سودانايل:
2024-09-19@22:37:18 GMT

الطريق الثالث فكرة حل أم هروب

تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT

أن أبتكار أطروحات و تصورات بهدف إيجاد حل للحرب الدائرة في السودان و الأزمة المستعصية، هي مهمة لا تعتمد على الهتاف، أو الإكتفاء برفع الشعارات من قبل القوى السياسية، لآن الشعار نفسه بات أداة تسكين، أو محاولة لتغبيش الوعي، يؤكد حالة العجز التي تعيشها أغلبية النخب السياسية التي ظهرت على المسرح السياسي بعد سقوط النظام السابق.

أن المفكر وحده هو الذي يستطيع أن ينتج تصورات جديدة بهدف تفكيك الأزمة و معرفة أسبابها، و العوامل ألتي تؤدي إلي استمراريتها. خاصة أن التغييرأت التي تحدث في المجتمعات تعتمد على دور النخب التي تشتغل بالفكر. فالسياسي المفكر هو الذي يستطيع أن يحدث أختراقا في جدار الأزمة، لأنه يبتعد عن المؤثرات التي لا ينتجها العقل بحثا عن الحل. أن طول حكم الإنقاذ الذي أحدث شروخات في الأحزاب، قد ساعد على صعود قيادات تنفيذية كانت مهامها السياسية محدودة داخل تنظيماتها، هؤلاء قدراتهم لا تساعدهم على التعاطي مع التحديات المعقدة، لذلك أكتفوا بمواجهتها بشعارات ترددها العامة، و تمنعهم من الإحراج في التعامل معها بجدية، هؤلاء كانوا المانعين لظهور العناصر ذات القدرات الذهنية و القادرين على ابتكار الأفكار من التعامل مع الأزمة بدلا عنهم.
في أربعة مقالات كنت قد تحدثت عن أزمة "حزب الأمة القومي" و هي لا تنفصل عن أزمة بقية الأحزاب التقليدية الأخرى " الاتحادي – الشيوعي – البعث – الإسلاميين" أن عجز القيادات التي تتحكم في هذه الأحزاب، كان عليها أن تبدأ بمعالجة أزمتها الداخلية و تحدث تغييرات جوهرية في مسار الأحزاب، من ناحية تجديد القيادات، و إدخال عناصر جديدة للقيادات لكي تضخ أفكارا جديدة. تحدث تغييرا في الخطاب السياسي لكي يتلاءم مع شعار " عملية التحول الديمقراطي" و توسيع دائرة المشاركة في مؤسسات الحزب، و مشاركة في صنع القرار. أن تفتح حوارات داخل المؤسسات لكي ترسيخ الممارسة الديمقراطية. هذه التحولات و الفاعلية الداخلية للأحزاب، كان يمكن أن تدفع الأحزاب أن تكون معامل لإنتاج الثقافة الديمقراطية. و تسهم في حل أزمة الأحزاب السياسية، و بالضرورة تشكل أرضية صلبة في الحوار لحل أزمة البلاد. و لكن إذا تجاهلت القيادات الحزبية عملية إصلاح مؤسساتها الحزبية، سيظل التعطيل للعقل قائما و دون تجديد في الأفكار وسوف تتعمق الأزمة أكثر و تستمر الحرب طويلا.
نقلت " الحاكم نيوز" ما سمته " منشور مثير لرباح الصادق المهدي" قالت فيه ( للذين يحلمون بديمقراطية على يدي الدعم السريع، أو أنه يمكن الصمت على تجاوزاته مرحليا و من ثم زحزحته بعد الصعود على كتفيه، عليكم أن تراجعوا أنفسكم و كما قال السيد المسيح: كا ما ارتفع بالسيف فبالسيف ينزل) و تضيف قائلة ( على هذا الشعب النبيل أن يحفر طريقا ثالثا فلا المرفعين و لا السعلاة سيعبدان طريقنا للأمام، علينا فقط التفكير في كيفية وقف حربهما اللعينة و لأجل ذلك علينا مخاطبتهما معا بالمصلحة الوطنية، و الضغط الشعبي الدبلوماسي ، بدون عمل تحالفات مع هذا أو ذاك) أن الأستاذة رباح الصادق لم تقدم أي تفاصيل عن "الطريق الثالث" بل جعلت المهمة يقوم بها الشعب، مع تأكيدها أن هذا الطريق الثالث لا الجيش يستطيع حفره و لا الميليشيا. أن فكرة "الطريق الثالث" تحتاج لعصف ذهني أن يبدأ بنقد الطريقين السابقين، و معرفة الأسباب التي أدت لفشلهما، و بالنقد يتم تفكيك البنية الفكرية و الثقافية للمشروعين، و أيضا نقد الأدوات التي كانت مشاركة في الفشل، و هل لا تصلح أن تشارك مرة أخرى بذات مناهجها القديمة.
