في ظل الاتّهامات الدولية.. هل بات العالم يدرك أن الولاياتِ المتحدة تهدد الملاحة في البحر الأحمر؟
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
يمانيون – متابعات
قوبلت الضرباتُ الأمريكية البريطانية على اليمن وقبلها تشكيل تحالف “حارس الازدهار” بمعارضة وتحفظات شديدة على المستوى الإقليمي والدولي، وعلى مستوى الداخل الأمريكي نفسه، وتقاطعت معظمُ الاعتراضات والتحفظات عند عدة نقاط، كان أبرزها المخاوف من تحول البحر الأحمر إلى جبهة مفتوحة ستكون تداعياتُها العسكرية والأمنية والاقتصادية واسعةً جِـدًّا، الأمرُ الذي عَكَسَ وجود تصور موحد على مستوى العالم، بأن سياسات الولايات المتحدة أصبحت تهدّد الملاحة الدولية.
المخاوفُ الدولية والإقليمية المتعلقة بمخاطر التحَرّك الأمريكي في البحر الأحمر كانت قد برزت بوضوحٍ في ديسمبر عند إعلان تشكيل تحالف “حارس الازدهار”، والذي لم تستطع واشنطن حتى أن تقنعَ حلفاءها بأنه يهدف لحماية الملاحة، فحتى بعض الدول التي أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن انضمامها إلى التحالف، مثل إسبانيا وإيطاليا وفرنسا، سارعت إلى إبداء اعتراضها على العمل تحت قيادة الولايات المتحدة، في مشهد غير مألوف، عكس فشلاً أمريكياً في حشد الحلفاء، والأهم من ذلك أنه عكس إدراك حلفاء الولايات المتحدة لوجود أهدافٍ أُخرى “خَاصَّة” من تشكيل التحالف، لا تتضمن حماية الملاحة بل تهدّدها، وهو ما أكّـده بوضوح الرفضُ المصري للانضمام إلى التحالف، والذي انطلق من أسباب عدة، أهمُّها أن هذا التحالُفَ يهدِّدُ قناةَ السويس وأمن البحر الأحمر، بحسب ما كشفت مصادرُ دبلوماسية لـ “يمن إيكو” سابقًا، وأكّـده أَيْـضاً خبراء مصريون.
ومع مضي الولايات المتحدة في هذا التحَرّك، ووصولها إلى حَــدِّ شن ضربات على اليمن تحت عنوان “حماية الملاحة الدولية”، (والذي يفترض به وفقاً للرواية الأمريكية أن يكون أمراً مطمئناً) ازداد حجمُ المخاوف الدولية والإقليمية، وأصبح التعبير عنها أكثر وضوحاً وصراحةً، كما حدث خلال جلسة مجلس الأمن الأخيرة، حَيثُ وصف مندوب روسيا الهجمات على اليمن بأنها “عدوان عسكري لا علاقة له بالدفاع عن النفس”، مُشيراً إلى أن “الحربَ انتشرت إلى خليج عدن والبحر الأحمر، ولا تريد واشنطن التوقف، فقد أعلنت أنها لن تتوقفَ عند هذا الحد إذَا ما شهدت تهديدات جديدة”، وأضاف: “ندرك أن التهديداتِ تلك ستحدّدُها واشنطن بشكلٍ اعتباطي دون احترام للقانون الدولي”.
وقال المندوب الروسي: إن “المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة بخصوص الدفاع عن النفس لا تنطبق على الحالة المتعلقة بالتجارة الدولية، والحق في الدفاع عن النفس لا يمكن أن يمارس لكفالة حرية الملاحة الدولية، والزملاء الأميركيون يدركون ذلك”، مُشيراً إلى أن “حرية الملاحة تخضع لاتّفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م، وَإذَا ما انتهكت هذه الاتّفاقية، فَــإنَّها تنص على بدء المفاوضات مع من يقوم بانتهاكها، وتنُصُّ على مسألة التحكيم من طريق المحاكم الدولية، بما فيها تلك الخَاصَّة بقانون البحار”.
وقد عبّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بوضوح عن تصور بلاده لما يمثله التحَرّك الأمريكي والبريطاني في البحر الأحمر وما يتضمنه ذلك من هجوم على اليمن قائلاً: إن “أمريكا وبريطانيا تريدان تحويل البحر الأحمر إلى بحيرة من الدماء”.
