ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (أنا مقبلٌ على الزواج ولا أعلم أحكامه؛ فنصحني البعض بضرورة تعلم أحكام عقد الزواج؛ حتى لا أوقع نفسي أو غيري في حرج أو إثم بسبب عدم علمي بذلك، وذلك من خلال الدورات التي تنظمها الجهات المتخصصة في هذا الشأن؛ فما قولكم في ذلك، وهل يجب عليَّ ذلك؟

حكم الطلاق ورقيا فقط أو الزواج العرفي حفاظا على المعاش حكم استخدام التطبيقات الإلكترونية في الزواج

وقالت دار الإفتاء، في إجابتها على السؤال، إنه قد تواردت نصوص الفقهاء على أنه يجب على المكلف أن يتعلم حكم الله تعالى في كل ما يُقدِم عليه من أفعال -من حيث الوجوب والجواز والحرمة- وذلك قبل أن يشرع فيها؛ حتى لا يقع في الإثم والمعصية من حيث لا يعلم ولا يدري.

كما نصُّوا على أن ذلك يشمل جميع أفعاله؛ سواء أكانت من العبادات كالصلاة والصوم، أم من المعاملات كالبيع والشراء والإجارة، أم من المناكحات.. إلخ. بل حكى بعضهم الإجماعَ على ذلك، وهذه الدورات التأهيلية التي تنظمها الجهات الرسمية في الدولة أو غيرها وسيلة من وسائل معرفة الإنسان أحكام الزواج ومتطلباته وما يلزم عنه من حقوق وواجبات، فحسن بكل من يقبل على الزواج أن يدرك ما لها من أهمية فيسعى لحضورها ويرشد من سيشاركه الحياة الزوجية إلى حضورها أيضًا قبل الشروع في الزواج.

قال العلامة الونشريسي المالكي في "المعيار المعرب والجامع المغرب" (11/ 120، ط. أوقاف المغرب): [ويا عجبًا كيف يفني عمره في البحث عن المقامات والأحوال، قبل مطالبة النفس في التخلص من التباعات المالية والعرضية، وقبل البحث عما يلزمه فرضًا مجمعًا عليه، وهو ألَّا يقدم على فعل ولا قول ولا حركة ولا سكون حتى يعرف حكم الله تعالى عليه في ذلك] اهـ.

وقال الإمام القرافي في "أنوار البروق في أنواء الفروق" (2/ 148، ط. عالم الكتب): حاكيًا الإجماع عن الإمام الشافعي والإمام الغزالي على: [أن المكلف لا يجوز له أن يقدم على فعل حتى يعلم حكم الله فيه، فمن باع وجب عليه أن يتعلم ما عيَّنه الله وشرعه في البيع، ومَن آجر وجب عليه أن يتعلم ما شرعه الله تعالى في الإجارة، ومن قارض وجب عليه أن يتعلم حكم الله تعالى في القراض، ومن صلَّى وجب عليه أن يتعلم حكم الله تعالى في تلك الصلاة، وكذلك الطهارة وجميع الأقوال والأعمال، فمَن تعلم وعمل بمقتضى ما عَلِمَ؛ أطاع الله تعالى طاعتين، ومَن لم يَعلم ولم يَعمل؛ فقد عصى الله معصيتين، ومَن عَلِمَ ولم يَعمل بمقتضى علمه؛ فقد أطاع الله تعالى طاعةً وعصاه معصيةً.

ويدل على هذه القاعدة أيضًا من جهة القرآن: قوله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام: ﴿إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ﴾، ومعناه: ما ليس لي بجوازِ سؤاله عِلْمٌ؛ فَدَلَّ ذلك على أنه لا يجوز له أن يُقدِم على الدعاء والسؤال إلا بعد عِلْمِهِ بحُكم الله تعالى في ذلك السؤال وأنه جائز] اهـ.

وقال العلامة البهوتي في "كشاف القناع" (3/ 145، ط. دار الكتب العلمية): [حكى بعضهم الإجماع على أنه لا يجوز لمكلف أن يُقدِم على فعلٍ حتى يَعلم حكم الله فيه] اهـ.

