يمانيون – متابعات
كشفت وكالةُ “بلومبيرغ” وشبكة “سي إن إن” الأمريكيتان، أن التصعيدَ الأمريكي والبريطاني ضد اليمن أَدَّى إلى نتائجَ عكسية، حَيثُ أصبحت شركاتُ التأمين ترفُضُ تغطيةَ تكاليف المخاطر المرتفِعة للسفن المرتبطة بالولايات المتحدة وبريطانيا والكيان الصهيوني، والتي تعبر البحر الأحمر؛ بسَببِ التهديداتِ التي تواجهُها هذه السفن، الأمر الذي يمثِّلُ عائقاً كَبيراً أمامَ حركة التجارة الأمريكية البريطانية عبر هذا الممر المائي.

وقالت بلومبيرغ في تقرير نشرته قبل يومَينِ: إنَّ “بعضَ شركات تأمين السفن بدأت بتجنب تغطية السفن التجارية الأمريكية والبريطانية ضد مخاطر الحرب عندما تبحر في جنوب البحر الأحمر، وهي علامة أُخرى على ردود الفعل العكسية منذ الغارات الجوية التي شنتها الدولتان على اليمن الأسبوع الماضي”.

ونقلت الوكالةُ عن ماركوس بيكر الرئيس الدولي للشحن البحري في شركة مارش قوله: إن “شركاتِ التأمين تسعى لاستثناء السفن التي لها روابط بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل عند إصدار غطاء للرحلات عبر المنطقة، وهذا يعني في الأَسَاس أن هذه الشركات لن تقدم التأمين”.

وأضاف: “شركاتُ التأمين تضيفُ فقراتٍ تنُصُّ على عدم مشاركة الولايات المتحدة أَو المملكة المتحدة أَو إسرائيل.. الجميع تقريبًا يضعون شيئاً من هذا القبيل، والعديد منهم يدرجون عبارة ملكية أَو مصلحة”، في إشارة إلى أن شركات التأمين ترفض تغطية السفن التي توجد لها ملكية أَو فائدة أمريكية أَو بريطانية أَو “إسرائيلية”.

وأوضح التقرير أن “هذه الاستثناءاتِ التأمينية تنطوي على عدة مشاكل؛ بسَببِ اتساع نطاقها”.

ونقلت الوكالة عن ماركوس بيكر قوله: إن استثناء الملكية الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية أمر واضح ومباشر نسبياً لكن استثناء “الفائدة والمصلحة” يمكن تفسيره على نطاق أوسع، حَيثُ يمكن أن يشمل المزيد من العوامل العرضية مثل المستأجرين أَو الزيارات السابقة للموانئ؛ وهو ما يعني أن شركات التأمين قد ترفض حتى تغطية السفن التي لها أبسط علاقات سابقة بأمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني.

وأوضح التقرير أن “الضربات الأمريكية والبريطانية على اليمن أسهمت في إيصال معدلات التأمين على مخاطر الحرب إلى مستوى جنوني”، مُشيراً إلى أن هذا التأمين أصبح يمثل 1 % من قيمة السفينة نفسها، بعد أن كان عشر هذا المبلغ قبل أسابيع، “وهذا يعني أن تكلفة تغطية سفينة بقيمة 100 مليون دولار تبلغ حوالي مليون دولار” بحسب التقرير.

وقالت الوكالة: إن “هذه التكاليف تضيف عائقاً أمام التجارة الأمريكية والبريطانية التي تمر عبر البحر الأحمر”.

وأوضح التقرير أنه “يتعين الآن على مالكي السفن والمستأجرين المستعدين للمخاطرة بالإبحار عبر البحر الأحمر أن يفكروا فيما إذَا كان من الأرخص دفع تكاليف التأمين الإضافية المتزايدة بالإضافة إلى رسوم العبور لقناة السويس، أَو بدلاً عن ذلك اتِّخاذ الطريق الطويل حول رأس الرجاء الصالح، وبذلك ترفع فواتير الوقود الإضافية”، في إشارة إلى أن كُـلّ الخيارات أصبحت صعبة.

