عبد الباري عطوان فوجئت مساء أمس الاحد، واثناء مشاركتي على الهواء مباشرة في برنامج “بين قوسين” الاسبوعي على قناة “المنار” للحديث عن التوترات المتصاعدة على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، ببث فيديو مدته 6 دقائق قبل بدء الحوار، أعده الاعلام الحربي لحزب الله تحت عنوان “لا غالب لكم” عن مراحل اقتحام لموقع إسرائيلي، وتدميره بالكامل، ورفع راية حزب الله على انقاضه، وإسقاط علم “فرقة جولاني” الخاصة التي تعتبر الأقوى في جيش الاحتلال.

المفاجأة كانت سارة بالنسبة لي، لانها جاءت على درجة عالية من الاتقان والدقة، وتعكس وجود خطة جديدة للمقاومة اللبنانية، تعزز الردع أولا، وتكشف عن خطط المعركة القادمة، وأبرزها الانتقال من الدفاع الى الهجوم، وارتقاع منسوب الجاهزية، وأخذ زمام المبادرة، وعدم انتظار اقدام العدو على إطلاق الرصاصة الأولى. انها رسالة صادمة موجهة الى جنرالات العدو الإسرائيلي تقول مفرداتها المدعومة بالصور والمحسوبة بعناية فائقة، بوجود عقول جبارة تقود الحرب النفسية، واخرى تملك الخبرات العسكرية المتطورة تقول ان الحرب القادمة ستكون فعل، وليس رد الفعل، وهدفها ليس اطلاق صواريخ فقط، وانما التوغل البري، وتحرير الجليل، وقتل واسر اكبر عدد من الجنود الإسرائيليين، وربما الوصول الى قلب تل ابيب. *** هجوم بري عبر أنفاق سرية، مدعوم جوا بعشرات، وربما مئات الآلاف من الصواريخ والمسّيرات، أي فوق الأرض وتحتها، في إطار حرب خاطفة قد تطول، وربما تكون الاخيرة، فقرار الحرب او السلام لم يعد في يد دولة الاحتلال مثلما كانت عليه الحال في معظم الحروب السابقة، وانما في يد حلف المقاومة واذرعه المتعددة، ووحدة ساحاته، وهذه نقله نوعية عسكرية فريدة سترعب جنرالات الاحتلال وقيادتهم السياسية وتحرمهم من النوم. اللافت ان المقاومة هي التي تتحرش هذه الأيام بالعدو الإسرائيلي، وليس العكس، وهو الذي يططأ الرأس، ويبلع الاهانات، ويحجم عن الرد، ولتأكيد ما نقول نسرد المؤشرات التالية: أولا: إقامة “حزب الله” خيمتين في مزارع شبعا، أحدها في الجزء المحتل، في تحد سافر للجيش الإسرائيلي على الجهة المقابلة من الحدود، ورفض كل المطالب حتى من الحكومة اللبنانية لتفكيكهما طلبا للتهدئة، وتجنبا للتصعيد، وتنفيذا لأوامر أمريكية. ثانيا: اقدام مجموعة من المجاهدين على إختراق الحدود في وضح النهار قرب بوابة فاطمة، وتسلق أبراج المراقبة الإسرائيلية، وتفكيك الكاميرات العالية الدقة المجهزة بها، وتحت مرأى ومسمع القوات الإسرائيلية التي لا تنام ولا تغمض لها عين، ومرة أخرى يدار الوجه الى الجهة الأخرى ولا تجرؤ على الرد. ثالثا: قيام مجموعة من الإعلاميين كانوا يزورون المنطقة بإقتحام الحدود قرب مزارع شبعا، وفي استفزاز واضح، ومتعمد، للقوات الإسرائيلية التي لم تطلق رصاصة واحدة عليهم، واكتفت بقنابل الدخان فقط على غير عادتها. الارتياح اللافت للسيد نصر الله في خطابه الأخير احتفالا بالذكرى الـ 17 للانتصار في حرب تموز (يوليو) المجيدة، كان منبعه الشعور بالثقة، والاطمئنان على جاهزية قواته، وصلابة حلف المقاومة، وتعاظم فائض القوة لديه، والاهم من ذلك ضعف دولة الاحتلال غير المسبوق، والانقسامات الداخلية التي تسودها، وتعاظم المقاومة الفلسطينية وعملياتها داخل الضفة الغربية، وفي العمق الإسرائيلي، وبرودة علاقاتها مع خلفائها، وخاصة الولايات المتحدة الامريكية التي تغيّر سلم اولياتها، بسبب غرقها، ومن ثم فشلها، في الحرب الأوكرانية، فالاقتصاد الإسرائيلي ينكمش، والعملة المحلية (الشيكل) في انهيار متسارع، وشركات التكنولوجيا تهرب بالعشرات الى الخارج بحثا عن الأمان، والاستثمارات الخارجية تتآكل، وطيارو احتياط سلاح الجو الذي يشكل العمود الفقري للمؤسسة العسكرية، ويقف خلف جميع انتصاراتها” اعلنوا تمردهم، وعدم رغبتهم في الخدمة، شكل سابقة تعتبر الأخطر في تاريخ الاحتلال، والقادم اعظم. *** المقاومة الإسلامية اللبنانية تكسب الحرب بشقيها الميداني والعسكري، والمعنوي النفسي، ودون ان تطلق صاروخا واحدا، وتعزز قدراتها واستعدادها للمواجهة الكبرى، واستعدادها، ليس لتحرير 11 نقطة احتلتها قوات الاحتلال في الجانب الآخر من الحدود اللبنانية، وانما لتحرير الجليل الفلسطيني المحتل أيضا. القوات الإسرائيلية التي ترد فورا وبالصواريخ والغارات الجوية اذا اخترق عصفور لبناني الحدود، تقف ذليلة امام خيمة المقاومة “المتحدية” في مزارع شبعا المحتلة، ولا تحرك ساكنا، لسبب بسيط لانها تدرك، وبعد كشف السيد نصر الله بأنه اعطى تعليماته لمقاتليه بالرد الفوري، في حال اقتراب قوات العدو ومنها، ان هذا الاعتداء سيكون مكلفا جدا لها، وقد يكون الصاعق لتفجير الحرب الإقليمية الموسعة التي ترتعد خوفا من انفجارها. نختم هذه المقالة بتوجيه سؤال الى البعض الكاره لمحور المقاومة، وهلكنا بأسئلته عن عدم رد محور المقاومة على الاعتداءات الإسرائيلية على سورية، نسأله سؤالا محددا، لماذا لا ترد “إسرائيل” على هذه الإهانات والاستفزازات في مزارع شبعا، وبلدة الغجر، وبوابة فاطمة؟ هذا الشريط لكتائب الرضوان (نسبة الى الشهيد عماد مغنية) يأتي تحذيرا للإسرائيليين تقول مفرداته انهم سيترحمون على هزيمة تموز عام 2006 بالمقارنة مع الهزيمة المتوقعة في الحرب القادمة، وربما الوشيكة.. والأيام بيننا.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: فی مزارع شبعا

