جمعة رجب.. هوية إيمانية تربط الماضي بالحاضر
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
جمعة رجب مناسبة دينية يحرص اليمنيون على إحيائها ويتخذون منها عيداً دون سواهم فقد وثقت دخول اليمنيين في الإسلام استجابة لدعوة الرسول الأعظم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم التي جاء بها الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام لأهل اليمن.
ويتم إحياء جمعة رجب محطة لاستحضار فضائل الإسلام ولتعزيز قيم الهوية الإيمانية وتجسيدها في واقع حياتنا وهو ما أكده قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي.
ويحرص اليمنيون على إحياء جمعة رجب بأنشطة وفعاليات توعوية تعزز من منظومة الهوية الإيمانية، بما يمكّن من امتلاك المناعة القائمة على الوعي اللازم لمواجهة مخاطر الحرب الناعمة، التي تستهدف العقول وتعمل على تنميط أفكار المجتمع وقيمه بتقنيات اتصالية ناعمة تمارس ضغوطاً ظاهرةً وخفية ظاهرها حضاري وخفاياها تهشيم بنية المجتمع الدينية والتربوية والوطنية.
ومنذ فجر الإسلام كان الشعب اليمني في طليعة الشعوب التي جابت الأرض سعياً في نشر دين الله وتعاليم الإسلام التي جاء بها الرسول المصطفى المبعوث رحمة للعالمين، ولم يتخلى الفاتحون وأبنائهم وأحفادهم عن هويتهم المرتبطة بنصرة الإسلام وأهله.
اليوم وفي ظل حالة الضعف والوهن الشديد الذي أصاب الأمة وسيطرة روح الانهزام عليها أمام أعدائها، مع ما تتعرض له من غزو فكري وثقافي لم يجد اليمنيون بدًّا من إعادة إنتاج دورهم الحضاري الإسلامي الفاعل والمؤثر في نصرة الدين والدفاع عن الحق ونصرة المستضعفين.
فمنذ انطلاق معركة “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر الماضي عبَّر الشعب اليمني عن موقفه الثابت والواضح، وأكدته موجهات قائد الثورة وجسده القائد الأعلى للقوات المسلحة المشير الركن مهدي المشاط ونفذته المؤسسة العسكرية اليمنية وترجمته بيانات القوات المسلحة عن عملياتها في عمق المحتل الصهيوني والعمليات البحرية التي منعت واستهدفت السفن التي لم تمتنع من التوجه إلى موانئ العدو الإسرائيلي حتى يتم رفع العدوان والحصار على أبناء غزة.
كل ذلك جرى ويجري والمسيرات التضامنية الحاشدة في أمانة العاصمة والمحافظات تتوسع بشكل لا تخطئه العين فوضت وجسدت التفويض لقائد الثورة وأشادت بمفاعيل عمليات القوات المسلحة اليمنية الصاروخية والجوية والبحرية التي طالت العدو الصهيوأمريكي ومصالحه..
وفي ظل حالة اللا جديد في العجز العربي سوى الارتهان للإدارة الأمريكية والدعم اللوجيستي للعدو الإسرائيلي والمراهنة على التطبيع من أجل الاستقرار، بدت الإدارة الأمريكية وهي الإدارة المتحكمة بالعدوان السعودي الإماراتي على اليمن منذ تسع سنوات، عاجزة أمام ضربات محور المقاومة وبدت أكثر عجزا في التصدي للباس اليماني وهو ما أكده فشل تحالف حماية السفن الإسرائيلية الذي تقوده أمريكا.
الفشل الأمريكي وعجزه عن تضليل الرأي العام بأمن الملاحة الدولية قاده إلى شن عدوان أمريكي بريطاني غاشم على عدد من المحافظات اليمنية في يوم جمعة رجب وهو اليوم الذي شرَّف الله فيه أهل اليمن بالدخول إلى الإسلام ويأتي هذا التحرك الغربي ليثبت أن موقف الشعب اليمني له أثره البالغ في نفوس الأعداء وهو ما أكده الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي منذ عقود يوم قال “عندما تعرف أن عدوك تحرك، لماذا تحرك؟ هو أنه أصبح ينظر إليك أنك أصبحت رقماً كبيراً، وأنك أصبحت تشكل خطراً بالغاً عليه، أوليس هذا هو ما يسعد الإنسان المؤمن أن يعلم من نفسه أن عمله له أثره البالغ في نفوس الأعداء؟ فعندما يتحرك الآخرون ضدك فاعرف أن عملك كان أيضاً عملاً له أثره الكبير”.
