زعيم الفن العربي عادل إمام يتفرّغ لحياته العائلية
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
أعلن رامي إمام، الابن الأكبر للمثل المصري عادل إمام، مساء أمس السبت 20 يناير/كانون الثاني 2024، أن والده قرر التفرغ لحياته العائلية مع أحفاده.
وجاء التصريح -الذي فُهم على أنه إعلان اعتزال- على هامش مهرجان "جوي أوورد" في السعودية، الذي مُنح عادل إمام خلاله جائزة استثنائية باسم "زعيم الفن العربي"، وتسلمها ابنه الأصغر الممثل محمد إمام.
ولم يقدم "الزعيم" أي عمل فني منذ ما يقارب 4 أعوام، حيث عرض آخر أعماله، وهو مسلسل "فالنتينو" من إخراج ابنه رامي.
محمد عادل إمام تسلم جائزة والده ضمن فعاليات مهرجان "جوي أوورد" (مواقع التواصل)وباعتزال عادل إمام البالغ من العمر 83 عاما، أسدل الستار على مشهد فني عربي بدأ عام 1962 على المسرح الجامعي بمصر، حيث شارك الطالب الجامعي عادل محمد إمام في عروض إلى جوار كبار الفنانين في ذلك الزمان، والذين كان أبرزهم فؤاد المهندس، ثم انتقل إلى السينما، ليشارك بأدوار صغيرة، إلى أن جاءت فرصة الانطلاق في مسرحية "أنا وهو وهي" عام 1964، وفيلم "مراتي مدير عام" عام 1966، ليبلغ عدد أعماله 126 فيلما و11 مسرحية و16 مسلسلا تليفزيونيا، ومسلسل إذاعي واحد، ومن ثم يعتزل.
60 عاماولم يحدث أن تربع على عرش النجومية في مصر والوطن العربي لأكثر من 50 عاما سوى ابن الشاويش محمد إمام، الذي ينحدر من قرية شها، التابعة لمحافظة الدقهلية بمصر، وفي الوقت الذي كانت فيه الأفلام المصرية توزع في الوطن العربي مقابل بضعة آلاف، كان الفيلم الذي يحمل اسم عادل إمام يوزع مقابل مليون دولار.
ومثلما كانت مشاهده ومواقفه الكوميدية تنتشر في ربوع القاهرة، فيمكن ملاحظتها في شوارع الصعيد والرباط ودمشق والرياض عرضا في الحوارات العادية للجمهور، وهو ما ساهم في كتابة فصول قصة نجاح عربي يصعب أن تتكرر.
لذلك، من الصعب تخيل حياة عادل إمام الذي عاش بين الاستوديوهات وخشبة المسرح طوال 60 عاما، فـ"الزعيم" لم يكن مجرد ممثل يؤدي دوره في المسرحية أو الفيلم وينصرف، لكنه كان "دكتاتور العمل" وصاحبه والمسؤول عن كل تفاصيله بدءا من اختيار النص والسيناريست والمخرج والممثلين، وحتى تفاصيل السيناريو في أثناء التصوير، ولم يكن يحق لأي شخص أن يناقشه.
بداياتصادفت البداية الحقيقية لنجومية عادل إمام ظهور النتائج الاقتصادية والاجتماعية لما أطلق عليه -حينها- "الانفتاح الاقتصادي"، حين بدأت مصر تشهد التحول نحو فكرة الربح السريع، وظهر المغامرون، ونالت طبقة الحرفيين والتجار فرصا أكبر، بينما بدأ خريجو الجامعات في التراجع من حيث المكانة الاجتماعية والأوضاع الاقتصادية.
كواليس فيلم "سلام يا صاحبي" مع عادل إمام (يسار) وسعيد صالح (ثاني يسار) وسوسن بدر (مواقع التواصل)قرأ الفنان الشاب المشهد جيدا، وشارك في مجموعة من الأعمال التي أكدت مكانته بوصفه ممثلا متميزا، يشق طريقه نحو النجومية، رغم اختلاف مواصفاته الشكلية عن تلك التي ينبغي أن تكون لدى النجم، لكن اللون الكوميدي شفع له، إذ لم يقدم نفسه للجمهور بوصفه منافسا لأي من نجوم الصف الأول الذين اشتهروا بالأدوار الرومانسية مثل محمود ياسين وحسين فهمي.
كان فيلم "البحث عن فضيحة" بمثابة محاولة -على استحياء- لقراءة الواقع الجديد عام 1973، وبقدر ما أن فيه من محاولة للإضحاك، كانت فيه ملامح تلك الشخصيات التي تتسم بكثير من الإدعاء، وتعيش في كذبة اجتماعية كبرى، تتناقض مع واقعها المختلف تماما.
وفي فيلم "المحفظة معايا" عام 1978، كان عادل إمام قد تمكن من السيطرة على المشهد، وفرضت القيم الجديدة نفسها، فقدم نموذجا للشخص المرشح للنجاح في ظل المنظومة القيمية الجديدة، فبطل الفيلم "عطوة" يفشل في دراسته، فيحترف النشل، ويتقابل مع زميل دراسته شكري، الذي يشغل منصب مدير إحدى الشركات، ويعده بتوفير عمل له، وعندما يماطله يسرق حافظة نقوده، ويجد بها مستندات تدين شكري وشخصيات هامة في عمليات نصب واختلاسات. كان سؤال الفيلم -على بساطته- شديد الصعوبة، إذ يسرق اللص لصا، ليقع المشاهد المسكين بين إجابتين كلتيهما كارثية.
مدرسة المشاغبينلم تمر مسرحية "مدرسة المشاغبين" في تاريخ الفن المصري أو المجتمع مرور الكرام، وإنما تركت آثارها على عدة مستويات، لكن الأهم أن فارسها الأول هو عادل إمام، الذي جعل منها قاعدة انطلاقه كنجم في سماء الفن، بقي محلقا لـ50 عاما.
ولد من خلال المسرحية جيل من النجوم أولهم عادل، وسعيد صالح، ويونس شلبي، وانطلق الثلاثة في مشهد تكرر بعد 35 عاما مع جيل المضحكين الجدد، إذ ولد من خلال فيلم "إسماعيلية رايح جاي" عام 1997 كل من محمد هنيدي وأحمد السقا.
تحولت المسرحية بعد نجاحها الجبار إلى ظاهرة اجتماعية، وانتشرت "إفيهات" الأبطال على ألسنة الجماهير، لكن الأخطر كان انتشارها على ألسنة طلاب المدارس.
تعرض العمل لعديد من الاتهامات في مصر، بالتسبب في إفساد التعليم، والحط من مكانة المعلم والتقليل من احترامه، لكن الأمر لم يكن بهذه البساطة، فقد لمست المسرحية -بما فيها من قيم سلبية- حالة مجتمعية ساعدتها على الانطلاق، وأصبحت بذلك نموذجا لكيفية تأثر الفن بالواقع وتأثر الواقع بالفن.
دراما عادل إمامقبل تولي محمد حسني مبارك رئاسة مصر، عُرض فيلم "المشبوه" من إخراج سمير سيف، الذي خلع عباءة إمام الكوميدية، ليمنحه لونا آخر، وهو الدراما والدموع والحزن، وبعض المعارك، ورغم المغامرة الكبرى، فقد حقق الفيلم المفارقة وصنع من عادل إمام نجما شاملا وممثلا يملك من الطاقات الدرامية، بقدر ما يملك من قدرة على الإضحاك.
ظل نجاح فيلم "المشبوه" بمثابة ولادة جديدة، لا تشبه إلا تلك التي حدثت حين تعاون مع كل من السيناريست وحيد حامد والمخرج شريف عرفة في الخماسية الشهيرة "اللعب مع الكبار"، و"الإرهاب والكباب"، و"المنسي"، و"طيور الظلام"، و"النوم فى العسل"، والتي منحت مشواره الفني لونا مختلفا، خاصة بعد أعماله الخفيفة السنوات الأولى، وسلسلة "المتسول" و"الهلفوت" و"بخيت وعديلة"، وجميعها حققت أرباحا بمعيار زمانها، لكن قيمتها الفنية أو الاجتماعية قد تكون محل نقاش.
لقطة من مسرحية "مدرسة المشاغبين" (مواقع التواصل) رئيس جمهورية الفنإذا كانت النجومية الحقيقية لعادل إمام قد ولدت في توقيت تولي مبارك السلطة في مصر، فإن كلا منهما كان زعيما لمساحة خاصة في المجال العام بمصر، وبينما كان مبارك رئيسا سياسيا، قبلت السلطة أن يكون إمام معادلا فنيا لرئيس الجمهورية، ولعل اكتساب هذه الزعامة الفنية لم تكن فقط بسبب مسرحيته "الزعيم"، بل عبر التفاف الجمهور حول أفلامه.
أطلق الممثل الكبير تصريحات سياسية لم تتواءم مع توجهات الشريحة الفاعلة والنشطة من جمهور الشباب، وتراوحت علاقته مع جمهوره في السنوات الأخيرة بين إقبال على أعماله، خاصة القديم منها، ونفور من التصريحات التي لا يحبها.
واندفع سيل الشائعات حول "الزعيم" إلى قمته، حين سرت شائعة ساذجة مفادها أن الممثل الذي قدرت ثروته في تقارير إعلامية بما لا يزيد على 100 مليون دولار، أبدى استعداده لسداد ديون مصر شريطة أن تتم طباعة صورته على العملة المصرية.
وهي شائعة تشير -على سذاجتها- إلى تحول عادل إمام في الخيال الشعبي إلى رجل يمتلك قدرات تفوق قدرة دولة عدد سكانها في ذلك الحين يتجاوز 60 مليونا، وتربو ديونها على 30 مليار دولار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: عادل إمام
إقرأ أيضاً:
الزناتي: جمال سليمان علامة مضيئة في الفن العربي ونموذجاً مشرفاً للفنان المثقف الواعي
أعرب حسين الزناتى وكيل نقابة الصحفيين رئيس لجنة الشئون العربية والخارجية بالنقابة عن تقديره الشديد للتاريخ الفنى للفنان جمال سليمان، والذى يعد نموذجاً مشرفاً للفنان العربى المثقف الواعى الذى لايعمل إلا فى إطار رسالة تمنح المتلقى نموذجاً إيجابياً عن دور الفن والفنان المحترف القادر على أداء الأدوار مهما تنوعت بأداء عال، ومقدرة مميزة .
وأشار الزناتى فى بداية اللقاء الذى أعدته لجنة الشئون العربية للفنان جمال سليمان ، اليوم السبت بنقابة الصحفيين فى حوار مفتوح معه إلى أن هذه التجربة الحيايتة لسليمان، جعلته يمتلك أدوات الكثير من الشخصيات الحية، الموجود على الأرض ، التى عاش بينها، فلم تكن حياته مرفهة، بل عايش أبناء الشعب من الطبقة المتوسطة، والأقل حيث ولد في حي باب سريجة بالعاصمة دمشق لعائلة مكونة من تسعة أشقاء، وعمل في طفولته بأكثر من مهنة من بينها الحدادة والنجارة والديكور والطباعة وهو في سن صغير بناءاً على طلب والده، اعتقاداً منه بأن العمل سيجعله رجلاً، وفي سن الرابعة عشرة اتجهت ميوله نحو المسرح ومارس العمل فيه كممثل هاوٍ، ثم انتسب إلى نقابة الفنانيين السوريين عام 1981.
وأكد الزناتى أن هذه التجربة أثرت فى شخصية وحياة جمال سليمان فيما بعد ليكون أكثر اقتراباً من الجمهور، منذ أن بدأ مشواره عام 1974 واشترك مع فرقة من الممثلين الهواة التى تدعى (فرقة شباب القنيطرة) وعمل بها وشارك في مهرجان مسرح الهواة المسرحية ثلاث دورات في مهرجان مسرح الهواة الذي كانت تقيمه وزارة الثقافة السورية في السبعينات، ودخل المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق وتخرج من المعهد وفى عام 1985 بدأ أولى تجاربه على خشبة المسرح في مسرحية (عزيزى مارات المسكين)
وبسبب تفوقه الدراسي أرسل في منحة دراسية إلى بريطانيا لمتابعة دراسة هناك نال على الماجستير في الدراسات المسرحية قسم الإخراج المسرحي من جامعة ليدز عام 1988، ثم عاد للعمل كأستاذ لمادة التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية وكممثل محترف في السينما والتلفزيون ولعب الشخصية الرئيسية في عدد كبير من الأعمال التلفزيونية، التي شكل بعض منها علامات فارقة في رحلة الدراما السورية، غير أفلامه السينمائية، حتى بعد قدومه إلى مصر التى مثلت محطة جديدة مهمة فى تاريخه التمثيلى تألق فيها بشكل غير عادى.
وكانت له أنشطته الانسانية التى جعلته سفيراً لصندوق الأمم المتحدة للسكان، وبعدها كانت له آراءه السياسية، التى دفع ثمنها لكنه بقى مصراً عليها ، إيماناً بفكرته واعتقاده.