بعد تعرض غزة للتجويع.. هل يكون الحل بإنزال الطعام من الجو؟
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
سلط تقرير لمجلة تايم كتبته الصحفية ياسمين سرحان، الضوء على سياسة التجويع التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي، والحلول العاجلة لمنع تفاقم الكارثة الإنسانية الوشيكة.
وقال التقرير أن التدفق المعتاد للطعام والمياه وغير ذلك من الأساسيات إلى القطاع توقف تماماً، منذ الحرب الإسرائيلية، وما يدخل الآن من مواد قليلة بات نادراً وباهظ التكاليف، ما تسبب في تفشي سوء التغذية بين الناس، وخاصة بين الأطفال منهم، مما جعل رئيس وكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة يحذر من أن المجاعة باتت قاب قوسين أو أدنى.
وفي خضم هذه الظروف البائسة، يتم اللجوء إلى إجراءات غير اعتيادية، كما فعلت مؤخراً فرنسا والأردن، حيث لجأتا في الأسبوع الماضي إلى إنزال سبعة أطنان من مواد المساعدات الطبية العاجلة بالمظلات جواً لتزويد المستشفى الميداني الأردني في غزة، باستخدام طائرات نقل من طراز سي 130.
وعلى الرغم من أن مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يصرح ما إذا كانت تلك العملية بالغة التعقيد من المحتمل أن تتكرر، إلا أنه أشار إلى أن المهمة "سمحت لنا بأن نثبت أن مثل تلك العمليات ممكنة"، ما حذا ببعض المراقبين إلى الحث على استخدام هذا الأسلوب لإنزال الطعام ومنع مجاعة محققة.
تاليا نص التقرير:
تخضع غزة الآن للتجويع. منذ أن بدأت إسرائيل حربها على غزة بهدف استئصال حركة حماس من القطاع ذي الكثافة السكانية العالية قبل ثلاثة شهور، توقف التدفق المعتاد للطعام والمياه وغير ذلك من الأساسيات إلى القطاع تماماً. ما يدخل الآن من مواد قليلة بات نادراً وباهظ التكاليف. تفشى سوء التغذية بين الناس، وخاصة بين الأطفال منهم، مما جعل رئيس وكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة يحذر من أن المجاعة باتت قاب قوسين أو أدنى.
في خضم هذه الظروف البائسة، يتم اللجوء إلى إجراءات غير اعتيادية – على سبيل المثال كما فعلت مؤخراً فرنسا والأردن، حيث لجأتا في الأسبوع الماضي إلى إنزال سبعة أطنان من مواد المساعدات الطبية العاجلة بالمظلات جواً لتزويد المستشفى الميداني الأردني في غزة، باستخدام طائرات نقل من طراز سي 130. على الرغم من أن مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يصرح ما إذا كانت تلك العملية بالغة التعقيد من المحتمل أن تتكرر، إلا أنه أشار إلى أن المهمة "سمحت لنا بأن نثبت أن مثل تلك العمليات ممكنة".
أما وقد نجحت العملية الآن، فقد طالب بعض المراقبين باستخدام نفس الأسلوب لإنزال المواد الغذائية جواً. يقول أحمد فؤاد الخطيب، المحلل المختص بشؤون الشرق الأوسط، الذي يطالب باللجوء إلى الإنزال الجوي وسيلة لحل أزمة الجوع في موطنه الأصلي غزة حيث مازالت جل عائلته تقيم هناك، والذي يتخذ من الولايات المتحدة مقراً له: "سوف يتوجب على كثير من البلدان التي قد تلجأ كبديل إلى إرسال الإغاثة عبر تلك العمليات الطويلة والعسيرة من أجل إيصال المساعدات الغذائية أن تتساءل من الذي سوف يتلقى هذه المساعدات في غزة، ومن الذي سيقوم بمهمة توزيعها".
يعتقد الخطيب أنه من خلال ترتيب عمليات الإنزال الجوي للأغذية بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، تماماً كما فعل الأردن في مناسبات سابقة، كما يقال، فإن المجتمع الدولي بإمكانه المساعدة في منع المجاعة التي تتربص بغزة، وذلك من خلال تجاوز جميع التحديات اللوجستية التي تعيق عبور قوافل الإغاثة.
قبل السابع من أكتوبر، كان يدخل إلى قطاع غزة ما يقرب من 500 شاحنة مساعدات في كل يوم، وذلك لتوفير احتياجات سكان القطاع، الذين يبلغ تعدادهم 2.2 مليون نسمة، لم تزل الأغلبية العظمى منهم تعتمد على المساعدات الإنسانية الواردة من الخارج.