وفي عالم يفيض بحرب الأفكار الناعمة وتأثيراتها العميقة على الهوية الجامعة تظل الهوية اليمانية حاضرة يستمد اليمني مفرداتها من شهادة النبي الكريم القائل الإيمان يمان والحكمة يمانية نراها تربط الماضي بالحاضر، يسرج اليوم صهوتها اليمنيون قيادةً وجيشاً وشعباً بعزيمة أمضى وإرادة لا تلين وهوية إيمانية لا تعرف قيود الزمن.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
من عمق الجراح وركام القصف إلى ميادين العزة .. اليمنيون يجددّون العهد لفلسطين
يمانيون../
من عمق الجراح، ومن بين ركام القصف الأمريكي، خرج الشعب اليمني بمسيرات مليونية تستنهض الضمير العالمي، تجاه فلسطين وغزة التي تذبح من الوريد إلى الوريد، ليقول للعالم إن صوته لا يُخرس، وإرادته لا تُكسر، وبوصلته نحو فلسطين لا تنحرف.
سيول بشرية، لشعب لم يسمح لجراحه أن تكم فمه أو تقعد قدميه، إنما حول الألم إلى وقود، والجراح إلى رايات، والتحديات إلى ساحات ينطلق منها الصوت الصادق نحو غزة المحاصرة، ليقول لأبنائها “: نحن معكم، لن نترككم، ولن نساوم على دمكم”.
الحشود التي غصّت بها الميادين، كانت أعجوبة في زمن الخذلان، ولوحة بشرية من الوفاء، وتجسيد حي لمعادلة لا يفهمها الخانعون بأن الشعوب الحرة لا تحتاج إذنًا لتناصر، ولا قرارًا لتنتصر، ولا دعمًا لتقف، بل تخرج من تلقاء نفسها، بإيمانها وحده، تهتف وتقاتل وتقاوم.
كل هتاف ارتفع اليوم كان صاعقة على رؤوس الطغاة، وكل لافتة مرفوعة شكلت سهمًا في قلب الحلف الأمريكي الصهيوني، وكل دمعة صادقة سقطت لأجل أطفال غزة، كانت عهدًا جديدًا بأن الكرامة لا تشترى، وأن الضمير لا يباع، وأن فلسطين لا تخذل.
مسيرات تجدّد العهد وتعبر عن موقف أمة، وانبعاث روح، وتثبيت لوعد قطعه الشعب اليمني على نفسه تحت راية قائد حكيم، بأن فلسطين قضية وجود، ومحرك نضال، وبوصلة لا تنحرف مهما بلغت شدة العواصف.
خرجت الجموع الهادرة بقلوب محترقة، وبملامح عزة لا توصف، لم يمنعهم القصف، ولا الفقر، ولا المشاق، فاليمن حين يتعلق الأمر بفلسطين، ينسى كل جراحه، ويقف بكل ما فيه من شموخ.
كانت الميادين تنطق ببلاغة الحضور، صرخة واحدة تصعد من عمق الأرض، تقول :”هذا هو الشعب الذي لا ينهار، هذا هو اليمن الذي لا ينسى، هذا هو الجسد العربي الحي الذي ما زال قلبه ينبض لفلسطين، وسط محيط من الجثث السياسية الباردة”.
الرسالة التي خرج بها اليمن اليوم كانت أكبر من أن تختصر، رسالة للأعداء قبل الأصدقاء، للعالم المتآمر قبل الشعوب النائمة: أن ثبات اليمانيون عقيدة وإيمان، ووقوفهم مع غزة واجب ديني وإنساني وتاريخي”.