وقال المندوبُ الصيني في مجلس الأمن خلال الجلسة الأخيرة تعليقاً على الهجمات الأمريكية والبريطانية على اليمن: إن “آخرَ ما تحتاجُه المنطقةُ هو المغامراتُ العسكرية المستهترة والمطلوب الحوار والتشاور والتهدئة”.
وفي المنطقة العربية عبّرت معظم الدول وفي مقدمتها مصر المِطلة على البحر الأحمر، عن مخاوف واضحةٍ من أن يؤدِّيَ التحَرُّكُ الأمريكي والبريطاني إلى اتساع نطاق الصراع وتهديد الملاحة الدولية.
وفي السياق نفسه، وبحسب ما كشفت قناة “الجزيرة” قبل أَيَّـام، فقد رفض رئيس وزراء جيبوتي، طلباً أمريكياً بتثبيت مِنصة لإطلاق الصواريخ من هناك إلى اليمن لاستهداف الحوثيين، وقال: إنه “لا يمكن السماح بأي استهداف من مناطقنا”، وقد كشفت القناة أن هذا الطلبَ الأمريكي جاءَ على وَقْعِ نقصٍ في الإمدَادات والقطع العسكرية من قبل الدول المشاركة في تحالف “حارس الازدهار”، وهو ما يؤكّـدُ أن حلفاءَ الولايات المتحدة متمسكون برفضِهم للانخراط في التحَرّك العسكري الأمريكي في البحر الأحمر وباب المندب.
هذه المواقف تعكس وجود تصور واضح لدى مختلف الدول في المنطقة والعالم بأن تحَرّك الولايات المتحدة لا يحمي الملاحة الدولية بل يعسكر الممر المائي الرئيسي بين الشرق والغرب وبالتالي يهدّد حركة التجارة والشحن.
وداخل الولايات المتحدة الأمريكية عبّر أعضاءٌ في الكونغرس عن مخاوفَ مشابهةٍ من توجّـه إدارة بايدن نحو إشعال حرب في البحر الأحمر، وقال النائب الديمقراطي كوري بوش: إن “الشعبَ لا يريدُ أن يذهبَ نحو دفع المزيد من الضرائب لحرب لا نهاية لها وقتل المدنيين”، فيما أكّـد النائب الديمقراطي رو خانا، عدم دستورية الضربات على اليمن، وقال: إن “الرئيس وعلى مدار أكثرَ من شهر، استشار تحالفًا دوليًّا للتخطيط لها، لكنه لم يأتِ أبدًا إلى الكونجرس للحصول على الإذن كما هو مطلوبٌ بموجب المادة الأولى من الدستور، نحن بحاجة إلى الاستماع إلى حلفائنا في الخليج، والسعي إلى وقف التصعيد، وتجنب الدخول في حرب أُخرى في الشرق الأوسط”.
وتشيرُ هذه التصريحاتُ بشكل واضح لا لَبْسَ فيه إلى أنه حتى داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فَــإنَّ النظرة إلى التحَرّك الأمريكي في البحر الأحمر هي أنه تحَرُّكٌ نحو إشعال حرب، وليس تحَرّكًا لأجل تثبيت أمن الملاحة والحفاظ على استقرارها، كما تقول إدارة بايدن.
ويبدو بوضوح أن شركاتِ الشحن العالمية تمتلك النظرة نفسها، حَيثُ كشفت وكالة “رويترز”، اليوم الاثنين، أن بيانات تتبع السفن أظهرت ارتفاع حالات اضطرابات الشحن في البحر الأحمر إلى 15 حالة على الأقل منذ أن قادت الولايات المتحدة الضربات على الحوثيين، فيما كشفت وكالة بلومبيرغ أن قطر أوقفت شحن الغاز المسال؛ بسَببِ الهجمات على اليمن؛ وهو ما يعني بوضوح أن قطاع الشحن أَيْـضاً بات ينظر إلى التحَرّك الأمريكي في البحر الأحمر كتهديد كبير على الملاحة.
