إسرائيل أمام مأزق استراتيجي.. تحرير الرهائن أم تدمير حماس؟
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
بعد أكثر من مئة يوم من الحرب، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن محدودية التقدم الذي أحرزته إسرائيل في تفكيك قدرات حماس، أصبح سببا يثير الشكوك داخل القيادة العسكرية العليا بشأن إمكانية تحقيق الأهداف الرئيسية للحرب في الأمد القريب.
وفي هذه المرحلة من القتال، سيطرت إسرائيل التي دخلت الحرب بأهداف القضاء على حماس وتحرير الرهائن الإسرائيليين المختطفين في غزة، على جزء أصغر مما كانت تتوقعه في مخططاتها عند بداية عملياتها العسكرية، وفقا لخطط قالت الصحيفة الأميركية إنها راجعتها.
ودفع هذا التباطؤ بعض القادة إلى التعبير سرا عن إحباطهم إزاء استراتيجية الحكومة المدنية في غزة، ودفعتهم إلى الاستنتاج بأن حرية أكثر من 100 رهينة إسرائيلي ما زالوا في غزة لا يمكن تأمينها إلا من خلال الوسائل الدبلوماسية وليس العسكرية.
ووفقا لمقابلات أجرتها مع أربعة من كبار القادة العسكريين، الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم لأنه لم يُسمح لهم بالتحدث علنا عن آرائهم الشخصية، فإن الهدفين المزدوجين المتمثلين في تحرير الرهائن وتدمير حماس "أصبحا الآن غير متوافقين".
يضاف إلى هذا أيضا التعارض بين المدة التي ستحتاجها إسرائيل للقضاء على حماس بشكل كامل، وهي عملية شاقة، والضغط الذي يمارسه حلفاء إسرائيل لإنهاء الحرب بسرعة وسط تصاعد الضحايا بين المدنيين.
وقال الجنرالات الذين تحدثوا للصحيفة، إن المعركة الطويلة التي تهدف إلى تفكيك حماس بالكامل ستكلف على الأرجح حياة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة منذ 7 أكتوبر، عندما هاجم مسلحو حماس إسرائيل، وقتلوا ما يقرب من 1200 شخص، معظمهم مدنيون، واختطفوا 240 رهينة.
وأطلقت حماس سراح أكثر من 100 رهينة في نوفمبر الماضي، لكنها قالت إنها لن تطلق سراح الآخرين ما لم توافق إسرائيل على وقف العمليات القتالية بشكل كامل. ويعتقد أن معظم الرهائن المتبقين محتجزون لدى حماس داخل حصن الأنفاق التي تمتد على مئات الأميال تحت القطاع.
ودعا الوزير بحكومة الحرب، بيني غانتس، إلى إعادة النظر بأهداف الحرب، منتقدا عدم تحقيق إنجازات ملموسة يمكن البناء عليها لوضع تصور لما تريده القيادة الإسرائيلية بعد انتهاء الأعمال العسكرية.
وخرج حليفه، غادي آيزنكوت، في مقابلة تلفزيونية، موجها انتقادات لإدارة نتانياهو للحرب المستمرة مع حماس في غزة، مشيرا إلى أن الحديث عن النصر الكامل على الحركة المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "غير واقعي".
وأجرى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، غادي آيزنكوت، مقابلة مع "القناة 12"، كشف فيها أن "من يتحدث عن الهزيمة المطلقة لحماس لا يقول الحقيقة"، مشيرا إلى أن "الوضع الفعلي في قطاع غزة هو أن أهداف الحرب لم تتحقق بعد، والمهمة هي إنقاذ المدنيين قبل قتل العدو".
"مأزق"ووفقا للقادة الأربعة، فإن إنقاذ الرهائن بالموازاة مع تفكيك قدرات حماس يبقى "مأزقا استراتيجيا"، أدى إلى تفاقم إحباط الجيش من تردد القيادة السياسية الإسرائيلية.
وقال العسكريون الكبار، إن" غموض رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بشأن خطة ما بعد الحرب في غزة، كان أيضا جزءا من المأزق الذي يواجهه الجيش في ساحة المعركة".