ولَمَّا كان الزواج مِن أخص العقود وأكثرها خصوصية وأهمية؛ استحق بذلك أن يكون مِن أَوْلَى العقود وأوَّلها في أهمية وضرورة تعلم أحكامه، والوقوف على حقيقته وما يلزم لدوامه واستقراره.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء الزواج حکم الله تعالى الله تعالى فی م الله تعالى على أن

إقرأ أيضاً:

التواضع زينة الأخلاق.. تأملات في قول الله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ}

التواضع سمة عظيمة تزين الإنسان وترفع قدره بين الناس، وهو خلق دعا إليه الإسلام وأكد عليه القرآن الكريم في مواضع عديدة، ومن أبلغ هذه الدعوات ما ورد في قوله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18].

التواضع في القرآن الكريم

في هذه الآية الكريمة، يوجه الله تعالى الإنسان إلى التحلي بفضيلة التواضع، محذرًا من مظاهر الكبر والغرور التي تتنافى مع جوهر الإيمان. فقد نهى الله عز وجل عن صعر الوجه، وهو الميل به عن الناس تكبرًا واحتقارًا لهم، كما نهى عن المشي في الأرض بمرح وأشر، لأن ذلك يعكس غطرسة لا تليق بالإنسان المؤمن.

وقد جاء في تفسير الإمام النسفي: أن المقصود بـ {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ} هو الإقبال على الناس بوجه بشوش وعدم إظهار التعالي عليهم. أما {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا}، فهو تحذير من المشي بغرور وتفاخر، لأن الله لا يحب المتكبر الذي يعدد مناقبه ويتفاخر على الآخرين.

التواضع في السنة النبوية

التواضع خلق عظيم تجسد في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان خير قدوة في معاملته للناس. فقد كان يجالس الفقراء ويزور المرضى ويجيب دعوة الضعفاء. وقال صلى الله عليه وسلم: "وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ" [رواه مسلم].

أثر التواضع في بناء المجتمع

التواضع لا يقتصر على كونه خلقًا فرديًا، بل هو ركيزة أساسية في بناء مجتمع متحاب ومتسامح. فالإنسان المتواضع يُحبّه الناس ويقتربون منه، بينما ينفرون من المتكبر الذي لا يرى سوى نفسه.

كيف نطبق التواضع في حياتنا اليومية؟

استقبال الآخرين بوجه بشوش: كن ودودًا وبشوشًا في تعاملك مع الجميع، بغض النظر عن مكانتهم أو حالتهم الاجتماعية.

الاعتراف بفضل الآخرين: لا تجعل النجاح يدفعك لتقليل قيمة من حولك، بل اشكر من ساعدك وأثنِ على جهودهم.

التواضع في الحديث: تجنب التفاخر بإنجازاتك أمام الآخرين، وشاركهم قصصك بروح متواضعة.

الإنصات للآخرين: اجعل وقتًا للاستماع لآراء من حولك، واحترم أفكارهم دون تقليل من شأنها.

 

التواضع خلق عظيم يجلب المحبة والقبول، وهو مفتاح السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة. فلنجعل من هذه الآية الكريمة نبراسًا نهتدي به في تعاملاتنا اليومية، ولنتذكر أن الكبر لا يزيد الإنسان إلا بعدًا عن الآخرين وعن رحمة الله.

مقالات مشابهة

  • أبو العينين يقدم واجب العزاء في وفاة والدة المستشار أحمد مناع
  • مراتب الحزن في القرآن الكريم
  • التواضع زينة الأخلاق.. تأملات في قول الله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ}
  • هل تجب على اليمين الغموس كفارة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • حكم تصرف ذوي الهمم في أموالهم وأمور الحياة مع من يرعاهم
  • أفضل علاج شرعي للوسواس القهري ..دار الإفتاء تكشف عنه
  • ما حكم القنوت في صلاة الفجر؟.. اختلفت عليه المذاهب الأربعة
  • حكم السرقات والتعديات على مياه الشرب والصرف الصحي
  • حكم صبر الإنسان عند الإبتلاء بالفقر أو الغنى
  • حكم تأجيل العمل وقت الدوام ليكون إضافيًّا.. الإفتاء توضح