نظام عالمي حقيقي يحتاج إلى نوعية مختلفة من القيادات
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
ألا يستحق العالم قيادات محترمة تعفّ عن استرضاء الناس بشعارات وتصرّفات شعبوية، ظن كثيرون أن ارتفاع مستوى الوعي والثقافة في القرن الـ21 يمجّها، ويرفضها إذ اختُبرت في انتخابات حرة؟
النماذج خلال الأسابيع القليلة الماضية أكثر من أن تُحصى، فمن أين نبدأ؟
أمن الولايات المتحدة؛ حيث يبدو أن أعظم قوة في العالم سائرة وهي غافية نحو تكرار «سيناريو» انتخاباتها الرئاسية الأخيرة بين رجلين في العقد الثامن من العمر لا يحملان لها جديداً.
أم من بريطانيا؛ حيث بنَت حكومة محافظة - رئيسها وكبار وزرائها من أبناء المهاجرين والأقليات - استراتيجيتها السياسية الشعبوية على «تهجير» طالبي الهجرة؟
أم من ألمانيا، البلد الذي شوّهت حضارته العظيمة حقبة «النازية»، فتضافرت عنده «عقدة الذنب» التاريخية مع شبكة المصالح السياسية... ليتحمّس في الدفاع عن فظائع يرتكبها في غزة - خاصة - أبناء جيل ضحايا النازية؟
أم من فرنسا، التي لا تزال توهم نفسها بأنها قوة كونية تحسّ بهواجس شعوب العالم، وتتفهّم تناقض حضاراته... لكنها مع ذلك تسلّم سياستها الخارجية إلى ثنائي شاب لم تتح له خبراته أو تجاربه أو منظومة قِيَمه تطوير آلية للتحاور والتفهم والتفاهم مع الآخرين؟
بعد سقوط «جدار برلين» وانهيار الاتحاد السوفياتي، توهّم كثيرون أن المعركة الكونية حُسمت نهائياً.أم من «منبر دافوس الاقتصادي» في سويسرا؛ حيث سمعنا شعبوياً مَوتوراً حمله يأس الشعب الأرجنتيني إلى السلطة... وهو يلقي محاضرة خرقاء في السياسة والاقتصاد هاجم فيها كل أنظمة الحُكم المعروفة في العالم؟
هذه مجرد أمثلة لما شهدناه ونشهده. إنها أمثلة من واقع مؤسف يفتقر معه ساسة العالم، تدريجياً، إلى الصدقية اللازمة لبناء نظام عالمي يستحق التطبيق ويتمتع بالاحترام. وحقاً، تتهاوى اليوم من قطاع غزة إلى الأرجنتين، ومن شبه القارة الهندية إلى أوكرانيا، كل الشعارات التي أبصرت النور مع انتهاء «الحرب الباردة».
بعد سقوط «جدار برلين» وانهيار الاتحاد السوفياتي، توهّم كثيرون أن المعركة الكونية حُسمت نهائياً. وبالتالي، ما عاد ثمة مبرّر لتعطيل مسيرة التقدّم الإنساني نحو مبادئ السعادة والسلام والتعايش والرخاء والعدل الموعودة. لكن ما انكشف لاحقاً لمئات الملايين من السذّج والسليمي النيات، أن حقيقة الطبع البشري غير ما تعلموه في دور العبادة وتحت منابر الأحزاب وداخل «خنادق النضال».
ثم إن المعسكر المنتصر ليس «مبرّة» غايتها جمع القلوب، ولا هو مستشفى همه معالجة الأمراض، بل مقاتل شرس في حلبة لا تتسع لقويين...
وبالفعل، ما إن وضعت «الحرب الباردة» أوزارها مُنهية صراع الشرق والغرب، حتى تفتّحت براعم مختلف أنواع الفتن والحروب العرقية والدينية والمذهبية... الساعية إلى «تصحيح الأخطاء التاريخية».
