حكم تعلم أحكام الزواج قبل الدخول.. دار الإفتاء: واجب شرعي
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (أنا مقبلٌ على الزواج ولا أعلم أحكامه؛ فنصحني البعض بضرورة تعلم أحكام عقد الزواج؛ حتى لا أوقع نفسي أو غيري في حرج أو إثم بسبب عدم علمي بذلك، وذلك من خلال الدورات التي تنظمها الجهات المتخصصة في هذا الشأن؛ فما قولكم في ذلك، وهل يجب عليَّ ذلك؟
وقالت دار الإفتاء، في إجابتها على السؤال، إنه قد تواردت نصوص الفقهاء على أنه يجب على المكلف أن يتعلم حكم الله تعالى في كل ما يُقدِم عليه من أفعال -من حيث الوجوب والجواز والحرمة- وذلك قبل أن يشرع فيها؛ حتى لا يقع في الإثم والمعصية من حيث لا يعلم ولا يدري.
كما نصُّوا على أن ذلك يشمل جميع أفعاله؛ سواء أكانت من العبادات كالصلاة والصوم، أم من المعاملات كالبيع والشراء والإجارة، أم من المناكحات.. إلخ. بل حكى بعضهم الإجماعَ على ذلك، وهذه الدورات التأهيلية التي تنظمها الجهات الرسمية في الدولة أو غيرها وسيلة من وسائل معرفة الإنسان أحكام الزواج ومتطلباته وما يلزم عنه من حقوق وواجبات، فحسن بكل من يقبل على الزواج أن يدرك ما لها من أهمية فيسعى لحضورها ويرشد من سيشاركه الحياة الزوجية إلى حضورها أيضًا قبل الشروع في الزواج.
قال العلامة الونشريسي المالكي في "المعيار المعرب والجامع المغرب" (11/ 120، ط. أوقاف المغرب): [ويا عجبًا كيف يفني عمره في البحث عن المقامات والأحوال، قبل مطالبة النفس في التخلص من التباعات المالية والعرضية، وقبل البحث عما يلزمه فرضًا مجمعًا عليه، وهو ألَّا يقدم على فعل ولا قول ولا حركة ولا سكون حتى يعرف حكم الله تعالى عليه في ذلك] اهـ.
وقال الإمام القرافي في "أنوار البروق في أنواء الفروق" (2/ 148، ط. عالم الكتب): حاكيًا الإجماع عن الإمام الشافعي والإمام الغزالي على: [أن المكلف لا يجوز له أن يقدم على فعل حتى يعلم حكم الله فيه، فمن باع وجب عليه أن يتعلم ما عيَّنه الله وشرعه في البيع، ومَن آجر وجب عليه أن يتعلم ما شرعه الله تعالى في الإجارة، ومن قارض وجب عليه أن يتعلم حكم الله تعالى في القراض، ومن صلَّى وجب عليه أن يتعلم حكم الله تعالى في تلك الصلاة، وكذلك الطهارة وجميع الأقوال والأعمال، فمَن تعلم وعمل بمقتضى ما عَلِمَ؛ أطاع الله تعالى طاعتين، ومَن لم يَعلم ولم يَعمل؛ فقد عصى الله معصيتين، ومَن عَلِمَ ولم يَعمل بمقتضى علمه؛ فقد أطاع الله تعالى طاعةً وعصاه معصيةً.
ويدل على هذه القاعدة أيضًا من جهة القرآن: قوله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام: ﴿إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ﴾، ومعناه: ما ليس لي بجوازِ سؤاله عِلْمٌ؛ فَدَلَّ ذلك على أنه لا يجوز له أن يُقدِم على الدعاء والسؤال إلا بعد عِلْمِهِ بحُكم الله تعالى في ذلك السؤال وأنه جائز] اهـ.
وقال العلامة البهوتي في "كشاف القناع" (3/ 145، ط. دار الكتب العلمية): [حكى بعضهم الإجماع على أنه لا يجوز لمكلف أن يُقدِم على فعلٍ حتى يَعلم حكم الله فيه] اهـ.
ولَمَّا كان الزواج مِن أخص العقود وأكثرها خصوصية وأهمية؛ استحق بذلك أن يكون مِن أَوْلَى العقود وأوَّلها في أهمية وضرورة تعلم أحكامه، والوقوف على حقيقته وما يلزم لدوامه واستقراره.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الزواج حکم الله تعالى الله تعالى فی م الله تعالى على أن
إقرأ أيضاً:
هل يكتب الله الأقدار في ليلة القدر.. ولماذا تتبدل من عام لآخر؟
هل يكتب الله الأقدار في ليلة القدر؟، ولماذا تتغير ليلة القدر من عام لآخر؟، أسئلة تشغل الأذهان وتكثر خاصة مع تحري ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وللجواب عليها نوضح من خلال ما ذكرته دار الإفتاء المصرية حول ليلة القدر.
هل يكتب الله الأقدار في ليلة القدر؟في البداية كشفت دار الإفتاء أن ليلة القدر تعني المغفرة وقبول الأعمال والعتق من النار، والعبادة فيها خيرٌ من عبادة ألف شهرٍ، وفيها تنزل الملائكة إلى الأرض يسلمون على المؤمنين الصائمين، ويستغفرون لهم.
