ترخي الحرب في قطاع غزة بظلالها على سوريا الممزقة بعد سنوات من الحرب، ما يتجلى باستهدافات متبادلة تتورط فيها خصوصا طهران وإسرائيل والولايات المتحدة.
وكانت آخر هذه التجليات، السبت، غارة نسبت الى إسرائيل في دمشق تسببت بمقتل خمسة مستشارين في الحرس الثوري الإيراني، بحسب بيان لهذا الأخير.
ومنذ بدء الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر، سارع حلفاء إيران في المنطقة إلى دعم حركة حماس في مواجهتها ضد إسرائيل، وعلى رأسهم حزب الله في لبنان ومجموعات موالية لطهران في سوريا والعراق التي تنفذ هجمات على إسرائيل ومصالح أميركية، إضافة إلى اليمنيين الحوثيين الذين يستهدفون سفناً في البحر الأحمر وبالقرب من خليج عدن.
منذ بدء التصعيد، أطلقت مجموعات محلية في جنوب سوريا، مقربة من حزب الله، قذائف باتجاه هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل عام 1967. وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان قرابة 20 هجوما، من دون أن يكون لها تأثير يذكر.
ويرد الجيش الإسرائيلي بقصف مصادر النيران ومسؤولين عن الهجمات.
وقال الباحث في الشأن السوري في مركز "سنتشوري انترناشونال" آرون لوند لوكالة فرانس برس إن "معظم الهجمات الإسرائيلية تهدف على الأرجح إلى تعطيل وصول شحنات أسلحة إيرانية إلى حزب الله والمجموعات الموالية لطهران داخل سوريا، وكذلك إلى إضعاف هذه الشبكات المرتبطة بإيران بشكل عام".
ويشير إلى أن اسرائيل لطالما "أعربت عن اعتقادها بأن الأسلحة المتطورة على غرار الصواريخ الباليستية وقطع الطائرات المسيرة يتم جلبها برا من العراق. أما القطع الأصغر والقابلة للإخفاء، فيتم إحضارها جواً عبر مطاري دمشق وحلب".
وكثفت إسرائيل خصوصا منذ الحرب في غزة وتيرة استهدافها لمجموعات موالية لطهران ولمواقع عسكرية للنظام السوري. واستهدفت كذلك مطاري دمشق وحلب.
وأودت غارة إسرائيلية استهدفت في 25 ديسمبر منطقة السيدة زينب قرب دمشق بالقيادي العسكري الإيراني البارز رضي موسوي. وقال الحرس الثوري حينها إنه "أحد المستشارين الأكثر خبرة" في سوريا و"المسؤول اللوجستي لمحور المقاومة" الذي تقوده طهران وتنضوي فيه فصائل فلسطينية وعراقية ويمنية إضافة إلى حزب الله اللبناني.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني في بيان، السبت، مقتل خمسة "مستشارين" عسكريين، و"عدد من عناصر القوات السورية" في ضربة السبت.
وأفادت وكالة "مهر" الإيرانية أن بينهم "مسؤول استخبارات الحرس الثوري في سوريا ونائبه وعنصرين آخرين من الحرس".
ورفض متحدث باسم الجيش الإسرائيلي طلب فرانس برس التعليق على الضربة. كما لا يعلق عادة على أي ضربة تنسب إليه في سوريا.
وأكد التلفزيون الرسمي الإيراني أن خمسة مستشارين من الحرس الثوري قتلوا في الضربة التي وقعت في دمشق، مضيفا أن إسرائيل كانت وراء الضربة.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني ارتفاع عدد القتلى من عناصره إلى خمسة بعدما كان أفاد سابقا عن مقتل أربعة مستشارين عسكريين في الضربة.
ونددت إيران بـ"الهجوم الإسرائيلي" على سوريا ووصفته بأنه "محاولة يائسة لنشر عدم الاستقرار في المنطقة" وقالت إنها تحتفظ بحق الرد، وفقا لما أوردته وسائل إعلام إيرانية رسمية.
الحرس الثوري الإيراني كشف أسماءهم.. من هم قتلى ضربة المزّة في دمشق؟ أسفرت غارة إسرائيلية على العاصمة السورية دمشق، السبت، عن مقتل أربعة إيرانيين على الأقل وتدمير مبنى يستخدمه الحرس الثوري الإيراني، وفقا لما أفادت به وسائل إعلام رسمية سورية وإيرانية.وحذر الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، من أن بلده لن يترك الضربة "بدون رد" والتي وصفها بأنها "هجوم جبان".
من يستهدف القواعد الأميركية؟ قاعدة عين الأسد تستضيف قوات أميركية وعراقية وقوات من التحالفمنذ بدء الحرب بين حماس وإسرائيل، تتعرض قواعد أميركية في سوريا والعراق بشكل شبه يومي لهجمات بمسيرات وقذائف وحتى صواريخ بالستية قصيرة المدى.
وأحصى مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية 140 هجوما على الأقل في الفترة الممتدة بين 17 أكتوبر و17 يناير.
وفشلت غالبية الهجمات في بلوغ أهدافها، وفق المسؤول الذي يؤكد عدم تسجيل أي خسائر بشرية في سوريا، مقابل قتيل في العراق.
وتبنت "المقاومة الإسلامية في العراق"، وهي مجموعة تضم مقاتلين موالين لطهران، معظم الهجمات في سوريا، ما دفع الولايات المتحدة التي تنشر نحو 2500 مقاتل في العراق و900 في سوريا، إلى الرد عبر توجيه ضربات مركزة في العراق.
