العدالة الدولية أمام امتحان صعب
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
عبد النبي العكري
في 29 ديسمبر 2023 وبعد مضي أكثر من شهرين على حرب الإبادة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في غزة منذ 7 أكتوبر 2023 تقدمت جمهورية جنوب أفريقيا بدعوى ضد دولة إسرائيل لدى محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني في حربها الحالية على غزة، كاستمرار لممارساتها ضد الشعب الفلسطيني منذ إنشاء دولة إسرائيل في 1948.
وقد أحدثت مبادرة جنوب أفريقيا هذه تفاعلات مهمة على الصعيد الدولي في ظل حرب إسرائيلية لإبادة الشعب الفلسطيني في غزة لا سابق لها في وحشيتها وخسائرها البشرية والدمار الذي الحقته، مع استمرارها لأشهر، بشراكة كاملة مع الولايات المتحدة وحلفائها في إصرار على دعمها واستمرارها ومنع وقف لإطلاق النار وتحصين إسرائيل من المحاسبة وتعطيل الشرعية الدولية. وقد سبق أن حصنت إسرائيل من تنفيذ قرار المحكمة الاستشاري ببطلان الجدار العنصري العازل في الضفة الغربية.
إن قرار جنوب أفريقيا برفع الدعوى على إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية لدى أعلى محكمة دولية، سيترتب على قبول النظر فيها بأنها ضمن اختصاص المحكمة، وطلب جنوب أفريقيا إيقاف الإبادة الجماعية وذلك بوقف فوري للعمليات العسكرية الإسرائيلية وإجراءات الحصار والعقاب الجماعي الإسرائيلي على قطاع غزة. وهو ما تعارضه إسرائيل وشريكتها أمريكا وحلفاؤها. ثم النظر في الشق الموضوعي من الدعوى وهو ممارسة إسرائيل الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في حربها على غزة.إن مبادرة جنوب أفريقيا تتطلب شجاعة فائقة ومبدئية استثنائية يترتب عليها تبعات خطيرة على الكيان الصهيوني وشريكته أمريكا وحلفائه الغربيين، وفي ذات الوقت تبعات على جنوب أفريقيا لأنها تتحدى حلفاً خطيرًا تقوده إسرائيل وأمريكا وتشترك فيه المنظومة الغربية والتي يمكن أن تلحق الأذى بجنوب أفريقيا ومن يساندها في دعواها.
من هنا فإنه ما إن تقدمت جنوب أفريقيا بدعواها على إسرائيل حتى اجتاحت الكيان الصهيويني موجة من الهستيريا، فكيف تتجرأ أي دولة على محاسبة إسرائيل وجرها لمحكمة العدل الدولية، حيث إن إسرائيل تعتبر نفسها فوق المحاسبة وإنه يحق لشعب الله المختار أن يلحق ماشاء بالأغيار وهم حاليا الفلسطينين، ولذا تلاحقت التهديدات ضد جنوب أفريقيا وأنه سيلحق بها حساب عسير.
كما استمرت إسرائيل في حرب الإبادة على غزة وتصعيد عمليات القتل والتدمير في باقي فلسطين المحتلة، غير مبالية بتداعيات الشكوى ومطمئنة إلى الدعم الأميركي المطلق ومساندة الغرب الإمبريالي. من هنا فإنه باستثناء دول بوليفيا وكولمبيا وماليزيا وناميبيا التي انضمت فعليًا لدعوى جنوب أفريقيا، فإن عددا من الدول العربية والإسلامية ودول أخرى اكتفت بإعلان مساندتها للدعوى لكنها لم تبادر برفع الدعوى أو تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها.
وبالمقابل فإن إسرائيل وأمريكا وحلفاءها يقودون حملة ضغط وتخويف عالمية لإحباط سير الدعوى في المحكمة وردع أي مساندة لها بل إن ألمانيا قررت أن تنضم لإسرائيل كطرف ثالث في الدعوى، وردا على ذلك فقد انضمت ناميبيا الأفريقية إلى جنوب أفريقيا كطرف رابع في الدعوى وهي التي عانت كثيرا من الاحتلال والاستعمار الألماني وجرائم الإبادة قبل استعمارها من قبل بريطانيا.
هل تُثبت المحكمة مصداقيتها بالنهوض بمسؤوليتها بإحقاق العدالة للشعب الفلسطيني الذي لم يعاني أي شعب في العالم ماعاناه على امتداد 75 عامًا على يد الكيان الصهيوني الذي تأسس على أنقاض فلسطين وعلى حساب شعبها، في جريمة الإبادة المكتملة الأركان؟ أم هل تفلت إسرائيل من المحاسبة وخرق القانون الدولي كما هو الحال منذ تأسيسها في 1948 حتى الآن؟ ولكن ماهي محكمة العدل الدولية؟ وماهي صلاحياتها؟ومدى استقلاليتها؟ ومدى قدرتها على إنفاذ أحكامها وخصوصا إذا قررت إدانة إسرائيل بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني؟ وما مدى قوة وقانونية صحيفة الدعوى لجنوب أفريقيا؟
محكمة العدل الدولية
تعتبر محكمة العدل الدولية الجهاز القضائي الرئيسي والأعلى للأمم المتحدة المختصة بالجوانب القانونية في نظام الأمم المتحدة والحكم في قضايا النزاعات مابين الدول الأعضاء التي تقبل باختصاصها وتقديم الرأي الاستشاري القانوني لأجهزة الأمم المتحدة والوكالات الدولية المخولة ومقرها قصر السلام في لاهاي بهولندا. وقد بدأت بالعمل في 1946 وتعمل حاليا بموجب نظام أساسي المقر في 1978 ومرفق بميثاق الأمم المتحدة وتم إقراره من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.
تنظر المحكمة في النزاعات مابين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة المصادقة على نظام تأسيسها وعددها 73 دولة أو تقبل بالاختصاص المرفق بالدعوى ومجموع الكل 145 دولة، وذلك بطلب مشترك للأطراف المتنازعة أو بدعوى يقيمها طرف على طرف أو أطراف أخرى. كما إن المحكمة تقدم الرأي الاستشاري للأمم المتحدة ومنظماتها ووكالاتها والمنظمات الدولية الأخرى. وفي حالة رفض طرف أو أطراف لتنفيذ أحكامها فإنها تحيل تنفيذ الحكم إلى مجلس الأمن أو جهات مختصة بالأمم المتحدة. كما تختص المحكمة بالدعاوى المتعلقة بالقانون الإنساني الدولي واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها المقرة من قبل الأمم المتحدة في 9 ديسمبر 1948م.
تتألف المحكمة من 15 قاضيا/ية منتخبين لتسع سنوات من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن كل على حدة وتجرى الانتخابات كل ثلاث سنوات لثلث المقاعد. ولا تشمل المحكمة أكثر من عضو من بلد واحد. ويجب أن تعكس المحكمة في تكوينها تمثيل القارات الخمس وأبرز الحضارات والأنظمة القانونية في العالم. ويجب أن تتوفر في القضاة المؤهلات المطلوبة في بلدانهم وأن يكونوا قانونيين ذوي كفاءة مشهود بها في القانون الدولي.أما هيئة المحكمة الحالية فتتكون من القضاة التالية أسماؤهم :
1-رئيسة المحكمة القاضية جوان دونوغ (الولايات المتحدة الأميركية)2- نائب الرئيس القاضي كيريل جيفوريان (روسيا) وباقي الأعضاء 3- القاضي بيتر تومكا (سلوفاكيا) 4- القاضي روني إبراهام (فرنسا).
5- القاضي محمد بنونة (المغرب) 6- القاضي عبد القوي يوسف (الصومال)7- القاضية شيوية هانكين (الصين) 8- القاضية جوليا سيبوتيندي (أوغندا ) 9- القاضي باتريك ليبتون روبنسون (جاميكا) 10- القاضي دالفر بهاندري (الهند)11- القاضي ايواساوا يوجي (اليابان) 12-القاضي نواف سلام (لبنان) 13- القاضية هيلاري تشارلزورت (بلجيكا) 14-القاضي جورج نولتي (ألمانيا) 15- القاضي ليونارد برانت (البرازيل). أما مقرر المحكمة الحالي فهو القاضي فيليب جوتير (بلجيكا) والذي انتخب لولاية 7 سنوات في 2019.
بموجب نظام المحكمة تتخذ قراراتها وأحكامها بأغلبية 8 من 15 على الأقل وأن لا يقل النصاب عن 11 قاضياً في حالة تغيب بعض القضاة لظروف خاصة. وأحكام المحكمة نهائية غير قابلة للنقض أو الطعن. وإذا كان من بين القضاة أحد مواطني أطراف الدعوى جاز لكل من أطرافها الآخرين أن يختار قاضيا آخر للقضاء من بين من جرى ترشيحهم سابقاً. أما إذا لم يكن من بين قضاة المحكمة قاض من جنسية أطراف الدعوى جاز لكل منهم أن يختار قاضيا بالطريقة المنصوص عليها في المادة (2) من نظام المحكمة. أي أن يكون كفؤا وذا اختصاص في بلده. وقد عينت إسرائيل رئيس المحكمة العليا السابق القاضي أهارون باراك ممثلا عنها في هيئة المحكمة فيما عينت جنوب أفريقيا نائب رئيس المحكمة العليا السابق ديكغانغ سوسينيكي ممثلا عنها في هيئة المحكمة.
واختارت جنوب أفريقيا أستاذ القانون الدولي جون دوغارت القاضي السابق في المحكمة رئيسا لفريق المحامين الذين يمثلونها في الدعوى فيما اختارت إسرائيل المحامي البريطاني د.مالكولم شو الخبير في القانون الدولي رئيسًا لفريق المحامين الذي يمثلها في القضية.
دعوى جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني
استندت جمهورية جنوب أفريقيا في دعواها ضد دولة إسرائيل كون كل من جنوب أفريقيا وإسرائيل أعضاء في الأمم المتحدة كما أنهما منضمتان لاتفاقية المحكمة ومعترفتان باختصاص المحكمة، وبالتالي مشمولتان باختصاص وولاية المحكمة، كما أنهما مصدقتان على الاتفاقية الدولية لمنع الإبادة الجماعية وتجريمها لعام 1948 حيث تنص المادة (9) من الاتفاقية على إحالة أي دعوى من بين أطراف الاتفاقية إلى محكمة العدل الدولية.
