نشرت صحيفة "لكسبرس" الفرنسية تقريرا، جاء فيه أنه بعد أقل من أربعة ساعات من الضربات الإيرانية التي استهدفت مواقع في الأراضي الباكستانية، ردت إسلام أباد باستهداف إيران. وهذه الردود غير المسبوقة أثارت مخاوف بشأن اندلاع صراع أكبر في المنطقة.

وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21" إن باكستان لم تنتظر طويلا قبل الرد على الضربات الإيرانية، حيث أعلنت وزارة الخارجية الباكستانية في الخميس 18 كانون الثاني /يناير أنها قامت بسلسلة من الضربات العسكرية المنسقة بشكل دقيق ضد مخابئ للإرهابيين في جنوب إيران في محافظة سيستان بلوشستان.



وكانت إيران قبل يومين من ذلك قد نفذت ضربة جوية داخل الأراضي الباكستانية أدت لمقتل طفلين، في تصرف اعتبرته إسلام آباد غير مقبول وغير مبرر.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التصعيد غير المسبوق بين إيران وباكستان التي تمثل الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك السلاح النووي، يأتي في وقت تدور فيه حرب طاحنة بين حماس و"إسرائيل" في قطاع غزة، أدت لتأجيج التوترات في كامل الشرق الأوسط.

وقد كثف المتمردون الحوثيون المدعومين من طهران هجماتهم ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، وتطور الأمر ليتحول إلى ضربات جوية وضربات مضادة بين الحوثيين والتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، وفقا للصحيفة.


وترى الصحيفة أن طهران حريصة على إظهار قدرتها على الرد بقوة على كل أعدائها في العالم، حيث أنها قبل استهداف باكستان كانت قد أطلقت صواريخ ضد أهداف اعتبرتها إرهابية وتضم جواسيس للنظام الصهيوني في الأراضي السورية وفي كردستان العراق. ويأتي هذا التصعيد في رد على عمليات الاغتيال الموجهة التي نفذتها "إسرائيل" ضد مسؤولين من محور المقاومة، والهجوم الدموي الذي تبناه "تنظيم الدولة" في محافظة كرمان الإيرانية.

أما فيما يتعلق بقصف مواقع في باكستان، فإن إيران تؤكد أنها استهدفت مركز عمليات لتنظيم جيش العدل الذي تبنى هجمات ضد مركز للشرطة الإيرانية أسفر عن مقتل 11 شرطيا في نهاية العام الماضي. وهنالك العديد من المجموعات الانفصالية من إثنية البلوش التي تنشط في إيران وفي باكستان، وهو ما يمثل مصدر توتر من البلدين الذين يتبادلان الاتهامات بلعب دور القاعدة الخلفية للمتمردين لتنفيذ الهجمات، وفقا للصحيفة.

وعلى إثر ارتفاع منسوب التوتر مؤخرا، قررت باكستان سحب سفيرها في طهران ومنع عودة السفير الإيراني الذي لا يزال موجودا في طهران.

الخوف من صراع عسكري أكبر
أكدت الصحيفة أن الرد الباكستاني يعتبر غير مسبوق، ويخلق مخاوف من اندلاع صراع أكبر في الشرق الأوسط. حيث يحذر مشرف زايدي الكاتب والمحلل السياسي الباكستاني من أن "المنطقة تواجه وضعا خطيرا ولا يمكن التنبؤ به." وقد توالت النداءات من كافة أنحاء العالم لضبط النفس، سواء من روسيا أو الصين أو الاتحاد الأوروبي.

ويرى مايكل كوجلمان، مدير معهد دراسات جنوب آسيا في مركز ودرو ويلسون بواشنطن أن "الانتقام الباكستاني كان متناسبا مع الهجوم الإيراني، حيث أنه بدوره استهدف فقط المتمردين وليس القوات النظامية الإيرانية. وقد حان الوقت لإطلاق نداء للوساطة لضمان السيطرة على هذه الأزمة المفاجئة التي تزداد خطورة يوما بعد يوم".

فيما عبرت الصين التي تعتبر حليفا للبلدين، عن استعدادها للعب دور الوساطة من أجل تهدئة التوترات بين طهران وإسلام آباد.

إلا أن البلدين يواجهان في نفس الوقت ضغوطا داخلية يمكن أن تفسر هذه الضربات المتبادلة. إذ أن باكستان تفصلها أسابيع قليلة عن الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في الثامن من شباط/ فبراير، وهذه العملية العسكرية قد تعود بالفائدة على الرابطة الإسلامية الباكستانية، وهو حزب نواز شريف المدعوم من الجيش، من أجل تهدئة احتقان الباكستانيين من القمع الذي مورس على رئيس الوزراء السابق عمران خان الذي يحظى بشعبية كبيرة في البلاد.


أما بالنسبة لإيران، فإنها تريد هذه المناوشات، لأنها تعلن نفسها كنظام ثوري، وبالتالي فهي تقتات على حالة الحرب الدائمة.

"مشاكل بسيطة"
وقالت لجنة الأمن القومي الباكستاني إن إسلام أباد وطهران قادرتان على التغلب على المشاكل البسيطة من خلال الحوار والدبلوماسية، وفق ما ذكرت الأناضول.