– يمن إيكو
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الأمریکی فی البحر الأحمر الولایات المتحدة الملاحة الدولیة على الیمن
إقرأ أيضاً:
6 شركات ذكاء اصطناعي صينية تهدد عرش الولايات المتحدة
أحدثت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية "ديب سيك" ضجة كبيرة بعد أن طرحت نموذجها الجديد "آر1" (R1) والذي يعمل بمستوى مماثل لنموذج "أو1" (o1) من شركة "أوبن إيه آي" الأميركية رغم أنه يعتمد على شرائح من إنفيديا أقل تقدما.
وقد صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخصوص ضجة "ديب سيك" قائلا "دق ناقوس الخطر". وبالمقابل أُشيد بمؤسس "ديب سيك" ليانغ ونفينغ على أنه بطل قومي، ودُعي لحضور ندوة يرأسها رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، حيث تتسارع وتيرة انخراط الصين في مجال أبحاث الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
وقد أثار ذلك مخاوف كبيرة من أن الصين قد تتجاوز الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي رغم القيود المفروضة عليها والتي تمنع وصول الشرائح المتقدمة إليها، ولكن ما يثير القلق فعلا أن "ديب سيك" هي فقط واحدة من مجموعة شركات صينية تعمل على الذكاء الاصطناعي وتهدف لجعل الصين رائدة بهذا المجال بحلول عام 2030 والتفوق على الولايات المتحدة في معركة الهيمنة التكنولوجية.
أحدثت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية "ديب سيك" ضجة كبيرة بعد أن طرحت نموذجها الجديد "آر1" (رويترز)وذكرت صحيفة "غلوبال تايمز" أن الصين تعمل على إنشاء صندوق استثمار بقيمة 60 مليار يوان أي ما يعادل 8.21 مليارات دولار بهدف التسريع في ابتكار الذكاء الاصطناعي، وذلك بعد أيام من فرض الولايات المتحدة قيودا جديدة على تصدير الشرائح.
ومن جهة أخرى، استثمرت بكين بشكل كبير في صناعة أشباه الموصلات لبناء قدراتها على تصنيع شرائح حاسوب متقدمة، كما تعمل على تجاوز القيود المفروضة على وصولها إلى قادة الصناعة.
يُذكر أن "ديب سيك" ليست الشركة الصينية الوحيدة التي ابتكرت في مجال الذكاء الاصطناعي حتى الآن رغم الحظر المفروض عليها، إذ قال مات شيهان وهو زميل بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي وخبير في الذكاء الاصطناعي الصيني "إذا كانت الحكومة الأميركية تعتقد أن كل ما نحتاجه هو سحق (ديب سيك) حتى نكون بخير، فيجب أن نحضر أنفسنا للمزيد من المفاجآت غير السارة".
إعلانوفي الأسابيع الأخيرة، سارعت شركات صينية أخرى لنشر أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، والتي تدعي أنها توازي قدرة تلك التي طورتها "ديب سيك" و"أوبن إيه آي" وسنذكر أبرز هذه الشركات:
علي بابا كلاودفي 29 يناير/كانون الثاني الفائت وهو أول أيام عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، أصدرت "علي بابا كلاود" (Alibaba Cloud) -وهي شركة تكنولوجيا رائدة بالصين تابعة لشركة "علي بابا"- نسخة من نموذج ذكاء اصطناعي متقدم وأطلقت عليه اسم "كوين 2.5-ماكس" (Qwen 2.5-Max).
وادّعت هذه الشركة أن نموذجها يتفوق على نموذج "ديب سيك" ونموذج ميتا "لاما 3.1" (Llama 3.1) عبر 11 معيارا، وتضع الشركة ثقتها الكاملة في النسخة التالية من "كوين 2.5-ماكس".
وقال محللون إن "علي بابا كلاود" أعلنت عن نموذجها في وقت أغلقت فيه الشركات بالصين أبوابها لعطلة رأس السنة الجديدة مما يعكس الضغوطات التي فرضتها "ديب سيك" على السوق المحلية، ولكن شيهان قال إن ذلك قد يكون محاولة للاستفادة من موجة دعاية حركتها "ديب سيك" بعد إطلاقها نموذجها.
