انتقالات المظاهر الدوليَّة عبر الاقناع والتضليل
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
يناير 21, 2024آخر تحديث: يناير 21, 2024
د. محمد وليد صالح
باحث وكاتب عراقي
على الرغم من تعدد وسائل الإعلام وتنوعها يتوافر رابط مشترك لتنظيم ممارساتها وهو الرقابة الحكومية وغير الحكومية سواء أكانت المباشرة أم غير المباشرة، بوصف الهيئات والنقابات والاتحادات ممثل لهذه الرقابة، بوصف عملية التقويم لمحتوى الاتصال ومستوى الحدث وأهمية التسويق الإعلامي له، بمعنى ان الإعلام لم يعد حراً وانما توجد ترددات غير مرئية يستشعرها القائم بالعملية الاتصالية، وهذه تضمنت جانبين احدهما سلبي والآخر ايجابي، وبطبيعة الحال يتأثر ذلك بنظام التمويل وقانون تأسيس وسائل الإعلام، فضلاً عن تنظيم ادائها المؤسساتي بهدف تقديم الأفكار والأطروحات لايصال رسالة إلى الجمهور المحلي والإقليمي لمواجهة رسائل الإعلام الدولي.
ان مقومات الدولة الحديثة ركزت على ثلاث قوى رئيسة هي (الإعلام والاقتصاد والعسكرية) وأصبحت القوة الفعلية لأي دولة في العالم تقاس بمدى حجم وإمكانيات ما تملكه من تلك القوى. إذ يمكن تحديد مظاهر النظام الدولي الجديد لفهم انتقال العلاقات الدولية من نظام تقليدي إلى نظام جديد يرافقه نظام إعلامي معاصر، نابع من تطور وسائل الاتصال الرقمية وسرعة نقل المعلومات عبر الدول، لتوفير الزمن واختصار المسافات، الأمر الذي جعل الأفكار والمفاهيم عن الظواهر والأشياء تتأثر بالأحداث الجارية والتطورات المتلاحقة على امتداد العالم.
وأدى التوسع في المجالات العلمية والتكنولوجية إلى إغراق المجتمعات بالسلع والأجهزة والمعدات ووسائل إنتاج وتوزيع واستهلاك العلم والمعرفة، واستغلالها في ربط الإعلام بالاقتصاد، فضلاً عن ظاهرة العولمة ومجالاتها وتزايد الاعتماد الدولي المتبادل والشركات المتعددة الجنسيات، وأصبح العديد من المنتجات الصناعية يتم تجميعها في اكثر من دولة وتقوم كل واحدة منها بالتركيز أو التخصص في صنع أحد هذه المكونات فقط.
اصبحت أهمية الإعلام بشكل عام والسياسي بشكل خاص وثيقة الصلة بالإعلام الحربي أو العسكري، لخدمة الأغراض السياسية والعسكرية على حد سواء كلما تفاقمت الأزمات أو الحروب، مما دفع بعض الدول لإنفاق ملايين الدولارات لفتح إذاعات لنقل الصوت عبر الأثير والتأثير في العالم.
إذ سميت حرب الخليج الثالثة بـ الحرب الإعلامية أو حرب الخطاب السياسي الإعلامي، لشدة النزاع والتنافس بين وسائل الإعلام السياسي العربي والغربي على نقل وقائعها كل على هواه وأدلجته السياسية الخاصة، وعلى الرغم من التدفق الهائل للأخبار والمعلومات والتقارير بالصوت والصورة بشكل دوري ومستمر، فالإعلام السياسي مارس التضليل والتوجيه باستعمال التقانة السمعية والبصرية الحديثة، مما افقد المتلقي العربي والأجنبي المصداقية في العديد من وسائل الإعلام الامريكية والغربية والعربية، إذ توضح ان معظم ما يبث لم يكن سوى دعاية سياسية وتظليل إعلامي.
ان توازن العلاقة بين الإعلام والحكومة كتوفير الدعم والتمويل لعمل هذه الوسائل بصورة غير مشروطة بوصفها جزء من المجتمع المدني الذي تسعى لتطوير مؤسساته وتنميتها، وبرزت الكثير من الأحداث ولها صدى كبير في أرجاء العالم كافة، إذ بدأ الأمر يؤثر على الشعوب والعلاقات السياسية ضمن إطار الدبلوماسية الشعبية، وموضوع دراسة الصورة لديها.