عبرت جمهورية جنوب أفريقيا وعلى لسان القائد التاريخي نيلسون مانديلا أول رئيس بعد تفكيك النظام العنصري في 1996 وحتى الرئيس الحالي سيريل رامفوزا اعتبار إسرائيل نظام فصل عنصري على غرار نظام جنوب أفريقيا العنصري البائد بل أسوأ منه. وقد أكد نيلسون مانديلا أن حرية جنوب أفريقيا ستظل ناقصة ما دامت فلسطين ليست حرة. وقد وقفت جنوب أفريقيا دوما إلى جانب الشعب الفلسطيني ضحية هذا النظام الاستعماري الاستيطاني الذي يحتل فلسطين منذ 1948، وحقه في مقاومة الاحتلال وحق تقرير المصير. ومنذ بداية حرب الإبادة الحالية في 7 أكتوبر 2023 عبرت جنوب أفريقيا عن إدانتها لهذه الحرب والعمل على وقفها فورا ووضع حد للاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية. لكنه وفي ضوء استمرار حرب الإبادة فقد عمدت جنوب أفريقيا إلى سحب سفيرها في تل أبيب ثم سحب جميع دبلوماسييها من إسرائيل.
وقد عرضت جنوب أفريقيا في مرافعتها أمام المحكمة جهودها لإيقاف حرب الإبادة منذ بداية حرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزة وتصعيد القمع في باقي فلسطين المحتلة، واستمرارها، وفي ضوء الخسائر البشرية المذهلة والتدمير المريع والمتزايد، فقد عمدت جنوب أفريقيا إلى الاتصال مباشرة مع إسرائيل وطلب لقاء عال المستوى للبلدين وحثها على إيقاف الحرب الإسرائيلية. لكن إسرائيل لم تستجب لذلك.
كما إن جنوب أفريقيا عملت مع الآخرين من خلال الأمم المتحدة سواء في مجلس الأمن الذي أحبط الفيتو الأميركي قراراته أو الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث لم تحترم إسرائيل وأمريكا وحلفائهما قرارتها لإيقاف الحرب والقيام بأعمال الإغاثة. ولذا لم يبقى أمامها سوى محكمة العدل الدولية كأعلى هيئة قضائية دولية لإيقاف الحرب وإغاثة سكان غزة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ومحاسبة إسرائيل على جرائم الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة. لكن إسرائيل وإن قبلت المثول أمام المحكمة شكلا فإنها أوضحت أنها لن توقف الحرب حتى تحقيق كامل أهدافها ورفضها لتهمة الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني ودشنت حملة تشهير بذيئة ضد جنوب أفريقيا ورئيسها ووفدها إلى المحكمة مدعومة بالتحالف الغربي الذي تقوده أمريكا.
جوهر دعوى جنوب أفريقيا
في 29 ديسمر 2023 تقدمت جنوب أفريقيا بدعوى ضد إسرائيل لدى محكمة العدل الدولية متهمة إياها بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني في غزة بشن حرب إبادة ضد المواطنين المدنيين والأهداف المدنية وليس الاقتصار على المقاتلين الفلسطينيين وخصوصاً مقاتلي حماس (القسام).وإن جنوب أفريقيا تدين هجمات المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر 2023، لكن الحرب الإسرائيلية الشاملة والمستمرة من حينها ليست الرد المناسب على ذلك لكنه يندرج في إطار سياسة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي للشعب الفلسطيني منذ قيام دولة إسرائيل في 1948 واحتلالها لما تبقى من فلسطين في 1967 والمستمر حتى الآن رغم قرارات الشرعية الدولية. وجاءت الحرب الأخيرة لتجسد وتفاقم خطر الإبادة الجماعية مما يستدعي قرارا سريعاً من المحكمة لإجراءات عاجلة لوقف الحرب على غزة والقيام بأعمال الإغاثة، ثم إدانة إسرائيل بسياسة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني وسبل وقفها وإنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره ومحاكمة المسؤولين الإسرائيليين عن هذه الجرائم.
وانطلقت جنوب أفريقيا في دعواها أمام المحكمة كون جنوب أفريقيا وإسرائيل يعترفان بولاية المحكمة ومصدقان على اتفاقية الأمم المتحدة بمنع الإبادة الجماعية وتجريمها وهي ضمن ولاية المحكمة وأن جنوب أفريقيا تعتبر إسرائيل منتهكة لهذه الاتفاقية وبالتالي فإن مسؤوليتها كباقي الدول الأعضاء مسؤولية حماية الضحايا وإنصافهم وبالتالي فإنها خصم لإسرائيل وتقدم دعواها ضدها في المحكمة. ولجنوب أفريقيا الأولوية لأنها عانت طويلا من حكم الفصل العنصري وجرائمه التي يعتبر بعضها مكونات للإبادة الجماعية، وأنها نجحت بالإطاحة بنظام الفصل العنصري وتفكيكه وإقامة حكم ديمقراطي لمختلف الأعراق والانتماءات دون تمييز حيث تتشابه التجربتان للشعبين الفلسطيني وجنوب أفريقيا في مقاومة نظام فصل عنصري ويتشابه نظاما الفصل العنصري الإسرائيلي والنظام العنصري السابق لجنوب أفريقيا.
