تايم: على أنقاض مسجد بابري الهند تدشن فاتيكان الهندوس
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
من المتوقع أن يصل التوتر الطائفي في الهند ذروته هذا الأسبوع، عندما يدشّن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي غدا الاثنين معبدا مكرّسا لِما يسمونه "الإله رام ماندير"، في خطوة يخشى مراقبون من أنها تمثل مسمارا آخر في نعش العلمانية التي طالما كانت أساس النظام السياسي في البلاد.
ويفيد مقال للصحفية الأميركية ياسمين سرحان نشرته مجلة تايم، أن المعبد أقيم في موقع متنازع عليه كان يضم مسجد بابري في مدينة أيوديا شمال الهند، الذي يعود تاريخه إلى القرن الـــ16، وظل قائما لقرون عدة قبل أن يشمله التدمير على أيدي "غوغاء" من القوميين الهندوس المتطرفين في 1992.
وتقول رنا أيوب، وهي واحدة من أشهر الصحفيين في الهند، ومن ألد خصوم حزب بهاراتيا جاناتا، إن مودي اعتمد طوال حياته المهنية على إقامة المعبد في أيوديا "لأنه أدرك في وقت مبكر أن الوسيلة الوحيدة كي يصبح محبوب الجماهير، هي بالتقرب إليهم من خلال معبد رام".
وتضيف أن هذه الخطوة "هي أقصى ما يمكنه القيام به كونه زعيما قوميا هندوسيا، وأفضل الأوقات لجعل الهندي المسلم مواطنا من الدرجة الثانية".
وتضيف رنا "يظل تدمير المسجد البابري جرحا مفتوحا"، وتقول "أن نُذكَّر دائما بالندبة، ثم نُخبَر الآن أن الأمة بأكملها تحتفل بهذا المعبد، الذي يُبنى فوق مسجد؛ فهذا يشبه صب الملح على جرح غائر أصلا".
الهندوس المتطرفون يرون أن بناء معبد راما على أنقاض مسجد بابري انتصار كبير للهندوسية (وكالة الأنباء الأوروبية)ويمثل الموقع بالنسبة للهندوس مسقط رأس رام ماندير، "أحد أكثر الآلهة قداسة في الهندوسية".
ووفقا للمقال، فإن المراقبين يرون أن احتفال التدشين سيمثل بداية غير رسمية لحملة رئيس الوزراء مودي للفوز بولاية ثالثة على التوالي، في الانتخابات التي ستُجرى في الربيع. ولهذا السبب، آثر قادة حزب المؤتمر المعارض عدم حضور الحفل؛ إذ يرون أنه لا يعدو أن يكون "مشروعا سياسيا جرى تقديم موعده، لتحقيق مكاسب انتخابية".
ورغم أن الحكومة الهندية والعديد من الهندوس، ينظرون إلى تدشين المعبد في 22 يناير/كانون الثاني الحالي على أنه مناسبة احتفالية تكتسي أهمية وطنية ودينية كبيرة؛ فإن المراقبين يخشون –حسب مقال تايم- أن يكون الحدث مسمارا آخر في نعش الروح العلمانية في الهند.
ويقول مايكل كوغلمان، مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون بواشنطن، لمجلة تايم في رسالة بالبريد الإلكتروني إن الأحداث التي رافقت إنشاء معبد رام ماندير "تتمحور حول بعض أكثر القضايا إثارة للفرقة الدينية والمجتمعية في الهند المعاصرة". وأضاف أن تدشين المعبد "يخفي في طياته أشد الأحداث إيلاما وتنازعا في تاريخ الهند".
من أحدث صور المسجد البابري قبل هدمه في 1992-الجزيرة نت (الجزيرة)ومن المتوقع أن يتوافد عشرات الآلاف من المتدينين الهندوس إلى مدينة أيوديا، التي يطلق عليها الزعماء القوميين الهندوس اسم "الفاتيكان الهندوسي"، تشبيها بمقر الكنيسة الكاثوليكية المسيحية.
ومع أنه من غير المقرر أن يكتمل البناء –الذي بدأ العمل به في 2020- قبل ديسمبر/كانون الأول المقبل، إلا أن الحفل الذي سيقام يوم 22 يناير/كانون الثاني الحالي يعدّ التدشين الرسمي للموقع، حيث ستقام طقوس دينية لأيام عدة احتفالا بهذه المناسبة، التي لن تقتصر على أيوديا وحدها؛ بل ستمتد لتشمل عموم الهند.
وبالنسبة لرئيس الوزراء مودي، فإن بناء معبد رام يعدّ أكثر من مجرد وفاء بوعد قومي هندوسي قبل عقود من الزمن، ومشروعا أساسيا لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، حسب ياسمين في مقالها بالمجلة الأميركية.
وتعتقد الكاتبة أن مودي بهذا التدشين إنما يعزز إرثه السياسي كونه واحدا من أكثر زعماء البلاد أهمية، خاصة أنه يعمل على تحويل الهند من دولة ديمقراطية علمانية، إلى أمة هندوسية صريحة.
وحسب مقال ياسمين، فإن تدشين المعبد يأتي بعد عدد من الإجراءات السياسية الأخرى التي نفذها مودي، في سعيه لتعزيز (أجندة) حكومته القومية الهندوسية؛ مثل: إقرار قانون تعديل المواطنة المثير للجدل لسنة 2019، الذي يمنح الجنسية الهندية للأقليات الدينية من الدول المجاورة ويستثني المسلمين، ويقوّض العلمانية التي يفرضها دستور الهند.
