الوطن:
2025-03-04@11:23:24 GMT

د. محمد عبود يكتب: يسألونك عن التهجير!

تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT

د. محمد عبود يكتب: يسألونك عن التهجير!

الزمان الأربعاء 2 يناير 2019، المكان شاشة القناة 14 الإسرائيلية، جلس وزير الأمن الداخلى الأسبق، «أفيجدور كهلانى»، مرتدياً ثياب الواعظين، وقال: «غزة قنبلة سكانية على وشك الانفجار، وكل ما أتمناه أن تنفجر فى اتجاه مصر»!

عبَّر «كهلانى» فى هذا اللقاء عن اتجاه تتسع رقعته فى أوساط اليمين الإسرائيلى ينادى بتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة قسرياً أو طوعياً، والتخلص من «لعنة غزة» واحتلال أراض جديدة تسد احتياجات إسرائيل الديموغرافية والأمنية والاقتصادية!

لم تظهر فكرة التهجير فجأة فى الخطاب الإسرائيلى بعد «طوفان الأقصى»، لكن للفكرة جذور قديمة ينبغى الانتباه إليها، ففى عام 1904 طالب القيادى الصهيونى «يسرائيل زانجويل» بطرد العرب من فلسطين لتكون أرضاً بلا شعب، لشعب بلا أرض! وأيد البارون «دى روتشيلد» الدعوة، وأعلن عن استعداده لدفع الأموال للفلسطينيين لكى يهاجروا.

وعام 1937 كتب المنظر «زئيف جابوتينسكى»: «لو وافق الفلسطينيون على الهجرة الطوعية، فلن نأسى على ذلك»! وفى العام نفسه، أكد «بن جوريون» أنه وافق على تقرير لجنة «بيل» البريطانية للتحقيق فى أحداث الثورة العربية بسبب توصية التقرير بترحيل آلاف الفلسطينيين خارج حدود «الدولة اليهودية» المقترحة»!

وظلت جريمة التهجير القسرى تراود بن جوريون حتى صار أول رئيس وزراء لإسرائيل، وسعى لتنفيذها عبر مجازر شهيرة رافقت حرب 1948 مثل: دير ياسين واللد والرملة والطنطورة. ويرفض الأرشيف الإسرائيلى حتى اليوم الإفراج عن وثائق حكومية وقعها «بن جوريون» تأمر القوات الإسرائيلية بتهجير الفلسطينيين عبر عمليات ترويع وإبادة جماعية واغتصاب للنساء، وجرائم يندى لها الجبين.

وما زالت المؤسسات الإسرائيلية تنكل بالمؤرخين الجدد الذين يسعون للحصول على هذه الوثائق، وإعادة كتابة تاريخ النكبة.

بمرور السنين، وضع اليسار الإسرائيلى جرائم التهجير القسرى التى نفذها «بن جوريون» فى خانة المسكوت عنه، وتضاءلت دعوات التهجير فى الخطاب العام، وصارت حلماً يراود أوساط اليمين الاستيطانى على فترات.

ويظهر فى برامج أحزاب متطرفة مثل حزب «كاخ» بقيادة الإرهابى مئير كاهانا فى الـ80، وأحزاب يمينية ظهرت واختفت دون أثر يُذكر، أهمها حزب «الاتحاد القومى» بقيادة وزير السياحة الأسبق «رحبعام زئيفى» الذى دعا علانية لجريمة التهجير. وواجه هجوماً حاداً من اليسار، فكان رده: «إذا كان التهجير عملاً غير أخلاقى، فإن الصهيونية حركة غير أخلاقية لأنها نشأت وأسّست دولتها عبر تهجير قسرى شامل»!

اُغتيل رحبعام زئيفى عام 2001، وواجه اليسار الإسرائيلى دعوات التهجير بخمسة مخاوف رئيسية، هى: التشكك فى نجاح المخطط لتمسك الفلسطينيين بأراضيهم، الخوف من اتهام الرأى العام الغربى لإسرائيل بممارسة التطهير العرقى، تزايد عداء الرأى العام العربى لإسرائيل، اتهام دوائر غربية لإسرائيل بإغراق دولهم بالنازحين العرب، اعتداء النازحين العرب على المصالح الإسرائيلية فى الغرب.

ورغم أهمية هذه المخاوف ومنطقيتها، تسببت عملية «طوفان الأقصى» فى تحريك دعوات التهجير من الهامش إلى المتن فى إسرائيل. وراحت تتردد على ألسنة عسكريين ووزراء، وأعضاء كنيست، ونشطاء ومفكرين.