ولم يوضح نتنياهو بعد كيف سيتم حكم غزة بعد الحرب – وقال المتحدثون، إنه بدون رؤية طويلة المدى للقطاع، لن يتمكن الجيش من اتخاذ قرارات تكتيكية قصيرة المدى حول كيفية الاستيلاء على أجزاء غزة التي سيسيطر عليها.
وردا على طلب للتعليق، قال مكتب نتانياهو في بيان إن “رئيس الوزراء يقود الحرب على حماس بإنجازات غير مسبوقة وبطريقة حاسمة للغاية".
وفي خطاب ألقاه، الخميس، وعد نتنياهو بتحقيق "النصر الكامل على حماس"، وكذلك إنقاذ الرهائن.
ورفض الجيش الإسرائيلي في البداية الرد على تعليقات القادة، وبعد نشر تقرير نيويورك تايمز، السبت، أصدر بيانا رسميًا قال فيه إنه لا يعرف هوية القادة الذين تحدثوا إلى التايمز، وأن آرائهم "لا تعكس" موقف الجيش.
#عاجل متابعة لما نشر في صحيفة نيويورك تايمز:
التصريحات التي نقلت على لسان مسؤولين في جيش الدفاع غير معروفة ولا تعبر عن موقف جيش الدفاع.
تحرير المختطفين هو جزء من أهداف الحرب ويعتبر جهدًا عاليًا في جيش الدفاع
وأضاف البيان أن "الإفراج عن الرهائن جزء من أهداف الحرب، وله أهمية قصوى".
"مخاوف"ويخشى الجنرالات الإسرائيليون من أن تؤدي الحملة الطويلة - دون خطة لما بعد الحرب - إلى تآكل أي دعم متبقي من حلفاء إسرائيل، مما يحد من استعدادهم لتزويد بلادهم بذخيرة إضافية.
وأبدى زعماء أجانب قلقهم من عدد القتلى المدنيين في العمليات العسكرية الإسرائيلية بغزة، حيث قتل نحو 25 ألف شخص، يقول مسؤولون عسكريون إسرائيليون إن بينهم أكثر من 8000 مقاتل لدى حماس.
من جانبها، أصبحت عائلات الرهائن أكثر وضوحا بشأن الحاجة إلى تحرير أقاربهم من خلال العمل الدبلوماسي وليس باستعمال القوة.
وقال أندرياس كريغ، خبير الحرب في جامعة كينغز كوليدج في لندن، عن الأوضاع في غزة "في الأساس، إنها حالة من الجمود"، مضيفا: "إنها ليست بيئة يمكنك من خلالها تحرير الرهائن".
وتابع: "إذا ذهبت إلى الأنفاق وحاولت تحريرهم بالقوات الخاصة، أو أي شيء آخر، فسوف تقتلهم". "إما أن تقتلهم بشكل مباشر أو غير مباشر، في أفخاخ أو في تبادل لإطلاق النار".
"تباين الرؤى"ووفقا لثلاثة من القادة الذين حاورتهم صحيفة نيويورك تايمز، فإن السبل الدبلوماسية ستكون أسرع وسيلة لإعادة الإسرائيليين الذين ما زالوا في الأسر.
وبالنسبة للبعض في اليمين الإسرائيلي، فإن التقدم المحدود في الحرب هو نتيجة للقرار الأخير الذي اتخذته الحكومة، في أعقاب الضغوط من الولايات المتحدة وحلفاء آخرين، لإبطاء وتيرة الغزو.
لكن القادة العسكريين يقولون إن حملتهم تعرقلت بسبب البنية التحتية لحماس التي كانت أكثر تطورا مما قيمه ضباط المخابرات الإسرائيلية في السابق.
ويتمسك سياسيون بإسرائيل، بقدرة بلادهم على هزم حماس بشكل أسرع، وإنقاذ الرهائن، من خلال استخدام المزيد من القوة.
لكن محللين عسكريين يقولون إن المزيد من القوة لن يحقق الكثير. وقول كريغ: “إنها حرب لا يمكن الفوز فيها”.
