كيف نصبر عند الصدمة الأولى؟ علي جمعة يوضح
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن كثيرا من الناس عندما يحدث له شيء من الكَدَر، من الهموم، من المصائب، من الكوارث، من الأزمات فإنه يظن أن الله قد غضب عليه، ولكن هذه هي طبيعة الدنيا التي خلقها الله سبحانه وتعالى.
فالله عز وجل خلق الأشياء، وقدَّر لها أقدارها، خلق النار وجعلها مُحْرِقة، وجعل الإنسان يطلب منها الدفء، جعلها عندها طاقة وحرارة، خلق الله سبحانه وتعالى الشمس وهي مضيئة؛ وهذه الإضاءة تسبب النهار، خلق سبحانه وتعالى البحر وأوجد فيه ماءً؛ وهذا الماء يُحْدِث البَلل، فلا يتعجب إذا ما ألقى الإنسان نفسه في البحر فابتل، ولا يقول: لماذا قدَّر الله عليَّ البلل؟ وهل هذا غضبٌ من عنده؟ وهل أنا فعلت شيئًا؟ ويبدأ أولًا: في التبرّم ، ثانيًا: في الحَيْرة والتردد ، ثالثًا: في عدم الثقة لا بالنفس ولا بالله.
ولإزالة هذا التوهّم، فإن أصل الدنيا فيها الكدَر وهذه صفتها؛ فإن الأكدار جزء لا يتجزأ من حقيقتها، ولأنها دنيئة -من الدنو، ومن الدناءة- أبرزت المصائب والشواغل والهموم والأزمات والكوارث والأمراض -ما هو مستحق وصفها-، ولأنها كذلك فلا يُسْتَغرب منها أن تُظهر الأكدار، هذه الحقيقة تجعل معك ميزان للتعامل مع الدنيا، عندما تأتي المصائب تعرف حقيقتها.
فما الذي يُفيده هذا الشعور؟ المساعدة على الصبر؛ لأن الصبر مُرْ، والصبر صعب، والصبر فيه معالجة للنفس وكَبْح هذه النفس.
فكيف تستعين على الصبر؟ تستعين على الصبر بأنك مهيأ، وفاهم أن هذا أمر عادي، ولذلك لما رأى النبي ﷺ المرأة التي مات لها ابنها، وهي تبكي، وتَلْطِم، وكذا؛ فقال لها: «اتَّقِي اللهَ وَاصْبِري»، قالت: «إِلَيْكَ عَنِّي؛ فإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي» -ولم تكن تعرف أن الذي يُكلمها هو رسول الله ﷺ من شدة حزنها، واستغراقها في الحزن، وانشغالها في هذا الجزع-، وأخبروها هذا رسول الله فقامت تجري وراءه، وقالت: «لَمْ أَعْرِفكَ» ، فقال لها: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى».
فكيف يأتي الصبر عند الصدمة الأولى؟ بالمعرفة المُسَبَّقة وبالتربية والفَهْم، وبالتحقق بهذه الحكمة «لاَ تَسْتَغْرِبْ وُقُوعَ الأَكْدَارِ مَا دُمْتَ في هَذِهِ الدَّار» فعندما تأتيني الواقعة والحادثة والنازلة، تجدني وأنا مستحضر هذه الحقيقة فتساعدني على الصبر وعدم الجزع ، فما نتيجة الصبر؟ التسليم والرضا بقضاء الله، يقول سيدنا النبي ﷺ: «إِنَّ الْعَيْنَ لتَدْمَعُ، وَ إِنَّ الْقَلْبَ ليَحْزَنُ، وَإِنَّا على ِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ، ولا نقول ما يُغْضِبُ الله» لأن هناك تربية سابقة، ومفاهيم سابقة مستقرة في النفس البشرية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: على الصبر
إقرأ أيضاً:
محمد الأبيدي: الصبر على الابتلاء دليل على قوة الإيمان
قال الدكتور محمود الأبيدي، من علماء وزارة الأوقاف، إن الصبر هو عنوان الإيمان، وعندما نذكر الصبر، نذكر نبي الله أيوب عليه السلام، الذي يُعد شيخ الصابرين، لافتا إلى أن صبر سيدنا أيوب على المرض طويلًا حتى سمع بعض الناس يتحدثون عن خطأ ارتكبه، وأنه يُبتلى بسبب ذنب عظيم، ما دفعه إلى اللجوء إلى ربه بالدعاء قائلاً: 'إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين'، فاستجاب الله له ورفع عنه البلاء."
وأضاف الدكتور محمود الأبيدي، خلال تصريح اليوم الاثنين: "والمؤمن عندما يبتليه الله، يجب أن يتذكر ما قاله الخليل إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم: 'فإنهم عدو لي إلا رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين والذي يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين'، هنا نرى أن الابتلاءات التي يمر بها الإنسان هي امتحانات من الله سبحانه وتعالى، وهو في كل حال يُختبر."
وأوضح أن القرآن الكريم يذكر في سورة التغابن: "لَا بُلْوِنَّكُمْ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَتَسْمَعُونَ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ"، لافتا إلى أن الصبر على المرض له جزاء عظيم عند الله، حيث يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.
وأشار إلى أن الابتلاء هو نوع من الاصطفاء من الله، وابتلاء المؤمن يقربه إلى ربه، وأن الصبر على المرض أو أي بلاء، حتى وإن كان بسيطًا كالدور البرد أو تعب خفيف، هو اختبار لله وإشارة لعلامة الإيمان في قلب المؤمن.
وأكد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له"، مضيفا أن الاختبار الحقيقي يكمن في كيفية تعامل الإنسان مع البلاء، سواء كان في السراء أو في الضراء، فالصبر والشكر هما دليل الإيمان والتقوى.