وقد يأتي هنا دور المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام في نقل الأحداث السياسية وصناعتها بما ينسجم مع طبيعة عمل منظومة العلاقات الدولية مع دول الجوار الجغرافي، لأن الإعلام أصبح فاعلاً مؤثراً في السياسة الخارجية للبلد، ومن هذا المنطلق تنبع أهمية الإعتماد على منهجية فكرية واضحة المعالم والرؤى والتخطيط لستراتيجيات على وفق وسائل جديدة ومتاحة لصياغة محتوى الأحداث ونقله.
ومن طريق ما تقدم ان دور الإعلام وأثره في السياسة المحلية والدولية، يتضح بواسطة الاعتماد على وسائل الاقناع والترغيب والترهيب والتضليل والخداع بصورة تبدو للعيان انها الواقع أو الحقيقة، فضلاً عن أهمية الإعلام السياسي في خدمة أهداف النظام الدولي الجديد وستراتيجياته، بوصف الإعلام سلاح أكثر فعالية من اللجوء إلى القوة العسكرية.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: وسائل الإعلام
إقرأ أيضاً:
أزيد من 700 عارض خلال الدورة الـ 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط
يشارك في الدورة الـ 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، التي ستحتضنها مدينة الرباط من 18 إلى 28 أبريل، حوالي 775 عارضا، يمثلون 51 بلدا، موزعين ما بين 311 عارضا مباشرا، و464 عارضا بالوكالة، يقدمون ما مجموعه 100 ألف عنوان.
وسيعرف برنامج هذه الدورة، الذي جرى تقديمه اليوم الاثنين بالرباط خلال ندوة صحفية، مساهمة مجموعة مـن الباحثين والكتاب والمبدعين فى مختلف أصناف الفكر والإبداع، من داخل المغرب وخارجه، بمعدل 26 نشاطا فى اليوم، يشارك فيها ما مجموعه 762 متدخلا عبر العديد من الندوات العامة، واللقاءات الفكرية، والليالي الشعرية، والحوارات المباشرة وتقديم الإصدارات الجديدة.
كما سيعرف هذا الموعد الثقافي الذي تنظمه وزارة الشباب والثقافة والتواصل، بشراكة مع جهة الرباط- سلا- القنيطرة، وولاية جهة الرباط- سلا- القنيطرة، وجماعة الرباط، تنظيم فقرات احتفالية تتمثل في تكريم قامات إبداعية وفكريـة مغربية ساهمت في إشعاع الثقافة المغربية، إلى جانب فقرات خاصة بتكريم رموز الثقافة العربية بتعاون مع منظمة الإلكسو، وفقرات أخرى لتقديم جوائز أدبية، منها جوائز ابن بطوطة لأدب الرحلة والجائزة الوطنية للقراءة.
وستتميز هذه الدورة باستقبالها للشارقة (الإمارات العربيـة المتحدة) كضيـف شرف، في خطوة جديدة ترسخ مكانتها كمركز ثقافي عالمي، وحاضنة للثقافة العربية والإسلامية، مجسدة بذلك دورها في رعاية المشروع الثقافي العربي الحديث.
وفي هذا السياق، تشارك الإمارة ببرنامج ثقافي وفني وحضاري متكامل، حيث ستسهم في الحوارات حول الثقافة والآداب والفنون والنشر، مقدمة رؤيتها لمستقبل الثقافة العربية وصناعة الكتاب ودور الناشرين من خلال وفد يضم نخبة من الأدباء والمفكرين والناشرين الإماراتيين.
وستقدم هيئة الشارقة للكتاب فعاليات تستعرض المشهد الأدبي والإبداعي الإماراتي، بمشاركة أكثر من 15 دار نشر إماراتية، وتنظم جلسات حوارية لتعزيز التبادل الثقافي بين الكتاب والمفكرين الإماراتيين والمغاربة. كما يتضمن البرنامج ورش عمل للأطفال، وعروضا تراثية، وجلسات مخصصة للخط العربي بالتعاون مع خطاطين مغاربة، مما يجعل المشاركة تجربة تجمع بين الأدب والفن والتراث.
