيون من إجبار على الالتحاق بالدورات القتالية.

وأفادت مصادر تربوية في صنعاء بأن عدداً كبيراً من أولياء الأمور منعوا أبناءهم من الذهاب للمدارس، خصوصاً تلك المستهدفة حالياً من قبل الجماعة، وذلك خوفاً عليهم من الخضوع القسري للتجنيد.

تعبئة مستمرة
أجبر الانقلابيون الحوثيون مديري مدارس «التواصل» و«منارات» و«النهضة» «ورواد»، وهي مدارس أهلية في صنعاء، على إيقاف الدراسة ليوم واحد بحجة عقد اجتماعات معهم. كما ألزمت الجماعة من خلال تلك الاجتماعات المدارس بتوفير ما لا يقل عن 25 طالباً وتربوياً من كل مدرسة للمشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية».

وشهدت إحدى المناطق في ضواحي صنعاء قبل يومين تدريبات عسكرية ختامية لدفعة جديدة تضم أكثر من 250 طالباً ومعلماً، جرى اختيارهم من 25 مدرسة في مديرية الحيمة الداخلية بصنعاء، وإخضاعهم على مدى أسابيع لدورات قتالية ضمن ما تسميه الجماعة «المرحلة الخامسة من دورات (طوفان الأقصى)».


ونقلت وسائل إعلام حوثية عن قيادات في الجماعة تأكيدها أن الدورة ركزت على الجانب التعبوي والقتالي، استجابةً لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي؛ استعداداً لما يسميه «مواجهة الأعداء وتحرير الأقصى».

يتزامن هذا التحرك الانقلابي مع استمرار معاناة عشرات الآلاف من المعلمين والتربويين في كافة المناطق تحت سيطرة الجماعة؛ بسبب انقطاع رواتبهم منذ عدة سنوات، مضافاً إليها ارتكاب الجماعة سلسلة لا حصر لها من الانتهاكات التي أدت إلى تعطيل العملية التعليمة بعموم مناطق سيطرتها.

وكانت الجماعة الحوثية أخضعت في أواخر أغسطس (آب) الماضي، أكثر من 80 معلماً وتربوياً في مديرية الصافية في صنعاء لدورات تعبوية وقتالية، كما أرغمت المدارس الأهلية في صنعاء، في حينها، على إحياء مناسبات ذات منحى طائفي، تُضاف إلى أنشطة تعبوية سابقة تستهدف أدمغة وعقول الطلبة بهدف تحشيدهم إلى الجبهات.

وتتهم عدة تقارير محلية وأخرى دولية جماعة الحوثي بأنها لم تكتفِ بتدمير قطاع التعليم في مناطق سيطرتها، من خلال نهب مرتبات المعلمين واستهداف وتفجير المدارس وإغلاق بعضها وتحويل أخرى لثكنات عسكرية، بل سعت بكل طاقتها لإحلال تعليم طائفي بديل يحرض على العنف والقتل والكراهية.

مقالات مشابهة

  • واقعة غريبة وسبب مثير.. سائح يدخل بجثة والدته إلى معبد أبو سمبل
  • ينفذ وصيتها.. إحباط محاولة سائح أجنبي دفن رفات والدته في معبد أبو سمبل
  • المليشيات تدشن حملات تجنيد إجبارية للطلاب والكادر التربوي في صنعاء
  • اجتماع فصائل المقاومة في غزة.. صفعة جديدة للاحتلال الإسرائيلي على أنقاض العدوان
  • الدفاع المدني الفلسطيني: إنقاذ 5 مصابين من تحت أنقاض منزل في غزة
  • معبد أتريبس بسوهاج.. يجسد روعة الحضارة المصرية القديمة
  • «تايم لاين».. حزب الله يشن 23 هجوما على قوات الاحتلال الإسرائيلي في 24 ساعة
  • الشارقة الخيرية تدشن مشاريع بنية تحتية في قرغيزستان
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة