حسان الناصر: تحتم تجميد العضوية في إيقاد!
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
في الثالث عشر من يونيو ٢٠٢٣م كنتُ قد كتبتُ وبشكل واضح صريح هذا الأمر : “لا يمكن الحديث عن اي عملية تفاوضية، خارج الشرط الإنساني حاليا، خصوصا الاوضاع في دارفور وعدد من مناطق السودان المتضررة بشكل مباشر او غير مباشر، لا يمكن الحديث عن عملية سياسية بينما يتم احتلال المنازل وطرد ساكنيها، وتخريب المنشآت الحيوية و البنى التحتية.
توجد مشكلة عند الفاعلين الدوليين والإقليميين، فخياراتهم وطبيعة رؤيتهم السياسية تفتقر الى إمكانية رؤية الفاجعة الإنسانية التي تسببت فيها المليشيا المتمردة، ومهتمون بالتدخلات السياسية، إن كانت الديمقراطية و المسار الإنتقالي تأتي فوق دماء السودانيين بالنسبة لهم، فهذا أمر معيب، اننا نفقد ثقتنا في أي عملية تقاوضية تعبر على الحقائق بهذه الصورة. .
إيقاف الحرب يعني إيقاف التمرد، هذا ما حدث في جميع دول الجوار، السودان ليس حالة استثناء في ظل هذه الوضعيات الإقليمية، لن يتم فرض الشروط، وعلى الفاعليين في الداخل و الخارج التعلم من تجربة الأربع سنوات الماضية.
الإيقاد لن تنفذ خارطة طريقها بهذا الشكل، سيكون هناك تعديلات جوهرية في المبادرة، من أجل موائمتها مع الوضع على أرض الواقع”
إن ما أقدمت عليه مبادرة إيقاد منذ تنفيذها بعد إجتماع مجلس السلم و الأمن الإفريقي، يقوم على أساس خاطيء حيث أنها عرّفت الحرب وفقاً لتورط بعض دولها و الإتحاد الإفريقي عبر الثلاثية، التي كانت جزء من (شروط قيام الحرب) لذلك جاء المسار أعوج منذ إنطلاقه، حيث أنها حددت خارطة طريق مأزومة من خلال دعوتها إلى معالجة ما إندلع في الخامس عشر من أبريل عبر منهجية الحل السياسي السابق.
لم تكن الإيقاد صادقة في مساعيها التي إبتدرتها حيث تدخل كينيا عبر ما يعرف بالآلية الرباعية والتي في الأساس قامت بمبادرة من جنوب السودان إلا أن كينيا استغلت قمة يونيو في تسميم مساعي جنوب السودان في التوصل إلى صيغة يمكن من خلالها أن تفعل الإيقاد بشكل صحيح في دعم بقاء الدولة و سيادة السودان و الوصول إلى حل واضح يمنع الحرب و تمددها.
بتدخل كينيا حاولت أن تصنع طريق موازي منذ البداية حيث شاهدنا كيف كانت رباعية كينيا تلعب على تناقضات جدة بحيث تزين طريق ثاني في حالة لم تحقق المليشيا مكاسب من خلال التفاوض، فكانت كينيا تحاول أن تلعب بأوتار الإيقاد.
على الرغم من توصل جدة إلى نقطة جيدة وتعتبر لصالح المواطن المتضرر إلا أن الإيقاد أبت إلا أن تدخل من الباب الخلفي وهو ما ظهر في صورة الأجندة التي طرحت و شكل التفاوض الذي تم حيث عملت على إخراج عناصر جلسات التفاوض في صورة خارجة عن مسار المنبر إلا أن الجميع من طرف الحكومة و الجيش إلتزم بضبط النفس، وكان سؤال الذي طرحناه حينها (فيما التفاوض؟).
حيث قلنا إن التفاوض الذي جاء في أكتوبر هو متمم لأي عملية تفاوضية سابقة وأشرنا إلى ضرورة تنفيذ إتفاق مايو ٢٠٢٣ فهو إتفاق يضمن حق المواطن وإن كنا نرى فيه إشكاليات واضحة، لكن توقعنا أن تكون مخرجات جلسات اكتوبر التي جاءت على لسان الوساطة في نوفمبر أن تكون عالجت هذه المشكلة، إنطلاقاً من أولوية المسألة الإنسانية.
ولكن المليشيا و من يقف خلفها قام بهجمات عسكرية و إرتكب إبادة في حق ألفان من مواطني وحدة اردمتا بالرغم من جلسات التفاوض غير المباشرة التي كانت تعقد في جدة، كان واضحاً أن المليشيا لا تريد أن تقوم بالإيفاء بأي إلتزام إنساني.
زار السيد رئيس مجلس السيادة في نوفمبر ثلاث دول (كينيا/ إثيوبيا/ جيبوتي) بجانب أريتريا التي كانت الأجندة فيها أكثر عُمقاً حيث طُرح ملف أن يتم تنفيذ مخرجات جدة وأن يكون لقاءه بقائد التمرد شروطه مبنية على أساس إلتزام جدة وهذا قدمت الحكومة مقترح قمة يتم الإلتزام فيها بمخرجات جدة و يعقد لقاء بين رئيس مجلس السيادة و قائد المليشيا.
