صدام محتمل بين الحركات المسلحة يخلط أوراق شمال دارفور
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
الخرطوم - تتزايد سخونة الأوضاع في مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور مع حدوث جملة من التطورات السياسية التي قد تكون لها انعكاسات عسكرية بعد أن أقال قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان قبل أيام والي شمال دارفور نمر عبدالرحمن الذي لم يعترف بقرار إقالته، وتزامن ذلك مع زيارة يقوم بها قائد حركة جيش تحرير السودان – المجلس الانتقالي الهادي إدريس يحيى إلى شمال دارفور.
ولا تزال تداعيات وصول الهادي إدريس بصحبة عدد من قواته إلى مدينة الفاشر الأربعاء تثير مخاوف من اتساع رقعة الخلافات بينه وبين الجنرال البرهان الذي أقاله من عضوية مجلس السيادة منذ نحو شهرين، وإمكانية انحياز الأول إلى قوات الدعم السريع. وتشارك قوات إدريس ضمن القوة العسكرية المشتركة التي شكلتها حركات دارفور الموقعة على اتفاق سلام جوبا، وإذا تبيّن أن لقواته موقفا مغايرا لتوجهات الجيش والحركات المسلحة المؤيدة له فلن يكون من المستبعد حدوث اشتباكات بين الحركات المسلحة التي لم تحافظ على موقف موحد تجاه الحرب وطرفيها.
ومؤخرا أعلن رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي وقائد العدل والمساواة جبريل إبراهيم خروجهما عن الحياد حيال الحرب وأعلنا تأييدهما للجيش في حربه ضد الدعم السريع، بعد ذلك توقفت القوافل التجارية والإنسانية التي كانت تشرف على تأمينها القوة المشتركة ما فاقم الأوضاع المعيشية لغالبية سكان الإقليم. ورفض الهادي إدريس، وعضو مجلس السيادة المُقال الطاهر حجر، ووزير الثروة الحيوانية المُقال حافظ إبراهيم عبدالنبي، ما أعلنته حركتا جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي من انحياز إلى البرهان.
محمد جبل سي: زيارة قائد حركة جيش تحرير السودان إلى الفاشر طبيعية وهدفه تفقد قواته ووضعها أمام مجريات الأحداث في السودان
محمد جبل سي: زيارة قائد حركة جيش تحرير السودان إلى الفاشر طبيعية وهدفه تفقد قواته ووضعها أمام مجريات الأحداث في السودان
وبالرغم من أن معظم الحركات المسلحة في السودان تعاني من ضعف قدراتها القتالية، فإن وجود السلاح في يد عناصرها يجعل احتمال حدوث صدام واردا، خاصة إذا وقعت اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في شمال دارفور. ويقود هذا الأمر إلى خلط أوراق هذه المنطقة، وقد يجد الجيش صعوبة في السيطرة على القوات المشتركة إذا تبنت بعض عناصرها موقفا منحازا إلى الدعم السريع أو مناصرا للجيش.
ويبدو الوضع في الفاشر مليئا بتباينات مواقف الحركات المسلحة التي تتحصن في المدينة، وهو ما لا يخدم الجيش؛ فتعويله على دعم الحركات في غير محله، لأن هدفها الحفاظ على حياة من نزحوا من ولايات شهدت معارك طاحنة في الفترة الماضية، وعدم انخراط شمال دارفور في صراع يدفع ثمنه أبرياء، بينما يريد الجيش أن تصبح المدينة نقطة انطلاق لتعويض بعض خسائره في ولايات دارفور التي فقد السيطرة عليها.
وتعتبر الفاشر واحدة من أهم مدن إقليم دارفور الذي تبلغ مساحته 493 ألف كيلومتر مربع ويقطنه نحو 6 ملايين نسمة، ويربط حدود السودان بكل من ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى.
ولا تنفصل زيارة الهادي إدريس إلى الفاشر عن رغبته في تحديد أطر التعامل مع الوضع الشائك في شمال دارفور، لأن الضبابية السائدة قد تنتج عنها انفلاتات يصعب السيطرة عليها، وذلك بسبب أن الصراع يتخذ بعدا قبليا وسياسيا بين مؤيدين ومعارضين للجيش أو الدعم السريع، خاصة مع تواتر الحديث عن انشقاقات في صفوف الحركات المسلحة.
وقال محمد جبل سي مستشار الهادي إدريس، إن زيارة قائد حركة جيش تحرير السودان إلى الفاشر طبيعية، لأنه لم يقم بأي زيارة إلى إقليم دارفور منذ اندلاع الحرب، وهدفه تفقد قواته ووضعها أمام مجريات الأحداث في السودان، والتعرف على دورها في حماية القوافل التجارية إلى ولاية شمال دارفور ومنها إلى الخارج.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “زيارة الهادي إدريس إلى شمال دارفور بدأت قبل أن يصل مؤخرا إلى مدينة الفاشر، وشملت العديد من المناطق التي توجد فيها عناصر حركة جيش تحرير السودان – المجلس الانتقالي”، مستبعدا حدوث اشتباكات بين عناصر الحركات المسلحة. واعتبر أن مواقف قادة الحركات المتباينة سياسية أكثر منها عسكرية.