مقومات دعوى جنوب أفريقيا
تقدمت جنوب أفريقيا بتاريخ 29-12-2023 بمذكرة شاملة إلى مقرر المحكمة من 82 صفحة ضمنتها مرتكزات دعواها كون إسرائيل تشن حربا تستهدف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة وعرضها الفريق القانوني في مرافعته في 11-1-2024 أمام المحكمة كما يلي:
تصريحات علنية لقادة إسرائيل من كبار المسؤولين وفي مقدمتهم الرئيس الإسرائيلي إسحق هيرتزوج ورئيس الوزراء بنجامين نتنياهو وأركان حكومة الحرب وزير الدفاع يوفي جالانت وبيني جاتس والوزراء والقاده العسكريين وعلى رأسهم رئيس الأركان الجنرال هيرزي هاليفي والقادة الأمنيين وعلى رأسهم الوزير بن غفير ورئيس الكنيست أمير أوهانا وقادته وأعضائه وكبار الحاخامات وقيادات حزبية تدعو لإبادة الشعب الفلسطيني في غزة وتدميره، ووصف الفلسطينيين بالحيوانات والوحوش وأن جميع سكان غزة وليس حماس وحدها مسؤولون عن أحداث 7 أكتوبر 2023 في مستوطنات غلاف غزة ولذا يتوجب معاقبتهم. دعمت التصريحات بوقائع مجريات الحرب بكافة أشكالها. بدأت بفرض الحصار الشامل لقطاع غزة ومنع المياه والغذاء والدواء والوقود والكهرباء عن كامل قطاع غزة وأغلقت جميع المعابر الإسرائيلية إلى قطاع غزة والتي كان يعبرها ما معدله 500 شاحنة يوميًا لتلبية احتياجات 2.3 مليون مواطن. لم يبقَ من معبر يصل القطاع بالعالم الخارجي سوى معبر رفح مع مصر والمخصص للمشاة والذي تحول إلى معبر لشاحنات الإغاثة، لكن إسرائيل هي ممن تتحكم فيه، ولم تكن لتسمح إلا بأنواع محددة من الإغاثة خاضغة للتفتيش وبكميات لا تفي إلا بالقليل من احتياجات المواطنين التي تضاعفت في زمن الحرب.كما إن سير شاحنات الإغاثة لم تكن مؤمنة لمختلف مناطق غزة كما تم قصف وتدمير مخازن الأونروا لإغاثة اللاجئين. شنت إسرائيل حرب الإبادة باستهداف المدنيين والبنية المدنية من مساكن ومكاتب ومدارس ومستشفيات ومساجد وكنائس والبنية التحتية بما فيها شبكة المياه وتصريفها وشبكة الكهرباء والطاقة الشمسية والشوارع والمزارع مستخدمة قنابل يصل وزن بعضها إلى طن في غارات بعشرات الآلاف إلى جانب المدفعية والدبابات والبحرية واستخدام الفسفور الأبيض المحرم دوليا. وهكذا تضافر القتل بالاستهداف المباشر لتجمعات المواطنين المدنيين من رجال ونساء وأطفال (40% من الضحايا) في أماكن تجمعاتهم التي لجأو إليها بما في ذلك مدارس الأونروا والمدارس عموما والمستشفيات وأماكن العبادة، مع إعاقة واستهداف الإنقاذ والإسعاف والمستشفيات. والتسبب في المجاعه والعطش وانتشار الأوبئة بفعل ذلك إضافة إلى الآلاف من الجثث المتحللة تحت الركام أو المتناثرة في الشوارع أو غير المدفونة مما يترتب عليه من وفيات واسعة. ويحدث هذا في قطاع غزة حيث كثافة السكان مرتفعة جدا (2.3 مليون في مساحة 360 كلم 2).وقد فاقمت إسرائيل الوضع بتهجير مئات الآلاف قسريا من شمالي القطاع ووسطه إلى الجنوب محافظة خان يونس ورفح ثم استهدفتهم بالقصف الجوي والبري والبحري. كما عرقلت الإغاثة من معبر رفح بالتحكم في الإمدادات واستمرار العمليات دون توقف. أما المحصلة فهي ما يقارب 23 ألف قتيل و8 آلاف مفقود يرجح موتهم تحت الركام و50 ألف جريح حين تقديم الدعوى، سيتوفى غالبيتهم بفعل فقدان أو تدني الإسعاف والعلاج. مُجمل عمليات الحصار وعمليات القتل والتدمير الواسع هو جعل الحياة في القطاع غير ممكنة وعلى حد تعبير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنجامين نتنياهو ومسوولين آخرين فإن غزة لن تعود كما كانت وحسب تصريحات مسؤولين إسرائيليين فإن الهدف هو تهجير سكانها إلى المنافي (ترانسفير).وعودة السيطرة الإسرائيلية عليها، بحيث لا تشكل أي تهديد للأمن الإسرائيلي.الرد الإسرائيلي على دعوى جنوب أفريقيا
جاءت ردود إسرائيل وشريكتها الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين مثل المملكة المتحدة وألمانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا وغيرها برفض الدعوى من الأساس باعتبارها باطلة ولا تستند على أي أساس وأنها تستبطن عداءً لليهود وليس إسرائيل فقط. وأن حماس وشركاءها في المقاومة مثل الجهاد وغيرها هم من يشنون حرب إبادة ضد شعب إسرائيل. وهذه سابقة في تاريخ المحكمة إذ لم ترفض أي دولة طرف في اتفاقية المحكمة اللجوء إليها خصوصا من قبل دول كبرى عليها مسؤولية تجاه القانون الدولي ومؤسساته وفي مقدمتها محكمة العدل الدولية. بل وصل الأمر بتصريح لوزارة الخارجية الإسرائيلية بأن جنوب أفريقيا أداة للتلاعب بالقانون بيد حماس وأن جنوب أفريقيا حليفة لحماس. وبدأت خطوات عملية للتحريض ومعاداة وحصار جنوب أفريقيا بدءًا من إسقاطها من رئاسة مجلس حقوق الإنسان.