بل لم يطُل الوقت حتى تفجّرت من البلقان حروب إعادة رسم خرائط أوروبا، ولحقت بها حروب القوقاز، وقبل اكتمال العقد وصلنا إلى أوكرانيا.
إن عودة موسكو إلى الحلبة، بحلة قومية هذه المرة، كانت إحدى محاولات «تصحيح الأخطاء التاريخية» المتسلحة بذاكرة قوية وشعور مرير بالغبن. وما أفرزه الواقع الجديد في «الفضاء السوفياتي» السابق غرباً... تكرّر جنوباً في الشرق الأوسط، بينما تجاهل الغرب المنتشي بانتصاره العوامل التي حفّزت موسكو، وأيضاً ديناميكيات النهوض الصيني، وصعود البديل الديني المسيّس على حساب القومية المتعايشة مع العلمانية في جنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفي الشرق الأوسط، بالتحديد، أدّى إصرار واشنطن على احتكار مبادرات السلام الإقليمي ليس فقط إلى اختلال فظيع في المقاربات المطلوبة لسلام حقيقي ودائم، بل أيضاً إلى إنهاض يمين جامح التطرّف في الجانب الإسرائيلي... مقتنع تماماً بأن من حقه «تسيير» السياسة الأميركية في المنطقة و«تسخيرها» لخدمة مشروعاته.
وكما لمسنا ونلمس، سهّل كثيراً تراجع «نوعية» القيادات الأميركية - جمهورية كانت أم ديمقراطية - خلال العقود الأخيرة، لليمين التوراتي الإسرائيلي، الإفصاح عن نياته بلا تردّد. واليوم في محنة غزة، نجد أن مَن كانوا شراذم حزبية صغيرة من اليمينيين التوراتيين في «الكنيست» يفرضون برنامجهم السياسي على حكومة إسرائيل. وهذه الأخيرة تفرض بدورها برنامجها السياسي على واشنطن... مستقوية بانطلاق «سنة انتخابات» يتسابق فيها الحزبان الجمهوري والديمقراطي على استرضاء «اللوبي الإسرائيلي» الأميركي.
حتى خارج واشنطن، استغلت «لوبيات إسرائيل» هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) في غزة لإعادة بناء «السرديّة السياسية» للصراع العربي الإسرائيلي على هواها، مستقوية بالتعريف الغربي الجديد لـ«معاداة السامية»، ومستثمرة الطموح التوسعي الإيراني، والانزلاق الأوروبي المخيف نحو الشعبوية والعداء للمهاجرين واللاجئين... والمسلمين عموماً.
وهنا، قد يفيد التنبّه إلى أن هذه «اللوبيات» ما عادت تكتفي باختراق أحزاب السلطة التقليدية يميناً ويساراً - كما هي الحال في أميركا وبريطانيا وفرنسا وغيرها - بل ها هي تخترق الآن قوى طالما عُدّت هامشية ومثالية لا تستحق عناء الاختراق، على رأسها الأحزاب البيئية مثل «الخضر»!!
التفسير المنطقي لهذه الظاهرة هو تراجع نوعية القيادات ومناقبية المؤسسات السياسية، حتى في ظل المساءلة الديمقراطية. بل إن هذه المساءلة تتعطل عندما يخترق «اللوبي» نفسه البديلين - أو الخيارين - المتنافسين عبر الخدمات والمال والنفوذ.
أوَ لم يقل السياسي البريطاني اللورد آكتون: «السلطة عرضة للإفساد، والسلطة المطلقة إفساد مطلق»؟
المصدر: الشرق الأوسط
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه بريطانيا فرنسا بريطانيا امريكا فرنسا روسيا مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
استوديوهات الحصن تحدث ثورة في الإنتاج الفني بموسم الرياض.. تعرف على أكبر منشأة سينمائية في الشرق الأوسط تبهر العالم
استوديوهات الحصن تحدث ثورة في الإنتاج الفني بموسم الرياض.. تعرف على أكبر منشأة سينمائية في الشرق الأوسط تبهر العالم.
