«بناء المستوطنات».. سلاح الاحتلال الإسرائيلي لطرد سكان الأرض الأصليين
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
عادت عقارب الساعة إلى ما قبل عام 2005، عندما أعلنت إسرائيل انسحابها من غزة، لإعادة بناء مستوطنات فى القطاع ضمن المخطط الإسرائيلى الكامل لاستكمال بناء دولة إسرائيل الذى بدأ الاحتلال تنفيذه وفقاً لتصريحات السياسى الإسرائيلى «يوسى داغان»، رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة، والشخصية البارزة فى اليمين الإسرائيلى، لمجلة «بولتيكو» الأمريكية: «لن تكون العودة ممكنة فى كل أجزاء غزة، لكن فى الجزء الشمالى نعم».
وبعد أسبوع واحد من الاجتياح البرى يوم 27 أكتوبر ألقى أحد الحاخامات خطاباً بوحدة من الجيش الإسرائيلى أمام جنود الاحتلال، بعد استشهاد 7028 فلسطينياً من بينهم 2913 طفلاً، قال فيه: «هذه الأرض لنا.. الأرض بأكملها، بما فى ذلك غزة، بما فى ذلك لبنان، بما فى ذلك كل الأرض الموعودة!».
«غوش قطيف صغيرة مقارنة بما سنحققه بعون الله.. بيت على الشاطئ؟ هذا ليس حلماً!»، كان هذا نص الإعلان الذى بدأ فى استقبال استفسارات وحجوزات العملاء بعد أن نشرته شركة «جبال الذهب» الإسرائيلية المتخصصة فى بناء المستوطنات، لعطاءات لبناء بيوت بمستوطنة «غوش قطيف» التى انسحبت منها إسرائيل فى 2005، مشيرة إلى أن المهندسين والعمال بدأوا فى تجهيزات العودة.
وزير الأمن القومى الإسرائيلى إيتمار بن غفير، قال فى تصريحات نقلتها عنه وكالات الأنباء إن الحرب تمثل فرصة للتركيز على تشجيع هجرة سكان غزة.. وإن توطين سكان غزة خارج القطاع، من شأنه أن يُسهل عودة سكان المجتمعات الإسرائيلية المتاخمة لحدود غزة، وكذلك المستوطنات الإسرائيلية فى غزة التى تم إخلاؤها عام 2005، وهى حل صحيح وعادل وأخلاقى وإنسانى، حسب قوله.
وزير المالية الإسرائيلى يطالب بتخفيض عدد سكان «القطاع» إلى 100 ألف لتوفير الحماية للمستوطنينهذه الأفكار عبّر عنها بوضوح أكثر وزير المالية الإسرائيلى، «بتسلئيل سموتريتش»، الذى دعا أيضاً لعودة المستوطنين اليهود إلى غزة بعد انتهاء الحرب، واعتبر أن فلسطينيى القطاع يجب أن يتم «تشجيعهم» على الهجرة لدول أخرى.
«هريدى»: المستوطنون يشنون هجمات منظمة لتهجير سكان الضفة تزامناً مع محاولات ترحيل أهالى غزة.. ويكتبون عبارة «النكبة الثانية قادمة» على جدران المنازل الفلسطينيةما سبق يدلل على أن القوة الغاشمة خطة متعمدة لتحقيق نوايا الاحتلال الإسرائيلى ومخططاته بإعادة بناء المستوطنات فى غزة مكان الفلسطينيين، باعتباره الهدف الخفى والحقيقى للاحتلال من العدوان على غزة، ليكون الهدف المعلن أن العدوان غايته الدفاع عن النفس، حسبما أكد السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية الأسبق.
تنفيذ المخطط الإسرائيلى بالتهجير لإقامة المستوطنات بدأ بالفعل، وفقاً لتصريحات «هريدى» لـ«الوطن»، مؤكداً أن محاولة إفراغ قطاع غزة والضفة الغربية من سكانها الأصليين يتم بالتدريج، وهو ما أعلن عنه بتسلئيل سموتريش، وزير المالية الإسرائيلى ورئيس حزب الصهيونية الدينية، قائلاً: «تخفيض عدد سكان غزة إلى 100 ألف أو 200 ألف، وبناء المستوطنات الإسرائيلية على أرض غزة، من شأنه توفير الحماية لإسرائيل مثلما حدث بالضفة الغربية».
