سواليف:
2024-12-17@12:01:04 GMT

أنثى مع وقف التنفيذ ،وبعد..

تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT

#أنثى مع #وقف_التنفيذ ،وبعد..

#شبلي_العجارمة

ولهاء فتاةٌ ناسكة على الجدار الفاصل ما بين أنوثتها وأشياء أخرى ، مدللة والديها، آخر العنقود وأحلاه ، الغلطة الشرعية الحلوة ، هكذا تنعت نفسها ، كما عاشت ولهاء بصمت سترها ، رحل والدها الطبيب بصمتٍ ايضاً ، لكنه كان أكثر وجعًا وأمرّ مذاقًا على قلب ولهاء والبقية، في مساق الجندرية لعائلة ولهاء ، يكبرها شبابٌ خمس ، وفتاتان ، اقول كما روت لي حكاية وجعها الصامت على البريد القادم من المجهول .


كبرت ولهاء كالمدينة الحسناء على الحقول الهامشية ، كبرت والعيد يكبر معها في بيت ثراء مقبول ، ومدنيةٍ ولدت معها ومع اسرتها ، الجميع أشقاؤها وشقيقاتها الذين لم يكونوا غلطةً شرعية من ذات الأم ،وحتى لا يذهب شتات القارىء الكريم للبعيد ، فإن ولهاء أتت على خطوط المشيب لعارضي والدها الطبيب ووهن أمها ، ولهاء تذكر أنها الوحيدة التي ولدت في مستشفىً خاص ، لأنها قدمت في أعتى مخمليات العيش لأسرتها ، لم تكن تعرف ولهاء أنها ستدفع ثمن طفولة وردها وياسمين صباها قسطًا باهظًا من أنوثتها ، وربعًا من همومها الصامتة ، والعشر الأخير رتوش وخربشات في دفاتر الأيام المهملة .
الطبيب كان كأي إنسانٍ طموح ، له أحلامٌ مشروعة ، كما له أعذار ممنوعة ، بعد أن شيد عمارةً من ست شققٍ كبيرة ، ليجعل منها قريةً تآزر جدرانها بعضها بعضًا ، وتتكاتف أنفاس ساكنيها من صلبه ، غامر في استثمار بلاد المقامرات ، تبنى صفقةً تجارية كبرى ، تكالبت عليه الظروف بمكانها وزمانها وكسدت البضاعة ، كان ثمن هذا اليباب رحيل الأب الطبيب صامتًا إلا من وجع خاصرته المذبوحة ، ومن نحيب قلبه المقتول صمتًا ، رحل وهو يدير معركته ضد الموت ، ويرتب أنفاسه على مراتب الدعاء ومرافق اليقين ، رحل وكل هذا الحلم يهوي رمادًا أسودا ، رحل وهو يعرف كل بوابات النجاة لكنه اختار بوابة الغياب الأخيرة ليموت مرةً واحدة .
ما يزيد على خمسين ألف دينارٍ ونيف ، حجم تركة الدين والغرق الاستثماري ، عوائل في مهب الريح ، وجدارنٌ تعرض بجميع زواياها بالمزاد العلني ، مات سيد البيت والتشريد القانوني يهدد خمسة عوائل وأم ثكلى استقرت على جغرافية جسدها كل الأمراض المزمنة التقليدية ؛ السكر، الضغط و و و ، وولهاء برفقتها .
أحد أعمام ولهاء قام بدفع المبلغ أو جزء منه ولكن على سبيل الفزعة المقايضة ليس على سبيل الشهامة المجانية.
ولهاء تعمل في إحدى الشركات الخاصة ، ترهبنت في جلبابٍ أسود موشى بالليلكي ، وحجاب أسود، كانت تلون أنوثتها الموقوفة على حيز التنفيذ بمرواد كحلٍ طبيعي ، ووضوء صلاتها ، وبقايا سوار مذهب في يدها اليمنى .
ولهاء مثلما جاءت بغلطة حلوة ، مثلما جرتها قدماها لكومة هذا العبء الكبير ، جرّت قلمها الازرق بتوقيع على تركة الدين بأكمله ، حتى ما إن جف دمعها وتظاهرت بنسيان هذا الفقد القاتل لأبيها حتى باتت تجفف بقع الدين الكبيرة والأثقل على فتاةٍ تتقاضى ثلاثمائة دينارٍ فقط .
ولهاء كانت تمر السوق كنسمة هواء عابرة ، تعبث في شهوة الأشياء ، لكن قرار اللمس والشراء يولد خداجًا نحيلاً ، تمره مثل أبواق السيارات التي تتلاشى في الزحام ، مثل إشارات المرور التي تأمر الجميع بالتوقف أو المسير ، تعبره رصيفًا باردًا يعج بالمارة وباعة العربات الخشبية .
ولهاء منفيةٌ من فراشها ، مبعدةٌ من دفئها في الشتاء بثقل البرد والصقيع ، ولهاء تحولت لآلة يتقادم الزمن على صفيح روحها ونحاس قلبها الذي يرن بين التارة والأخرى ، ولهاء تغدو خماصًا وتروح خماصًا .
صديقي الكاتب: أخط إليك قصتي الآن على انوار شموع يوم ميلادي ، اكتب من ذاكرة عيد ميلادي الثلاثين وأنا أحتفي بصمت كصمت رحيل والدي ، لم أحتفي بذكرى ميلادي إلا باليوم الذي أنهيت به آخر دفعة من الحساب المؤجل عن روحي والدي.
تقول ولهاء ، بعد مرور الثلاثين العجاف ونيف ، أقف لأول مرةٍ أمام مرأتي المغبرة ، أتفقد شموعي الرطبة التي خبأتها لعشرات السنين ، أتفقد اسطوانات الغناء المعطلة ، أداعب خزانتي بملابس الزفاف الافتراضي الذي كانت ترتبه أمي لي كأي حالمةٍ بالفارس الشهم والجواد الأبيض لابنتها ، أقف حسناء في وجه هذا القبح غير المقصود من إخوتي والزمن والظرف ، ألتفت لهذا الليل الذي لم يكن يختلف عن نهاراتي المنقرضة ، سيدي الكاتب : الآن أنزع مناكير أظافري وبعض الحلى ، لاستغراب واستنكار والدتي التي لم ترني يوماً أضع طلاء الأظافر لأزين أصابعي ، الآن سيدي الكاتب أجفف ابتسامتي الأخيرة عندما احمر وجهي خجلًا وأنا اسمع أغنية قديمة عندما رمقني أخي بنظرته الحادة وأنا أقدم له القهوة بارتباك ، حين قال لي انت لست معنا وهو يتهمني ضمنًا بالحب ، فالحب الذي كان لهم ومن أجلهم دفعت عمري ضريبةً له كان مباحًا ، أما أنا فحتى احتفائي براحة نفس وروح والدي شبهة أو حرام او ممنوع .
سيدي الكاتب أنا في بلاد الحب الممنوح والعشق الممنوع على مشارف حدود الانعتاق والتعب، أنا الغلطة الحلوة ، وأنا أنثى مع وقف التنفيذ وبعد