ونقلت الوكالة عن محللين في شركة كلاركسونز للأوراق المالية قولهم: “لقد ارتفعت أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب للسفن بشكل كبير وقد يجد أصحاب السفن والمستأجرون أن إعادة التوجيه حول أفريقيا أكثر فعالية من حَيثُ التكلفة من تكبد التكاليف المجمعة لرسوم عبور قناة السويس وأقساط التأمين”.

من جهتها أكّـدت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، أن عدد شركات التأمين التي أصبحت ترفض تغطية السفن الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية يتزايد باستمرار.

ونقلت الشبكة عن ستيفن شوارتز، نائب الرئيس التنفيذي لشركة (ويلس فارغو غلوبال) قوله: إنه “كلما طال أمد الاضطراب، زاد احتمال تأثر الشركات الأمريكية والمستهلكين في نهاية المطاف”.

وتمثل هذه التداعيات جزءاً من الورطة الحقيقية التي وقعت فيها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا؛ بسَببِ اعتدائهما على اليمن، وهي الورطة التي كان قائد الثورة السيد عبد الملك قد حذر منها بشكل مسبق، إذ يبدو بوضوح أن الدولتين تواجهان اليوم نفس التأثيرات المزلزلة والكبيرة التي واجهها الكيان الصهيوني؛ بسَببِ العمليات اليمنية البحرية؛ وهو ما يترجم فشلاً ذريعاً وسوءَ تقدير فاضحًا في حساباتهما.

– المسيرة

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الأمریکیة والبریطانیة عبر البحر الأحمر شرکات التأمین

إقرأ أيضاً:

اليمن على أعتاب أزمة وقود بعد قصف أميركا ميناء رأس عيسى

باتت الضربات الأميركية للحوثيين في اليمن تستهدف تدمير الموارد الأساسية، وضرب مرافق الاستيراد على رأسها ميناء رأس عيسى النفطي في محافظة الحديدة غرب البلاد، الذي تعرّض لقصف شديد، يوم الخميس الماضي، ما خلف أضراراً بالغة وتسبب في توقف الميناء، الأمر الذي ينذر بأزمة وقود واسعة، بينما تعاني البلاد بالأساس من أزمات اقتصادية ومعيشية.

 

وقالت مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية التابعة للحوثيين في بيان صحافي، الجمعة، إنّ "القصف الأميركي، تسبب في أضرار كبيرة بالميناء، وأدى إلى تعطيل نشاطه الحيوي، ما سينعكس سلباً على حركة الملاحة والإمدادات النفطية ويضاعف من معاناة الشعب اليمني المتفاقمة جراء الحصار المستمر منذ عشر سنوات".

 

وتدرج القصف الأميركي للمنطقة الساحلية الاستراتيجية التي يسيطر عليها الحوثيون، إذ تركّز منذ أيام على جزيرة كمران أكبر الجزر اليمنية الواقعة على البحر الأحمر، ليمتد إلى رأس عيسى المقابل للجزيرة الذي يعتبر خزاناً عائماً لاستيراد وتصدير الوقود، إذ كان يعمل فيه أهم أنبوب نفطي لتصدير النفط الخام المستخرج من حقول صافر وغيرها من حقول اليمن الشرقية، لكنه متوقف منذ العام 2015.