85% من سكان قطاع غزة توجهوا إلى الجنوب بعد التدمير الهائل الذى استهدف شمال ووسط غزة بصورة كلية لتفريغ القطاع من سكانه، بحسب ما ذكر مساعد وزير الخارجية الأسبق، كاشفاً عن أن المستوطنين يقومون بهجمات ليلية على منازل الفلسطينيين بالضفة الغربية لإجبارهم على ترك منازلهم، وهو ما نتج عنه ترك 500 فلسطينى لمنازلهم بالضفة الغربية خلال العدوان الإسرائيلى على غزة.
«النكبة الثانية قادمة».. تلك العبارة دوّنها المستوطنون على جدران المنازل الفلسطينية بالضفة الغربية منذ بداية العدوان على غزة، وفقاً لـ«هريدى»، مشيرا إلى أن تحرشات المستوطنين بالفلسطينيين أصحاب الأرض تتضمن توزيع المنشورات على القرى الفلسطينية، إضافة للهجمات الليلية إما بصمت أو بغطاء من الجيش والشرطة الإسرائيلية، ليواصل الاحتلال تنفيذ مخططاته بعيدة المدى بالتهجير لبناء المستوطنات على مراحل وبتكتيكات إسرائيلية.
وعلى الرغم من التحذيرات الغربية من إعادة احتلال القطاع أو تخفيض حجم الأراضى بممرات أمنية جديدة أو مناطق عازلة، بحسب مساعد وزير الخارجية الأسبق، كاشفاً أهمية استخدام مصطلح «التهجير»، منفرداً دون وصفه بأنه تهجير طوعى أو قسرى، لأن هذه المصطلحات يستخدمها الاحتلال لتمرير مخططاته. «الوحدة»، هى السبيل الوحيد لوقف تنفيذ مخطط التهجير والاستيطان الذى بدأ بالتدمير المنهجى لقطاع غزة، بحسب «هريدى».
وأشار إلى أن «الوحدة» يجب أن تتضمن وحدة الموقف العربى، ووحدة الداخل الفلسطينى، على أن تتفق الدول الرئيسية وهى مصر ودول التعاون الخليجى، وتعلن رسالة واحدة واضحة بأن هناك ثمناً على صعيد العلاقات العربية الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة سيُدفع حال عدم توقف الاحتلال عن تنفيذ مخططه، لافتا إلى أن موقفاً عربياً موحداً يتضمن الموقف المصرى الأردنى، أعلن عن رفضه التهجير القسرى وفقاً لما ورد بقرارات القمة العربية الإسلامية المشتركة فى المملكة العربية السعودية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل غزة التهجير بناء المستوطنات بالضفة الغربیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
تقرير :مع اشتداد الحصار الإنساني .. سكان غزة يكافحون لإيجاد كسرة خبز
النصيرات (الاراضي الفلسطينية) "أ ف ب": في قطاع غزة المحاصر والمدمر جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من 18 شهرا، أصبح الطحين عملة نادرة تتشارك العائلات الكميات القليلة المتوافرة منه للاستمرار فيما الجوع يتربص بها.
تجلس فلسطينيات على الأرض ويخلطن بتأن كميات الطحين القليلة.
وتقول أم محمد عيسى، وهي متطوعة تساعد في صنع الخبز بما توافر من موارد "لأن المعابر مغلقة، لم يعد هناك غاز، ولا طحين، ولا حتى حطب يدخل إلى القطاع".
منذ الثاني من مارس، تمنع إسرائيل بشكل تام إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المنكوب، متهمةً حركة حماس بالاستيلاء على هذه الإمدادات التي كانت تصل أثناء الهدنة المبرمة في 19 من يناير.
وقد استأنفت إسرائيل في منتصف مارس عملياتها العسكرية في القطاع.