وتهدف إمارة الشارقة من خلال هذه المشاركة إلى تعزيز الروابط الثقافية وتبادل الخبرات، بما يحقق التكامل بين مكونات المشروع الثقافي العربي، مع تسليط الضوء على مستجدات المشهد الثقافي الإماراتي، ومبادراته المتواصلة في دعم صناعة الكتاب والمعرفة، من خلال تعزيز النشر والترجمة وتطوير قطاع النشر بشكل عام.
من جهة أخرى، ستحتفي الدورة الـ 30 من المعرض بمغاربة العالم، وذلك من خلال تكريم أربع شخصيات بارزة في تاريخ الهجرة المغربية، كعبد الله بونفور (متخصص فى الدراسات الآمازيغية)، والراحل أحمد غزالي (كاتب مسرحي وعالم متاحف)، وللا خيتي أمينة بن هاشم العلوي (أول صحفية مغربية في الإذاعـة والتلفزيون البلجيكي)، والراحل إدريس الشرايبي، وذلك بمناسبة الذكرى الـ 70 لصدور روايـة « التيوس » في باريس.
ويشمل البرنامج الأدبي لمغاربة العالم تنظيم أمسية شعرية تتضمن قراءات لقصائد باللغات العربية والأمازيغية والفرنسية والإنجليزية والإيطالية والإسبانية لـ 11 شاعرا. كما أنه من المقرر تنظيم عـرض اسـتيعادي لعشرة أفلام مغربية رائدة حول الهجرة.
وسيصدر، بهذه المناسبة، عددان خاصان مـن مجلتين تحتفيان بمغاربة المهجر، الأولى هي مجلة « ديبتيك »، حيث سيكون العدد مخصصا للفنانات والفنانين التشكيليين من مغاربة العالم، والثانية مجلة « تيل كيل » التي سيكون عددها مخصصا لروائيات المهجر.
وبهذه المناسبة، أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، في كلمة بالمناسبة، أن استضافة إمارة الشارقة كضيف شرف للدورة، يعكس التزام المعرض بترسيخ قيم التعاون الثقافي العربي الوثيق وأهمية الانفتاح على الآخر، مبرزا أن الاحتفاء بمغاربة العالم يجدد التأكيد على تعزيز روابط الانتماء والتواصل مع الوطن الأم. وسجل السيد بنسعيد أن الوزارة تواصل بمعية كافة شركائها المهنيين والثقافيين والمؤسساتيين والجمعويين العمل على إخراج الدورة الـ 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب في الصورة التي تحقق بها قيمة مضافة، ويجعل من مدينة الرباط وجهة ثقافية وطنية ودولية، خاصة وهي تستعد لتكون العاصمة العالمية للكتاب في الدورة الموالية برسم سنة 2026.
من جانبه، أبرز رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، إدريس اليزمي، أن الدورة الـ 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، ستمنح من خلال الاحتفاء بذكرى الكاتب والأديب المغربي الراحل إدريس الشرايبي، فرصة لاستكشاف رحلته الإبداعية من خلال معرض غني بالصور والشهادات التي تسلط الضوء على مسيرته الفريدة.
كما سجل اليزمي أن الاحتفاء بمغاربة العالم سيمكن من استكشاف التحولات الفكرية والثقافية التي شهدتها الجالية المغربية المقيمة بالخارج خلال بضعة عقود، والمتمثلة بالأساس في التطور الكبير للكتابات النسائية مقارنة بالجيل الأول لمغاربة المهجر.
وعلى غرار الدورات السابقة، أعدت وزارة الشباب والثقافة والتواصل لفئة الأطفال برنامجا غنيا ومتنوعا طيلة أيام المعرض، يتضمن 712 نشاطا من بينها 660 ورشة تثقيفية داخل ستة مساحات يتشكل منها فضاء الطفل، إلى جانب تهيئة فضاء خاص بالرصد المطبوع من كتب الأشرطة المصورة لشخصيات السلسلة الكرتونية السنافر.
كلمات دلالية المغرب ثقافة كتاب