وهم يطرحون خمسة أسباب لتبنى المخطط: حل أزمة إسرائيل الديموغرافية دون الاضطرار لإقامة دولة فلسطينية، تحويل إسرائيل لدولة يهودية متجانسة، التخلص من فلسطينيى 48 باعتبارهم طابوراً خامساً، توفير الشقق للشباب الإسرائيلى بعد نزوح الفلسطينيين من ديارهم، تخفيض الميزانيات العسكرية والأمنية وإنعاش الاقتصاد الإسرائيلى!

هذه الأفكار العبثية التى كانت تُواجه باعتراضات القوى اليسارية، وسخرية الإعلام، ومسارعة الحكومة بالنفى والاستنكار، صارت بعد السابع من أكتوبر تُعرض على الشاشات، وتنشر فى الصحف، وتُناقش فى الإذاعات بحجة الغضب والانتقام من الزلزال الذى ضرب إسرائيل فى السابع من أكتوبر.

والحقيقة دون مبالغة أن هذه الدعوات الإجرامية والشهوة التوسعية لم يلجمها سوى الموقف الرسمى والشعبى المصرى الرافض لجريمة التهجير بكل أشكالها، والمشِّدد على إقامة دولة فلسطينية فى حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. ولن يقف فى وجهها سوى تحركات الدولة المصرية الرامية لخلق اصطفاف دولى وعربى وإقليمى ضد تصفية القضية الفلسطينية، وضد جريمة التهجير سواء قسرياً أو طوعياً.

هذه التحركات المصرية تعزز التماسك الفلسطينى وتشبث الغزاويين بتراب أراضيهم، وتؤثِّر فى الدوائر الإسرائيلية المعتدلة التى ستدرك، بمرور الوقت، أن دعوات التهجير هى أذى يُنذر بفتح جبهات جديدة بخلاف مستنقع غزة.

أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة عين شمس

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل غزة التهجير دعوات التهجیر بن جوریون

إقرأ أيضاً:

وسط صمت دولي.. برلماني: إسرائيل تستخدم التجويع سلاحا للضغط على الفلسطينيين

أكد النائب محمد البدري، عضو لجنة الصحة بمجلس الشيوخ، أن قرار الاحتلال الإسرائيلي بوقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان، وانتهاكا صارخا للقوانين الدولية، مشددا على أن إسرائيل تلجأ إلى سياسة العقاب الجماعي والتجويع كسلاح قذر لإخضاع الفلسطينيين وإجبارهم على القبول بشروطها المجحفة.

وأشار البدري في تصريحات صحفية له اليوم، إلى أن هذا القرار التعسفي يفاقم الكارثة الإنسانية التي يعيشها أبناء غزة، الذين يعانون من نقص حاد في الغذاء والدواء والخدمات الأساسية، مؤكدا أن هذه الممارسات تكشف الوجه الحقيقي للاحتلال، الذي يسعى لفرض واقع جديد بالقوة وسط تواطؤ وصمت دولي مرفوض وغير مبرر.

وشدد عضو مجلس الشيوخ على أن مصر، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تتحرك بكل قوة لإنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار ومنع تفاقم الأزمة، مؤكدا أن القاهرة لن تسمح بتمرير أي مخططات تستهدف تهجير الفلسطينيين أو فرض حلول تنتقص من حقوقهم المشروعة، بل ستواصل جهودها لحماية الأمن القومي المصري والعربي ودعم القضية الفلسطينية.

ودعا البدري الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياتهم واتخاذ موقف حاسم لإلزام إسرائيل بفتح المعابر وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، محذرا من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى انفجار إنساني غير مسبوق يهدد استقرار المنطقة بأكملها.

مقالات مشابهة

  • أ.د محمد حسن الزعبي يكتب .. فصل الشتاء و فصل الكهرباء
  • جنبلاط: إسرائيل تستخدم الدروز لقمع الفلسطينيين
  • وسط صمت دولي.. برلماني: إسرائيل تستخدم التجويع سلاحا للضغط على الفلسطينيين
  • فتح: إسرائيل تواصل تنفيذ مخططات التهجير ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • محمد كركوتي يكتب: الإمارات.. نمو قوي متعدد التنوع
  • محمد حامد جمعة يكتب: شكرا مصر
  • محمد أبو زيد كروم يكتب: رمضان شهر الجهاد، وبل الجنجويد
  • حكايات شهرزاد| يسألونك عن الزُهد
  • محمد يسري يكتب: العلوم الإسلامية كلها جاءت لبيان فضائل كتاب الله والحفاظ على سنته
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: المعايشة التربوية... تكامل البناء