الخليج الجديد:
2025-03-31@07:49:44 GMT

النظام المصري إذْ يخنق غزة

تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT

النظام المصري إذْ يخنق غزة

النظام المصري إذْ يخنق غزة

يَعتبر النظام العسكري الحاكم في مصر، غزةَ تهديدا مباشرا له لأنها النقيض الواقعي لاتفاقية كامب ديفيد!

أكدت معركة غزة على أنّ الطريق إلى النصر لا يكون إلا من خلال الوعي بأن النظام الاقليمي العربي جزء من الاحتلال الصهيوني إن لم يكن أخطر مكوّناته.

تحالف الاحتلال الصهيوني والاستبداد العربي في مذبحة غزة يشكل دفعة كبيرة للوعي العربي بتكامل المشروعين وأن بقاء المستبد شرط بقاء المحتل ولا حياة لأحدهما دون الآخر.

ماذا يستفيد النظام المصري من خنق غزة؟ وما أسباب التحول الكبير في الموقف المصري؟ وما تأثيره على غزة والمقاومة؟ وما تبعات ذلك على صورة مصر ودورها عربيا؟

مواجهات غزة لم تسقط القناع عن توحش الاحتلال وتواطؤ الاستبداد فحسب، بل أظهرت للشارع العربي أن تحرير الأرض والإنسان لا يكون إلا عبر إسقاط المشروعين معا.

عجزت مصر طوال تاريخ تنسيقها الأمني مع الاحتلال عن ضرب المقاومة واجتثاثها رغم الجهود التي قدمتها خدمة للمحتل وإغراق الأنفاق بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية.

* * *

أنْ يصرّح لسان الدفاع عن جرائم الكيان الصهيوني أمام "محكمة العدل الدولية" بالقول إنّ من يغلق معبر رفح أمام المساعدات من غذاء ودواء وماء هو الجانب المصري فذلك تصريح خطير.

حاول الجانب المصري التنصل من الجريمة لكنّ كل المؤشرات تؤكد على تورط مصر في خنق غزة وفي المشاركة الفعلية في حصارها بشكل لم يسبق أن عرفه تاريخ المواجهة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال.

هذا ما خرج فقط في العلن، لكن التنسيق يبقى قويا بين القيادة المصرية والصهيونية أمنيا واستخباراتيا واقتصاديا من أجل تحقيق هدف مشترك يتمثل في القضاء على المقاومة المسلحة وإلحاقها بالسلطة في الضفة وتحويلها إلى كيان جديد للتنسيق الأمني مع الاحتلال.

ماذا تستفيد مصر من خنق غزة؟ وما هي أسباب التحول الكبير في الموقف المصري؟ وما تأثيره على غزة وعلى المقاومة؟ وما هي تبعات هذا الموقف على صورة مصر ودورها عربيا وإقليميا؟

مصر تحاصر غزة

مرّت أكثر من مائة يوم على حرب الإبادة التي تشنها جحافل الجيش الصهيوني وقوات شمال الأطلسي وجحافل المرتزقة من كل أصقاع الأرض ضد غزة وشعب غزة وحركة المقاومة فيها. لا يتعلق الأمر هنا بحركة حماس لأن الإبادة لا تقتصر على عناصر الحركة بل تشمل كل مظاهر الحياة في القطاع وهو ما يفسره عدد الأطفال الذي تجاوز العشرة آلاف طفل سقطوا بقصف المحتل.

توحش الاحتلال فعلٌ متوقع لمن قرأ تاريخ المجازر الصهيونية وهو اليوم أشد منه بالأمس إذْ يخوض الكيان آخر معارك وجوده على أرض فلسطين. لكنّ الصادم هو التحوّل الكبير في الموقف المصري من المذبحة المفتوحة في غزة حيث رفضت مصر حتى السماح للجرحى والمصابين والحالات المستعجلة بالدخول عبر معبر رفح للعلاج.

تعفنت المساعدات الغذائية على الحدود مع القطاع من الجانب المصري ولم تصل إلى آلاف الجوعى والمحتاجين المحاصرين تحت القصف وركام المباني. صادرت مصر باعتراف مسؤوليها سيارات الإسعاف الكويتية المجهزة وبيعت المساعدات في الأسواق المصرية وفرضت ضريبة بآلاف الدولارات على عبور الجرحى والمصابين.

لم يعد أحد ينتظر من مصر التدخل لوقف المذبحة بل صار أوكد المطالب السماح لأهل غزة المصابين بعبور المعبر للعلاج والسماح بدخول آلاف الشاحنات من المساعدات وهو ما ترفضه مصر إلى اليوم.

لا شك في أن حصار غزة وخنقها ترتيب أمني متفق عليه بين مصر ودولة الاحتلال التي كشفت أن سلطات مصر أحرص منها على خنق غزة وإنهاء المقاومة فيها ومنعها من تحقيق نصر تاريخي على الجيش الذي لا يقهر.

غزة تحاصر مصر

في الحقيقة عجزت مصر طوال تاريخ تنسيقها الأمني مع الاحتلال على ضرب المقاومة واجتثاثها رغم كل الجهود التي قدمتها خدمة للمحتل من خلال إغراق الأنفاق بين الرفح المصرية ورفح الفلسطينية.

أقامت مصر جدارا عازلا يمنع مرور أهل غزة وأطلق جنودها النار على المتسللين عبر الجدار واعتقلت المقاومين الفلسطينيين وأمدّت الجانب الصهيوني بكل المعلومات الأمنية عن تنقلاتهم عبر مصر أو داخلها، لكنها لم تنجح في كسر شوكة المقاومة.

يَعتبر النظام العسكري الحاكم في مصر، غزةَ تهديدا مباشرا له لأنها النقيض الواقعي لاتفاقية كامب ديفيد التي وقعتها مع المحتل وتحولت بموجبها مصر من حالة الحرب مع المحتل إلى دولة مطبعة معه.

وهو نفس المنوال الذي سارت عليه أغلب الدول العربية سرا أو علنا من خلال مشاريع التطبيع التي ظهرت إلى الجماهير في السنوات الأخيرة وخاصة في دول الخليج. داخل هذا النسق تندرج سلطة رام الله المعترف بها دوليا ممثلا لشعب فلسطين والتي تحوّلت بدورها إلى قوة حارسة للمحتل وذراع ضاربة من أذرعه الأمنية المسلحة.

هنا يظهر "نشاز المقاومة" بين جوقة المطبعين والمنسقين تحت غطاء الوسطية والسلام وحوار الأديان والشرق الأوسط الجديد ونبذ العنف والحرب على الإرهاب ومقاومة التطرّف. كلها تسميات براقة صاغتها أذرع النظام الرسمي العربي المشارك في المذبحة من أجل تبرير التطبيع ومحاربة المقاومة ومنع تحرير الأرض.

المقاومة في غزة هي آخر مناطق الفعل العربي في وجه الاحتلال وهي تتناقض كليا مع مسار النظام العربي المطبع مع الاحتلال لأنها لا تعترف به وتعمل على إسقاطه. هذا التوجه هو الذي يؤرق الأنظمة العربية ويُربك منطقها القائم على القبول بالاحتلال وفرض التطبيع على شعوبها لأنه شرط من شروط بقائها في السلطة.

هكذا تكون غزة في موقع المحاصِر لهذه الأنظمة لأنها تعتمد منطقا مناقضا لمنطقها يقوم على المواجهة المسلحة مع الاحتلال وأعوانه، وهو ما يفسر التحالف السري والعلني بين السلطة العربية وجيش الاحتلال.

الرابحون والخاسرون من الحصار

عسكريا تكبدت غزة خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات لكنها حققت أعظم انتصارات العرب التاريخية في وجه تحالف دولي ضخم ضم أعتى جيوش العالم وعلى رأسها القوة الأمريكية بصواريخها وغواصاتها وبواخرها الحربية.

من جهة مقابلة، كشفت المذابح عن حقيقة الجيوش العربية وعلى رأسها الجيش المصري الذي صار حارسا نشطا لمستوطنات الاحتلال ومشاركا فاعلا في خنق المقاومة. هذه الصورة الناصعة للدور المصري في مجزرة غزة الأخيرة ستقضي على آخر الآمال المعلّقة على الجيوش العربية في نُصرة المقاومة ودعم تحرير فلسطين.

إن السلطة القائمة على الانقلابات الدامية ضد إرادة شعبها لا يمكنها أن تكون إلا معادية لكل حركات التحرر ولكل فعل مقاوم للاحتلال. لن تسمح الجيوش العربية لغزة بتحقيق نصر على المحتل لأنها هي نفسها قد فشلت في تحقيق ذلك من جهة ولأنّ نجاح المقاومة سيغري الشعوب الواقعة تحت احتلال مماثل بالثورة ضد مستبديها.

إن تحالف الاحتلال الصهيوني والاستبداد العربي في مذبحة غزة اليوم يشكل دفعة كبيرة للوعي العربي بتكامل المشروعين وبأن بقاء المستبد هو شرط بقاء المحتل ولا حياة لأحدهما دون الآخر.