مقالات ذات صلة دماء غزة.. اشراقة تكشف الفارق الجذري بين الوطن والدولة 2024/01/18

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: وقف التنفيذ

إقرأ أيضاً:

من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. الوطن المعتقل

#الوطن_المعتقل

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ .. 17 / 2 / 2018

يا إلهي، أي ترف هذا الذي يعيشه المواطن الغربي! إنه بعيد عن دخان الحروب ومرمى البراميل الطائرة، ولا يثير عطاسه القومي غبار “بعير” البسوس، ولا أرضه مغتصبة، ولا بلاده على مائدة التقسيم. وإنه إنسان قد اكتملت إنسانيته، ولديه من رصيد الكرامة ما يكفيه للعيش عمرين متتالين، حقوقه مستلمة، وواجباته مؤداة، والقانون يطبق على كل من حوله بالتساوي كأسنان المشط، لا ينام منزعجا من قرار، ولا يموت كمدا لأنه قد جرى تعيين أغبى أغبياء الدنيا في موقع المسؤولية، وإنه مطمئن على أن الوطن بصحّة جيدة، وقابل أن يعيش مليون عام أخرى بقوة وتقدّم وازدهار.. فإن لديه طاقما من المسؤولين يعتذرون إن كذبوا ويستقيلون إن تأخروا.. فأي ترف هذا؟؟

مقالات ذات صلة د. حسن البراري يكتب .. الطغاة يجلبون الغزاة 2024/12/17

 
وزير الخارجية الهولندي “هالبي زيلسترا” قدم استقالته الأسبوع الماضي، فقط لأنه أقرّ بالكذب قبل عامين، حول حادثة جرت قبل 12 عاما؛ عندما ادّعى أنه حضر اجتماعا مع الرئيس الروسي بوتين وهو لم يحضره!! القصة برمّتها غير مهمّة، ولا تستدعي جلسة طارئة للبرلمان، فنحن يوميا على الصعيد الشخصي نكذب مثلها ألف مرّة، ثم إن الخبر الذي كذب به الوزير “هالبي” لا يضر بمصالح بلاده ولا يورطها بقروض طويلة الأمد وفوائد عالية النسب، ولا تتستّر على مصائب الزعيم، ولا تهدد الأمن القومي، ولا تدمّر الاقتصاد.. هي كذبة لطيفة لا يفرق جدّها من هزلها، فلماذا انزعج الصديق إلى هذا الحد وأنّب ضميره إلى هذه الدرجة وقدّم استقالته للملك وأنهى مستقبله السياسي..؟! ما قمت به يا رجل لا يذكر أمام ما يقوم به المسؤول العربي كل نهار، ولا يعترف رغم تراكم الأدلّة ضدّه..!!

قبل أسابيع أيضا استقال الوزير البريطاني “مايكل بيتس” لأنه تأخر عن جلسة البرلمان خمس دقائق، ولم يتمكّن من سماع الأسئلة الموجهة إليه، حيث نوقشت بغيابه فشعر بالإحراج، وقال بأنه لا يستحق أن يكون في هذا الموقع.. تخيّلوا الوزير البريطاني يشعر بالحرج لأنه لم يجب على سؤال وجّه إليه؟؟ وهناك أكثر من 80 سؤالا وجهه مجلس النواب الأردني للحكومة ولم تجب عليه؛ لا لانشغالها ولا لازدحام جدول أعمالها، وإنما هكذا “تطنيش” وعدم رغبة، بمعنى آخر “مش جاي عبالها” أن تجيب على هذه الأسئلة..

صحيح، ذكرني هذا الوزير البريطاني المتأخر لمدة خمس دقائق بحادثة جرت معي قبل سنتين تقريبا؛ عندما اتصل بي المحامي الذي يدافع عن قضاياي في المطبوعات والنشر وأكد أكثر من مرة على ضرورة الحضور والاستيقاظ باكرا والوصول للمحكمة قبل الموعد، لأن المشتكي “مسؤول مهم” وسيكون حاضرا جلسة الادّعاء، ولا بدّ من وجودي، فمن غير اللائق أن أتأخر في حضرة القضاء ووجود المسؤول المشتكي، وبالفعل كنت من أوائل من حضروا إلى قصر العدل، حتى قبل القـضاة والكاتبات وشرطة التنفيذ القضائي.. وعند المناداة على اسمي وقفت في غرفة القاضي ووقف قربي محامي.. ووقف محامي الخصم “المسؤول”، لكن المسؤول لم يحضر.. سأله القاضي: أين المشتكي؟؟ ردّ محاميه.. في “روما”.. صاح القاضي: لا تمزح أنت في حضرة القضاء.. اعتدل المحامي وقال: أقسم بالله إنه في روما، لقد سافر فجر اليوم برغم علمه بموعد الجلسة.. أغلق القاضي الملف وأجّل القضية شهرا آخر.

 
وزير يستقيل لأنه كذب قبل سنتين.. وآخر يستقيل لأنه تأخر خمس دقائق.. أي جنون هذا وأي احترام للدولة هذا! لقد كذبوا علينا حتى ملّهم الكذب، أقسموا أن يحرسوا الوطن فأخرسوه وسرقوه، أقسموا على خدمة الأمة فاكتشفنا “خدعة” الأمة، قالوا إننا سنلمس التحسن الاقتصادي بعد عامين، فمضى عقدان والاقتصاد من سيئ إلى أسوأ، ولم يتحسن إلا وضعهم الاقتصادي الشخصي، قالوا إنهم لا يساومون بالقضايا الوطنية، وبالفعل، لقد باعوها دون أن يساوموا عليها، قالوا إن كرامتنا أغلى ما يملكون، وعلى ما يبدو “أنها جابت سعر كويس” لصندوق النقد الدولي فباعوها وتركونا لا نفكّر الآن إلا في سدّ الجوع.. لقد كذبوا وتأخروا وأخرونا معهم.. ومع ذلك يصرّون في كل خطاب أنهم لن يسمحوا لأحد أن يلمس “الكرسي الذي يجلسون عليه”، ويطربون لتصفيق الطحالب التي تعيش على فتاتهم..

عندما يصبح الحاكم جلادا، ووزيره سمسارا، والشعب رؤوسا في مزرعة، والعدالة موسمية.. فتأكّد أنك لم تعد في وطن.. أنت في معتقل تسيّجه الأحلام الشائكة!

احمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com

#169يوما

#الحرية_لاحمد_حسن_الزعبي

#أحمد_حسن_الزعبي

#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن

#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي

مقالات مشابهة

  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. الوطن المعتقل
  • مراسلة الجزيرة بموسكو تكشف عن الفندق الذي نزل به الأسد والأموال التي بحوزته
  • «الآن يمكنني أن أموت وأنا مرتاح»
  • الكاتب الزعبي في رسالة جديدة من خلف القضبان .. شكرا للأحلام
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. أبحث عن وطن
  • (بُطان) البلد النافعة (عثمان دقنة أُنموذج)
  • شيّال الهموم
  • لا تتأخر دقيقة عن زيارة الطبيب إن ظهرت هذه العلامة على قدميك.. مرض مميت
  • كشفه بـ20 جنيه.. المئات يشيعون جثمان الطبيب أحمد عبده بالإسماعيلية
  • الفنان محمد عادل: نفسي أموت وأنا على المسرح