◙ معظم الحركات المسلحة تعاني من ضعف قدراتها القتالية، غير أن توفر السلاح يجعل حدوث صدام واردا
ونفى وجود نية لشن هجمات على مدينة الفاشر من جانب الدعم السريع، مقرّا بأن الأوضاع مستقرة، وأن قادة الحركات المسلحة تلقوا إشارات سابقة تفيد بأنها ستبقى كذلك، حيث تؤوي الملايين من المواطنين الذين جاءوا إليها من ولايات أخرى، وهو ما أكدته قوات الدعم السريع في أكثر من مناسبة. كما اعتبر أن الأصوات التي ترجح اندلاع اشتباكات عسكرية تسعى لتمدد الحرب وتمنع جهود إيقافها.
وروجت جهات محسوبة على تنظيم الإخوان لتوجه الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام تحت لواء الجبهة الثورية إلى إخراج قوات الجيش من الفاشر وتسليم المدينة للدعم السريع، في وقت شهدت فيه الفاشر، وهي عاصمة ولاية شمال دارفور، مناوشات بين طرفي الصراع، الأمر الذي نفته الجبهة الثورية ورئيسها.
وأكد الهادي إدريس في تصريحات سابقة أن القوات المشتركة لن تنحاز إلى الجيش، وأن البيان السياسي الذي صدر في بورتسودان من قبل مناوي وجبريل لم يعلق عليه قادة الحركات العسكرية، ولم يحدث احتكاك بين قادة القوات المشتركة، وهي قوات ليس لها علاقة بأيّ من طرفي النزاع.
لكن آدم وادي القيادي بحركة جيش تحرير السودان، جناح مني أركو مناوي، لم يستبعد حدوث اشتباكات إذا كان لزيارة إدريس أثر سلبي على موقف قواته التي مازالت تقف على الحياد إلى حد الآن، وإذا تغير موقف الحركة فستصبح الاشتباكات واردة. وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى أن “التأثير على العناصر العسكرية وتغيير مواقفها سيؤديان إلى حدوث انقسامات أكبر بين بعضها البعض مع انتماءاتها القبلية قبل أن تكون لديها أهداف سياسية”.
ولفت إلى أن الوزن العسكري لقوات الهادي إدريس والطاهر حجر ليس كبيرا، وبالتالي فتأثير ذلك على ترجيح كفة الجيش أو الدعم السريع لن يبقى واضحًا، كما أن القوات المشتركة تحتفظ بقدر كبير من التماسك لكن وجود مواقف متعارضة بين القادة العسكريين والسياسيين للحركتين يجعل هناك تخوّفا من تبدد هذا التماسك.
وشدد على أن محاولة والي شمال دارفور المُقال نمر عبدالرحمن الوصول إلى قيادة الولاية في حراسة القوات المشتركة كان يمكن أن تشكل أولى نوى الاشتباكات، لكن جرى منعه من جانب قوات الجيش. وكان والي شمال دارفور المُقال قد أعلن عدم اعترافه بقرار إعفائه من منصبه ووصف ما أصدره قائد الجيش بـ”غير الدستوري”.
العربي الدولية
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکات المسلحة القوات المشترکة مدینة الفاشر الدعم السریع الهادی إدریس شمال دارفور فی السودان إلى الفاشر الم قال
إقرأ أيضاً:
السودان.. (القوة المشتركة) تحبط عملية تهريب أسلحة وعتاد لـ(الدعم السريع) من تشاد
الخرطوم - أفادت وسائل إعلام محلية، أمس الخميس، بأن القوة المشتركة في دارفور السودانية نجحت في إحباط محاولة تهريب أسلحة وعتاد إلى قوات "الدعم السريع" قادمة من دولة تشاد، بحسب سبوتنيك.
ونقلت صحيفة "سودان تريبيون"، أمس الخميس، عن حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، أن "القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح" في دارفور تمكنت من إحباط عملية تهريب أسلحة إلى قوات الدعم السريع من تشاد.
وأكدت الحركة أن "قوات الدعم السريع تستغل المنطقة الصحراوية الواسعة التي تربط السودان بتشاد وليبيا لنقل العتاد الحربي إلى إقليم دارفور، حيث يجري توزيعه إلى بقية مناطق العمليات المختلفة".
وأوضحت حركة تحرير السودان، أنه "في إطار جهود القوة المشتركة المستمرة لتأمين حدود السودان وحماية أراضيه من محاولات التهريب والإرهاب، تمكنت قواتكم المشتركة في محور الصحراء، على الحدود السودانية الليبية التشادية، من إحباط محاولة تهريب أسلحة كبيرة كانت في طريقها إلى مليشيا الدعم السريع الإرهابية".
وأظهرت الحركات المسلحة في تسجيلات مصورة عددا من المركبات القتالية، وصناديق ذخيرة ومدافع من نوع "كورنيت"، وهو سلاح مضاد للدروع تستخدمه قوات "الدعم السريع" في المعارك.
ويذكر أن "القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح"، هي قوة تشكلت من الحركات المسلحة في إقليم دارفور عقب اندلاع الصراع بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع"، حيث تقف إلى جانب الجيش، ومعنية بحماية المدنيين في الإقليم نفسه.
واندلعت الحرب في السودان، في 15 أبريل/ نيسان 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.
وتوسطت أطراف عربية وأفريقية ودولية لوقف إطلاق النار، إلا أن هذه الوساطات لم تنجح في التوصل لوقف دائم للقتال.
وظهرت الخلافات بين رئيس مجلس السيادة السوداني - قائد القوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، للعلن بعد توقيع "الاتفاق الإطاري" المؤسس للفترة الانتقالية بين المكون العسكري والمكون المدني، في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، الذي أقر بخروج الجيش من السياسة وتسليم السلطة للمدنيين.
Your browser does not support the video tag.