"علي بابا كلاود" أعلنت عن نموذجها في وقت أغلقت فيه الشركات بالصين أبوابها لعطلة رأس السنة الجديدة (شترستوك) زيبو (Zhipu)تُعرف "زيبو" بأنها ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي ومقرها بكين، وهي مدعومة من شركة "علي بابا" وتُعد واحدة من أقوى شركات الذكاء الاصطناعي بالصين، وكانت متصدرة المشهد مؤخرا ليس بسبب إنجازاتها في الذكاء الاصطناعي ولكن لأن الحكومة الأميركية أدرجتها على قائمة المحظورين.
وفي 15 يناير/كانون الثاني الفائت، كانت "زيبو" إحدى أبرز الشركات الصينية التي أُضيفت إلى قائمة حظر التجارة الأميركية، ولكنها أُضيفت بشكل خاص بسبب مزاعم تفيد بأنها ساعدت التقدم العسكري للصين من خلال تطويرها للذكاء الاصطناعي، ومن جهتها أدانت "زيبو" هذا القرار وقالت إنه يفتقر إلى الواقع.
إعلانوبعيدا عن الاتهامات المتعلقة بالشؤون العسكرية، فقد أصدرت "زيبو" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي تطبيق "أوتو جي إل إم" (AutoGLM) وهو مدعوم بالذكاء الاصطناعي يساعد المستخدمين على تشغيل هواتفهم الذكية باستخدام أوامر صوتية معقدة.
"مونشوت إيه آي" (Moonshot AI)بالتزامن مع إصدار "ديب سيك" نموذج "آر1" في 20 يناير/كانون الثاني الفائت، أصدرت شركة "مونشوت إيه آي" الصينية نموذج لغة كبيرة، حيث ادّعت أنه قادر على منافسة نموذج "أو1" من "أوبن إيه آي" في الرياضيات والمنطق.
وتُعد "مونشوت إيه آي" شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي تأسست عام 2023 ومدعومة من "علي بابا"، إذ تقدر قيمتها بنحو 3.3 مليارات دولار.
وكان أحدث منتجاتها "كيمي كي 1.5" (Kimi K1.5) والذي جذب الانتباه لكونه أول مساعد ذكاء اصطناعي قادر على معالجة 200 ألف حرف صيني دفعة واحدة، وقالت شركة "مونشوت إيه آي" إن نموذجها حصل على ترقية مؤخرا مما يجعله قادرا على التعامل مع مليوني حرف صيني.
وقال شيهان "إن (مونشوت إيه آي) على رأس الشركات الناشئة الصينية، ولن يفاجئني على الإطلاق إذا كان لديها أو لدى شركة (زيبو) نماذج تعادل أو تقترب من (ديب سيك) في الأداء خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة."
بايت دانس (ByteDance)أصدرت الشركة الأم لتطبيق "تيك توك" (بايت دانس) إصدارا جديدا بمناسبة العام القمري الجديد، حيث كشفت عن نموذج "دوباو 1.5 برو" (Doubao-1.5-pro) في 29 يناير/كانون الثاني الفائت، والذي قالت إنه قد يتفوق على نموذج "أو1" في اختبارات معينة.
وتتحدى "بايت دانس" الشركات المنافسة من حيث السعر، إذ يبلغ سعر أحدث نموذج من "دوباو" 9 يوانات (1.25 دولار) لكل مليون توكن (Token) وهو ما يقارب نصف سعر "ديب سيك" وأرخص بكثير من "أوبن إيه آي" التي تطلب 60 دولارا لنفس الاستخدام.
"بايت دانس" تتحدى الشركات المنافسة من حيث السعر (رويترز) تينسنت (Tencent)تشتهر شركة "تينسنت" بشكل أساسي في الألعاب بالإضافة إلى تطبيق "وي شات" (WeChat) الشهير وهو مخصص للمراسلة في الصين، ورغم كل هذه الأعمال لم تتوقف "تينسنت" عند هذا الحد بل كان لها دور بارز في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال نموذجها الرائد "هونيون" (Hunyuan) وهو أداة لتحويل النص إلى فيديو، والذي ادعت الشركة أنه يعمل بنفس كفاءة نموذج "لاما 3.1" من ميتا، وتشير بعض التقديرات إلى أن "هونيون" يحتاج إلى حوالي عُشر قوة الحوسبة التي استخدمتها ميتا لتدريب لاما.