الغرفة السوداء.. رواية تلقي الضوء على الفظائع التي تحدث في سوريا
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
حاولت المراسلة غوينايل لينوار الغوص داخل رأس قيصر سوريا، ذاك المصور العسكري السوري الذي خاطر بكل شيء ليُظهر للعالم صور الجثث التي عُذّب أصحابها في سجون نظام دمشق، لتكتب في سرد متماسك ومؤثر حوارا داخليا مفعما بروائح الموت ويضج بالصمت والشجاعة والجبن.
بهذه المقدمة يفتتح موقع "أوريان 21" -تقريرا لنينا شاتيل- تقرأ فيه رواية "الغرفة السوداء" للصحفية غوينايل لينوار التي تتحدث فيها بأسلوب شفاف وحيوي عن روتين حياة ذلك الأب المصور في مشرحة المستشفى العسكري بدمشق، ببلوزته ومكتبه البعيد عن زملائه ورؤسائه، والكعك الذي تضعه زوجته في حقيبته، وهو لا يطرح الأسئلة "لن يكون ذلك حكيما".
تحذر لينوار منذ البداية من أن هذا الكتاب عبارة عن رواية، شخصيتها الرئيسية حقيقية، فهذا المصور موجود ويعيش مختبئا في مكان ما بأوروبا، واسمه الرمزي "قيصر" والفظائع الموصوفة في الرواية مثبتة والحقائق موثقة، و"لكن صوته هو صوتي، إنه صوت رجل يتسلل الشك إليه".
هذا الصباح كانت 4 جثث صغيرة تنتظر في الأدراج ثم أصبحت 6 ثم 12 ثم 15، وسرعان ما لم تعد هناك مساحة في الأدراج، وسرعان ما تراكمت الجثث المعذبة على بلاط الممرات وفي شاحنات صدئة متوقفة أمام الباب، وفي الليالي تبدأ الكوابيس ووعي المصور يستيقظ، وسرعان ما يتبدد الشك أيضا.
وتتراكم الأدلة على بطاقة الذاكرة الخاصة بالمصور، سوف يخاطر بكل شيء لتهريبها قبل أن يغادر البلاد رغم خطر أن يجد نفسه على الجانب الآخر من العدسة، جثة معذبة تثير الرعب والدهشة في لحظة من الخوف والإعجاب.
مركز لجميع القصص
غوينايل لينوار لا تعرف عن قيصر سوى ما يعرفه الجميع، وهو كونه مصور الطب الشرعي العسكري الهارب، لكنها عندما اكتشفت قصته عام 2014 أدركت أنها تريد أن تكتب عما شعرت به وكأنه أمر كبير، كيف تمكن من البقاء لمدة عامين؟ كيف فعل؟ كيف كنت سأفعل؟ هذا التساؤل بضمير المتكلم يأخذ الكاتبة نحو الخيال، نحو إجابة حميمة تعرف الصحفية أنها لن تكون متاحة في القصة الصحفية.
يهدف هذا الكتاب إلى أن يكون بمثابة تكريم لقوة وشجاعة جميع المعارضين الشبيهين بقيصر، ولأولئك الذين أصبحت الثورة بالنسبة لديهم قناعة هادئة فأداروا ظهورهم لنظام يفرض الخوف والصمت "يجب على الأموات أن يتكلموا لأننا نحن الأحياء لا نستطيع أن نتكلم، لقد خاطوا شفاهنا ومزقوا ألسنتنا منذ عقود، لقد بدؤوا بإسكات آبائنا، أسكتنا آباؤنا ونحن نسكت أطفالنا".
لينوار: على الأموات أن يتكلموا لأننا نحن الأحياء لا نستطيع أن نتكلم، لقد خاطوا شفاهنا ومزقوا ألسنتنا منذ عقود، لقد بدؤوا بإسكات آبائنا، أسكتنا آباؤنا ونحن نسكت أطفالنا
وبالإضافة إلى كونها عملا مؤثرا ووثيقة أساسية لمن لا يعرف قصة قيصر فإن هذه الرواية -حسب تقرير الموقع- دعوة نابضة بالحياة إلى العصيان، تسمح لك بتخيل ما يعنيه العيش في ظل نظام شمولي واستكشاف مجموعة من المشاعر، من لطف العلاقة الحميمة إلى القلق الدائم في العمل والشوارع والمقاهي.
الحاجة الملحة للكتابة والقراءةلكتابة هذه الرواية والانغماس في الحياة اليومية لمصور في مراسم الجنازة بمستشفى عسكري استدعت غوينايل لينوار قراءاتها وأفلامها وتجاربها الشخصية، مستشهدة بـ"القوقعة" لمصطفى خليفة وبجميع اللقاءات التي ميزت مسيرتها كصحفية في الشرق الأوسط، بميشيل كيلو وسهى بشارة وآخرين من الناجين من سجني تدمر وصيدنايا.
شاتيل: حان الوقت لقراءة هذه الأعمال التي تحاول إخراج هذه الثورة من طي النسيان، وإخراج قيصر والآخرين من الهاوية، حيث تتراكم الآمال في القبر المشترك لإنسانيتنا
وتعد رواية غوينايل لينوار "الغرفة المظلمة" فرصة للعودة إلى الأعمال الخيالية أو الواقعية المستوحاة من واقع لا يوصف، وهي مثل الكثير من الأعمال ولدت من الرغبة الملحة في القول والكتابة.
وقد حان الوقت -كما ترى نينا شاتيل- لقراءة هذه الأعمال التي تحاول إخراج هذه الثورة من طي النسيان، وإخراج قيصر والآخرين من الهاوية، حيث تتراكم الآمال في القبر المشترك لإنسانيتنا، إذ تعتبر "الغرفة المظلمة" من حيث لا يشير اسمها بصيصا إضافيا من الضوء في هذا المشهد الطبيعي.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
المصور الحائز على جوائز ميسان هاريمان يشارك تجربته في أجيال 2024
الدوحة-ريم الحامدية
قال المصور الفوتوغرافي الشهير والمخرج السينمائي المرشح لجائزة الأوسكار ميسان هاريمان أنّه شعر بالتأثر الكبير عندما تمت دعوته لحضور مهرجان أجيالالسينمائي 2024 من قبل الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام فاطمة حسن الرميحي.
وقال هاريمان خلال لقاء صحفي عقد على هامش فعاليات أجيال 2024: "لم أسمع قط عن افتتاح مهرجان سينمائي كبير بفيلم عن السودان، حيث يشهد العالم أكبر خسارة في الأرواح. وبالنسبة لي كان افتتاح المهرجان بفيلم "سودان يا غالي" بمثابة لحظة ثورية للغاية."
لقد تأثر هاريمان ببرنامج "من النقطة صفر" في المهرجان، الذييعرض 22 فيلمًا قصيرًا من إنتاج مخرجين من غزة، وذلك على خلفية الحرب التي اندلعت على فلسطين منذ عام 2023.
"لدي العديد من الزملاء في غزة، بعضهم لم يعد موجوداً، ومشاهدة الواقع حول ما يجري حقيقة على الأرض وبشكل فوري أمر مهم للغاية".
ولفت هاريمان، سفير منظمة "أنقذوا الأطفال" (Save the Children)أنّ الأفلام في أجيال تعكس واقع الأطفال الفلسطينيين، مضيفاً أن روح الحدث تتقاطع مع التزاماته الخاصة من توثيق أزمة الجوع في شمال أفريقيا إلى أزمة المهاجرين في صقلية.
وفي حديثه عن المنظمة التي أسّسها "الذي نراه" (What We Seee)، أشار هاريمان أنّها تطورت لتصبح ظاهرة "الويب 3"، وهو يستفيد من المنصة لدمج التكنولوجيا والثقافة لخلق فرص متكافئة لمساعدة الضعفاء. من خلال عمله كمصور ومخرج سينمائي، يتحدى هاريمان الروايات التقليدية ويدافع عن التغيير الاجتماعي، مؤكداً ذلك بقوله "عندما يكون هناك ظلم، أوجّه عدستي نحو ذلك".
بدأ هاريمان رحلته كمصور فوتوغرافي في سن الأربعين عندما أهدته زوجته كاميرا، ويعدّ اليوم واحداً من أكثر الأصوات تأثيرًا في التصوير الفوتوغرافي المعاصر. اكتسب عمله تقديراً عالميًا خلال احتجاجات "حياة
السود مهمة"( Black Lives Matter )، حيث التقطت صوره القوية المشاعر الصادقة والإنسانية لتلك الحركة.
قال هاريمان: "كنت أصور صدمتي بنفسي. أرى الندوب غير المرئية في الأشخاص الذين أصورهم، وأشعر بأني أحمل ألمهم بنفسي".
وأضاف: "عندما أقوم بتصوير شيء أحبّه، فإنّ الأمر لا يتعلق فقط بالإضاءات والظلال. وكما قال المصور العظيم روبرت فرانك: يجب أن تتعلم العين الاستماع. طوال حياتي، تعلمت عيني الاستماع بعمق".
من تصوير غلاف مجلة فوغ البريطانية، إلى ترشيحه لجائزة الأوسكار عن فيلمه القصير "ذا أفتر"، الذي يدور حول الحزن والشفاء، يركّز عمل هاريمان على الأصوات والقصص التي لم يتم تمثيلها بشكل كافٍ.
"كان من الممكن أن أكون الرجل الذي قام بتصوير غلاف مجلة فوغ، واتنقل من اليخت إلى القلعة إلى الحفلة. لم أرد أن يكبر بناتي مع أب يطارد الشهر والثروة فقط، لكني ألتقط صور أولئك الذين يخاطرون بكل شيء لإحداث التغيير".
يشارك هاريمان رسالة أجيال 2024 أجيال المتمثلة في تعزيز الحوار الهادف من خلال الفنّ. وفي هذا قال: "علينا أن نقرّر إنهاء استعمار عقولنا والبحث عن الحقيقة. في عالم اليوم، أصبح مجرد قول الحقيقة عملاً ثوريًا".
من صناع الأفلام الدوليين المشاركين في أجيال 2024، جيانجي لين، مخرج فيلم "تاريخ مختصر لإحدى العائلات" (الصين، فرنسا، الدنمارك، قطر) يشترك أيضًا في هذا الرأي القائل بأن المفاهيم الإنسانية عالمية.
وفي حديثه للصحفيين، قال عن فيلمه: "هذا هو أول فيلم لي، وهو يرصد البنية الأسرية وكيفية تفاعلها مع التغيير الاجتماعي. يتناول الفيلم سياسة الطفل الواحد وكيف أثرت على عائلات الطبقة المتوسطة التي تكتشف حياتها الجديدة مع القلق من فقدان كل شيء. ويتحدث أيضًا عن هوية الفرد مقابل ما قد يفرضه الآباء على أطفالهم".
ولفت لين إلى "أنّ ما يجعل أجيال مميزاً هو كيفية إشراك الشباب في الحوار"، مضيفاً أن الدعم الذي قدمته مؤسسة الدوحة للأفلام ساعده في الوصول إلى الجماهير العالمية لأنّ الفريق الذي عمل معه يأتي من خلفيات مختلفة.