استوديوهات "الحصن بيغ تايم" في الرياض تُحدث نقلة نوعية في صناعة الإنتاج الفني في الشرق الأوسط.
مع افتتاح هذه المنشأة الضخمة خلال موسم الرياض، أصبحت استوديوهات الحصن أكبر منشأة سينمائية في المنطقة، مجهزة بأحدث التقنيات والمعايير العالمية لدعم صناعة السينما والتلفزيون.
تجمع الاستوديوهات بين الإمكانيات الضخمة والتجهيزات المبتكرة، ما يجعلها وجهة مثالية للإنتاجات الكبرى ومصدر إلهام للمبدعين، ويعزز من مكانة الرياض كمركز فني وثقافي عالمي.
افتُتحت استوديوهات "الحصن بيغ تايم" في العاصمة السعودية الرياض ضمن فعاليات موسم الرياض 2024، لتصبح أكبر منشأة سينمائية في الشرق الأوسط، مما يُحدث ثورة في مجال الإنتاج الفني بالمنطقة.
استوديوهات الحصن تحدث ثورة في الإنتاج الفني بموسم الرياض.. تعرف على أكبر منشأة سينمائية في الشرق الأوسط تبهر العالمتُعد هذه الاستوديوهات وجهة جديدة لكل المهتمين بالإنتاج السينمائي والتلفزيوني، حيث توفر بيئة متكاملة لصناعة الأفلام والبرامج التلفزيونية.
مساحة استوديوهات الحصن بيغ تايمتضم استوديوهات "الحصن بيغ تايم" سبعة مبانٍ استوديوهات تمتد على مساحة 10،500 متر مربع، بإجمالي مساحة للمشروع تصل إلى 300،000 متر مربع.
تحتوي المنشأة على قرية إنتاج تشمل ورشًا للنجارة والحدادة وتفصيل الأزياء، بالإضافة إلى مكاتب للإنتاج السينمائي وغرف مونتاج.
تُعتبر هذه الاستوديوهات الأضخم في الوطن العربي من حيث المساحة والإمكانيات، حيث تحتوي على عدد كبير من مناطق التصوير والكاميرات وورش الملابس والديكورات والإكسسوارات وغيرها من معدات التصوير المختلفة.
تركي آل الشيخ يعلن عن تفاصيل مسرحية "اس اس هانم" حفل افتتاح الاستديوهاتشهدت الاستوديوهات حضور عدد كبير من نجوم العالم العربي خلال حفل الافتتاح، من بينهم أحمد حلمي، كريم عبد العزيز، أحمد عز، نيللي كريم، يسرا، وأشرف عبد الباقي، بالإضافة إلى مخرجين ومنتجين بارزين.
قام النجوم بجولة على الاستوديوهات، معبرين عن دهشتهم وإعجابهم بالتجهيزات الحديثة والمعايير التقنية العالية المتاحة، مما يحقق "أحلام المبدعين مهما كان سقف طموحاتهم".
أعلن رئيس الهيئة العامة للترفيه، تركي آل الشيخ، أن تنفيذ مشروع "الحصن بيغ تايم" تم في غضون أربعة أشهر، أي ما يعادل نحو 120 يومًا.
كما كشف بدء تصوير أول الأعمال السينمائية في الاستوديوهات الجديدة في نهاية نوفمبر الجاري.
تركي آل الشيخ يروّج لـ«قلبي وأشباحة» بطولة مي عز الدين وعمرو يوسفتُعد استوديوهات "الحصن بيغ تايم" خطوة كبيرة نحو تطوير صناعة السينما والإنتاج التلفزيوني في المملكة العربية السعودية، مما يفتح آفاقًا جديدة للمبدعين ويعزز مكانة الرياض كوجهة فنية وثقافية رائدة في المنطقة.