إقرأ أيضاً:

كم هي كلفة الحرب وكيف تؤثر على اقتصاد الاحتلال؟.. 88 مليون دولار يوميا

أكد الكاتب الإسرائيلي نيتسان كوهن، أن الاحتلال دفع ثمنا باهظا في الجانب الاقتصادي بسبب الحرب ضد غزة، قائلا: "حين نتحدث عن حرب بحجم الحرب التي نشبت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر يتوجب أن نتحدث أيضا عن الكلفة المالية الهائلة لها".

وأوضح كوهن في مقال له نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" أنه "في واقع الأمر نحن نتحدث عن أنواع مختلفة من الكلفة، وتوجد الكلفة المباشرة لوزارة الدفاع (الحرب) تتمثل بالدفع عن أيام الاحتياط، والدفع على الذخائر وتعبئة مخزونات الوقود وغيرها، كما توجد أيضا الكلفة الاقتصادية للحرب وهذا يعني أنه يجب أن يدخل إلى الحساب فقدان الناتج، كلفة تشويش الحياة اليومية الطبيعية وغيرها".


وقال: "كيفما نظرنا إلى الأمور، نجد كلفة اقتصادية لا بأس بها، وقبل أن ندخل إلى الأرقام يجدر بنا أن نذكر أن الاقتصاد الإسرائيلي دخل الحرب وهو في حالة جيدة، هذا يعني أنه كانت لحكومة نتنياهو مصادر تستمد منها المال دون تلقي مساعدات خارجية بتعابير دولارية، وماذا يعني هذا؟ أولا وقبل كل شيء، نسبة دين إسرائيل كانت متدنية بحيث كان ممكنا اقتراض المال حتى وإن كان بأسعار عالية".

وذكر أن "بنك إسرائيل يحافظ على أرصدة عملة أجنبية عالية، كانت تدور حول 215 مليار دولار، وهذا يتيح لإسرائيل سيولة من العملة الأجنبية، ما يعني أنه عندما كانت حاجة للدولارات لشراء الذخائر في الخارج كانت تلك الدولارات موجودة، وعندما يذعر المستثمرون الأجانب من الحرب ويريدون سحب أموالهم – يكون هذا الرصيد موجودا وهذا معطى هام جدا للإبقاء على سير حرب لا تجر الاقتصاد إلى التدهور".