ومن ضمن تلك الأجندة، إلغاء وضع الحكم الذاتي الخاص لكشمير الخاضعة لإدارة الهند، وهي الولاية الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة في البلاد.
وتنقل ياسمين عن مدير معهد جنوب آسيا، مايكل كوغلمان، القول إن تدشين المعبد هو "تعبير قوي عن إستراتيجية حملة مودي الانتخابية"، مشيرا إلى أن مودي ربط إقامة المعبد مع سلسلة من مشروعات البنية التحتية والرعاية الاجتماعية، "وهو بهذا المعنى إنما يجمع بين القومية الهندوسية والرعاية الاجتماعية، وهما محوران مميزان ليس في هذه الانتخابات فقط؛ بل في سياساته الأوسع نطاقا. إنه مزيج من عوامل نجاحه".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی الهند
إقرأ أيضاً:
الغزيّون ينصبون خيامهم على أنقاض بيوتهم
الثورة /
لم يمنع حجم الدمار الهائل بمخيم جباليا الفلسطينيين من العودة إلى منازلهم المدمرة والإقامة فوق أنقاضها منذ اليوم الأول لدخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 19 يناير الجاري.
المواطنون عادوا على وجه السرعة ونصبوا خياما في عدد من أحياء المخيم شمال قطاع غزة، وأصروا على قضاء الليلة الأولى بعد وقف إطلاق النار في قلب المخيم.
ووفق ما قاله بعض العائدين ، فإن ذلك «يعكس إصرارا على الحياة، وتمسكا بالمخيم الذي يعتبر رمزا فلسطينيا يشير إلى حق العودة وقضية اللاجئين».
وقد حوّل الجيش الإسرائيلي جميع منازل المخيم إلى أكوام ركام، كما دمر البنية التحتية بالكامل على مدار أكثر من 3 شهور من عمليته العسكرية المكثفة التي بدأها بالشمال في 5 أكتوبر 2024 واستمر فيها حتى دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ .
يقول الفلسطيني أيوب التلي من حي تل الزعتر شمال شرق مخيم جباليا، إن إسرائيل دمرت منزل عائلته المكون من 4 طوابق وحولته إلى ركام.
ويضيف: «صدمة كبيرة شعرت بها عندما شاهدت المنزل وطريقة تدميره، يبدو أن الجيش حرقه قبل نسفه، وذلك يعني أننا لن نتمكن من انتشال أي مقتنيات منه».
ويتابع: «بعد ساعات طلبت من أبنائي البدء بتنظيف الركام حول المنزل وإيجاد مساحة لإقامة خيمة عليها، وبالفعل تم ذلك ونمت ليلة الاثنين فيها برفقة نجلي الأكبر بهاء».
ويلفت التلي إلى أن «أهالي مخيم جباليا يتميزون بقدرتهم على الصمود ومعاندة الجيش الإسرائيلي ورفضهم التهجير والخروج من أراضيهم».
ويتابع: «صحيح أن المصاب كبير والجرح عظيم، لكن نحن لا نستسلم لليأس أبداً ونصر على البقاء والتعمير منذ اليوم الأول».
ويقول: «لست أنا فقط من نصبت خيمة، هناك عشرات من أهالي مخيم جباليا نصبوا خيامهم وسكنوها رغم عدم وجود أي مقومات للحياة في المكان».
انعدام مقومات الحياة
ذات الأمر فعله الفلسطيني تامر حنونة، الذي أقام خيمة فوق ركام منزله المدمر في قلب المخيم، وأحضر زوجته وأبنائه للعيش فيها.
ويقول للأناضول: «نحن خلقنا لنعيش في المخيم، ولا نقبل الحياة بأي مكان آخر غيره مهما كانت المغريات»، إلى أن تتسنى عودتهم إلى ديارهم التي هجروا منها بفلسطين التاريخية عام 1948.
ويشير حنونة إلى أن لديه بديل ليسكن فيه بمدينة غزة، لكنه فضل الخيمة في مخيم جباليا الذي ولد وتربى وتزوج فيه.
ويضيف: «ارتباطنا بالمخيم هو ارتباط عميق وكبير، ولا يمكن أبداً أن نتخلَى عن الحياة فيه إلا لو متنا».
وبخصوص الوضع الإنساني في جباليا، قال حنونة: «لا يوجد أي شي ولا أي مقومات، لكن الفلسطيني عنيد ويصر على الحياة بكل الظروف».
ويزيد: «حجم الدمار في المخيم مهول جداً ولا يمكن لأي بشر تصوره، لا يوجد مبرر لكل هذا الدمار إلا أن الجيش الإسرائيلي تلقى ضربات موجعة فيه من أبنائه المقاومين».
ويتابع حنونة: «ستعود الحياة قريباً إلى مخيم جباليا، وأنا متأكد أن كل أهله سيعودون للعيش فيه حتى ولو بخيام على أنقاض منازلهم المدمرة».
ومع بدء سريان وقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل صباح الأحد، بدأ النازحون الفلسطينيون في مختلف أنحاء القطاع العودة إلى منازلهم، باستثناء العودة من جنوبه إلى شماله حيث من المقرر أن تبدأ هذه الخطوة في سابع أيام الاتفاق.
وسبق للجيش الإسرائيلي القول في بيان: «إذا التزمت حماس بكافة تفاصيل الاتفاق فابتداء من الأسبوع المقبل سيتمكن سكان قطاع غزة من العودة إلى شمال القطاع وسيتم إصدار توجيهات بهذا الشأن».