اليمن، وهو يتقدم الصفوف، لا يبحث عن مجد، ولا يلهث وراء التصفيق، إنما يؤدي الأمانة أمام الله والتاريخ، يقف حيث يجب أن يكون الموقف، ويهتف حيث خرس الآخرون، ويثور حيث سكتت الشعوب، ويصرخ حيث خنع الجميع.
كل وجه خرج اليوم كان شهادة، وكل يد ارتفعت كانت بيعة جديدة، وكل صوت دوّي في السماء كان طعنة في صدر المشروع الصهيوني، الأمريكي الذي ظن أن الأمة ماتت، وأن الشعوب صارت عبيدًا لحكامها، وإذا باليمن الميمون يبعثر ظنونه ويكسر حساباته.
في وقت تذبح فيه غزة ولا يتحرك ساكن، وتقصف فيه المآذن وتحرق المستشفيات وتسحق الطفولة، لا شيء أعظم من أن ترى شعبًا جريحًا ينهض من بين رماده، ليقول :”لبيك يا غزة، لبيك يا فلسطين، دمنا دونك، وأرواحنا فداء ترابك”.
خرج الشعب اليمني اليوم ليعلن أن الشعوب الحيّة لا تعرف التعب، وأن الكرامة لا تموت تحت الأنقاض، ومن اعتاد على الصبر لا يخاف الطغيان، وأن من حمل راية الحق لن يسقطها حتى آخر رمق.
اليمن وهو ينزف، ويقصف، ويحاصر، لا يساوم ولا يتراجع ولا ينحني، يقف اليوم مرفوع الرأس، شامخًا، ليعيد إلى الأمة توازنها، وليصرخ في وجه كل متخاذل :من أراد أن يقف مع غزة، فليأت إلى الميدان”.
الرسائل التي أطلقها الشعب اليمني اليوم من مختلف الساحات والميادين كانت متفجرة، واضحة كالشمس، لا مواربة فيها ولا خوف :نحن ثابتون في المعركة، نعلم من عدونا، ونعرف طريقنا، ولن تلهينا الجراح عن واجبنا، بل ستزيدنا صلابة وتوقدًا واستبسالًا”.
العالم الذي صم آذانه عن أنين أطفال غزة، سمع اليوم صدى صوت اليمن يدوي كالرعد، ليقول إن الأمة لم تمت، وأن هناك شعبا واحدا على الأقل ما زال يحمل على عاتقه القضية، ويحميها بصدره العاري، وينتصر لها من بين ركامه”.
لحظة تاريخية، تسجل بحروف العزة، لا بالأقلام، بل بالدم، لا بالكلمات بل بالمواقف، لا بالشعارات وبالميدان أيضًا، لحظة يقول فيها اليمن “نحن الأمة في زمن التمزق، نحن الصوت في زمن الصمت، نحن الجبهة التي لا تكسر”.
وفي كل ساحة اليوم، كانت فلسطين الحاضر الأول، والوعد واحد أن الأمة لن تنكسر طالما بقي في اليمن نبض، وفي قلوب رجاله جذوة لا تخبو، فما زالت الأرض اليمنية تردد بصوت واحد “فلسطين في قلب كل يمني، وعهدها لن يضيع مهما تعاظمت التحديات”.
هذه اليمن، صوت الضمير، وقلب الأمة النابض، والجدار الأخير الذي لم يتصدع، والنبض الحر الذي لم يُخن، خرج اليمنيون اليوم ليعلنوا للعالم ” لا تهن غزة، ففي اليمن رجال لا يعرفون الذل، ولا يفرطون في شرف القضية”.
وإذا كانت الشعوب الأخرى رهينة لحكامها، الشعب اليمني ما يزال يكسر القيد، ويقولها بملء الفم :”نحن الأحرار، نحن الجبهة، ونحن من سيفضح كل ساكت ومتواطئ، وسنظل حيث يجب أن نكون في صف الحق، ومع غزة، والقدس، حتى آخر نفس”.
سبأ – جميل القشم