المعني الحقيقي للتوكل على الله.. وكيف يتحقق ما تتمناه
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
قال دكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء أن الآية الكريمة{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} تعني أنه لا حول ولا قوة إلا بالله، وأنك إذا أردت أن يُستجاب الدعاء، وأن تصل إلى نجاح الطلب الذي تطلبه، والرغبة التي ترغب فيها فيجب عليك أن تطلبها بربك، وكان النبي ﷺ دائمًا يقول: «وَالَّذِى نَفْس مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ» يعيش دائمًا تحت سلطان الله، وتحت أمر الله سبحانه وتعالى.
علي جمعة: آية في القرآن تفتح باب التوبة في مطلع رجب 3 أعمال لشهر رجب المعظم.. يوصي بها علي جمعة
المعنى الحقيقي للتوكل على الله
واضاف جمعة أن قوله{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} يعني هو سبحانه كفايته، حسبنا الله ونعم الوكيل معناها كفايتي ربي، ربنا كفاية فهو الذي يكفيني، وهو الذي يستجيب دعائي، وهو الذي يحقق مطلوبي، وهو الذي يصلني إلى مقصودي؛ فهو سبحانه وتعالى قبل كل شيء، ومع كل شيء، وبعد كل شيء، هو الأول والآخر والظاهر والباطن، وهو على كل شيء قدير، وبكل شيءٍ عليم، وبكل شيءٍ محيط.
وربُنا سبحانه وتعالى عندما يستجيب دعائي، وعندما أيضًا يسارع في هواي وهذه درجة أعلى فعندما تقول السيدة عائشة رضى الله تعالى عنها لسيدنا رسول الله ﷺ «أرى الله يسارع في هواك»، يعني ينفذ الشيء قبل ما يطلبه وقبل ما يدعوه ، وهذا حال الذاكرين المعلقة قلوبهم بالله رب العالمين، حال الذاكرين الذي يقال عنهم في الحديث القدسي: «من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أحسن ما أعطي السائلين» هذه الحالة حالة المبادرة من الله سبحانه وتعالى قبل الطلب تتأتى بإخلاص العبادة، وبأننا يجب أن نطلب من الله بالله رب العالمين.
مرحبًا بمن خدعني بالله
وتابع جمعة أن سيد الخلق المصطفى المختار يُعلمنا ﷺ أن الأمور إنما نطلبها بالله رب العالمين، عندما يسأل أحدنا أخاه في شيءٍ من أمور الدنيا فيقول له: بالله عليك تفعل كذا، وكان سيدنا عمر رضى الله تعالى عنه عندما يسمع هذا، وعندما يأتيه الشخص ويقول له: بالله عليك تفعل كذا، فإنه يفعله، وكان بعضهم يقول له : هذا يخادعك، فكان يقول: مرحبًا بمن خدعني في الله، وخدعني بالله، يعني ما دام قال بالله عليك تفعل لي كذا فإنه كان يبر قسمه تعظيمًا لله سبحانه وتعالى.
كيف يتحقق ما تتمناه
وأكد المفتي السابق أن الإنسان إذا أراد النجاح في مقاصده ونيل مطالبه في الدنيا فعليه أن يطلبها بالله، وقد تطلب بالله من البشر، فإذا طلبت من الله سبحانه وتعالى فهذا معناه {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أنك أفردت وخليت قلبك من كل توجهٍ، وكل اعتماد على غير الله سبحانه وتعالى، هذا كله يحتاج منا إلى تربية، إلى تدريب، إلى أن نعيش هذه المعاني؛ لأننا لو عشناها لوجدنا لها لذة، ولوجدنا لها أثرًا في الدنيا، يعني قضية الدعاء هذه قضية كبيرة جدًا، وتزيد من الإيمان؛ لأن عندما يستجيب الله تعالى دعائي تجد أنني قد ثبّتني في الإيمان، وحبّبني في الإيمان، ووجدت طريقةً هي طريقة مهمة في قضاء الحاجات، في هذا الحياة الدنيا.
تحقيق الأعمال دليل على وجود الله
وقال الدكتور علي جمعة أننا عندما نسأل الله بذاته، أو نسأل البشر بربنا سبحانه وتعالى، أو حتى نستعين بذلك في أنفسنا نجد أن الأعمال قد تحققت، هذا دليلٌ آخر على وجود الله، هذا دليلٌ آخر يسألنا عنه الملاحدة، ويقولون أنتم لماذا تؤمنون بالله كل هذا الإيمان؟، ولماذا لا نؤمن نحن؟، وتأتي الإجابة بهذه الكلمة أننا لنا تجربة مع الله سبحانه وتعالى، نصلي نشعر براحة، نذكر الله نشعر براحة، ندعو الله سبحانه وتعالى فإذ به يستجيب، نلتجئ إليه في مناجاة فإذ به يتم المقصود؛ ويتم المقصود بصورة غريبة عجيبة، فهذا الذي يجعلنا نتمسك كل يوم، ويزيد إيماننا كل يوم.
