أزمة القوى المسيحية.. أي دور في التسوية؟
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
من المرجح أن تنتهي الحرب في قطاع غزة وجنوب لبنان من دون توسعها الى حرب إقليمية، وان كان التصعيد العسكري لا يزال ممكناً في الاسابيع المقبلة في حال لم تستطع الولايات المتحدة الاميركية فرض وقف إطلاق نار على حكومة بنيامين نتنياهو، إلا أن التصعيد مهما كان حجمه سيبقى تحت سقف الحرب الكبرى التي لا يرغب بها أي من الأطراف الاساسيين المعنيين بالتطورات.
من هنا تصبح أسهم التسوية السياسية في المنطقة مرتفعة، وهذا ما سيتم تكريسه في كل دولة من الدول المتأثرة بشكل مباشر او غير مباشر بالحرب والاشتباكات.ولعل لبنان، وبعد مشاركة "حزب الله" في المعركة سيكون أكثر المتأثرين، وسيتم الوصول إلى حل داخلي يعيد الإنتظام الدستوري الى سابق عهده، وقد يعاد توزيع النفوذ وتعديل التوازنات وفق معايير التوافقات التي ستفرض نفسها في اكثر من دولة بعد الحرب.
انطلاقاً من هذه التوقعات او الترجيحات يطرح السؤال عن موقع القوى السياسية في التسوية المفترضة، وتحديداً القوى المسيحية التي تُجمع حتى اللحظة على رفض التوافق مع "حزب الله"، فحزبا"القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية" يعتبران ان "الحزب" أبرز خصومهما الداخليين وقد اتخذوا مواقف حادة ضدّ تدخله في المعركة وهذا ما يزيد الشرخ معه والذي سيستمر الى ما بعد الحرب الحالية.
أما "التيار الوطني الحرّ" الذي يعتبر حليفاً للحزب، فلا يرغب بعقد تسوية تؤدي إلى إيصال مرشح الحزب رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية ما يعني أن الوصول الى نقاط رئاسية مشتركة مع "الحزب" ليس امراً متاحاً، وعليه فإن الغالبية العظمى من القوى والاحزاب المسيحية ليست مستعدة لعقد تسوية رئاسية مع "الحزب" لكونه يصر على فرنجية ويعتبر أن حصوله على ما يريد في مقابل تنازلات حدودية يبقى امراً مرجحاً.
هكذا تصبح القوى المسيحية امام تحد حقيقي، فكيف ستفرض نفسها جزءاً من التسوية الداخلية، خصوصا وأن الولايات المتحدة الاميركية اعطت اكثر من مؤشر يقول بأنها مستعدة لتقديم تنازلات لصالح الحزب في مقابل ايجاد حلّ في الجنوب والوصول الى حالة من الاستقرار الدائم، وعليه فإن دخول اي حزب مسيحي وازن بالتسوية يتطلب منه التنازل عن موقفه المبدئي المرتبط برئاسة الجمهورية واسم الرئيس المقبل..
لا يحتمل المسيحيون انتكاسة جديدة مشابهة لما حصل بعد اتفاق الطائف، خصوصا ان الاحداث التي اصابت لبنان في السنوات الماضية، كالانهيار الاقتصادي وانفجار المرفأ، ادت الى موجات هجرة كبيرة خصوصا لدى الشباب، وعليه قد يكون التوافق مع افرقاء اخرين خيارا مسيحيا مطروحا في المرحلة المقبلة، من قبل "القوات" او حتى "التيار"..
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
تقسيم الوطن: حول ضرورة تطوير شعار الثورة ومناهضة الحرب
بابكر فيصل
إتخذت ثورة ديسمبر المباركة من شعار “حرية .. سلام .. عدالة” بوصلة لتحقيق الأهداف الكبرى التي خرج من أجلها ملايين السودانيين لإسقاط النظام الفاسد المستبد، وبعد إندلاع حرب الخامس عشر من أبريل اللعينة رفعت القوى المدنية الديمقراطية شعار “لا للحرب” للتعبير عن إنحيازها للجماهير وعدم التماهي مع أطراف الحرب.
ومنذ الأيام الأولى للحرب، ظلت القوى المدنية تحذر من أن تطاول أمدها سيؤدي لنتائج وخيمة على البلاد والعباد، والتي يقف على رأسها الخطر الكبير الذي سيهدد وحدة البلاد وينذر بتقسيها و تفتيت كيانها الحالي.
وبعد مرور أكثر من عشرين شهراً أضحى خطر تفكيك البلاد ماثلاً عبر ممارسات لا تخطئها العين كان في مقدمتها خطاب الكراهية الجهوي والعنصري الذي ضرب في صميم النسيج الإجتماعي وخلق حاجزاً نفسياً يمهد لإنقسام البلاد بصورة واضحة.
تبع ذلك ثلاث خطوات إتخذتها سلطة الأمر الواقع في بورتسودان تمثلت في الآتي : قرار تغيير العملة الذي فرض واقعاً على الأرض تمثل في تقسيم النظام المالي بالبلاد بحيث صارت الولايات التي تقع تحت سيطرة الجيش تتعامل بعملة مختلفة عن تلك التي يتم تداولها في مناطق سيطرة الدعم السريع.
كذلك كان قرار إجراء إمتحانات الشهادة السودانية في الولايات التي يسيطر عليها الجيش وعدم قيامها في الولايات التي يسيطر عليها الدعم السريع اضافة لولايات تدور فيها رحى المعارك يصب عملياً في إتجاه تكريس عملية تقسيم البلاد عبر حرمان التلاميذ من حقهم في الجلوس للإمتحان فقط لأنهم يتواجدون في رقعة جغرافية لا يسيطر عليها الجيش.
الأمر الثالث تمثل في عدم إستطاعة قطاعات واسعة من الشعب السوداني إستخراج الأوراق الثبوتية ( أرقام وطنية، جوازات سفر الخ) وهى حق طبيعي مرتبط بالمواطنة التي تقوم عليها الحقوق والواجبات في الدولة لذات السبب المتعلق بالعملة وإمتحانات الشهادة.
هذه الخطوات مثلت البداية الفعلية لتقسيم البلاد, ويزيد من تفاقمها الخطوة المزمع إتخاذها من طرف بعض القوى السياسية والحركات المسلحة بإعلان حكومة موازية تجد تبريرها في ضرورة خدمة الشعب في المناطق التي لا يسيطر عليها الجيش، ولا شك أن هذه الخطوة ستشكل خطراً كبيراً على وحدة البلاد مهما كانت مبررات تكوينها (داوها بالتي كانت هى الداءُ).
لمواجهة هذه المعطيات الخطيرة المتسارعة، تقع على القوى المدنية الديمقراطية وقوى الثورة مهمة جسيمة للحفاظ على وحدة البلاد، وليس أمامها من سبيل سوى تكوين جبهة مدنية واسعة يتم من خلالها تطوير شعار الثورة ليصبح “حرية .. سلام .. عدالة .. وحدة”، وكذلك تطوير شعار مناهضة الحرب ليصبح ” لا للحرب، لا لتقسيم البلاد”.
إنَّ أهمية الحفاظ على وحدة البلاد لا تقلُّ بأي حال من الأحوال عن أهمية المناداة بالوقف الفوري للحرب، ولا مناص من تنادي كافة القوى الحريصة على عدم تقسيم البلاد لكلمة سواء يتم من خلالها تجاوز كل الخلافات من أجل تحقيق الهدفين معاً.