رام الله – لم يكن مهند نيروخ، صاحب ومدير مصنع لإكسسوارات الألومنيوم في الضفة الغربية يتصور أن يتحول وضع منشأته وأرباحه السنوية إلى هذا السوء، بعد أن شرعت إسرائيل في حربها على قطاع غزة والأراضي الفلسطينية بعد عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة بداية الربع الأخير الذي يجني فيه هذا القطاع الصناعي عادة أرباحه السنوية.

يوظّف مهند، حسبما قال للجزيرة، 30 شخصا في شركة إكسسوارات الألومنيوم التي أسسها والده عام 1993 وجميعهم يعانون من الأوضاع السياسية وحرب إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، مما دفعه لاتخاذ إجراءات لتقليص النفقات في ظل انخفاض الدخل، وقال إن منشأته تعمل بنحو 40% من طاقتها، بعدأن خفضت الإنتاج 60%.

خسائر شهرين

وبحسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، تعرض قطاع الصناعة الفلسطينية لخسائر قدّرها بمليارات الدولارات في الأشهر الأولى للحرب، إذ توقفت كافة أشكال الصناعات في غزة، فيما تعرضت المصانع والشركات الصناعية لانتكاسات كبيرة في الضفة الغربية المحتلة.

وقدّر الجهاز الخسائر الاقتصادية في فلسطين منذ بدء عدوان إسرائيل على قطاع غزة بنحو 1.5 مليار دولار، نتيجة توقف الإنتاج بشكل شبه تام في غزة، والتداعيات على الضفة الغربية، بما يعادل حوالي 25 مليون دولار يوميًا، باستثناء الخسائر المباشرة في الممتلكات والأصول.

ويشير تقرير الإحصاء المركزي حول قطاع الصناعة إلى أن قيمة الإنتاج في شهري الحرب الأوليين بلغت في الضفة الغربية 452 ألفا و573 دولارًا، وفي غزة 11 ألفًا و852 دولارًا مما يعني أن الإنتاج الفلسطيني كان دون 500 ألف دولار.

وكان الإنتاج في الأشهر الاعتيادية خلال السنة الماضية في الضفة الغربية 969 ألفًا، و954 دولارًا ، وفي غزة 110 آلاف و715 دولارًا بمجموع يزيد قليلًا عن مليون دولار في فلسطين.

أما خسائر شهري العدوان الأوليين فبلغت 407 آلاف و381 دولارًا في الضفة الغربية وفي غزة 98 ألفًا و862 دولارًا بمجموع 506 آلاف و243 دولارا في فلسطين، وفق بيانات الجهاز.

ويقول نيروخ، وهو أب لطفلين، إنه اضطر لتقليل مصروفات مختلفة، وأوقف عمليات تطوير وترميم لمنزله، وقد يضطر الى تخفيض نفقات إضافية في المنزل إذا استمرت الحرب.

حواجز وإغلاقات

ونجمت عن هذه الأوضاع، بحسب نيروخ، العديد من الإشكاليات والعقبات في ظل استمرار الحرب أبرزها الحواجز الإسرائيلية وارتفاع تكاليف النقل والشحن الداخلية بين المدن الفلسطينية والخارجية، واستيراد المواد الخام، مما زاد تكاليف الإنتاج في وقت ينخفض فيه الطلب تحت وطأة الحرب.

وعلى صعيد توزيع المنتجات يقول مهند، صاحب المصنع الذي يوزع إلى أطراف الضفة الغربية، إن الحواجز تعدّ أكبر عائق أمامهم إذ أدى الإغلاق إلى إشكاليات عديدة منها عدم قدرة وصول العمال في أوقات العمل وتأخرهم إن استطاعوا الوصول الى جانب صعوبة نقل المنتجات والبضائع للتجار والوكلاء في المحافظات.