مواجهات غزة الأخيرة لم تسقط القناع عن توحش الاحتلال ولا عن تواطؤ الاستبداد العربي فحسب، بل إنها أوضحت للشارع العربي أن تحرير الأرض والإنسان لا يكون إلا عبر إسقاط المشروعين معا.

كما أنها أكدت على أنّ الطريق إلى النصر لا يكون إلا من خلال الوعي بأن النظام الاقليمي العربي جزء من الاحتلال الصهيوني إن لم يكن أخطر مكوّناته.

*د. محمد هنيد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة السوربون، باريس

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر فلسطين غزة حصار المقاومة كامب ديفيد الاحتلال الصهيوني الاستبداد العربي النظام الإقليمي العربي الاحتلال الصهیونی مع الاحتلال لا یکون إلا من خلال خنق غزة

إقرأ أيضاً:

حملة مشبوهة ضد المقاومة بغزة.. من يقودها ومن المستفيد؟

 

الثورة / متابعات

في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ أكثر من 18 شهرًا، شهدت الساحة الفلسطينية محاولات منظمة لتحريض الرأي العام ضد المقاومة ومحاولة زعزعة الحاضنة الشعبية.

وتأتي هذه الحملات التي يقودها الاحتلال وتنخرط فيها أطراف محسوبة على السلطة الفلسطينية وحركة فتح، التي غابت عن المشهد طوال فترة الحرب، ثم عادت لتوظيف أدواتها الإعلامية في تحريض الشعب الفلسطيني ضد فصائل المقاومة، في تماهِ واضح مع الخطاب الإسرائيلي. فكيف تفسَّر هذه المحاولات؟ ومن المستفيد منها؟

تحريض إعلامي متماهِ مع الاحتلال

منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى”، كثفت جهات في حركة فتح والسلطة هجماتها الإعلامية على المقاومة، متجاهلة الجرائم الإسرائيلية المستمرة بحق الفلسطينيين.

المثير للدهشة أن هذا الخطاب يتناغم بشكل كبير مع التصريحات الإسرائيلية، حيث استغل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو التظاهرات الشعبية في غزة ليزعم أنها دليل على نجاح سياسات إسرائيل، كما دعا وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس سكان القطاع للخروج في مظاهرات ضد حماس.

وانطلقت قبل يومين تظاهرة في شمال غزة نادت لوقف الحرب والإبادة، وسرعان ما دخل على خطها مجموعة من الأفراد الذين رددوا هتافات مسيئة للمقاومة والشهداء الأبطال.

وأفردت القنوات العبرية وقنوات موالية لها مساحات واسعة للتغطية الإعلامية لحملات التحريض ضد المقاومة، واستضافت شخصيات محسوبة على فتح وأعطتها منصة للهجوم على حماس والمقاومة وتبرير إبادة الاحتلال، وهو ما يؤكد استغلال الاحتلال لهذه الأحداث لمحاولة تفجير الجبهة الداخلية في غزة.

وعمل هاربون من غزة، على تأجيج التحريض ونشر فيديوهات مفبركة لتظاهرات قديمة وضخ دعوات لتظاهرات جديدة كان اللافت أنها تجاهر بأنها ضد المقاومة وتتجاهل أصل السبب في الإبادة المستمرة منذ 18 شهرًا.

استغلال المعاناة لضرب وحدة الصف الفلسطيني

يرى مراقبون أن السلطة الفلسطينية تحاول توجيه الغضب الشعبي الناتج عن العدوان الإسرائيلي نحو المقاومة بدلاً من تحميل الاحتلال المسؤولية الحقيقية عن الكارثة الإنسانية التي يواجهها الفلسطينيون.

وفي هذا السياق، يؤكد المحلل السياسي ذو الفقار سويرجو أن الشعب الفلسطيني أصبح أكثر وعيًا بهذه المحاولات، مشيرًا إلى أن الاحتجاجات في غزة لم تكن رفضًا للمقاومة، بل صرخة غضب من المعاناة المتفاقمة بسبب الحرب.

وأضاف سويرجو في تصريح صحفي أن محاولة السلطة استغلال هذه الاحتجاجات للتحريض ضد المقاومة ستفشل، لأنها تتجاهل حقيقة أن الاحتلال هو من يمارس القتل والتدمير، مؤكدًا أن الأولى بفتح والسلطة توجيه هجومها نحو حكومة الاحتلال، بدلاً من تأجيج الخلافات الداخلية.