إتضح من خلال هذه القمة أن الإيقاد لا تعترف بالبرهان كرئيس مجلس سيادة بل ترى فيه جنرال عسكري وقائد للجيش، وهنا تسعى الإيقاد إلى نزع سيادة السودان، هذا الأمر كان من الواضح أنه ترتيب إماراتي مكتمل حيث اتفقت المليشيا و قوى تقدم برئيسها حمدوك أن البرهان ليس رئيس مجلس سيادة بل قائد فقط للجيش وهنا كانت النوايا واضحة أن الجميع مشترك في العداء ونزع سيادة السودان.
إن مسألة وصف برهان كقائد للجيش فقط وليس رئيس مجلس سيادة عندما يطرح ليس المعني به برهان أو مسألة مجلس السيادة لأنها في نظري مسألة ثانوية، وهنا على المواطنين الشرفاء و السياسيين الوطنيين و القادة الإجتماعين أن لا ينظروا لهذا الأمر من النظرة الضيقة وإنما النظر على كونها مسألة فاصلة ومصيرية بالنسبة للسيادة الوطنية.
إن ما حاولت إيقاد القيام به في قمتها الأخيرة هي محاولة منها لضرب سيادة السودان و شرعيته ونزع إرادته لفرض حلول خارجية تُمكن المليشيا من مشروعها وتُمكن عملاء الفنادق و السفارات الأجنبية من حكمنا عبر الإرادة الدولية التي أسندتهم في عدوانهم علينا!
لذلك إن خطوة السودان بتجميد عضويته في إيقاد هي خطوة منطقية في سبيل إيقاف العبث السياسي الذي تلعب على وتره إيقاد وتريها حجمها أمام السودان، طالما أنها تدعم هذه الخيارات البالية في تمزيق وتفكيك البلاد و ترفض الإلتزام بالأعراف و التقاليد التي تقوم عليها المنظمة.
حسان الناصر
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: سیادة السودان رئیس مجلس إلا أن
إقرأ أيضاً:
(أكل تورك و أدِّي زولك)
بعد زيارة محمد إدريس دبي (محمد كاكا) الرئيس التشادي إلى أبو ظبي في يونيو 2023 أي بعد شهرين من إندلاع تمرد و حرب مليشيا الجنجويد الإماراتية المجرمة الإرهابية ، و بعد أن دفعت له أبوظبي خلال تلك الزيارة مبلغ مليار و نصف المليار دولار كمنحة ، أذكر أنني وجهت إليه رسالة قلت فيها : نحن في السودان لدينا مثل شعبي تقول كلماته ( أكل تورك و أدي زولك ) و هو لا يحتاج إلى تفسير !!
و أذكر حينها أن أحد الأصدقاء من دولة تشاد تواصل معي و طلب مني شرحاً للمثل و المناسبة التي قيل فيها و عندما فعلت إنفجر صديقي من الضحك و ذكر لي لاحقاً أن هذا المثل أصبح موضوعه الرئيسي في أي جلسة أنس تجمعه مع أصدقائه !!
في تلك الرسالة ذكرت أن تشاد تدرك جيداً أن مصالحها الإستراتيجية ترتبط بالسودان مباشرة و أن أمنها القومي و استقرارها مرتبط بأمن و استقرار السودان لذلك عليها أن تراعي هذا الأمر و ألا تتورط في الحرب !!
و مع مرور الأيام أصبحت تشاد في ظل قيادة محمد كاكا جزءاً من معسكر الحرب على شعب و دولة السودان و ما يزال (مطار أم جرس) بالقرب من الحدود بين البلدين حتى اليوم يمثل أكبر قاعدة إماراتية في غرب أفريقيا لإمداد المليشيا بالسلاح و العتاد !!
السودان يمتلك كل الأدلة التي تثبت تورط نظام محمد كاكا في الحرب لذلك نقدم بشكوى رسمية ضدها في مجلس الأمن ، و أعلن كذلك على لسان الفريق ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة عضو مجلس السيادة أن (مطار أم جرس) الذي ينقل عبره الدعم العسكري للمليشيا أصبح هدفاً مشروعاً للجيش السوداني !!
جاء في أخبار اليوم أن السعودية رتبت للقاء يجمع رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق البرهان الذي يزورها حالياً بالرئيس التشادي الذي سبقه إلى هناك و ذلك بغرض تسوية الخلاف المتصاعد خاصة بعد تصريحات العطا الأخيرة !!
عموماً نتمنى أن يكون محمد كاكا قد وعى الدرس و عرف أين تكمن مصالح بلاده و شعبه الحقيقية و أن يؤدي ذلك إلى تغيير موقفه من الحرب ، و نتمنى للمبادرة السعودية النجاح ..
سوار
28 مارس 2025