ولكن منذ بداية الحرب، تقلص عدد الشاحنات إلى نزر يسير. وبينما تبذل الجهود لزيادة مستوى المساعدات الواردة إلى غزة (مثلما حدث في الشهر الماضي عندما تم فتح معبر كرم أبو سالم الحدودي، والذي يختلف عن معبر رفح المخصص لعبور المشاة، حيث صمم أصلاً لعبور البضائع التجارية)، لا يدخل القطاع اليوم سوى ما يقرب من 120 شاحنة في اليوم الواحد، حسب تقديرات الأمم المتحدة – مما أوجد ما يشبه عنق زجاجة، بسبب الطوابير الطويلة وإجراءات الرقابة التعسفية التي تفرضها إسرائيل. ثم، هذا الذي يدخل غزة من مساعدات قليلة، لابد أن يتجاوز العقبات التي تواجهها مهمة التوزيع، ومنها انقطاع وسائل الاتصال، والأضرار التي لحقت بالطرق، والقصف الإسرائيلي الذي لا يكاد يتوقف.
في الشهر الماضي، أومأت إسرائيل إلى أنها قد تسمح بإيصال المساعدات الإنسانية الواردة من العديد من البلدان الأوروبية، بحيث يتم نقلها إلى غزة بالسفن عبر قبرص، التي من المقرر أن تخضع مواد الإغاثة فيها إلى تفتيش أمني للبضائع. يقول الخطيب إن عمليات مشابهة يمكن أن يتم اللجوء إليها من أجل تسهيل الإنزال الجوي للأطعمة.
ويقول مشيراً إلى حالات سابقة تم فيها إنزال الأطعمة جواً في أماكن مثل جنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية: "بإمكانك بسهولة، كما فعلت الأمم المتحدة من قبل، وضع الأطعمة مثل الطحين والحبوب وغير ذلك من السلع في أكياس متينة، يمكن أن توضع على منصات نقل، ثم يتم إنزالها بدون استخدام مظلات من طائرات شحن".
ويقول إن مثل هذا الإنزال الجوي يمكن أن يوجه ليس فقط نحو مراكز تجمع المدنيين في جنوب غزة، والذي لجأت إليه الغالبية العظمى من السكان، بل وكذلك نحو أولئك الذي مازالوا يعيشون في الشمال، والذي غدا الوصول إليه إلى حد بعيد متعذراً.
يحذر بعض الخبراء من أن الإنزال الجوي ليس بالبساطة التي يبدو عليها. فإلى جانب التكاليف الباهظة لمثل هذه العمليات (ما يقرب من سبعة أضعاف تكاليف النقل البري، بحسب ما يقوله برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة)، يعتبر الإنزال الجوي أقل كفاءة وأكثر خطورة من الوسائل الأخرى المستخدمة في إيصال مواد الإغاثة الإنسانية.
في تصريح لمجلة تايم أرسله عبر الإيميل، قال مايكل شافنر، رئيس وحدة العمليات الجوية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر: "لا ريب أن هذه العمليات ليست بدون مخاطر." ولاحظ أنه بينما يعتبر نقل الطعام أسهل من نقل المواد غير الغذائية، والتي تكون أكثر عرضة للكسر عند الارتطام بالأرض، ثمة تحديات لوجستية كبيرة.
ويضيف: "فأنت بحاجة إلى تأمين نقاط التوصيل بعد الإنزال. وهذه تحتاج لأن تكون مساحات كبيرة، خالية من العقبات ومن البشر. ثم بمجرد أن تصبح الطرود على الأرض، فإن ثمة حاجة لوجود ترتيبات معدة مسبقاً، من حيث من الذين سوف يستلم المواد، وأين سوف يتم تخزينها، وكيف سوف يتم توزيعها. لا يمكننا أن ننفذ أي عمليات إنزال جوي ما لم نتأكد من توفر هذه الأمور".
بينما رفضت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التعليق على مدى جدوى الإنزال الجوي لمواد الإغاثة في حالة مثل غزة، فإن أحد أهم التحديات التي تواجه مثل هذه الجهود تتمثل في مدى الدمار الذي تعرض له القطاع ذو الكثافة السكانية العالية. ونظراً لأن المنطقة مازالت ساحة معركة نشطة، فلا مفر من وجود عقبات أخرى.
لاحظ شافنر أنه في مناطق النزاع مثل جنوب السودان، حيث ظلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تنفذ عمليات إنزال جوي حتى عام 2018، "تحتاج إلى ضمان موافقة جميع الأطراف لضمان استمرار العملية بأمان، بل وفي بعض الأوقات ثمة ضرورة لخفض وتيرة العمليات العسكرية."
ولذلك يقول شافنر إنه لكل هذه الأسباب مجتمعة، يتم التعامل مع الإنزال الجوي باعتباره "ملاذاً أخيراً." ويضيف: "لا تلجأ إليه اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلا حينما تخفق جميع الخيارات الأخرى".
بينما يقر الخطيب بأن مقترحه لا يخلو من التحديات، إلا أنه يرى بأنها ليست جميعاً عقبات لا يمكن تذليلها. ويقول إن الغذاء يمكن أن يتم إنزاله من الجو قريباً من التجمعات السكانية، تماماً كما فعل الأردن في عمليات الإنزال الجوي السابقة لتزويد مستشفاه الميداني داخل القطاع باحتياجاته من المواد الطبية. أما فيما يتعلق بمن سيقوم بجمع المواد، فيقول إنه بدلاً من الاعتماد على المنظمات التي تعاني من الإنهاك على الأرض مثل وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ينبغي تمكين أهل غزة من جمع الطعام بأنفسهم.