ورغم وتيرة الهجمات المرتفعة، تكرر واشنطن وطهران رغبتهما بعدم اندلاع حرب إقليمية.
وقال الباحث لوند لوكالة فرانس برس: "يحاول الطرفان بالتأكيد احتواء مستوى العنف، لكن أوجه التشابه تتوقف عند هذا الحد".
وأضاف "تفضل الولايات المتحدة عدم رؤية أي عنف على الإطلاق، لكن إيران وحلفاءها في سوريا يصعدون عمدا مستوى النزاع ويريدون إرغام الولايات المتحدة على الرد".
وبذلك تريد طهران والمجموعات الموالية لها، وفق لوند، من واشنطن "إما شن هجوم مضاد والانخراط في نزاع تريد واشنطن تجنبه، أو التجاوب مع مطالبهم التي تتعلق بكبح جماح إسرائيل في غزة".
وبحسب خبراء، فإن إيران "عرضت عضلاتها"، لكنها بقيت تحت سقف تصعيد التوتر مع الولايات المتحدة، للحؤول دون تصعيد إقليمي على نطاق واسع.
هل من قوى أخرى؟ شنت إسرائيل خلال السنوات الأخيرة عشرات الغارات على أهداف للميليشيات الموالية لإيران في سورياوبعد قرابة 13 عاما من نزاع مدمر في سوريا متشعب الأطراف، تستفيد قوى عدة من الفوضى الإقليمية السائدة.
فقد جددت تركيا، الشهر الحالي، تنفيذ ضربات ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا، مستهدفة عشرات محطات النفط والكهرباء من بين منشآت أخرى تحت سيطرة الإدارة الذاتية الكردية. كما نفذت ضربات مماثلة في شمال العراق.
وجاءت الضربات إثر اتهام أنقرة حزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا ضدها على أراضيها وتصنفه "إرهابيا"، بقتل 12 جنديا تركيا في هجومين منفصلين على قاعدتين تركيتين في شمال العراق.
وشنت تركيا منذ العام 2016 عمليات عسكرية عدة في سوريا استهدفت بشكل رئيسي المقاتلين الأكراد الذين تسعى لإبعادهم عن حدودها. وباتت القوات التركية وفصائل سورية موالية تسيطر على شريط حدودي واسع في سوريا.
ونفذ الأردن من جهته منذ مطلع الشهر الحالي ضربات عدة في جنوب سوريا، أوقعت قتلى مدنيين، تأتي في إطار جهود مكافحة الاتجار بالمخدرات والأسلحة وتهريبها من سوريا.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الحرس الثوری الإیرانی الولایات المتحدة فی العراق فی سوریا حزب الله
إقرأ أيضاً:
مستشار للرئيس الأمريكي: ترامب بصدد وضع حد للنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط
بغداد اليوم - متابعة
كشفت وسائل إعلام، اليوم الجمعة (31 كانون الثاني 2025)، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بصدد وضع حد للنفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط الذي يشهد اليوم تغييرا جذريا، بعد أحداث 7 أكتوبر 2023.
وأوضح غابرييل صوما عضو المجلس الاستشاري للرئيس الأمريكي، أن خبرة سيد البيت الأبيض في الشرق الأوسط، وتوفر مستشارين في فريقه من كل البلدان، يجعله الأكثر إلماما بوضعها من أي رئيس سابق، قائلا: "مستشارو الرئيس ترامب يعرفون على سبيل المثال، العراق شارعا شارعا”.
وعلى خلفية سقوط نظام الأسد في سوريا، وانحسار القوة العسكرية لـ"حزب الله" اللبناني، وتعرض الحوثيين في اليمن لضغوط كبيرة، تأتي تهديدات المستشار القومي الأمريكي مايك والتز ضد "الميلشيات في العراق"، حيث يقول المستشار صوما إن” هذه المنظمات التي أدرجتها واشنطن على قائمة الإرهاب، تتعامل معها إدارة ترامب بطريقة مختلفة بعكس الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، الذي في عهده تعرضت القوات الأمريكية في سوريا والعراق لأكثر من 100 ضربة منذ أكتوبر 2023، فترامب يريد ردع هذه المنظمات التي يجب أن تأخذ تحذيراته على محمل الجد”.
وفيما يتعلق بأثر هذه التهديدات على زعزعة موقع حكومة محمد شياع السوداني في العراق، باعتبارها حليفة لواشنطن، رأى صوما أنه “إذا لم يكن للسوداني القدرة على وقف الأعمال العدائية لهذه التنظيمات، عندئذ سيكون على ترامب التدخل بشكل عسكري جذري”.
وبالنسبة للرد الإيراني في حال تعرض حلفائها بالمنطقة لهجوم، قال صوما: “بدأت نهاية النظام في إيران منذ سبتمبر 2024 عندما استهدفت إسرائيل مقر الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله، وقضت على كامل أجهزة الدفاع الإيرانية، وترامب يريد إخراج نفوذ إيران تماما من المنطقة”.
وعند الحديث عن وضع سوريا بعد سقوط نظام الأسد، أشار المستشار صوما إلى "أن الأمور هناك أصعب وأكثر تعقيدا مما هي عليه في بقية الدول العربية، فقبل أحداث 8 سبتمبر كانت البلاد مقسمة، ولذلك يصعب توحيد سوريا وليس بمقدور النظام الجديد فعل ذلك"، مضيفا: "ليس لدينا علم بمستقبل سوريا".