أن فكرة التفكير "خارج الصندوق" تحتاج لشغل عقلي، لأنها تحتاج لابتكار انماط جديدة في التفكير المغاير للسابق، و تحتاج أيضا لسعة الصدر، و تحتاج لتصحيح العديد من الشعارات التي تتسبب في تعميق الإزمة، و التي ترفع دون دراسة و تمد في عمر الأزمة. و يجب تجاوز العديد من العقبات التي صنعتها النخبة السياسية لكي تداري بها ضعف مقدراتها الفكرية و السياسية. أن الطريق الثالث مطلوب لأنه يعتبر مغاير لطريق التفكير السابق الذي عمق الأزمة و تسبب في الحرب. لكن في ظل جمود العقل السياسي لا يفهم بأنه طريق للتفكير الجديد، بل هي مؤامرة جديدة من مؤامرات النظام السابق، باعتبار أن النخب السياسية عندها كوابح جاهزة، عندما لا تسعفها مقدراتها في المجادلة الفكرية مع الرؤى الجديدة، تذهب مباشرة إلي الفزاعات و التشكيك رغم شعارات الديمقراطية التي ترفعها. هذه أصبحت إشكالية ليست قاصرة على النخب السياسية أيضا وسط المثقفين.. أن توقف أي تصور جديد قبل أن يجد بيئة طيبة للحوار فيه.
كما قال الدكتور عبد الرحمن الغالي في اللقاء الذي أجراه معه "راديو دبنقا" بعد أن اندلعت الحرب، لابد من تفكير جديدة لحل الأزمة، و لابد من حوار مفتوح مع كل القوى السياسية دون استثناء حول مستقبل السودان. و فكرة الغالي تحتاج لقيادات تتحلل من أثواب التعصب. و أذكر هنا حديثا لسكرتير الحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد جاء في مقابلة أجرتها معه جريدة الرأي العام يوم 12\10\ 2002/ قال ( لا ديمقراطية مستدامة مع مظالم اجتماعية و قومية مستدامة، و لا ديمقراطية مستدامة مع جماعات التطرف و الإرهاب سواء من منطلقات دينية أو علمانية أو يسارية) أن نقد يرفض التطرف بجميع تمظهراته الفكرية، و التطرف في فرض الرؤية على الأخرين، هي نتاج لقصور في النظر و عدم ثقة القيادة في قدراتها في إدارة الأزمة. و نقد ليس سياسيا بل كان واحدا من فكري اليسار القادرين للتعامل مع التحديات المعقدة من خلال إجتراح الفكر.
أن فكرة الطريق الثالث كحل للأزمة: يجب أن لا تكون حالة هروب من مواجهة الصراعات الداخلية للأحزاب، أنما يجب أن تكون إحدى أجندة الحوار السياسي و الجدل حول وضع تصورات جديدة للحل.. خاصة أن عجز النخب السياسية يجعلها تتهرب من المصارحة و المواجهة، لأنها لم تتعود على ممارسة النقد، حيثت بنت ثقافتها السياسية على منهج التبرير، أي الهروب من الأعتراف بمسؤولية الإخفاق. كما أن الأحزاب التقليدية خاصة " الأمة القومي – الاتحادي الأصل – الشيوعي – البعث الأصل" قد وصلت للقيادة قيادات متواضعة القدرات مقارنة بالقيادات السابقة، هذا التواضع يجعلها غير قادرة أن تبتكر أدوات جديدة في الممارسة السياسية، و أيضا تجدها عاجزة في إنتاج الأفكار التي تساعدها على الحل. نشكر الأستاذة رباح على الفكرة.. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: النخب السیاسیة الطریق الثالث

إقرأ أيضاً:

صحيفة: أجهزة البيجر التي طالتها التفجيرات هي من شحنة جديدة تلقاها حزب الله

رام الله - دنيا الوطن
كشفت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية عن تفاصيل جديدة بشأن أجهزة الاستدعاء "البيجر"، التي يحملها المئات من عناصر (حزب الله) وانفجرت بشكل غير متوقع، اليوم الثلاثاء، وأسفرت عن استشهاد تسعة أشخاص وإصابة نحو ثلاثة آلاف، في حدث غير مسبوق وقع في جميع أنحاء لبنان.
ونقلت الصحيفة عن أشخاص مطلعين على الأمر أن أجهزة الاستدعاء المتضررة كانت من شحنة جديدة تلقاها الحزب في الأيام الأخيرة، كما نقلت عن شركة (لوبك إنترناشيونال الأمنية) أن سبب انفجار أجهزة الاتصال هو على الأرجح برمجيات خبيثة.

وقال مسؤول في (حزب الله) إن مئات المقاتلين لديهم مثل هذه الأجهزة، وتكهن بأن برامج ضارة ربما تسببت في تسخين الأجهزة وانفجارها. وقال المسؤول إن بعض الناس شعروا بأن هذه الأجهزة تسخن ولذلك تخلصوا منها قبل أن تنفجر.

وأضاف في تصريحات صحفية، أنه لم يتسنَّ على الفور تحديد سبب التفجيرات التي انتشرت في أنحاء لبنان في عدة مناطق يوجد فيها حزب الله بكثافة. ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور.

وقال وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض إنه يحتاج إلى مزيد من الوقت لتحديد العدد الإجمالي للضحايا، لكنه قدر أن عدد حالات دخول غرف الطوارئ في مستشفيات جنوب لبنان، وهو معقل لحزب الله، مرتفع للغاية.

ويأتي الحادث وسط تصاعد التوتر على طول الحدود اللبنانية مع إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • هاني بن بريك يهاجم قوات الساحل الغربي و ”النخب الشمالية” ويطالبهم بإعلان الانفصال: ما يحدث مؤلم للغاية!
  • حرب الكلمات تنتهي بحضن الصلح.. كيف أوقف المحافظ لملس الأزمة التي هددت الموسم الكروي في عدن؟
  • ‎جورجينا تزور مدينتها وتحقق أحلام طفولتها التي لم تتمكن من تحقيقها
  • أعراض السرطان التي قد تظهر أثناء الليل: ما تحتاج لمعرفته
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • نائب سابق:الكتل السياسية تتحمل مسؤولية القوانين التي صدرت في زمن المندلاوي
  • إسرائيل فخخت 5 آلاف جهاز اتصال.. تفاصيل جديدة تُكشف عن الخرق غير المسبوق الذي استهدف حزب الله
  • السودان يحترق والقوى الأجنبية تستفيد.. ما المكاسب التي تجنيها الإمارات من الأزمة؟
  • صحيفة: أجهزة البيجر التي طالتها التفجيرات هي من شحنة جديدة تلقاها حزب الله
  • الحراك الثقافي في الخليج وغزة: الخَلْجَنة جدار عازل ومراوحة مذهبية (1-2)