وسنعرض أبرز التعارضات الإسرائيلية أمام المحكمة والتي ترفض جميع الوقائع المذكورة وتنكرها وتفسر عدم توافق عمليات الجيش الإسرائيلي والحصار الشامل مع القانون الدولي بتفسيرات غريبة مؤكدة أن الجيش الإسرائيلي ملتزم أخلاقيًا بالقانون الدولي وأن السبب في الخسائر المذهلة في الأرواح والإصابات والدمار هو مسؤولية حماس. وتنطلق إسرائيل بكل ما قامت به من أنها تواجه خطرا وجوديا ومن حقها الدفاع عن شعبها. وفيما يلي بعض تلك الردود التي قدمها الفريق القانوني الإسرائيلي في 12-1-2024 أمام المحكمة:
إنَّ تصريحات كبار المسؤولين الإسرائيليين الغاضبة هي ردات فعل على مجزرة غزة مستوطنات غلاف غزة. وأن إسرائيل انسحبت من غزة وكان بالإمكان تحولها لنجاح اقتصادي وازدهار لولا حكم حماس الذي قمع شعبها وحولها لمرتكز للاعتداء والإرهاب ضد إسرائيل ضمن محور الإرهاب الذي تقوده إيران.بل وصل الأمر إلى إجبار أسرى فلسطينيين عراة في غزة بالهتاف ترحيبا بجيش الدفاع الإسرائيلي. وبالطبع فإن هذه التصريحات موثقة وصادرة عن كبار المسؤولين الإسرائيليين واستمرت مترافقة مع الحرب حتى الآن وترجمت عمليا في العمليات العسكرية لجيش الدفاع الإسرائيلي وإجراءات الحصار الأخرى، بأوامر وتوجيهات من قبل القيادة السياسية ووزارة الدفاع وهيئة الأركان الإسرائيلية. إن إسرائيل لم تفرض حصارًا على غزة بل كانت تسمح بتدفق الإمدادات من كل شيء بمعدل 500 شاحنة يوميا بدون تفتيش مخاطره بأمنها، وأنها أثناء الحرب وضعت ضوابط ولكن معدل الشاحنات العابرة يتجاوز ال 100 يوميا وأنها سمحت لإمداد جوي من قبل الأردن رغم أن إسرائيل غير مسؤولة عن فتح معابرها لمرور الإمدادات للقطاع وأن المسؤول عن تدني ذلك هي مصر. كما أن جيش الدفاع الإسرائيلي قام بتزويد مستشفى الشفاء بالحاضنات ومولدات الكهرباء.لكن الكل يعرف أن إسرائيل وبعد انسحابها من غزة في 2007 قد فرضت حصارا محكما على غزة وحولتها إلى أكبر سجن مفتوح في العالم يعيش شعبها في فقر ويعتمد اللاجئون فيها وهم 70% من سكانها على مساعدات الأونروا ووكالات الأمم لمتحده الأخرى وشنت حروبا متتالية عليها. وبعد حدث 7 أكتوبر 2023 فإن الحكومة الإسرائيلية وبقرارات معلنة هي من فرض الحصار الشامل وهي من يقرر ما هو مسموح بدخوله لغزة وتفتيشه عبر معبر رفح مع مصر المقرة بذلك وكذلك تأكيدات كبار مسؤولي الأمم المتحدة بمن فيهم الأمين العام الذين منعوا من العبور إلى غزة وأكدوا مسؤولية إسرائيل عن الحصار. كما أن كون إسرائيل دولة احتلال لغزة فعليها واجبات تجاه حياة السكان وحمايتهم وليس التجويع والقتل. إن قصف المباني السكنية والمدارس وأماكن العبادة والتجمعات السكانية هو أن حماس تحتمي في هذه المنشآت وأقامت شبكة أنفاق تحت الأرض تحت هذه المباني والمدارس والمستشفيات وأماكن العبادة وأقامت مراكز سيطرة وتخزين أسلحة فيها، ووضع منصات الصواريخ بين المباني وتفخيخ بعضها.كما أن أكثر القتلى ضحايا صواريخهم التي تسقط في القطاع كما في حالة مستشفى المعمدانية. كما أن مقاتلي حماس مختلطين بالسكان وجعلهم دروعا بشرية وهذا ما يحتم على جيش الدفاع استهدافها لكنها أضرار جانبية غير مقصودة. كما أن اقتحام المستشقيات والمدارس وتجمعات اللجوء لأن حماس أقامت فيها أماكن للسيطرة والقيادة وخزن الأسلحة بمافي ذلك أقسام الأطفال. وقد عمد الجيش لاعتقال المنتمين لحماس ثم انسحب منها.بالطبع فإن ذلك كذب مفضوح ومغالطات فاضحة ولم تستطع إسرائيل إثبات أي من هذه الادعاءات بل إن التقارير الصحفية الموثقة وتقارير منظمات الأمم المتحدة العاملة في غزة والمنظمات الحقوقية الدولية أثبتت مسؤولية إسرائيل عن هذه الجرائم.كما أن القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف تحرم استهداف المدنيين والمواقع المدنية حتى لوتواجد بينهم مسلحون أو وجدت أسلحة في أماكن مدنية.