وأضاف: "في معظم الأوقات عندما تكون في حرب لا يمكن الفوز فيها، تدرك ذلك في مرحلة ما – وتنسحب.. ولم يفعلوا".
ويقول نتانياهو إنه لا يزال من الممكن تحقيق جميع أهداف إسرائيل، ورفض فكرة وقف الحرب.
وقال في كلمته، الخميس، إن "وقف الحرب قبل تحقيق الأهداف سيرسل رسالة ضعف".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: نیویورک تایمز تحریر الرهائن أهداف الحرب على حماس أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
من كانت تقاتل إسرائيل في غزة؟
د. أحمد بن علي العمري
تدخلت حركة حماس مع حركات المقاومة الفلسطينية الأخرى في السابع من أكتوبر 2023 في غفوة من النظام الإسرائيلي باستخباراته وقوته، وأسرت العديد من الجنود والمجندات الإسرائيليين وحتى بعض المدنيين، والعالم كله يعرف بما فيه إسرائيل أن حركات المقاومة لا تعني الأسر بالمعنى المُطلق له ولكنها تأسر من أجل إنقاذ أسرى لها مظلومين في السجون الإسرائيلية، ساعتها هبَّ العالم المنافق كله متداعيًا لأجل إسرائيل، مدعين أنَّ حركات المقاومة هي الظالمة والمعتدية وحتى الإرهابية، ونسوا أن أكبر كثافة سكانية على الإطلاق في العالم في قطاع غزة، محاصرة منذ سبعة عشر عامًا.
لقد عانوا تحت هذا الحصار ولم يبق أمامهم إما العيش بكرامة أو الموت بكرامة، وما أصعب على الإنسان أن يختار بين العيش والموت.
المهم حصل ما حصل والعالم شاهد على ذلك، ولكن الغطرسة الإسرائيلية والجبروت الصهيوني لم يقبل ذلك فقد أعلن الحرب على غزة في حدودها الضيقة جدًا وجغرافيتها الصغيرة، معلنًا أن أهداف الحرب تتمثل في القضاء على حماس وتحرير الأسرى.
ولكن ماذا حصل بعد 471 يومًا من الحرب؟ هل تم القضاء على حماس وهل تحرر الأسرى؟
كلا، لم يحدث من ذلك شيء؛ بل العكس، هُزم الجيش الذي يزعم أنه لا يُقهر، على الرغم من الدعم الأمريكي المنقطع النظير والدعم الأوروبي الوفير، فلقد بقي المجاهدون أمام أعتى القوات العالمية وانتصروا بكل بسالة وشجاعة.
نعم هكذا هي المقاومة عندما يتقدم قادتها رجالهم المقاتلين ولا يبقون في الصفوف الخلفية فلقد استُشهد القائد إسماعيل هنية واستُشهد يحيى السنوار وشهد له العالم أجمع بأنه استشهد مقبلًا غير مدبر، ولم يكن محتميًا بالأسرى ولا بالدروع البشرية كما ادعى العدو.
وعند توقيع إسرائيل اتفاقية وقف إطلاق النار مرغمة على الرغم من الدعم الأمريكي والأوروبي لها، ماذا حدث؟ ومع تسليم أول دفعة من الأسيرات الإسرائيليات ماذا الذي ظهر؟ ظهر رجال المقاومة بكل عدتهم وعتادهم وسياراتهم منتشين رافعين الروس.
إذن.. فمن كانت تقاتل إسرائيل ومن قتلت وفي عددهم 50 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف جريح.
الظاهر والواقع والحقيقة أنها لم تقتل ولم تجرح سوى المدنيين الأبرياء العزل، وقد عاثت فسادًا بتجريف الشوارع وهدم المدارس والمساجد والمستشفيات والجامعات، وحتى نبش القبور وفي أكبر المظاهر الإنسانية اشمئزازًا سماحها للكلاب الضالة بنهش الجثث.
فهل بعد هذا إنسانية؟
ولله في خلقه شؤون.
رابط مختصر