ويضطر سائقو الشاحنات الى استخدام طرق صعبة وخطرة في بعض الأحيان، مما يزيد الأعباء المالية على مصنع مهند، إذ تعود الشاحنات في كثير من الأحيان من دون تسليم البضائع نتيجة إغلاق الاحتلال للحواجز، أو السير في طرق التفافية أطول للوصول إلى الوكلاء وإتمام التسليم.

وارتفعت أسعار المنتج النهائي لمصنع إكسسوارات الألومنيوم نتيجة استيراد المواد الخام من دول أبرزها الصين، وإيطاليا، وإسبانيا، وتركيا مشيرا إلى إغلاق الموانئ في بداية الحرب مما رفع كلفة المواد وبالتالي أسعارها.

وبحسب نيروخ، فإن الأوضاع الجديدة أفضت إلى تأخير وصول المواد المشحونة من 20 يومًا الى 60 يومًا، وأدى ذلك إلى انعكاسات سلبية على التصدير إلى الأردن وإلى السوق الإسرائيلي، خاصة مع إغلاق المعابر بين مدن الضفة الغربية وإسرائيل من جهة وإغلاق الحدود مع الأردن.

عقبات

وفي هذا المجال يقول أمين سر اتحاد الغرفة الصناعية والتجارية في فلسطين، سمير حزبون للجزيرة إن قطاع الصناعة بمتخلف أنواعه سواء الاستخراجية أو التحويلية يواجه مشكلات متعددة أبرزها الحواجز ما بين المحافظات، وثانيها الإغلاق المفروض وبالتالي صعوبة استيراد المواد الخام.

ويتمثل العائق الثالث في ارتفاع تكاليف النقل سواء الداخلي نتيجة الحرب والحواجز، أو الخارجي نتيجة إغلاق المعابر، أما الرابع فهو صعوبة تنقل الأيدي العاملة بين المحافظات، وفق حزبون الذي قال إن الصناعات الفلسطينية صارت تعمل بما لا يزيد عن 60% من طاقتها الإنتاجية، في حين تعمل غالبية المصانع بما بين 40 و50%.

وأشار حزبون إلى عوامل مؤثرة أخرى على الصناعة منها ارتفاع سعر صرف العملات، خاصة تلك التي تستخدم في استيراد المواد الخام من الخارج، وزيادة الاعتماد على السيولة النقدية نتيجة صعوبات مصرفية في التعامل بالشيكات والحوالات.

خفض الإنتاج

بالعودة إلى نيروخ، يقول إن كميات الإنتاج تراجعت بانخفاض حجم المبيعات، موضحًا أن مصنعه هو ضمن قطاع الإنشاءات الذي توقف بشكل كامل تقريبا كما توقفت عمليات البناء حتى في المباني والبيوت الخاصة، لأن موظفي القطاع العام وجزء كبير من موظفي القطاع الخاص لا يتلقون رواتبهم كما أن العمال الفلسطينيين في إسرائيل ممنوعون من العودة لأعمالهم، مما أدى إلى توقف البناء والإنشاءات.

وتطرق نيروخ إلى انخفاض تحصيل الديون وزيادة نسبة الشيكات الراجعة من الوكلاء والمواطنين.

ويقول حزبون إن استمرار هذه الأوضاع، وبعد الدخول بالشهر الرابع من الحرب انهارت مصانع فلسطينية، ففي قطاع صناعة الحجر والرخام في محافظة بيت لحم أصبح يعمل ما بين 30 و35 مصنعًا فقط من أصل 130 مصنعًا.

يقول نيروخ إن شركته تتحمل منذ اندلاع الحرب كافة نفقات الموظفين من باب المسؤولية الاجتماعية، لكنها لن تستطيع الاستمرار بهذا النهج إذا استمرت الحرب، وسيصل إلى نقطة يقوم فيها بالاستغناء عن الموظفين لأن الأوضاع صارت كارثية.

وعبّر عمال المصنع، الذين يعملون لساعات أقل، للجزيرة عن مخاوفهم من استمرار هذه الأوضاع على مصدر رزقهم، مشيرين إلى أنهم محظوظون حتى الآن لعدم خسارة عملهم، لكنهم يعلمون خطورة الوضع.

