الخيارات المختلفة للتعامل مع الكوب
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
جرت العادة على إطلاق لفظ نصف الكوب؛ والنظر إليه إحدى النظرتين؛ إما المتفائلة بالنظر لنصفه الممتلئ؛ أو المتشائمة بالنظر لنصفه الفارغ؛ وكان الحض على النظر للنصف الممتلئ؛ كنوع من الحث على العمل وإطلاق الحوافز لإنجاز الأعمال بشكل أفضل.
إلا أنه في الحقيقة هناك بعد ثالث للتعامل مع الكوب في ذات السياق؛ بُعد لم يتم التطرق إليه بشكل يبرز جانبه الأفضل؛ ويُخرج منه الحوافز الإيجابية.
ولكي نصل لهذا البعد الثالث؛ أجد أنه من المناسب أن أبدأ مع البعد الأول التشاؤمي؛ لأنه أكثر شيوعًا بشكل واضح؛ وبين حين وآخر يكثر الحديث عنه.
فقد أصبحنا نستهلك كل ما هو ممكن استهلاكه من الكوب؛ أحيانا دون دراية أننا بتلك الكيفية من الاستهلاك؛ نزيد الجزء الفارغ بشكل كبير؛ وبطريقة باتت مستفزة؛ لأننا نلوم كل الظروف إلى أدت لوجود الجزء الفارغ من الكوب؛ ولا يمكن أبدًا أن نلوم أنفسنا باعتبارنا السبب الرئيسي في ذلك.
أعطي مثالا عله يكون مفيدًا؛ مؤخرًا بتنا جميعًا نلاحظ الزيادات المطردة في الأسعار؛ بشكل قد يكون خانقًا؛ وأُلاحظ أن هناك عددًا أدمن تبرير كل شيء و أي شيء.
قياسًا على السعر الحقيقي للجنيه مقابل الدولار؛ وبات هناك مئات بل آلاف الخبراء؛ يسوقون زيادات الأسعار؛ لأنها مرتبطة بالقيمة الحقيقية للجنيه؛ والتي يبدو أنها آخذة في النزول، وما كان يمكن أن تشتريه بعشرة جنيهات من 10 سنوات؛ بات يكفي بالكاد ثمن بضعة أرغفة من الخبز! وكانت وقتها تشتري 40 رغيفًا من الخبز!
لا يمكن استثناء أي سلعة من زيادات الأسعار؛ كبيرة أو صغيرة؛ مهمة أو غير ذات قيمة؛ الزيادات مستمرة؛ وأيضًا المبررات مستمرة؛ هنا نلاحظ تغافل تام لقدرات الناس التي خارت تمامًا.
أما الأكثر سوءً فهو تقليل الكمية؛ مع زيادة السعر؛ وأيضًا مع تقليل الجودة؛ وتلك كارثة بكل المعايير؛ فلم يكتف التجار بزيادة السعر؛ بل زادوا الطين بلة؛ بتخفيض الكمية لزيادة المكسب؛ والأسوأ كما ذكرت هو تخفيض جودة المنتجات، فماذا ننتظر بعد ذلك؟
مثال آخر يبين بوضوح ما نفعله في أنفسنا؛ يتعلق بسلوكيات الناس في الشارع؛ هناك فئة يتزايد عددها يومًا بعد يوم؛ تستبيح الشارع؛ تعتبره مشاعًا لابد من إهدار قيمته؛ والشاطر من يستبيحه بشكل أكبر؛ كأنه استعراض لمدى القوة المملوكة للشخص الذي يفرض سطوته بشكل أكبر؛ يظهر ذلك بجلاء في ركنات السيارات؛ خاصة الصف الثاني؛ وأحيانًا الثالث؛ يترك صاحب سيارة الصف الثالث سيارته لوقت غير معلوم؛ وعندما يعود ويجد صاحب سيارة الصف الأسبق متوترًا بسبب انتظاره للخروج بسيارته؛ يحركها ويبتعد دون أن يكلف نفسه مجرد بضع كلمات تحمل في سياقها مفهوم الاعتذار وليس الاعتذار المباشر.
قد يكون المثل السابق بسيطًا؛ ولكنه يحمل في طياته دلالات غاية في الخطورة؛ لأننا هكذا دون مبرر مفهوم؛ نهدر قيمنا وطاقاتنا ومخزوننا من كل الأعراف والتقاليد التي نشأنا عليها؛ لنهيل عليها التراب؛ ثم ننشئ قيمًا أخرى سيئة لأقصى الدرجات؛ لتصبح واقعًا مفروضًا على الناس، عليهم التعامل بقيمه البغيضة!
نعم الجزء الفارغ من الكوب أكثر من الجزء الممتلئ؛ ولكننا بأيدينا فعلنا ذلك؛ ومن لم يفعل؛ تغاضى عن عمل فعل جيد يوقف تلك الأفعال البغيضة، والتي بدورها أدت لزيادة الجزء الفارغ.
لقد بات هناك حالات من التباعد بين الناس؛ قد تكون بسبب الانشغال بأمور الحياة؛ أو لأسباب أخرى متفرقة؛ لكن الثابت أنه لا يوجد حرص من أي طرف على وقف ذلك التباعد؛ وهذا من شأنه أن يكون معيارًا مهمًا يفسر سبب زيادة الجزء الفارغ من الكوب.
عماد رحيم – بوابة الأهرام
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
من الهول إلى الموصل.. نقل 600 عراقي ضمن الوجبة 23
بغداد اليوم - بغداد
أكد مصدر مطلع، اليوم الاربعاء (2 نيسان 2025)، استكمال نقل الوجبة 23 من العوائل العراقية المقيمة في مخيم الهول السوري إلى مخيم الجدعة جنوب الموصل.
وقال المصدر لـ"بغداد اليوم" إن "عملية النقل تمت بإشراف لجنة مركزية تضم مستشارية الأمن القومي ووزارة الهجرة والمهجرين وشملت أكثر من 160 عائلة، تضم ما يزيد عن 600 شخص غالبيتهم من النساء والأطفال".
وأضاف أن "عملية النقل تمت بتنسيق مشترك مع توفير الشاحنات وتأمينها"، مشيرًا إلى أن "إجمالي العوائل التي تم نقلها خلال الوجبات الـ23 الماضية بلغ نحو 3000 عائلة".
وأوضح أن "عملية إعادة العوائل مستمرة وفق خطة تشمل التدقيق الأمني ونقلهم إلى مخيم الجدعة مع إشراكهم في برامج اندماج مجتمعي"، لافتًا إلى "تحضيرات لنقل وجبة جديدة خلال الأسبوع المقبل بالتنسيق مع إدارة مخيم الهول".
ويضمّ مخيم الهول الذي تديره قوات سوريا الديمقراطية حسب أرقام إدارة المخيم أكثر من 15600 نازح سوري وهم 4300 عائلة، في حين يبلغ عدد اللاجئين العراقيين نحو 15 ألفاً، وهم 4330 عائلة، و6389 من 45 جنسية على الأقل، بينها فرنسا والسويد وهولندا وروسيا وتركيا وتونس ومصر.
وتُشكّل النساء والأطفال الجزء الأكبر من قاطني هذا المخيم الذي كان يمنع عليهم الخروج منه كما يؤوي قرابة ثلاثة آلاف رجل في الجزء الأكبر والمخصص للعراقيين والسوريين، بينهم نازحون ولاجئون.