وتابعت: لفضلها وعظمتها أخفاها الله في العشر الأواخر من رمضان؛ لِيَجِدَّ المسلم في طلبها، ويعمل من أجل الحصول على خيرها، ولذا قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ [القدر: 2-3].
ولفتت إلى أنه ليست ليلة القدر كما يتصور البعض، ولكن المقصود هو الاجتهاد في العبادة والاستزادة من عمل الخير من صلاة واستغفار وقراءة للقرآن وطلب الرحمة من الله؛ لأنه يقبل في هذه الليلة ما لا يقبله في غيرها.
وعن الحسن البصري ومجاهد وقتادة أنه في ليلة القدر يفصل كل ما في العام المقبل من الأقدار والآجال والأرزاق وغير ذلك، ويكتب ذلك، ويكتب ذلك لهم إلى مثلها من العام المقبل، فعن النُّعْمَانِ بن بَشِيرٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم في قَوْلِهِ تعالى ( وقال رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ): ( قال الدُّعَاءُ هو الْعِبَادَةُ وَقَرَأَ ) وقال رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ( إلى قَوْلِهِ ) دَاخِرِينَ ( قال أبو عِيسَى هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ رواه منصور
ما الحكمة من إخفاء ليلة القدر؟
وبينت الإفتاء الحكمة من إخفاء ليلة القدر، حيث إن الله أخفى رضاه في طاعته؛ ليستزيد أصحاب الطاعات في أعمالهم، وأخفى غضبه في معصيته؛ لينزجر أصحاب السيئات عن أعمالهم، ولذلك اقتضت حكمة الله تعالى أن يُخفي أعمار الناس وآجالهم فلم يحددها؛ ليجد الإنسان في طاعة ربه، فينال رضاه، قال تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: 34].
كما أخفى الساعة في الزمن، قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 187].
كما أخفى الله ليلة القدر في رمضان لِيَجِدَّ الصائم في طلبها، وخاصة في العشر الأواخر منه، فيشمر عن ساعد الجد، ويشد مئزره، ويوقظ أهله كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ أملًا في أن توافقه ليلة القدر التي قال الله تعالى فيها: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: 3 - 5]، فتكون حظه من الدنيا وينال رضا الله في دنياه وفي آخرته؛ لذلك أخفى الله ليلة القدر في أيام شهر رمضان حثًّا للصائمين على مضاعفة العمل في رمضان.
وأما علامات ليلة القدر: فقد ذكر الإمام القرطبي في "تفسيره" (20/ 137، ط. دار الكتب المصرية) لسورة القدر قوله: [الثانية: في علاماتها: منها أن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها. وقال الحسن قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة القدر: «إِنَّ مِنْ أَمَارَاتِهَا: أَنَّهَا لَيْلَةٌ سَمْحَةٌ بَلْجَةٌ، لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ، تَطْلُعُ الشَّمْسُ صَبِيحَتَهَا لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ». وقال عبيد بن عمير: كنت ليلة السابع والعشرين في البحر، فأخذت من مائِه، فوجدته عذبًا سلسًا] اهـ.
دعاء ليلة القدر في العشر الأواخر
أما بالنسبة للدعاء المأثور إذا أكرم الله المسلم بهذه الليلة فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ ليلة القدر، بِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» أخرجه الترمذي وصححه، والنسائي وابن ماجه وأحمد، وصححه الحاكم.
هل يتغير موعد ليلة القدر كل عام؟
أوضحت دار الإفتاء ، أن ليلة القدر موعدها ليس ثابت، ويتغير كل عام: «الله عز وجل أنزل القرآن في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وعندما خرج النبي ليخبر الناس بليلة القدر وموعدها المحدد ووجد شخصين يتشاجران وتدخل بينهما وبعد هذا أنساه الله عز وجل موعدها»، كما أوضحت دار الإفتاء أن الحكمة في هذا أن يحرص العبد على طاعة ربه طول الوقت.
وحول أن ليلة القدر سميت بهذا الاسم لأن فيها يمكن للأقدار أن تتغير، أوضح الداعية ياسر سلمي أن هذا الكلام غير صحيح، لأن الدعاء يغير القضاء وليس القدر، كما أن الدعاء في أي وقت يمكن أن يغير القضاء وليس فقط في ليلة القدر، مشددًا: «الدعاء يغير القضاء وليس القدر وهذا يحدث في أي وقت وليس فقط في ليلة القدر لذا فتسميتها بهذا الاسم لا علاقة له بهذا الأمر».
وأوضح سلمي أن هناك فرق بين القضاء والقدر، فالقدر لا يتغير وهو ما كُتب للإنسان منذ ولادة الإنسان إلى نهاية حياته، أما القضاء فيمكن أن يتغير بالدعاء، كما أوضح أيضا أن القضاء نوعان: قضاء مُبرم وقضاء معلق، والقضاء المعلق هو الذي يغيره الدعاء، حيث قال: «القضاء نوعان، قضاء مُبرم وقضاء معلق، القضاء المُبرم لا يتغير، إنما القضاء المعلق فيتغير بالدعاء، ويتم هذا عند الدعاء في أي وقت ولا يقتصر على ليلة القدر فقط».