اغتيال كينيدي لا يزال يحير الأمريكيين
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
اغتيال كينيدي لا يزال يحير الأمريكيين
الرواية الرسمية الأمريكية لم تفلح أبداً في إقناع الأمريكيين وغيرهم بأن لي هارفي أوزوالد كان الفاعل الوحيد.
رفض الأمريكيين الرواية الرسمية ناتج عن أنها انطوت على تناقضات عدة تزداد كلما أفرجت السلطات عن وثائق سرية.
المتيقن أن تناقضات الرواية الرسمية هي مصدر إيمان ملايين الأمريكيين حتى اليوم بأن اغتيال كينيدي كان مؤامرة، لا جريمة فردية.
تشكلت عقب اغتيال كينيدي ما سمي بـ«لجنة وارين» للتحقيق، فأصدرت تقريراً رسمياً قال إن أوزوالد قتل كينيدي وحده من دون دعم أية جهة.
استطلاعات الرأي تظهر باستمرار أن أغلبية الأمريكيين يؤمنون بأن اغتيال كينيدي كان مؤامرة واسعة وأن المخابرات المركزية أو بعض النافذين بها كانوا وراء الاغتيال.
* * *
رغم مرور أكثر من نصف قرن، لا تزال ملابسات اغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي لغزاً يحير الملايين.
فالرواية الرسمية الأمريكية لم تفلح أبداً في إقناع الأمريكيين وغيرهم بأن لي هارفي أوزوالد كان الفاعل الوحيد. واستطلاعات الرأي تشير، المرة بعد الأخرى، إلى أن أغلبية الأمريكيين يؤمنون بأن الاغتيال كان نتيجة مؤامرة واسعة، ويرون أن المخابرات المركزية الأمريكية، أو على الأقل بعض النافذين فيها، كانوا وراء اغتيال كينيدي.
والحقيقة أن رفض الأمريكيين للرواية الرسمية ناتج عن أنها انطوت على تناقضات عدة تزداد كلما أفرجت السلطات عن وثائق سرية.
والرواية الرسمية تقول إن أوزوالد، الشاب الأمريكي الذي اعتنق الشيوعية وكان مولعاً بفيدل كاسترو، منذ خدم في قوات المارينز، انشق وطلب جنسية الاتحاد السوفييتي والتخلي عن جنسيته الأمريكية، وسافر ليعيش بروسيا، لكنه عاد لأمريكا بعد عامين وعمل بالمكتبة التي أطلق من شرفتها النار على كينيدي فقتله.
وقد تشكلت عقب الاغتيال ما سمي بـ«لجنة وارين» للتحقيق، فأصدرت تقريراً رسمياً قال إن أوزوالد قتل كينيدي وحده من دون دعم أية جهة.
وقد ظلت تلك هي الرواية الرسمية رغم أن تقريراً للجنة بمجلس النواب صدر في 1976 قال إن الدلائل العلمية تشير إلى أن هناك «شخصين على الأقل» أطلقا النار على الرئيس، وأنه «يحتمل وجود مؤامرة كانت وراء اغتيال كينيدي».
أما تناقضات الرواية الرسمية فمنها مثلاً أن أوزوالد كان معروفاً طوال خدمته بالمارينز بميوله الشيوعية، ومع ذلك أرسل للخدمة بقاعدة أتسوجي باليابان، التي كانت مقراً رئيسياً للمخابرات المركزية، وموقعاً للتجارب على عقاقير يمكن استخدامها لاغتيال كاسترو، ومنها كانت تنطلق سراً طائرات التجسس على الاتحاد السوفييتي.
وقد بدا ذلك التناقض مؤشراً لعلاقة أوزوالد بالمخابرات الأمريكية. ومن بين تلك التناقضات أيضاً أن أوزوالد الذي انشق وسافر للعيش بالاتحاد السوفييتي، عاد بعد عامين لبلاده بمنتهى السهولة.
الأكثر غرابة أن الوثائق الجديدة التي أفرج عنها العام الماضي كشفت أن أوزوالد، الذي قيل إنه عرض على الروس التخابر معهم مقابل الجنسية، اتصل بالسفارة الأمريكية بموسكو طالباً مساعدتها في تدبير رحلة عودته لبلاده فساعدته فعلاً.