وذكر مكتب رئاسة الوزراء، في بيان، أن اللجنة عقدت اجتماعا برئاسة رئيس الوزراء أنوار الحق كاكر، في العاصمة إسلام أباد، وتم إطلاع المشاركين على التطورات السياسية والدبلوماسية التي تؤثر على الوضع الراهن بين إيران وباكستان، وتأثيرها على الأمن في المنطقة.

وأشاد رئيس الوزراء الباكستاني بالرد المهني للجيش ضد الانتهاك غير المبرر وغير القانوني لسيادة البلاد، حسب وصفه.

وشدد البيان على أن أمن وسلامة الشعب الباكستاني لهما أهمية كبيرة.

وخلص الاجتماع إلى أن البلدين قادران على التغلب على المشاكل الصغيرة من خلال الحوار المتبادل والدبلوماسية، وتمهيد الطريق لتعميق علاقاتهما التاريخية أكثر، وفق البيان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الإيرانية الباكستانية غزة إيران غزة باكستان الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة من هنا وهناك صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

التفاوض بين إيران وأميركا.. دوافعه وتحدياته ومآلاته المتوقعة

في ظل التحولات المتسارعة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، يعود ملف التفاوض بين إيران وأميركا إلى واجهة الأحداث، وسط تساؤلات ملحة بشأن أسبابه وإمكانياته ومآلاته المحتملة، خاصة في ضوء المتغيرات التي فرضتها مرحلة ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وطوفان الأقصى.

وفي قراءة معمقة نشرها عبر حسابه بموقع "إكس"، تتبع عبد القادر فايز، مدير مكتب الجزيرة في طهران والصحفي المتخصص في الدراسات الإيرانية، مسار التفاوض بين الجانبين عبر تحليل دقيق يستعرض العوامل التي تدفع الطرفين للجلوس إلى الطاولة مرة أخرى، والتحديات التي تعترض طريقهما نحو اتفاق جديد.

فمنذ انتصار الثورة الإيرانية عام 1979، ظلت العلاقة بين طهران وواشنطن محكومة بمعادلة "لا حرب ولا سلام"، لكن مع مجيء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، برزت محاولة لفرض معادلة جديدة تقوم على إما الحرب أو السلام الكامل، وهو ما وضع التفاوض أمام منعطف مصيري.

بالمقابل، سعت إيران إلى صياغة معادلة خاصة بها عبر تثبيت مفهوم "لا حرب ونصف سلام"، في محاولة لشراء الوقت وترسيخ مكتسباتها الإقليمية دون الانخراط في مواجهة مباشرة مع القوة العظمى.

دوافع التفاوض

ويُجمع المراقبون، وفق قراءة فايز، على أن الضرورة الأمنية شكلت المحرك الأساسي لكل جولات التفاوض بين الجانبين، حيث دفعت الضرورات الأمنية والمصالح العليا كل طرف إلى تبني الحوار كأداة لتفادي الصدام المباشر باهظ التكلفة.

إعلان

وتاريخيا، خاضت طهران وواشنطن 6 جولات تفاوضية مهمة، بدءا بمحاولة إبقاء العلاقات قائمة بعد الثورة، مرورا بأزمة الرهائن وصفقة "إيران-كونترا"، وصولا إلى المحادثات النووية التي أثمرت اتفاق 2015، وكلها كانت مدفوعة بالضرورات الأمنية.

ومع التحولات الأخيرة، بدا واضحا أن نمط المفاوضات تغير بشكل جذري، إذ لم تعد المسألة مجرد تفاوض دبلوماسي بين إدارات، بل أصبحت عملية تفاوض بين رأس النظام الإيراني والرئيس الأميركي بشكل مباشر، مما أكسبها طابعا أكثر حساسية وتعقيدا.

منطلقات مختلفة

وتشير قراءة عبد القادر فايز إلى أن المفاوضات الحالية انطلقت دون شروط مسبقة، حيث لم تعد واشنطن تشترط العودة إلى الاتفاق النووي، ولم توقف طهران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، مما خلق أرضية تفاوضية انطلقت من الواقع القائم بدلا من محاولة الرجوع إلى الوراء.

كذلك، تتسم الجولة الراهنة بطابع تفاوضي ثنائي مباشر بصيغة 1+1 بين إيران وأميركا، مع استمرار دول مثل روسيا والصين والترويكا الأوروبية بلعب أدوار خلف الستار عبر قنوات اتصال غير مباشرة.

ومن اللافت أن المفاوضات الراهنة تجاوزت مرحلة التمهيد الطويل، إذ لم تسبقها جلسات تمهيدية مطولة، بل انطلقت مباشرة بقرارات سياسية عليا، في دلالة على حجم الضغوط الداخلية والخارجية التي تحيط بالجانبين.

ضمانات ممكنة

ورغم ذلك، تبقى مسألة الضمانات العقبة الكبرى أمام أي اتفاق، إذ تطالب أميركا بضمانات مادية تمنع إيران من تطوير سلاح نووي، في حين تصر طهران على ضمانات ملموسة بعدم انسحاب واشنطن مجددا من أي اتفاق يتم التوصل إليه.

