لا يبدو الرئيس الأميركي جو بايدن عازما فعلا على المضي قدما نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة كما صرح مؤخرا، وإنما يحاول تحقيق أهداف انتخابية داخلية وجر مزيد من الدول العربية نحو التطبيع مع إسرائيل دون وقف الجرائم التي ترتكبها في غزة، وفق ما يقول خبراء.

وكان بايدن قد أكد مؤخرا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يعارض حل الدولتين، مضيفا أن ثمة أنماطا لهذه الدولة، وهو ما نفاه نتنياهو على الفور.

هذا النفي السريع من نتنياهو لقبوله حل الدولتين، اعتبره مراقبون ومحللون، من ضمنهم الأمين العام للمبادرة الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي، بمثابة إهانة صريحة لواشنطن التي قال نتنياهو في تسريب مؤخرا إنه بإمكانه جرها إلى أي اتجاه يريده.

بيع للأوهام

كما أن تصريحات بايدن عن دولة فلسطينية ذات أنماط لم يحدد طبيعتها، لا يعدو كونه بيع أوهام للفلسطينيين والعرب والعالم كله، حسب ما قاله البرغوثي خلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟".

وبالنظر إلى تاريخ نتنياهو السياسي القائم بالأساس على الحيلولة دون إقامة أي دولة فلسطينية مستقلة، وتصريحاته الأخيرة التي قال فيها إن إسرائيل لن تتخلى عن كل ما هو غرب نهر الأردن (الضفة الغربية)، وحديثه السابق عن أنه أفضل رئيس وزراء يمكنه منع قيام دولة فلسطينية، فإن حديث بايدن "يصبح مجرد نفاق سياسي لا يجب التعامل معه فلسطينيا ولا عربيا"، برأي البرغوثي.

إلى جانب ذلك، فإن بايدن -والحديث للبرغوثي- لم يحدد ما نمط الدولة التي يتحدث عنها والتي قد تكون مجرد معسكرات بلا سيادة ولا حدود تحت احتلال يمارس الفصل العنصري ضدها.

والأهم من كل هذا، برأي الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية؛ هو أن بايدن "لم يتحدث عن وقف الحرب ولا وقف الاستيطان ولا إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ما يعني أنه يحاول إرضاء بعض الناخبين الغاضبين منه، وتوفير ورقة توت للدول العربية المطبعة مع إسرائيل أو التي تريد التطبيع معها".

إسرائيل كلها ترفض حل الدولتين

وعن تعمد نتنياهو نفي حديث بايدن، قال الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات السياسية الدكتور لقاء مكي، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي "محكوم بمرجعيته الانتخابية وتحالفه الذي قاده للسلطة لأنه ملجؤه الأخير الذي يحول دون ذهابه إلى السجن".

كما إن رفض نتنياهو لفكرة الدولة الفلسطينية المستقلة ليس خارجا عن حديث كافة الساسة الإسرائيليين من كل التيارات -بما فيها المعارضة- والتي ترفض فكرة حل الدولتين تماما، وفق مكي، الذي يرى أن هذا الرفض يضع الولايات المتحدة في مأزق.

بالتالي -يضيف مكي- فإن إدارة بايدن "لم يعد أمامها سوى محاولة التخلص من نتنياهو لكنها في الوقت نفسه تواجه معضلة أن هذا الأمر بيد الكنيست وحده".

وبالنظر إلى ما سبق، "فإن حديث أميركا عن حل الدولتين -المرفوض تماما إسرائيليا- ينطلق من أهداف انتخابية داخلية من جهة، ومن رغبة بايدن في جذب الدول العربية للتطبيع من جهة أخرى"، كما يقول مكي.

وفي ذات السياق، يقول المحلل في الشؤون الدولية والأوربية حسام شاكر، إن "هناك جبهة يتم تسخينها داخل إسرائيل ضد مصطلح الدولة الفلسطينية، المرفوض تماما".