 

وأمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مارس/آذار الماضي بتكثيف الضربات ضد الحوثيين في أكبر عملية عسكرية أميركية في الشرق الأوسط منذ توليه منصبه في يناير/ كانون الثاني 2025، وتوعد بمواصلة الضربات حتى يوقف الحوثيون الهجمات على سفن في البحر الأحمر، بينما يقول الحوثيون إنّ الهجمات ستستمر طالما استمر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وتوقفت الجماعة عن شنّ الهجمات خلال وقف إطلاق النار الذي دام نحو شهرين في القطاع. ومنذ 15 مارس/ آذار الماضي، استأنف الحوثيون هجماتهم التي تستهدف السفن العسكرية الأميركية وإسرائيل، ومنذ اندلاع العدوان على غزة، شنّ الحوثيون عشرات الهجمات الصاروخية ضد إسرائيل وضد سفن في البحر الأحمر يقولون إنها على ارتباط بها وبالدول الداعمة لها.

 

ويبعد ميناء رأس عيسى 55 كيلومتراً شمالي مدينة الحديدة الساحلية غربي البلاد، وتبلغ سعته التخزينية ثلاثة ملايين برميل، وبحسب الخبير الاقتصادي اليمني رشيد الحداد، فإنّ استهداف ميناء رأس عيسى يهدف إلى إشعال أزمة وقود في اليمن، لأنه دفع بكل ثقله العسكري وشنّ نحو 900 غارة خلال شهر، ولم يلحظ أي أثر لاستخدامه المفرط للقوة. وقال الحداد لـ"العربي الجديد"، إن قصف الميناء النفطي تزامن مع ضغط اقتصادي كبير على مختلف الأصعدة يتمثل في العقوبات على القطاعَين المصرفي والنفطي.

 

ورأى الحداد أن هذا الاستهداف "مؤشر واضح على فشل سلسلة العقوبات الاقتصادية التي اتخذتها واشنطن ضد أشخاص وكيانات في تحقيق أي أثر على الوضع الاقتصادي والمعيشي في مناطق سيطرة الحوثيين، لذا اتجه إلى الاستهداف المباشر للمقدرات الاقتصادية والخدمية".

 

الجدير بالذكر، أن ميناء رأس عيسى النفطي كان قد تعرض قبل أشهر عدّة لاستهداف من الطيران الإسرائيلي، الذي أدى بحسب إعلانهم إلى تدميره بالكامل، كما سبق واستهدفه طيران التحالف بقيادة السعودية والإمارات في إطار دعمهما للحكومة الشرعية في اليمن، ما تسبب في دمار كبير لمنشآت تخزين النفط في الميناء الذي كان محلّ اهتمام اليمنيين والعالم بسبب سفينة صافر العائمة التي جرى تفكيكها ونقلها من الأمم المتحدة قبل عامين.

 

وقال الجيش الأميركي إنّ الضربات هدفها القضاء على أحد مصادر الوقود التابعة للحوثيين، إذ قالت القيادة المركزية على منصة "إكس" يوم الخميس "الهدف من هذه الضربات هو إضعاف مصدر القوة الاقتصادية للحوثيين"، ويعد ميناء رأس عيسى مركزاً رئيسياً لواردات الوقود.

 

وبالرغم من إدراج الحوثيين على قائمة الإرهاب الأجنبي الذي دخل حيز التنفيذ في 5 إبريل/ نيسان، أكدت القيادة المركزية الأميركية أنّ السفن استمرت في توريد الوقود عبر ميناء رأس عيسى، مشيرةً إلى هذه المبيعات غير القانونية تمول مباشرة جهود الحوثيين وتدعمها.

 

لكن الباحث الاقتصادي عصام مقبل، أكد لـ"العربي الجديد"، أن استهداف منشأة اقتصادية مدنية مثل ميناء رأس عيسى في ظل وضع اليمن الراهن يعتبر بمثابة جريمة حرب؛ لأنّ تبعاته ستكون وخيمة في تفاقم الأزمة الإنسانية والمعيشية في اليمن.