وفي هذا الصدد، يقول راكان إبراهيم أبو الحور، من أحد القرى القريبة من بيت لحم إنه محظوظ بالعمل لأنه لم يتم تسريحه، إلى الآن، ويأمل أن تتحسن الأوضاع بسرعة.

وحول واقع العمال وفرص العمل، يختتم حزبون حديثه، بالقول إن كل هذا الواقع الصعب على الصناعة الفلسطينية يضعف فرص العمل ويخلق حالة من البطالة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی الضفة الغربیة المواد الخام فی فلسطین دولار ا فی غزة

إقرأ أيضاً:

%19 نموًا بصادرات الصناعات الغذائية المصرية إلى المملكة المتحدة خلال 2024

رئيس المكتب التجاري بالسفارة المصرية في لندن: مصر ستشارك لأول مرة بجناح رسمي في المعرض الدولي للأغذية والمشروبات بإنجلترا نائب رئيس المكتب التجاري في سفارة مصر بلندن: التواجد المصري في السوق البريطاني يتطلب تطوير مأكولات صحية 


في خطوة بارزة لتعزيز التبادل التجاري بين مصر والمملكة المتحدة، أعلن المجلس التصديري للصناعات الغذائية عن زيادة كبيرة في صادرات القطاع للمملكة المتحدة، التي سجلت 86 مليون دولار في عام 2024، بنسبة نمو بلغت 19% مقارنة بـ72 مليون دولار في 2023.


جاء هذا الإعلان ضمن فعاليات ندوة إلكترونية نظمها المجلس تحت عنوان "فرص تنمية صادرات الصناعات الغذائية إلى إنجلترا"، بمناسبة المعرض الدولي للأغذية والمشروبات الذي سيُعقد في لندن خلال الفترة من 17 إلى 19 مارس 2024.

صادرات الصناعات الغذائية ترتفع37% 


و أشار المجلس التصديري إلى أن صادرات مصر من الصناعات الغذائية شهدت نموًا ملحوظًا منذ عام 2019، حيث ارتفعت بنسبة 37% في 2019، ثم بنسبة 25% في 2020، تلتها زيادة بنسبة 18% في 2021، وبنسبة 38% في 2022، وصولًا إلى 6% في 2023، ليصل إجمالي صادرات مصر من الصناعات الغذائية إلى المملكة المتحدة في 2024 إلى 86 مليون دولار.

صادرات الصناعات الغذائية المصرية للمملكة المتحدة تسجل 86 مليون دولارأسعار صرف العملات الأجنبية في البنك الأهلي اليوم الاثنين 3 مارس


وأضافت البيانات أن الفواكه المجمدة تصدرت قائمة صادرات الصناعات الغذائية المصرية إلى المملكة المتحدة بقيمة 15.7 مليون دولار، تليها الفراولة المجمدة التي بلغت قيمتها 10.6 مليون دولار، ثم الشكولاتة بقيمة 9 ملايين دولار. كذلك تم تصدير محضرات الخضر بقيمة 5.6 مليون دولار، وخضر مجمدة بقيمة 4.6 مليون دولار، وصوصات الطماطم بقيمة 3.9 مليون دولار، بالإضافة إلى العديد من المنتجات الأخرى مثل الزيوت الأساسية والراتنجات والعصائر، مما يعكس التنوع الكبير في صادرات مصر من الصناعات الغذائية.

مصر تشارك لأول مرة بجناح رسمي في معرض الاغذية بلندن


وتعليقًا على ذلك، كشف الوزير المفوض تجاري تامر مصطفى، رئيس المكتب التجاري بالسفارة المصرية في لندن، أن مصر ستشارك لأول مرة بجناح رسمي في المعرض الدولي للأغذية والمشروبات في لندن بعد أن كانت الشركات المصرية تشارك بشكل فردي في السابق.