جملة سيناريوهات
بشكل مبدئي، أكد الكاتب أن "البحث الشامل والأكثر مصداقية حول كلفة الحرب هو ما أجراه بنك إسرائيل – والمقصود هو دائرة البحث في البنك التي يترأسها عدي برندرن اقتصادي ذو قامة، وثمة غير قليل من السيناريوهات للحرب وكل سيناريو يحتاج إلى تعبير اقتصادي لكن بنك إسرائيل استوعب الحدث، وفصله إلى شواكل ووصل إلى عدد 255 مليار شيكل (71 مليار دولار) أي كل يوم يمر دون أن تنتهي الحرب يكلف بائع الضرائب الإسرائيلي 315 مليون شيكل (88 مليون دولار).

وأكد: "نعم، هذه كلفة الحرب صحيح حتى اليوم وحتى نهاية العام 2025، لكن توجد هنا "لكن" كبيرة، هذه الكلفة لا تأخذ بالحسبان سيناريو حرب شاملة مع إيران، وهنا تقدر محافل اقتصادية مطلعة على التفاصيل بأنه لن تكون كلفة اقتصادية عالية جدا لمثل هذه الحرب إذ إنه في ضوء التجربة المتراكمة في جهاز الأمن من هجومين إيرانيين على إسرائيل وهجوم إسرائيلي مضاد فإننا نتحدث عن معركة يفترض أن تكون قصيرة نسبيا".

وأشار إلى أن "سيناريو آخر لا يؤخذ بالحسبان هو اشتعال إضافي مع حزب الله، لكن هنا أيضا، انتزع الجيش من حزب الله الذي يقف على حدودنا الشمالية غير قليل من القدرات التي كان يفترض أن تخفض جدا كلفة هذا السيناريو".


وبين أن "سيناريو ثالثا لا يؤخذ الآن في الحسبان الاقتصادي هو اشتعال الجبهة الجنوبية، وهنا أيضا نزع الجيش غير قليل من قدرات المنظمات في غزة، وعليه فإن حربا بقوة عالية لن تكون مثلما رأينا في بداية الحرب وهنا أيضا الميزانية المالية لن تكون مشابهة، وكذا سيناريو تشتعل فيه كل الجبهات بالتوازي لم يؤخذ بالحسبان بتعابير اقتصادية".

وبين أن "ما أُخذ حقا بالحسبان هو استمرار الحرب في الجبهة الجنوبية والشمالية بقوى متغيرة – أي اشتعال، هدوء واشتعال متجدد، وهذا يعني أنه لن تجند كل قوة الاحتياط التي جندت في بداية الحرب، ومن هنا بأن يستخدم الجيش الذخائر استخداما أقل وهكذا دواليك".

وأضاف أن "هذا السيناريو يأخذ بالحسبان تأهب وحدات احتياط كبيرة لكن ليس في مداها الأقصى. يأخذ بالحسبان تشوشا جزئيا جدا للحياة في الجبهة الداخلية ومن هنا أيضا فإن فقدان الإنتاج سيكون محدودا ومن هنا أيضا فقدان المداخيل من الضرائب للدولة وهكذا دواليك".

وختم أنه "الآن ينبغي أن نفهم الوضعية، إسرائيل توجد في مستوى عال من انعدام اليقين، وكل سيناريو لم نفكر فيه يمكن أن يفاجئ، لكن الآن أيضا، الاقتصاد الإسرائيلي قوي، والجبهة الإسرائيلية الداخلية قوية، وإسرائيل معتادة على الانتقال السريع من الحياة الطبيعية إلى الطوارئ ومن ثم إلى الحياة الطبيعية، وعليه فيجب أن يقال كل شيء بتحفظ، كل الجهات الاقتصادية تعيش بسلام مع سيناريوهات بنك إسرائيل التي أخذت بالحسبان كل احتياجات الجيش كما عرضت ومع هوامش أمان معقولة".

مقالات مشابهة

  • الجيش الإسرائيلي يواصل انتهاكاته لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان
  • جيش الاحتلال يزعم القضاء على ناشط عسكري لحزب الله في عيتا الشعب
  • كاتب صحفي: الجيش اللبناني انتشر في الأماكن التي انسحب منها الاحتلال الإسرائيلي
  • بقاء الجيش الإسرائيلي في خمس نقاط بالجنوب اللبناني: أي خيارات لدى لبنان وحزب الله؟
  • الجيش الإسرائيلي ينسحب من جنوب لبنان ويُبقي قوات في 5 مواقع
  • الجيش اللبناني يدخل إلى بلدة العدسة.. ومسئول إسرائيلي: انتصار لحزب الله
  • مقتل مسؤول عسكري في “حماس” بغارة على صيدا.. لبنان يترقب انسحاب الاحتلال.. ورهان على ضغوط واشنطن
  • فرضية استئناف الحرب على غزة ضئيلة لهذه الأسباب
  • كم هي كلفة الحرب وكيف تؤثر على اقتصاد الاحتلال؟.. 88 مليون دولار يوميا
  • الجيش الإسرائيلي: حزب الله أطلق 5 مسيرات تجاه إسرائيل منذ وقف إطلاق النار