 

وأشار مقبل إلى عدم وجود أي مبرّر لاستهداف ميناء رأس عيسى، إذ لا يتضمن التصنيف الأميركي أي منع لاستيراد الوقود عبر هذا الميناء، وحتى لو كان هناك قرار بالمنع فبالإمكان حظر مرور السفن إلى الميناء من نقاط التفتيش الأممية التي تشرف على مختلف الإجراءات بتوافق الجميع على استيراد الوقود عبر ميناء الحديدة.

 

بدوره، قال الخبير الملاحي أحمد مرعي، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك طرقاً مختلفة إذا أرادت الولايات المتحدة معاقبة الحوثيين كما تزعم، كتحويل السفن المحملة بالوقود المستورد إلى موانئ الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، بدلاً من تدمير منشأة اقتصادية عامة هي ملك للشعب اليمني".

 

وقال مرعي إنّ رأس عيسى من أكثر الموانئ اليمنية المؤهلة لاستقبال السفن المحملة بالوقود، إذ يتميّز الميناء بوجود ممرين ملاحيين لدخول السفن، أحدهما باتجاه المدخل الشمالي من رأس جزيرة كمران، والأعماق فيه تعطي مجالاً واسعاً لسير السفن ذات الحمولات الكبيرة التي يصل غاطسها إلى أكثر من 15 متراً، والممر الآخر يمتد إلى المدخل الجنوبي وهو ممر ضيّق والأعماق فيه غير آمنة لمرور السفن الكبيرة ويستخدم عادة للعائمات البحرية ذات الغاطس الصغير.

 

وفي فبراير/ شباط من العام 2016، بدأ العمل في مرسى رأس عيسى النفطي بوصفه مرسى إضافياً يتبع إدارة ميناء الصليف وذلك بعد استكمال إنشاء الخزانات الخاصة به في 2014، كما يعتبر كلٌّ من ميناء الصليف ومرسى رأس عيسى بحسب خبراء ملاحيين من أعمق الموانئ التابعة لمؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية.

 

ووفق بيان مؤسسة "موانئ البحر الأحمر اليمنية" فإن" استهداف أميركا لميناء رأس عيسى، جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة الانتهاكات الممنهجة التي تطاول موانئ البحر الأحمر منذ العام 2015"، وأفاد البيان بأن استهداف الميناء "الذي يعدّ من الأعمدة الرئيسية لتأمين الوقود للشعب اليمني، يعد انتهاكاً صارخاً للقوانين والمواثيق الدولية التي تجرّم قصف الأعيان المدنية، وتؤكد حرمة استهداف المنشآت الخدمية، سيّما المرتبطة بمعيشة المواطنين واحتياجاتهم"، ودعا الأمم المتحدة إلى "الاضطلاع بدورها وتحمل مسؤولياتها في حماية المنشآت المدنية، ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم".


مقالات مشابهة

  • شركات الشحن تواجه اضطرابات مستمرة في ظل تقلبات التعرفات الجمركية
  • إعادة تموضع لإيران واستراتيجية جديدة لا تتخلى فيها عن الحوثيين على وقع الضربات الأمريكية المستمرة
  • مع استمرار القصف العنيف.. جماعة «الحوثي» تتوعّد باستهداف شركات النفط والأسلحة الأمريكية‎
  • بعثة أممية تعبر عن استيائها من حجم الاضرار في موانئ الحديدة التي دمرتها غارات امريكية
  • 12 قتيلا في غارات أميركية على العاصمة صنعاء  
  • هجمات الحوثيين تثير القلق وتحظى بالإدانة.. ودعوات للإفراج عن المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة
  • غوتيريش يعرب عن "قلقه الشديد" إزاء العدوان الأميركي على اليمن  
  • الأمم المتحدة تعرب عن قلقها البالغ من غارات أمريكا على ميناء رأس عيسى باليمن وتحذر من كارثة إنسانية
  • اليمن على أعتاب أزمة وقود بعد قصف أميركا ميناء رأس عيسى
  • دوجاريك: جوتيريش "قلق للغاية" إزاء الضربات الأمريكية في اليمن