إن جيش الدفاع قد عمد على توجيه سكان غزة بالنزوح عن مناطق القتال لتجنيبهم القتل والإصابات وأمن لهم ممرات آمنة وأسقط عشرات الآلاف من المناشير ورسائل هاتفية ومكبرات صوت من طائرات مسيرة لهذا الغرض. أن قوات حماس والجهاد وشركائها هم من يمنعون السكان من النزوح إلى أماكن آمنة ويطلقون عليهم الرصاص.وردا على ذلك فإن القانون الدولي يحرم إجبار السكان على النزوح بالقوة والجميع شاهد كيف أجبرت القوات الإسرائيلية المدنيين على النزوح بالتهديد إلى ما يدعى أماكن آمنة من شمال القطاع إلى مدينة غزة في الوسط ثم إلى الجنوب لكنها استهدفتهم بالقتل أثناء الترحيل ثم استهدفتهم فيما يدعى أماكن آمنة فلا مكان آمن في غزة وهو ما أكده الأمين العام للأمم المتحدة وكبار مسؤولييها.
إن حماس وقواتها وحلفاءها هم من يقومون بالاستيلاء على إمدادات الإغاثة والمساعدات الإنسانية من الأمم المتحدة وغيرها وحرمان المواطنين منها وهم سبب المجاعة وافتقاد الأدوية والإسعافات وغيرها.لقد أكد المدير العام للأونروا أن مساعدات الإغاثة من الوكالة وغيرها من وكالات الأمم المتحدة تخضع لنظام صارم للتوزيع على مستحقيها لكن الحصار الذي تفرضه إسرائيل وعملياتها الحربية تسببت في شلل أعمال الإغاثة مما أوصل 90% من مواطني غزة إلى المجاعة وانتشار الأوبئة.
إن وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب يمكن حماس وشركاءها من استعادة قواهم ثم مواصلة حرب الإرهاب ضد شعب إسرائيل.إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ولذا يجب القضاء على حماس أولاً وتحرير الرهائن ثم إيقاف القتال.وردا على ذلك فإن حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي حق مشروع وأن حق الدفاع عن النفس ليس واردًا هنا لأن إسرائيل دولة احتلال وليس ضحية عدوان خارجي حسب ميثاق الأمم المتحدة. كما إن حرب إسرائيل لا تقتصر على المقاتلين بل تستهدف المدنيين والوضع أضحى كارثيا مما يستوجب وقفا لإطلاق النار لأسباب إنسانية
إن إسرائيل لاتسعى لاحتلال غزة مجددا بل تحريرها من سيطرة حماس المعادية لإسرائيل وإزالة الحكم الراديكالي وإقامة حكم معتدل يؤمن بالسلام مع إسرائيل.بالطبع فإنه يمكن إثبات كذب هذه الإدعاءات من خلال تصريحات رئيس وزراء إسرائيل وقادة إسرائيل المعلنة وهي أن إسرائيل ستقضي على حماس وتزيل الحكم المتطرف المعادي لإسرائيل واستبداله بحكم معتدل موال لها وأن إسرائيل ستظل مسيطرة على الوضع الأمني بغض النظر عن الإدارة المدنية للقطاع. لكن هناك مسؤولون إسرائيليون يطرحون طرد الفلسطينيين من غزة وعودة المستعمرات الإسرائيلية إليها كما هو جار في الضفة الغربية.
أداء وفد جنوب أفريقيا
لقد كانت مذكرة جنوب أفريقيا للمحكمة والتي نشرت على نطاق واسع طوال 13 يومًا سبقت المرافعات أمام المحكمة في 11-1-2024 وجرى مناقشتها في جميع وسائط الإعلام مقنعة وموثقة وغير قابلة للدحض. وبالمقابل فإن إسرائيل لم تقدم مذكرة ردا عليها بسبب الإرباك الشديد والعمل على فبركة ردود على أطروحاتها وأطروحات وفد جنوب أفريقيا في اليوم التالي في 12-1-2024.