أكثر من ذلك، فالرواية الرسمية أكدت ولع أوزوالد بكاسترو، وقالت إنه حال عودته لأمريكا استقر بمدينة نيو أورليانز، وعرض على إحدى المنظمات الداعمة لكاسترو أن يتولى افتتاح فرع لها بالمدينة.
لكن الوثائق المفرج عنها مؤخراً تكشف عن أن أوزوالد كان ضالعاً وقتها في عملية استخباراتية أمريكية تسعى لتدمير تلك المنظمة من الداخل، ودعم المنظمات التي تعمل من أجل قلب نظام الحكم في كوبا، وتلك العملية الاستخباراتية كانت مستمرة حتى ليلة اغتيال كينيدي.
والتناقضات لا تقف عند هذا الحد، فقد كشفت تقارير صحافية نشرت الشهر الماضي عن شهادات قدمت للجنة مجلس النواب في السبعينات، من بينها شهادة لسيدة عملت مع المخابرات الأمريكية في عملية فاشلة لاغتيال كاسترو، فهي قالت وقتها إنها رأت أوزوالد بفلوريدا في الفترة نفسها التي قالت الرواية الرسمية إنه كان فيها في الاتحاد السوفييتي.
بل وأضافت أنها سافرت معه هو وعميل بالمخابرات لمدينة دالاس، التي اغتيل فيها كينيدي، قبل أيام فقط من واقعة الاغتيال. وقد تعرضت السيدة وقتها، حسب التقارير الصحافية، لضغوط شديدة للتراجع عن شهادتها من دون جدوى.
والحقيقة أن السلطات الأمريكية لم تفلح أبداً في شرح تلك التناقضات في روايتها الرسمية. وسواء كان إصرار المخابرات الأمريكية على موقفها لمدة ستين عاماً يهدف لإنكار الضلوع فعلاً في مؤامرة لاغتيال كينيدي، أم أن التآمر هدف فقط للتغطية على فشل استخباراتي أدى لاغتيال كينيدي.
إلا أن المتيقن هو أن كل تلك التناقضات، وغيرها، في الرواية الرسمية هي مصدر إيمان ملايين الأمريكيين حتى اليوم بأن اغتيال كينيدي كان مؤامرة، لا جريمة فردية.
وقصة اغتيال كينيدي تظل فعلاً من الألغاز التي ينبغي إزاءها التأكيد على أن هناك فارقاً كبيراً بين اعتبار التاريخ عبارة عن مؤامرة، كما يظن البعض، وبين الاعتراف بأن هناك بعض المؤامرات في التاريخ.
*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، باحثة في الشأن الأمريكية
المصدر | البيانالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا مؤامرة أوزوالد اغتيال كينيدي المخابرات الأمريكية اغتیال کینیدی
إقرأ أيضاً:
عبدالمنعم سعيد: ترامب غاضب من صديقه نتنياهو بسبب أصوات اليهود الأمريكيين
قال عبدالمنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ، إن العامل الشخصي لا يؤثر بشكل كبير في السياسة الدولية، ودونالد ترامب الرئيس الأمريكي المنتخب، غاضب من صديقه رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، لأن أكثر من 70% من اليهود الأمريكيين لم ينتخبوه.
وأضاف «سعيد»، خلال لقاء مع الإعلامية أمل الحناوي، خلال برنامج «عن قرب مع أمل الحناوي »، المذاع عبر شاشة قناة «القاهرة الإخبارية»، أن قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال لبنيامين نتنياهو ولوزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت، عبارة عن نصر معنوي، لأن المحكمة الجنائية ليس لديها أي سلطة تنفيذية في هذا الشأن.
أمريكا تعتبر إسرائيل حليف استراتيجي كبيرتابع عضو مجلس الشيوخ: «الرأي العام الإسرائيلي يحاول التصوير للعالم أن المؤسسات متعددة الأطراف مثل المحكمة الجنائية تحاول أن تأخذ موقف معادي لإسرائيل»، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ستظل تدعم إسرائيل في كل الأوقات، لأن أمريكا تعتبر إسرائيل حليف استراتيجي كبير.