وتحذر الأمم المتحدة من أزمة إنسانية متفاقمة في القطاع جراء توقف المساعدات لسكانه البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
وتفتقر المنظمات الإنسانية العاملة في غزة إلى السلع الأساسية من غذاء ودواء.
وتقول أم محمد عيسى إن المتطوعين لجأوا إلى حرق قطع الكرتون لإعداد خبز الصاج.
وتؤكد "ستحل المجاعة. سنصل إلى مرحلة لا نستطيع فيها إطعام أطفالنا". وسبق لمنظمات إغاثة دولية أن حذرت من مجاعة وشيكة خلال الحرب المتواصلة منذ 18 شهرا.
"الخبز ثمين جدا"
حتى نهاية مارس، كان سكان القطاع يقفون في طوابير كل صباح أمام مخابز قليلة كانت لا تزال تعمل، على أمل الحصول على بعض الخبز.
لكن، بدأت الأفران الواحدة تلو الأخرى توقف عملها مع نفاد مكونات الخبز الأساسية من طحين وماء وملح وخميرة.
حتى المخابز الصناعية الكبيرة الأساسية لعمليات برنامج الأغذية العالمي، أغلقت أبوابها بسبب نقص الطحين والوقود اللازم لتشغيل المولدات.
وقالت منظمة "المطبخ المركزي العالمي" الخيرية الأربعاء إن الأزمة الإنسانية تتفاقم يوما بعد يوم. وكتبت عبر منصة اكس "الخبز ثمين جدا، وغالبًا ما يحل محل وجبات الطعام العادية حيث توقف الطهي".
ومخبز هذه المنظمة الخيرية هو الوحيد الذي لا يزال يعمل في قطاع غزة وينتج 87 ألف رغيف في اليوم.
يقول رب العائلة بكر ديب البالغ 35 عاماً من بيت لاهيا في شمال القطاع "بنيت فرناً من الطين لأخبز فيه الخبز وأبيعه". وعلى غرار معظم سكان القطاع نزح ديب بسبب الحرب، وهو الآن في مدينة غزة.
لكنه يقول "هناك نقص حاد في الطحين الآن" مضيفا "هذا فاقم أزمة الخبز أكثر".
"مليء بالديدان"
توقف بيع الطعام في بسطات على جوانب الطرق فيما الأسعار في ارتفاع مستمر يجعل غالبية السكان غير قادرين على شراء السلع.
ظنت فداء أبو عميرة أنها عقدت صفقة رابحة عندما اشترت كيسا كبيرا من الطحين في مقابل مئة دولار في مخيم الشاطئ للاجئين في شمال القطاع.
لكنها تقول بحسرة "ليتني لم أشتره. كان مليئاً بالعفن والديدان. وكان طعم الخبز مقززاً". قبل الحرب، كان الكيس نفسه، زنة 25 كيلوغراماً، يُباع بأقل من 11 دولارا.
تقول تسنيم أبو مطر من مدينة غزة "نحن نموت حرفياً من الجوع". وأضافت، وهي تبلغ من العمر 50 عاماً "نحسب ونقيس كل ما يأكله أطفالنا، ونقسم الخبز ليكفي لأيام" مؤكدة "يكفي! فقد وصلت القلوب الحناجر".
ويبحث أشخاص بين الأنقاض عما يسدّ جوعهم، بينما يسير آخرون مسافة كيلومترات إلى نقاط توزيع المساعدات أملاً في الحصول على القوت لعائلاتهم.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن أكثر من 250 مركز إيواء في غزة افتقر الشهر الماضي إلى الطعام الكافي أو لم يتوافر لديه أي طعام على الإطلاق.
وتتهم حماس التي أشعل هجومها غير المسبوق في 7 أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل فتيل الحرب، الدولة العبرية باستخدام التجويع كسلاح في الحرب.
وقد طوّر سكان غزة قدرتهم على الصمود خلال هذه الحرب وعلى مر مواجهات سابقة مع إسرائيل، لكنهم يقولون في مقابلاتهم مع فرانس برس، إنهم غالبا ما يشعرون بأن هذه الطرق المبتكرة للتكيّف تعيدهم قرونا إلى الوراء.