تركيبة وفد جنوب أفريقيا من محامين ودبلوماسيين وقضاة سابقين وخبراء قانونيين في القانون الدولي متميزين ويستندون لحقائق واضحة وموثقة أتاحتها وسائل الإعلام رغم المذابح بحق الصحفيين وعائلاتهم وكذلك إفصاح الإسرائيليين مدنيين وعسكريين ودينين عن عقيدتهم والتي تخول قتل الفلسطينيين من رجال ونساء وأطفال وإبادة الحرث والنسل وتسجيلات إسرائيلية موثقة بالجرائم المرتكبة والتفاخر بها، مستندين إلى تاريخ طويل من الإفلات من العقاب وحماية المعسكر الغربي بقيادة أمريكا لهم وتخاذل الأنظمة العربية والإسلامية والعالم الثالث في ظل نظام عالمي يسيطر عليه تحالف الحركة الصهيونية والرأسمالية المتوحشة.
ضم الوفد كذلك محامية إيرلندية متمكنة جداً هي المحامية بليناي تشرالراغ وعكس الوفد التنوع العرقي والديني لجنوب أفريقيا خلافا للوفد الإسرائيلي الصهيوني. ضم وفد جنوب أفريقيا الذي وصل إلى هولندا دبلوماسيين ومسؤولين وقانونيين مختصين في القانون الدولي وقضاة سابقين ورأس الوفد وزير العدل القاضي السابق رونالد لامولا ومن ضمنهم أمينة مجلس الوزراء برئاسة الجمهورية فينديلي باليني، وزين دانغور مدير عام إدارة العلاقات العامة والتعاون الدولي بوزارة الخارجية، والمدير العام لوزارة العدل دوك ماشاباني، والمستشار الخاص لرئيس الجمهورية المحامي نوكوخانيا جيلي والمحامية عديلة هاشم والقاضي السابق جون دوجارد. وسينضم إلى الوفد شخصيات سياسية بارزة من الأحزاب والحركات السياسية من مختلف أنحاء العالم، من بينهم زعيم حزب العمال البريطاني السابق جيريمي كوربين ولوك ميلا نشسون زعيم اليسار الفرنسي.
أداء الوفد الإسرائيلي
ضم الوفد الإسرائيلي تال بيكر مستشار وزارة الخارجية القانوني رئيسا للوفد والمحامي في القانون الدولي البريطاني مالكولم شو رئيسا للفريق القانوني والذي ألقى معظم المرافعة وكان مرتبكا واتهم أحدهم بالعبث في ملفه. واعتذر في ظن البعض أنه يعرض شرائج توضيحية وليس قناعاته. وضم أيضًا القانونيين جاليت راجوان وأومري سيندر وكريستوفر ستاكر وجيلاد ناؤم وجميعهم صهاينه.
أداء الوفد الإسرائيلي لم يكن مقنعا لأنه ينفي وقائع ثابتة وأقوالا مسجلة وأحداثا موثقة ومنطلقا من آيديلوجية صهيونية تجعل إسرائيل فوق القانون وتبرر ماليس مبررا مثل قتل المدنيين خلافا للقانون الإنساني الدولي وقانون تجريم الإبادة وجرائم الحرب. ركز الوفد على حدث 7 أكتوبر 2023 باعتباره أخطر حدث لحق باليهود منذ الهولوكست في الحرب العالمية الثانية وأنه سبب الحرب الجارية وكرر ذات الأكاذيب المرافقة للحدث، متجاهلا تاريخا طويلا مما لحق بشعب فلسطين من اغتصاب أرضه وتصفيات بحق الفلسطينيين وتهجير الملايين منهم ومنع عودتهم لوطنهم واحتلال فلسطين منذ قيام إسرائيل في 1948؛ بما في ذلك غزة التي تعرضت للاحتلال ثم الحروب والحصار منذ 2007.