وبرأي شاكر، فإن حديث بايدن عن الدولة المستقلة "لا يعدو كونه محاولة تجديد وعد أوسلو بغلاف آخر مزيف لتحقيق أهداف تصب في مصلحة إسرائيل في مقدمتها إعادة تشكل السلطة الفلسطينية لتكون أكثر قمعية من جهة، ولإرضاء بعض الدول العربية من جهة أخرى".

لكن هذه التصريحات الأميركية التي تتناقض مع الموقف الإسرائيلي الواضح والمعلن، "تعني أن شيئا ما في جعبة واشنطن، قد يكون شكلا جديدا لصفقة القرن التي تحدث عنها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب"، من وجهة نظر شاكر.

بالإضافة إلى ذلك، فإن إسرائيل -كما يقول مكي- "تواجه مشكلة أمنية مزمنة تدفعها للتوسع جغرافيا بضم الضفة وغزة، والتوسع جيوسياسيا من البحر إلى النهر، كما سبق أن أعلن نتنياهو".

من هنا، فإن الولايات المتحدة تدرك تماما أن هذا الموقف يتعارض تماما مع فكرة إقامة دولة فلسطينية؛ حتى لو كانت منزوعة السلاح، حسب مكي، الذي أكد أن "نتنياهو يواصل التطرف باتجاه اليمين، وهو أمر ينهي أي حديث داخل إسرائيل عن إقامة دولة للفلسطينيين".

مع ذلك، فإن هذا الوضوح في الأهداف مفيد بالنسبة للفلسطينيين -برأي مكي- "لأن المواقف الرمادية لا تجعل الفلسطينيين قادرين على تحديد ما يجري حولهم وتدخلهم في متاهة التحليلات المضللة".

وخلص مكي إلى أن "ضعف النظام العربي الذي بدأت بعض دوله تدفع لتل أبيب مقابل التطبيع معها، دفع إسرائيل لرفض فكرة السلام ولو مقابل السلام".

وفي جانب آخر، يرى البرغوثي أن تصريحات بايدن عن الدولة الفلسطينية أو اليوم التالي للحرب، وإلى جانب دوافعه الانتخابية؛ هي "محاولة للفت أنظار العالم عن الجريمة التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين في غزة".

واستند البرغوثي في حديثه إلى أن "كل المنظومة الصهيونية بما فيها عضو مجلس الحرب بيني غانتس وزعيم المعارضة يائير لبيد؛ ترفض فكرة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة"، مضيفا أن جوهر التحرك الإسرائيلي خلال العقد الأخير هو أنها "دولة فاشية لن تقبل حلولا وسطا، ولا دولة فلسطينية".

ويمكن رؤية هذا التوجه في سيطرة المستوطنين على 60% من المنطقة "ج" بالضفة الغربية، وهم يمارسون فيها "تطهيرا" عرقيا حاليا، رغم أنها جزء من اتفاقية أوسلو، حسب البرغوثي.

وفيما يتعلق بالانتقادات التي بدأ بعض أعضاء الكونغرس الأميركي يبدونها لسلوك نتنياهو، قال شاكر، إنها تعكس انزعاجهم من فشله في تحقيق أي من أهدافه العسكرية، و"ربما نجد مزيدا من هذه التصريحات مستقبلا، مضيفا: "ولو كانت إسرائيل حققت أهدافها لكانت اللهجة مختلفة تماما".

وقال شاكر إن واشنطن عالقة في الأزمة الراهنة لأنها منحت نتنياهو مشروعية كاملة في حربه على غزة، بل وشاركت في إدارتها، مؤكدا أنها "قادرة على وقفها".

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الدولة الفلسطینیة دولة فلسطینیة حل الدولتین حدیث بایدن بایدن عن من جهة

إقرأ أيضاً:

د. فرانسيس دينق سياسي مُنحاز وليس مُراقب أو مُحلّل!