دور الإعلام الإسرائيلي في التحريض

وكشف الصحفي الإسرائيلي هاليل روزين، من القناة الـ14 العبرية، أن حكومة الاحتلال تراهن على الضغوط الداخلية في قطاع غزة كبديل عن الحرب البرية.

ويرى مراقبون أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى إشعال الانقسام الداخلي الفلسطيني، لإضعاف المقاومة وتهيئة الأجواء لأي ترتيبات سياسية مستقبلية تخدم المصالح الإسرائيلية.

مواقف فلسطينية ترفض التحريض

من جانبه، أدان القيادي الوطني عمر عساف محاولات “الاستغلال الرخيص” لمعاناة سكان غزة، مؤكدًا أن الإعلام الإسرائيلي وأذرعه يحاولون تأجيج الشارع الفلسطيني لضرب وحدة الصف الوطني.

وأضاف عساف أن الشعب الفلسطيني مُجمِع على خيار المقاومة، وأن أي محاولات لتحريضه ضدها لن تنجح، لأن الجميع يدرك أن الاحتلال هو العدو الحقيقي، وأن أي محاولات داخلية لضرب المقاومة تصب فقط في مصلحة إسرائيل.

وفي ظل استمرار العدوان الإسرائيلي، تحاول بعض الأطراف الداخلية استغلال معاناة الشعب الفلسطيني في غزة لضرب المقاومة وتشويه صورتها.

لكن الوعي الشعبي الفلسطيني يبقى الحاجز الأكبر أمام هذه المخططات، حيث يدرك الفلسطينيون أن الاحتلال هو العدو الحقيقي، وأن وحدة الصف هي السلاح الأقوى في مواجهة الجرائم الإسرائيلية.

أوسع من التنسيق الأمني

في الأثناء، قال الكاتب الصحفي عبدالرحمن يونس إن محاولات السلطة الفلسطينية وحركة فتح لتأجيج الرأي العام في غزة ضد المقاومة تأتي في سياق أوسع من التنسيق الأمني والسياسي مع الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن هذه التحركات ليست جديدة، لكنها باتت أكثر وضوحًا في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر.

وأضاف يونس أن “السلطة غابت عن المشهد الفلسطيني طوال فترة الحرب، ولم تقدم أي دعم حقيقي لأهالي غزة، لكنها اليوم تعود فقط لتحريض الشارع ضد المقاومة، متناسية أن الاحتلال هو من يمارس الإبادة بحق الفلسطينيين.”

وأشار إلى أن الإعلام العبري يروج لهذه الحملات التحريضية، مما يؤكد وجود تماهي بين الخطاب الإعلامي للسلطة وخطاب الاحتلال، موضحًا أن “نتنياهو نفسه استشهد بالاحتجاجات في غزة ليبرر استمرار الحرب، وهذا دليل على أن هناك من يخدم الأجندة الإسرائيلية من الداخل الفلسطيني.”

وأكد يونس أن “الشعب الفلسطيني يدرك تمامًا هذه الألاعيب السياسية، ولن يقع في فخ تحميل المقاومة مسؤولية ما يجري، لأن الاحتلال هو العدو الأول والأخير، والمقاومة هي الخيار الوحيد أمام شعب يتعرض للقتل والدمار منذ عقود.”

وختم بقوله: “السلطة بدلًا من أن توجه سهامها نحو الاحتلال، تهاجم المقاومة وتروج لرواية الاحتلال، وهذا سقوط سياسي وأخلاقي ستكون له تبعات على المشهد الفلسطيني برمته.”

 

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يضع شروطا لإنهاء وجود الفلسطينيين في غزة.. هكذا ردت حماس
  • بين الدعاية والتضليل.. كيف يؤثر الإعلام بقضية الاحتلال في حرب الإبادة ضد غزة؟
  • رئيس حركة حماس في غزة: سلاح المقاومة خط أحمر
  • حماس تعلن من قطاع غزة أن سلاحها خط أحمر
  • تحقيق عبري: جيش الاحتلال قتل النساء والأطفال وزعم استهداف قادة المقاومة
  • مظاهرات عارمة في مدن مغربية رفضا للعدوان على غزة
  • غزة بلا حماس.. حين تحل الكارثة
  • حملة مشبوهة ضد المقاومة بغزة.. من يقودها ومن المستفيد؟
  • مصريون في هولندا ينددون بسياسات السيسي تجاه غزة (شاهد)
  • هتحسد من ستات مصر والعالم العربي..هالة صدقي تعلق على صورتها مع ماجد المصري وياسين الألفي