ويرصد فايز في قراءته أفكارا مطروحة لحل معضلة الضمانات الإيرانية، تتمثل في دور موسع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى جانب إشراك روسيا والصين كضامنين، أو حتى تأسيس صيغة إقليمية لتخصيب اليورانيوم بمشاركة دول حليفة لواشنطن.

إعلان

أما الضمانات الأميركية الممكنة، فتشمل عرض الاتفاق على الكونغرس لتحويله إلى اتفاقية ملزمة قانونيا، والدخول في استثمارات اقتصادية داخل إيران، ومنع فرض عقوبات جديدة ترتبط بملفات أخرى، رغم صعوبة ضمان النقطة الأخيرة.

عوامل مؤثرة

وفي سياق آخر، رصدت القراءة مستجدات نوعية مؤثرة في سير المفاوضات، أبرزها تبدل الموقف الإقليمي، حيث باتت إسرائيل تقف وحيدة نسبيا في معارضة الاتفاق، لكنها أصبحت أكثر جرأة في التلويح بالخيار العسكري المباشر ضد إيران.

وفي المقابل، راكمت إيران قدرات نووية مهمة منذ 2015، شملت تخصيب اليورانيوم بنسب تصل إلى 60%، وزيادة أعداد وأصناف أجهزة الطرد المركزي، مما منحها أوراق ضغط إضافية على طاولة المفاوضات.

ومع ذلك، أضعفت التطورات العسكرية الأخيرة في غزة وسوريا ولبنان واليمن نفوذ إيران الإقليمي خارج نطاق قدراتها النووية، مما انعكس سلبا على موقفها التفاوضي، وفرض معادلات جديدة لا يمكن تجاهلها.

كما تغير موقف روسيا والصين مقارنة بمفاوضات 2015، حيث يبدو أن موسكو وبكين تدفعان اليوم بجدية نحو إنجاح التفاوض، انسجاما مع أهدافهما الإستراتيجية في تحجيم النفوذ الأميركي بالمنطقة.

وتتداخل معطيات الداخل الإيراني بدورها في رسم ملامح التفاوض، فالضغوط الاقتصادية والاجتماعية أصبحت اليوم محددا مركزيا وليس هامشيا، مما يزيد من إلحاح القيادة الإيرانية على رفع العقوبات وتحقيق انفراجة اقتصادية سريعة.

ويضاف إلى ذلك عامل الوقت الضاغط على كلا الطرفين، إذ يسعى ترامب إلى إنجاز اتفاق شامل خلال فترة قياسية، في حين تحتاج طهران بشدة إلى تخفيف الضغط الاقتصادي قبل حلول مواعيد مفصلية قريبة مثل تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وانتهاء بعض بنود اتفاق 2015.

مآلات متوقعة

تشير المعطيات، وفق تحليل عبد القادر فايز، إلى أن كلا الطرفين مضطران للوصول إلى صيغة اتفاق جديدة، تتيح الخروج من معادلة "لا حرب ولا سلام"، وتفتح الباب أمام ترتيب مشهد إقليمي مغاير لما قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

إعلان

ففي الوقت الذي يأمل فيه ترامب تسويق الاتفاق كإنجاز تاريخي يغير خريطة الشرق الأوسط دون طلقة واحدة، تسعى إيران لإعادة تموضع داخلي وخارجي ينسجم مع المعطيات الجديدة، ويحصنها أمام الضغوط الإقليمية والدولية المتزايدة.

ويبدو أن نجاح هذا المسار، أو إخفاقه، سيتحدد في غضون أشهر قليلة، مع دخول مفاوضات الوقت الحرج، وسط مراقبة دقيقة لكل إشارة تصدر عن طهران وواشنطن، ولأي تحرك على رقعة الشطرنج النووي التي باتت أكثر تعقيدا من أي وقت مضى.

مقالات مشابهة

  • الهند- باكستان- إيران.. كيف توزّع واشنطن صكوك الشرعية النووية؟
  • العودة إلى الدبلوماسية.. هل تقود المفاوضات الإيرانية الأميركية لاتفاق جديد؟
  • الدور البطولي الذي قاده اللواء أبو عبيدة.. تكريم رئيس هيئة العمليات العسكرية لمتحرك المناقل الغربي
  • اندلاع حريق ضخم على أوتوستراد جنوبي العاصمة الإيرانية طهران (شاهد)
  • صحيفة عبرية: القنبلة التي هزت ميناء رجائي الإيراني جاءت من الصين
  • التفاوض بين إيران وأميركا.. دوافعه وتحدياته ومآلاته المتوقعة
  • صحيفة: تخصيب اليورانيوم حجر العثرة في مفاوضات واشنطن مع طهران
  • انتهاء الجولة الثالثة من المفاوضات الأميركية الإيرانية في عُمان
  • ما هي معاهدة نهر السند بين باكستان والهند التي أعلنت نيودلهي تعليقها
  • عُمان تعلن موعدا جديدا للمفاوضات الأميركية الإيرانية