في عام 2003م إجتاحت العالم جائحة سارز، وفي عام 2009م إنتشر فيروس اتش ون إن ون، وفي عام 2012م إنتشر فيروس ميرس، وفي نهاية عام 2019م قضت كورونا على البشر والأخضر واليابس في جميع أنحاء العالم.
وفي بدايات عام 2024م، عادت تطل علينا كورونا بوجهها المتحوِّر الجديد، وبدأت تحذيرات منظمة الصحة العالمية تطلق صفارات الإنذار والتطمين والتشجيع على أخذ التطعيمات المطوَّرة، وهذا يعني أن كوفيد الجديد لن يكون الأخير على سطح كوكب الأرض، فكل التوقعات والمؤشرات والحقائق العلمية تجزم بأن هناك جائحة أخرى ستصيب سكان الأرض في المستقبل القريب أو البعيد وعلمها عند الله.
وإنطلاقا من هذه الحقائق والوقائع، يجب على دول العالم ومنظمات الصحية، وضع الإستراتيجيات والأهداف والخطط إستعداداً لمواجهة تلك التحدّيات الصحية غير المتوقعة، تماماً مثل ما نفعل ونستعد لمواجهة الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات وإنفجارات البراكين،وكما نخطط لحماية حدود الأوطان وتعديل مسارات الإقتصاد.
ومن هذه الإستراتيجيات ، تصميم ووضع نظم إستشرافية وتحذيرية تتابع إنتشار الأوبئة والفيروسات، وأن تكون سريعة الإستجابة لحماية البشر، وأيضا من الغزو الخارجي للفيروسات، الناتج عن تطور وسائط المواصلات بأنواعها وحدود العالم المفتوحة والرغبة الإنسانية في التنقل حول العالم، وهذا بالتبعية يتطلب وضع نظم إقتصادية للتقليل من تاثيرها المباشر على مقدرات وأحوال البشر المادية.
كما يجب أن لا يغيب عن وعينا أهمية الجهود الفردية الملقاة على عاتقنا لحماية أنفسنا من عدوى الأمراض والأوبئة وذلك بإتباع طرق ووسائل الحماية الشخصية. تجدر الإشارة الى الجوانب المضيئة والمكاسب التقنية والعلمية والسلوكية التي حققتها البشرية من إنتشار جائحة كوفيد 19، حيث ساعدت على تسّريع إنتاج التطعيمات والتطوير التقني للتعلم والعمل عن بعد، وإنتاج أجهزة طبية ملبوسة لمراقبة الوظائف الحيوية للإنسان أثناء مرضه،والأهم من كل ذلك تعزيز النظم الصحية العالمية نظرا لتأثيرها على الإقتصاد العالمي والمتمثلة في التحدّيات الناتجة عن إنتشار الأمراض وفرض حالات الطوارئ لفترات طويلة.
وأخيراً، الإستعداد هو حالة ذهنية ونفسية وثقافية لا يمكن تحقيقها في الحياة العصرية إلا بتعلُّم مهارات الإعداد والجاهزية لمتطلبات الطوارئ بمختلف أنواعها وهذا يتطلب تضمين المناهج الدراسية تلك المفاهيم والمهارات بغرض تعلمها وتطبيقها.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
"توقفوا عن توظيف البشر".. حملة إعلانية تشعل مواقع التواصل
في خطوة وُصفت بـ "الاستفزازية"، أطلقت شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي تدعى Artisan حملة إعلانية مثيرة للجدل في شوارع سان فرانسيسكو، تصدرتها عبارة "توقفوا عن توظيف البشر".
الحملة، التي نُشرت عبر لوحات إعلانية ضخمة، لم تكتفِ بتحدي مكانة البشر في سوق العمل، بل عمدت إلى تصويرهم كفائض غير ضروري، مما فجّر موجة من السخط على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتُروّج الشركة لوكيل مبيعات مدعوم بالذكاء الاصطناعي يحمل نفس اسمها، وتُزين إعلاناتها بعبارات مثيرة للجدل مثل: "عمالنا لن يشتكوا من توازن العمل والحياة"، و"كاميرات Artisan في اجتماعات زووم Zoom لن تتعطل أبداً"، إلى جانب شعار رئيسي نصّه: "عصر الموظفين المدعومين بالذكاء الاصطناعي قد بدأ".
لكن ما زاد من وتيرة الأزمة هو الاستخدام المكثف لعبارة "توقفوا عن توظيف البشر"، التي انتشرت بجانب صور افتراضية لوجه امرأة تحمل ملامح غير طبيعية، تمثل إحدى الشخصيات الافتراضية للذكاء الاصطناعي.
واجهت الحملة انتقادات لاذعة على الإنترنت، لدرجة أنها وُصفت بـ"الكابوس"، فيما أشعلت نقاشات ساخطة على منصات مثل Reddit وإكس، حيث عبّر أحد المغردين عن غضبه قائلاً: "ما الذي يجب علينا فعله كجنس بشري؟"، مشيراً إلى الأبعاد الأخلاقية والإنسانية التي تجاهلتها الحملة.
ومع تزايد الغضب، لم تقتصر الردود على الإنترنت فقط، بل تجاوزتها إلى الشوارع، حيث أقدم أحد الأشخاص على تمزيق وتحطيم إحدى اللوحات الإعلانية للشركة، لأنه "في مدينة تعاني من أزمة إسكان خانقة وتضم أعداداً كبيرة من المشردين، بدت الحملة منفصلة عن الواقع المأساوي، بل ومستفزة لمشاعر الناس أيضاً"، على حد تعبيره.
وما زاد من مأساوية المشهد كانت إحدى الصور التي أثارت استهجاناً واسعاً عندما أظهرت رجلاً فقيراً يقف بجوار لوحة إعلانية تحمل الشعار المثير للجدل، في مشهد لخص عمق الأزمة الاجتماعية التي تجاهلتها الشركة.
على الرغم من موجة الغضب، يبدو أن جاسبار كارمايكل-جاك، الرئيس التنفيذي لشركة Artisan، لا يرى في الحملة أي تناقض مع رؤيته؛ ففي تصريحات لموقع SFGate، قال: "نعم، الحملة تبدو استفزازية، لكن الذكاء الاصطناعي كذلك، العالم يتغير، وطريقة عمله تتغير معه أيضاً".
غير أنه حاول التخفيف من وطأة الرسائل الإعلانية في حديثه مع صحيفة San Francisco Chronicle، قائلاً: "نحن نحب البشر. في الواقع، نحن نوظف العديد منهم الآن، لا أعتقد أن الناس يجب أن يتوقفوا عن توظيف البشر".
بحسب تحليل موقع Futurism، يبدو أن حملة Artisan أزاحت الستار عن المعضلة الأخلاقية التي تتجنبها الشركات التقنية الكبرى عادةً، وهي حقيقة أن التوجه نحو الأتمتة والذكاء الاصطناعي قد يهدد بشكل مباشر دور الإنسان في سوق العمل.
وفي ظل هذه العاصفة، تفتح الحملة كذلك باب النقاش مجدداً حول العلاقة بين التقنية والإنسان، ومستقبل الوظائف، وحدود الابتكار في ظل واقع اجتماعي يرزح تحت وطأة الأزمات، وبينما تروج الشركات للتغيير، يبقى السؤال الأهم: هل سيبقى الإنسان حاضراً في معادلة الغد؟