وأكد أن هذه المشاركة تعد خطوة هامة لتعريف السوق البريطاني بالمنتجات المصرية ذات الجودة العالية، ولتوسيع نطاق التواصل مع كبار تجار التجزئة والسلاسل الكبرى في المملكة المتحدة، بما يفتح المجال أمام الشركات المصرية لإنشاء مكاتب وفروع تجارية في بريطانيا.

الميزان التجاري بين مصر والمملكة المتحدة


من جانبه، أشار السكرتير الثاني التجاري أحمد صلاح، نائب رئيس المكتب التجاري في سفارة مصر بلندن، إلى أن الميزان التجاري بين مصر والمملكة المتحدة في قطاع الصناعات الغذائية أصبح لصالح مصر في عام 2024 بقيمة 7 ملايين جنيه استرليني، مقارنة بعجز بلغ 3 ملايين جنيه استرليني في 2023. 


وأضاف صلاح أن هذا التوازن في التجارة يعكس التطور الملحوظ في صادرات مصر من الصناعات الغذائية، لافتًا إلى أن المملكة المتحدة تعد من أكبر الأسواق الأوروبية من حيث الاستهلاك الغذائي وتنوع الشرائح الاستهلاكية، وهو ما يسهم في زيادة الطلب على المنتجات المصرية.


وأوضح صلاح أن تنوع المنتجات المصرية المصدرة إلى المملكة المتحدة يشكل نقطة قوة للقطاع التصديري المصري، حيث تشمل هذه المنتجات الزيوت والدهون النباتية، الحلويات، المخبوزات، والمشروبات، مما يعزز من فرص التوسع في السوق البريطاني. 


وفي الوقت نفسه، أشار "صلاح" إلى أن هناك تحديات تتمثل في المنافسة الشديدة من دول أخرى مثل فرنسا وألمانيا، فضلاً عن متطلبات السوق البريطانية الصارمة في مجالات التعبئة والمواصفات الصحية.

أهمية تحسين معايير الجودة


وفي هذا السياق، أكد صلاح أهمية تحسين معايير الجودة والتعبئة والتغليف بما يتماشى مع معايير الاستيراد في المملكة المتحدة، مشددًا على ضرورة تنويع الأسواق المستهدفة داخل بريطانيا، مثل الأسواق العرقية ومتاجر التجزئة الكبرى، بهدف تلبية احتياجات شرائح متعددة من المستهلكين البريطانيين، كما أشار إلى أن تعزيز التواجد المصري في السوق البريطاني يتطلب تطوير منتجات جديدة تلبي تزايد الطلب على المأكولات الصحية والعضوية.


واختتم صلاح حديثه بالإشارة إلى الفرص الكبيرة للتوسع في منتجات القيمة المضافة مثل العصائر، المربات، والصلصات، مع ضرورة تلبية معايير الجودة وسلامة الأغذية، وهو ما سيعزز من قدرة المنتجات المصرية على المنافسة في السوق البريطاني.

مقالات مشابهة

  • مع عنصر آخر..إسرائيل تقتل قيادياً من حماس في الضفة الغربية
  • حولتها إلى سجن كبير..الخارجية الفلسطينية: إسرائيل تنكل بالمواطنين في الضفة لتهجيرهم إلى الخارج
  • مناطق ج قلب الضفة الغربية الذي تخنقه إسرائيل
  • باحث: تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في مصلحة إسرائيل
  • متحدث فتح: نتنياهو يسعى للتصعيد لحماية نفسه من الأزمات الداخلية في إسرائيل
  • بطول 425 كم.. إسرائيل تنوي بناء جدار يفصلها عن الأردن والضفة الغربية
  • الأمم المتحدة تحذر من عواقب التحول الأميركي وضم إسرائيل للضفة الغربية
  • %19 نموًا بصادرات الصناعات الغذائية المصرية إلى المملكة المتحدة خلال 2024
  • الضفة الغربية بين مطرقة العدو الصهيوني وسندان الصمت الدولي
  • إسرائيل: مقتل 25 مسلحاً واعتقال المئات في الضفة الغربية