لاهاي وأداء فريق جنوب أفريقيا وأنصار فلسطين
إلى جانب ماكان يجري داخل أروقة المحكمة فقد كان ما يجري في الساحة خارحها محكمة لشعوب العالم لمحاكمة إسرائيل وأمريكا وحلفائهم ونصرة شعب فلسطين في غزة وباقي فلسطين المحتلة وكان دور وفد جنوب أفريقيا وشخصيات تقدمية عالمية ممتازا كما يلي:
عقد وفد جنوب أفريقيا برئاسة وزير العدل رولاند لامولا مؤتمرا صحفيا أمام المحكمة قبل بدأ أولى الجلسات في 11-2024 وحضرته العديد من وسائل الإعلام وأهميته تنبع من كونه مشوقا ويستبق جلسات المحكمة حيث قدم عرضا مقنعا لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بارتكابها الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني وأجاب على أسئلة الصحفيين بهدوء وإقناع. وشاركه في المؤتمر الصحفي التالي نائب ممثل دولة فلسطين في هولندا. ثم عمد إلى تكرار المؤتمر بمشاركة قيادات فلسطينية ودولية مثل كوربن وميلاشانوسن وغيرهم. في حين لم يعقد الوفد الإسرائيلي أي مؤتمر صحفي مفتوح في ساحة المحكمة. شهدت ساحة المحكمة تجمعا متواصلا منذ فجر 11-2024 لمناصري القضية الفلسطينية ومناهضي حرب الإبادة الإسرائيلية وبها شخصيات دولية وازنة وشعاراتها تردد مطالب دعوى جنوب أفريقيا العادلة. تعتبر المحاكمة منذ تقديم أوراق الدعوى في 29-12-2023 والمستمرة حدثا استثنائيا عالميا في الإعلام والساحات والبرلمانات لفضح إسرائيل والصهيونية والمنظومة الرأسمالية المتوحشة بقيادة أمريكا في فرض الاحتلال والاغتصاب الصهيوني لفلسطين وإقامة نظام الفصل العنصري ومنطلقاً للتوسع في المحيط العربي وقاعدة إمبريالية متقدمة في الوطن العربي ومحيطه، واختراق العالم والنظام الدولي وعلى حساب جميع الشعوب. وكما عبر عن ذلك القيادي الفرنسي ميلاشنسون ماهو على المحك ليس إدانة إسرائيل فقط بل على المحك مصداقية المحكمة والقانون الدولي أي حق القانون أو قانون الاستقواء.مستقبل القضية
رُفعت جلسات المحكمة للاستماع للمرافعات تمهيدا لجلسات المداولات السرية لكنها يمكن أن تستأنف جلسات الاستماع إذا طلبت المحكمة مزيدا من المعلومات أو التوضيحات من قبل الطرفين أو أطراف أخرى ذات علاقة أو إذا ارتأئ أي من الطرفين في الدعوى وجود مستجدات أو إضافات جوهرية لما سبق تقديمه.
البت في طلبات جنوب أفريقيا العاجلة التسعة سيستغرق بتقدير البعض بضعة أسابيع لكن حرب الإبادة مستمرة وإذا حكمت المحكمة بصحتها أو بعضها وخصوصا إيقاف إسرائيل للحرب مقابل إيقاف حماس لعملياتها والقيام بأعمال إغاثة شاملة وإنهاء الحصار ومايرتبط بذلك من إجراءات، فإن إسرائيل لن تمتثل لها وتنفيذ ذلك يتطلب قرارا من مجلس الأمن حسب الفصل السابع الذي يتيح استخدام القوة من قبل أعضاء مجلس الأمن. وهذا لن يحدث في ظل الموقف الأميركي وتحالفها بدعم مطلق لإسرائيل بما في ذلك استخدام الفيتو لإحباط قرارات مجلس الأمن وتحصين إسرائيل من الامتثال لقراراته ومن المحاسبة عليها.
أما الحكم النهائي في القضية فسيستغرق بتقدير البعض سنين ويتطلب تحولا جذريا في النظام العالمي بما في ذلك القانون الدولي وأدواته وفي مقدمتها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية. لكن عملية التحول في الرؤية لحقيقة النظام العالمي قد بدأت، مؤذنة بانحسار الصهيونية العالمية وحليفتها الرأسمالية العالمية المتوحشة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
المحكمة الدستورية تشارك في الاجتماع المختلط حول القضاء الدستوري بأرمينيا
تشارك المحكمة الدستورية، اليوم الجمعة، ممثلة في رئيس ديوانها، في الاجتماع 21 المختلط حول القضاء الدستوري الذي تحتضنه العاصمة الأرمينية يريفان.
وحسب بيان للمحكمة، فإن الاجتماع المختلط حول القضاء الدستوري فضاء مخصصا لأعوان الاتصال لدى كل المحاكم والمجالس الدستورية. من أجل تكوينهم وتدريبهم حول كيفيات تسيير وإدارة قاعدة البيانات والنشرة الإلكترونية الخاصة بالاجتهاد الدستوري المقارن.
كما يتضمن تعزيز التعاون وتبادل الخبرات بينهم باعتبارهم همزة وصل دائمة بين الهيئات الدستورية العضوة. وبين هذه الأخيرة وأمانة اللجنة الأوروبية للديمقراطية عن طريق القانون. التي تتولي كذلك أمانة المؤتمر العالمي حول العدالة الدستورية.
وسيتطرق المشاركون في الاجتماع المختلط حول القضاء الدستوري الى التحضيرات الجارية لانعقاد المؤتمر العالمي السادس حول العدالة الدستورية بالعاصمة الاسبانية مدريد. وذلك خلال الثلاثي الأخير من سنة 2025.
ويعتبر المؤتمر العالمي حول العدالة الدستورية أكبر تجمع للقضاء الدستوري في العالم. ويضم حاليا مئة وعشرون محكمة ومجلسا دستوريا ومحكمة عليا من إفريقيا وأمريكا الشمالية والجنوبية وآسيا وأوروبا.
كما يشكل فضاء لتبادل الآراء والتجارب بين مختلف الهيئات الدستورية في العالم في مجال العدالة الدستورية.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور