موسى الفرعي يكتب: مجمع عمان الثقافي مشروع عملاق لائق بعمان
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
أثير – موسى الفرعي
بحمدِ اللهِ وتوفيقهِ؛ تفضّل حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- فشمل برعايته السّامية الكريمة صباح اليوم الاحتفال بوضع حجر الأساس لمشروع مجمع عُمان الثقافي، ومبنى هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بموقع المشروع في مرتفعات المطار بمحافظة مسقط.
هكذا جاء نص خبر وضع حجر الأساس لمشروع مجمع عمان الثقافي الذي يعد الأول من نوعه في الشرق الأوسط، إيمانا من جلالته بأهمية الثقافة بصفتها مكونا رئيسا للمجتمع وعاملا أساسيا وحيويا لبنائه وحيويته، والاشتغال على هكذا صرح ثقافي يتجاوز تعريفاته المعجمية بكثير لتكون هوية مكتملة الوجود للمجتمع العماني غير قابلة للذوبان الكلي مع الآخر إلا أنها تتفاعل معه لأنها لا تقف على حياد إزاء بناء الحضارة الإنسانية، وهذا هو شأن عمان منذ أن كانت.
وها هو مجمع عمان الثقافي يجيء ليكون مساحة حيوية مخصصة لجمع وحفظ وعرض الفنون والثقافة الحية والتاريخية والمعاصرة في عُمان، والملاحظ من مرافق وأقسام مجمع عمان الثقافي هو التنوع الهادف إلى النهوض بالعمل الثقافي بشمولية المفهوم، إضافة إلى تعزيز الأنشطة والفعاليات والبرامج الثقافية، وجمع المفردات الثقافية العُمانية، وإبراز الإرث الثقافي في الذاكرة العُمانية، وتوفير خدمات البحث العلمي والفكري للدارسين والباحثين، ذلك كله مؤهل للنجاح وركيزة أساسية له، والرابح هو العلم والثقافة في آخر الأمر، إنه عمل عملاق يليق بهذا الوطن الكبير تحت ظل قيادة استثنائية لمولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -أبقاه الله-، الثابت على المبدأ والماسك بقوة الأمين على القيم السمحاء والمفاهيم الكبيرة ويسعى بخطواته المباركة إلى توطيدها في نفوس أبنائه، لا سيما في ظل التحديات التي تواجه المجتمعات في عالم يشهد تدفقا معلوماتيا وتداخلا في السلوك والقيم والمعتقدات، وما ذلك سوى عتبة في السلم الصاعد إلى المكانة اللائقة بعمان كما وعد في خطابه السامي الأول، فلا يمكن أن يتحقق تقدم المجتمع ونجاحه دون الانتصار لأداته ومقياسه الأمثل وهي الثقافة.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: مجمع عمان الثقافی
إقرأ أيضاً:
حسين خوجلي يكتب: معزوفة درويش كئيب على أطلال الجزيرة
من مرويات الصحابة التي تدعو للتأمل والتدبر والاعتبار حكاية وقوف سيدنا علي بن ابي طالب كرم الله وجهه (أبو تراب) على تراب المقابر وحياها قائلا:
السلام عليكم يا أهل المقابر أما أموالكم فقد قسمت، وأما بيوتكم فقد سكنت، وأما أزواجكم فقد تزوجن غيركم هذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم ؟
ثم سكت قليلاً وقال:
أما والله لو شاء الله لهم أن يتكلموا لقالوا:
إن خير الزّاد التقوى.
لقد ذكرتني هذه الحكاية الموحية حالنا في الجزيرة المنكوبة الجريحة المستباحة شمالا وجنوبا شرقا وغربا حواضرا وقرى. وفي ظني أن حال القرى المنهوبة المهجرة المغتصبة تماثل حال المقابر إن لم تكن المقابر أشد سلامة منها وطمأنينة.
فلعمري لو مر ود تكتوك هذا العصر بمخيمات النازحين واللاجئين من هذه القرى التي كانت حتى بالأمس تضج بالحياة والأمل والإشراق، وقد أمسى ساكنوها الآن في عراء الله يتامى وأرامل، وفي أطراف المدن حفاة وعراة وحزانى يتكففون الزاد والأمن والخيمة والأسبرين لمداواة جراح الجسد وجراح الروح.
ولكأني بصوت الرجل يرتفع عالياً حتى يتردد صداه في الأعالي والبطاح: (يا أهل الجزيرة إن الأموال قد نُهبت وإن الأعراض قد أُهينت وإن العزة والشرف القديم قد مرغ بالتراب)
وإن بقي في الرسالة بقية فهي للجيش وللشعب وللمقاومة وللمستنفرين والفدائيين، ختام ما قاله الشيخ فرح:
يا هؤلاء “ابحثوا عن مهمة أخرى” غير استعادة مدن وقرى الجزيرة، فماذا يفعل الناس ببقايا الأشياء وأطلال المساكن؟ ابحثوا عن مهمة أخرى فإن دخول القرى والمدن بعد أن أخليت تماماً من كل شيٍ حتى مواقد الطعام وسرائر الأطفال وباقي الدين والعجين، هي ضرب من العبث واللامعقول.
“ابحثوا عن مهمة أخرى” لن يصفق الشعب لانتصارات وهمية في أمكنةٍ خلاء، وقرى مهجورة، وملايين من الحيارى فقدوا كل شئ، نعم كل شئ حتى بقية الدموع في قاع الأعين، وبقية النشيج في قاع الصدور.
نعم “ابحثوا عن مهمة أخرى” فإن الشئ الوحيد الذي بقي هو ذاك (الهوى) المهشم على قارعة الطريق، والهواء الآسن والمعفر برائحة الجثث والإثم وقهقهات القتلة واللصوص.
كل شئٍ هناك ساكن، صامت إلا نحيب العاصفة الممزوج بأسى الأطلال ونزيف الغناء القديم.
كل شئٍ مضى نازحاً إلا زامر الحي الدرويش فقد ظل وحيداً يردد معزوفته في أسىً بصوته الذبيح ونفسه المتلاشية:
يا فؤادي رحم الله الهوى
كان صرحاً من خيال فهوى
اسقني واشرب على (أطلاله)
واروِ عني طالما (الدمع روى)
كيف ذاك الحب أمسى خبراً
وحديثاً من أحاديث الجوى
وبساطا من ندامى حلم
هم تواروا أبداً وهو انطوى
حسين خوجلي
إنضم لقناة النيلين على واتساب