فيقول الملحدون: نحن لم نجرب هذا، لم نصلِّ، لم نذكر، لم ندعو، ولكننا بعقولنا هكذا يعني نريد أن نتفلت، نريد أن لا يكون علينا تكليف، هذا هو الفرق بين المؤمن وبين غير المؤمن؛ المؤمن توكل على الله، ثم من تجربته الروحية، ومن تجربته العملية كل يوم يرى الله سبحانه وتعالى، وكل يوم يزداد إيمانًا مع إيمانه، وكل يوم يشعر بصدق هذا الوحي، فعندما ينظر { أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} فيجد قلبه فعلًا يطمئن بذكر الله ،عندما يجد أن الإيمان له حلاوة في القلب، عندما يجد أن غض البصر له حلاوة في القلب، عندما يجد أن الخشوع في الصلاة له حلاوة في القلب ؛فإنه لا يستطيع أن يترك كل هذا من أجل قول قائل لم يجرب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية السابق علي جمعة الله سبحانه وتعالى علی جمعة کل یوم کل شیء
إقرأ أيضاً:
كيف أعبد الله؟ اعرف الطريقة الصحيحة للتقرب إلى ربك
أجاب الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، عن سؤال: “كيف أعبد الله وأتوجه إليه؟”، منوها إلى أن الإجابة تكون: أن تعبد الله على شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم؛ لا عبادة إلا لله، ولا عبادة لله إلا على طريقة سيدنا محمد.
كيف أعبد الله؟وقال علي جمعة، في إجابته عن سؤال: “كيف أعبد الله؟”، إن الله لا يقبل العمل إلا إذا كان "مخلصا" أي له وحده، "صوابا" أي على شريعة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.
واستشهد بقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، وقال سبحانه: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}.
أكثر عبادة يجب على الإنسان فعلها دائما حتى ينجيه الله.. الإفتاء توضحكيفية تعليم الصلاة للأطفال .. اتبع 6 خطوات تُحبب العبادة لأبنائناوقد علمنا سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا قبول للعبادات إلا إذا كانت على هيئة عبادته صلى الله عليه وآله وسلم ؛ ولذلك كان يقول صلى الله عليه وآله وسلم : «صلوا كما رأيتموني أصلي». وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «خذوا عني منساككم».
ويثمر الإيمان بالشهادتين معرفة الله سبحانه وتعالى، وهي بغية الصادقين، فمن وصل إلى تلك المعرفة لم ينشغل بغيره، ولذا قالوا : «من عرف ربه لم ينشغل بغيره» ذلك لأنه من عرف عظمة الله سبحانه وتعالى وقدره وكماله لا يمكن أن يجد من هو خير منه لينشغل عنه به، ومهما انشغل رغم إرادته عنه يضيق ويستوحش حتى يرجع للانشغال بأنس ربه فهو الأنس الحقيقي.
ويتحقق ذلك بكثرة ذكره سبحانه وتعالى. فمن ذاق عرف ومن عرف اغترف، فمن ذاق حلاوة الأنس بالله لا يلتذ بغيره، ومن داوم على ذكره وصل إلى الأنس بربه حتى إن انشغل ظاهره بغيره يظل قلبه مع الله دائمًا.
أركان الإيمانوأوضح علي جمعة، أن للإيمان أركان، فالتصديق بكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مبني على أركان ستة هي الإيمان بالله، وبكتبه، ورسله، وملائكته، واليوم الآخر، والقدر خير وشره، واستنبطت أركان الإيمان من حديث جبريل المشهور والذي فيه : «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره» [رواه البخاري ومسلم]. وسوف نفصل القول في كل ركن من هذه الأركان.
وذكر أن أول هذه الأركان الإيمان بالله معناه التصديق بوجوده سبحانه، وبأنه واحدا في ذاته وصفاته وأفعاله، وبأنه وحده يستحق جميع أنواع العبادات والإيمان بالله هو الاعتقاد الجازم بكلمة التوحيد «لا إله إلا الله» والتي تعني أنه لا معبود بحق إلا الله، وأن من يعبد ما دون الله باطل، فهذه الكلمة تنفي استحقاق العبادة لأي أحد، وتستثني الله عز وجل وحده، فهو المعبود وحده؛ لأنه الخالق وحده، ولأنه الفاعل وحده سبحانه وتعالى.
وأشار إلى أن الملحد نفى استحقاق العبادة لأحد، ولم يتعرف على الله، فقال : لا إله، والمشرك جعل حق العبادة لله ولمخلوقات أخرى غيره معه تعالى الله عن ذلك فقال : لا إله إلا الله والأصنام أو النجوم، أو المسيح ، أو عزير، أو بوذا، وما إلى ذلك من عقائد أهل الشرك، والموحد المسلم كان على الهدى، فنفى استحقاق أحد من الخلق للعبادة، واعتقد أن ما دون الله خلق، والله الخالق وحده، ولا يستحق غيره العبادة، فهو المعبود المستحق لجميع أشكال العبادات والتوجهات الظاهرة والباطنة.
وتابع: “وحقيقة شهادة «لا إله إلا الله» أن لا تثق إلا بالله، ولا تعتمد إلا على الله، ولا تستعين إلا بالله، ولا تقصد إلا الله، ولا تريد إلا الله، ولا ترى إلا الله، نسأل الله أن يبلغنا حقائق التوحيد، وكلمة «لا إله إلا الله» مرتبطة بشطرها الثاني وهي «سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم» وهي الشهادة التي بها يدخل المرء في دين الإسلام، وارتبطت الشهادة لله بالوحدانية مع الشهادة للنبي بالرسالة لتوضيح طريق العبادة المقبولة، فكلمة « لا إله إلا الله » تعني أنه لا يوجد من يستحق العبادة والتوجه إلا الله”.