بعد اللقاء الأخير لدكتور فرانسيس دينق مع علي الظفيري لاحظت من تعامل مع كلامه وكأنه حكمة نهائية، متناسين -أو غير مطلعين- على نشاطه العدائي ضد وحدة السودان وأمنه القومي تحديداً فيما يتعلق بقضية أبيي. ظلّ د. فرانسيس منذ اندلاع حرب العدوان يسعى للتنسيق مع الجنجويد مستغلاً لحظة ضعف الدولة، ومحاولاً لي ذراع الدولة السودانية.
العام الماضي وبعد أيام من توقيع اعلان أديس أبابا بين سيئة الذكر “قحط/تقدم” ومليشيا أبوظبي الإرهابية، زار فرانسيس دينق ولوكا بيونق حميدتي في نيروبي. حميدتي وقتها وعد زواره من أبناء أبيي بأن يعطيهم كل ما طلبوا من سواء كان مطلبهم حكم ذاتي لأبيي أو تتبيعها لجنوب السودان، فقط في مقابل دعمه في حربه سياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً ضد الدولة والمجتمع.

كان الافتراض وقتها أن حميدتي بصدد أن يسيطر على كامل إقليم كردفان بعد طرد الجيش منه، ودة مخطط فشل وإنهار بصمود وبسالة وبطولة وتضحيات باذخة من فِرق وحاميات الهجانة في كردفان الكُبرى، وخصوصاً في الفرقة ٢٢ بابنوسة.

المقطع أدناه لجزء من مقابلة دكتور دينق بيتحدث عن حميدتي باعتباره “قائد الهامش” وأنه “يمثل دارفور”، وكيف أن حميدتي صار المتحدث عن كل “الهامش” ولذلك فحميدتي حامل لفكرة “السودان الجديد”، وأن حرب حميدتي هي امتداد لحرب الجنوب، وكيف أن حميدتي هو جون قرنق الجديد، ويجب علينا الاعتراف بذلك، وأن هذه نقطة البداية للتفكير في حل.

فرانسيس يعلم جيدا ً أن حميدتي لا علاقة له بالهامش، ولا بنضال جسر هوة الفوارق التنموية وضمان الاعتراف الثقافي بكل السودانيين من مدخل المواطنة، فحميدتي هو بندقية “المركز” ضد كل مُطالب، ولكن د فرانسيس يمارس الاستهبال، لأنه حميدتي ضمن له عطاء من لا يملك لمن لا يستحق، وفرانسيس دينق ولوكا بيونق وغيرهما من المستهبلين يريدون استغلال لحظة انشغال الدولة بتحدي الوجود والبقاء، للإمعان في تهديد وحدة السودان وسلامة أراضيه، وهو لا يعرف أن جيش الدولة صار أقوى من أي وقت آخر، وأصبح أكثر قدرة على حماية وحدة السودان وأمنه القومي، وأن ما فشل حميدتي في منحك إياه يا فرانسيس بالتاتشر، لن تناله بالفهلوة والاستهبال فالقحاطة كانوا أشطر وأوضح.

هل يستطيع د. فرانسيس أن ينطق حرفاً واحداً عن قرار سلفاكير وضع جنوب السودان -الذي يريد ضمّ أبيي له- تحت الانتداب والوصاية اليوغندية!!؟
#ربيع_الدولة

Ahmad Shomokh

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الرئيس الفسطيني: على حماس أن تتحول إلى حزب سياسي يعمل وفق قوانين الدولة
  • زلزال سياسي في إسرائيل.. شهادة رئيس الشاباك تهدد نتنياهو
  • ما فحوى تحذير زعيم المعارضة من اغتيال سياسي محتمل في إسرائيل؟
  • نتنياهو متهم بتعريض إسرائيل لـخطر وجودي بعد طلبه ولاء شخصيًا من رئيس الشاباك | تقرير
  • د. فرانسيس دينق سياسي مُنحاز وليس مُراقب أو مُحلّل!
  • محللون إسرائيليون: نتنياهو اعترف بالفشل وأكد استعداده للتضحية بالأسرى
  • محلل سياسي يكشف الأوضاع الكارثية التي يمر بها الشعب الفلسطيني
  • زلزال سياسي في إسرائيل.. رئيس الشاباك يقلب الطاولة على نتنياهو
  • إسرائيل تلغي تأشيرات 27 نائبا فرنسيًا على خلفية تصريحات ماكرون حول الدولة الفلسطينية
  • طوفان الأقصى.. بيرل هاربر الفلسطينية التي فجّرت شرق المتوسط