وعن ذلك يقول: "حتى لو حصل البعض منهم على كميات أكبر من البعض الآخر، سوف يتقاسم الناس الطعام، ولسوف تتاح أمام الناس فرص أكبر للحصول على الطعام مقارنة بالوقوف في طوابير ممتدة أمام مراكز التوزيع، حيث ينتظرون لساعات طويلة، ويتعاركون مع عشرات الآلاف من الناس فقط من أجل الحصول على أي فرصة للعودة بكيس صغير من الطحين لاستخدامه في إعداد الخبز".
وأما فيما يتعلق بضمان تنفيذ العملية بشكل آمن، فيقول الخطيب إن عمليات الإنزال الجوي السابقة التي نفذتها كل من فرنسا والأردن تثبت إن التوصل إلى مثل هذه الترتيبات مع الجيش الإسرائيل أمر ممكن. وبالفعل، كانت صحيفة ذي تايمز أوف إسرائيل قد ذكرت في تقرير لها الشهر الماضي أن الجيش الإسرائيلي أسس "آلية لخفض حدة القتال" استجابة طلب تقدمت به الولايات المتحدة من أجل ضمان سلامة العاملين في قطاع الإغاثة وسلامة المدنيين وتوفير الحماية لهم أثناء الغارات الجوية الإسرائيلية.
لئن كان ضمان التعاون الإسرائيلي عقبة رئيسية واحدة فقط، يحتاج هذا المقترح لأن يتغلب عليها، فإن هناك عقبة أخرى تتمثل في إقناع اللاعبين الأساسيين – أي الولايات المتحدة، وكذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، والبلدان العربية الرئيسية مثل الأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والمغرب – بالالتزام بالتصدر لهذا الجيد والتعهد بتمويله.
لا يستنكف الخطيب عن الإقرار بأن هذا الإجراء لا يمثل حلاً على المدى البعيد. وإنما يكمن الحل في إنهاء الحرب والعودة إلى السماح بالانسياب الطبيعي للطعام والمياه وغير ذلك من الضروريات إلى داخل قطاع غزة، وكلا الأمرين في يد إسرائيل. ولكنه يرى بأن بالبلدان التي يفزعها ما يحل بغزة من كوارث إنسانية ليست بلا حيلة. وبينما تتفاقم الأزمة الإنسانية، ينبغي عدم التردد في وضع كل خيارات الملاذ الأخير على الطاولة.
وعن ذلك يقول: "أعتقد جازماً أن الولايات المتحدة بإمكانها أن ترى في ذلك فرصة لإعادة توجيه موقفها وكيف ينظر إليها الناقدون للدور الذي تمارسه الولايات المتحدة في الصراع الحالي. وهذا هو الذي سوف يحدث الفرق".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة الجوع الفلسطينيين فلسطين غزة الجوع صحافة صحافة صحافة سياسة من هنا وهناك صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر الولایات المتحدة الإنزال الجوی الأمم المتحدة یمکن أن من مواد من أجل
إقرأ أيضاً:
لو عايز قرض حسن بدون فوائد .. الأوقاف بتقدملك الحل
في خطوة جديدة لدعم العاملين وتحقيق التكافل الاجتماعي، وزارة الأوقاف قررت ضخ 25 مليون جنيه كقروض حسنة، من غير أي فوائد أو مصاريف إدارية، يعني اللي هتاخده هترجعه زي ما هو، ولا جنيه زيادة.
الوزارة وضعت نظام خاص لتوزيع القروض دي، اللي مش بس متاحة للعاملين فيها، لكنها كمان بتشمل موظفي المديريات الإقليمية، وديوان عام الهيئة، ومستشفى الدعاة، وأعضاء المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
ولو عندك حالة خاصة، زي إنك من ذوي الهمم أو بتعاني من مرض مزمن، زي السرطان أو الفشل الكلوي أو أمراض القلب، فالوزارة رفعت قيمة القرض الحسن ليصل لـ25 ألف جنيه، كنوع من الدعم الإضافي.
مش بس كده، القروض دي كمان بتدعم حالات الزواج الحديثة سواء للموظف أو لأولاده، في مبادرة إنسانية لتعزيز الاستقرار الاجتماعي.
الأوقاف أكدت إنها مستمرة في دعم الفئات الأكثر احتياجًا ببرامجها الاجتماعية المتنوعة، وبتشتغل على تعظيم مواردها لخدمة المجتمع بشكل أفضل.
لو عايز تستفيد من القروض دي، اتواصل مع الوزارة واعرف شروط التقديم، والفرصة لسه متاحة قدامك لتحقيق اللي نفسك فيه.
وزارة الأوقاف خلال عام 2024 ، أنفقت 62 مليون جنيه على مشروعات متنوعة، شملت تقديم قروض حسنة بدون فوائد أو مصروفات إدارية بقيمة تجاوزت 34.5 مليون جنيه، دعمًا للشباب وأصحاب الاحتياجات الخاصة.
كما تم تخصيص أكثر من 20.2 مليون جنيه للإعانات النقدية والنفقات الخيرية التي تستهدف تخفيف الأعباء عن الأسر المحتاجة.