جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-05@17:56:15 GMT

السمت العماني ومنصات التواصل

تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT

السمت العماني ومنصات التواصل

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً إلى حيٍّ من أحياء العرب، فسبوه وضربوه، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أنَّ أهل عُمانَ أتيتَ، ما سبُّوك ولا ضربوك). صدق رسول الله، هذا الحديث الشريف يحفظه كل عُماني عن ظهر قلب،  ويضعه وسام فخر واعتزاز على جبينه، ويحمله في قلبه يتمثله في كل لحظة وحين، كيف لا وهي شهادة من سيد البشر وخير خلق الله تعالى، ومن ضرب الله به مثلًا في حسن الخلق (وإنِّك لعلى خلق عظيم).

هذا الحديث اشتمل على منظومة من القيم التي تميز بها العماني، وعند الإبحار في معاني هذا الحديث الشريف تتجلى هذه القيم الأصيلة، إن من أهم ما يتضمنه الحديث الشريف من صفات لأهل عمان هي حسن التعامل، واتباع الحق، وإكرام الضيف، ورجاحة العقل، والإحسان، وحسن التدبير، وحسن التخلق مع الناس، والصدق، والنبل، والتأني، وعدم الإيذاء، والرفق في التعامل، والترفع عن السب والقذف والشتم، ولقد جاء هذا الوصف من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ليشكل منظومة خلقية متكاملة أصبحت سمة مُميزة للعماني على مدى الزمان، والشواهد التاريخية كثيرة جدًا بدءًا من تعامل جيفر وعبد مع رسول رسول الله، وقصة مازن بن غضوبة، وسيرة عمرو بن العاص، وشهادة سيدنا أبوبكر الصديق.

السمت الذي يتمتع به العماني هو نتيجة منظومة متكاملة من القيم ميزت كل فرد من أبنائه، ورغم التأثيرات الكثيرة خصوصًا في الوقت الحاضر، إلّا أن هذا السمت سوف يظل هو العنوان الأبرز للعماني، وقد كنت أشرت  إلى ذلك في مقال سابق بعنوان "المجتمع ومنظومة القيم"، وذكرت أن الحفاظ على هذه المنظومة هو مسؤولية مشتركة للمجتمع والأسرة والمدرسة ممثلة في مؤسساتها.

إن ما نشاهدة اليوم في وسائل التواصل الاجتماعي يجعلنا نقف كثيرًا حول بعض التصرفات التي باتت قريبة أن تجرنا كعمانيين إلى المربع الذي يرغب مخالفونا في أن نصل إليه، ألا وهو فقدان سمتنا ورزانتنا وأخلاقنا، ومن المؤسف أن نجد بعضًا منِّا ينجر إلى ذلك بدون وعي وربما إفراطًا في حماسته واعتقادًا منه أنه يدافع عن وطنه، أو عن رمز من رموز الوطن؛ سواء كان رمزًا سياسيًا أو دينيًا أو اجتماعيًا أو غيره، وهو في حقيقة الأمر يعتاد ذلك حتى يصبح غير قادر على التوقف عن ممارسة هذا السلوك الذي لا يمثل عمانيتنا ولا يزيد من قيمتنا؛ بل على العكس تمامًا، فهو ينقص منَّا ويهدم ما بناءه الأجداد والآباء وقادة هذا الوطن وعلماؤه من عادات وتقاليد وقيم.

لقد أنجرَّ البعض منا وراء وسائل التواصل الاجتماعي لدرجة أنك تظنه مقيمًا فيها لا يغادرها، وأسهب في تتبع كل ما يقال ويكتب، وجند نفسه وصيًا على الوطن ومحاميًا للدفاع عنه لدرجة أصبح هو ذاته مسيئًا من حيث لا يدري، ونسي أن للوطن حماة ومؤسسات هي كفيلة بالرد عندما تصل الأمور إلى حدها، وأن هناك حيزًا لقبول الآراء مهما اختلفت، وأن التعاطي مع الإساءة بالإساءة هو إساءة للوطن بحد ذاته، وربما يكون كل ذلك من سوء تقدير الفرد لما يقوم به، ولكنه ليس عذرًا في الاستمرار.

في وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من الآراء والمنطلقات والخلفيات التي تهدف إلى أمور ليست كما تبدو في ظاهرها، وفي أي بلد هناك من يعمل لمصالحه الخاصة فيثير مواضيع تخلق الجدل وتفت من لحمة أبنائه ولذلك نجد من بيننا من يتحدث عن المذهبية والطائفية ويروج لأكاذيب وإدعاءات بعيدة عن الواقع لأهداف شخصية، وهذا أمر حاصل في كل العالم، ولكن ولله الحمد فإن المجتمع يملك من الوعي ما يمكنه من تميز السمين من الغث، ومعرفة من يملك أجندة خاصة وينفذ توجيهات معينة، ومن هو محب لوطنه حريص على مصلحته ووحدته وسلامته، وهناك الكثير ممن يختبئون خلف أسماء مستعارة يهدفون من وراء ذلك لخلق حالة من الارتباك بين أبناء الوطن الواحد، أو الضرب في علاقات سلطنة عمان الخارجية، وعلينا أن ندرك ذلك جيدًا وأن نلتزم بأخلاقنا وقيمنا وسمتنا الذي عرف عنَّا.

لقد أسرف البعض للدرجة التي جعلتهم نماذج سيئة لأبنائهم وأسرهم في المقام الأول، وأبناء وطنهم في المقام الثاني، وفقدوا معاني التقدير والاحترام بسبب ما ينشرونه في حساباتهم وما يقولونه في مساحاتهم الصوتية، ووصلوا لمرحلة متقدمة من فقدان تقديرهم لذاتهم فهم مقيدون بما جنته أيديهم بسبب تعاملهم اللا محسوب مع منصات التواصل الاجتماعي، وإنغماسهم فيها لدرجة تأثر سلوكياتهم فترى مربيا قدوة يسب ويقذف ويقدح، وترى مؤثرا يملك آلاف المتابعين ينشر محتوى مبتذلا ضاربًا بالقيم والعادات عرض الحائط، متسببًا لنفسه ومجتمعه ووطنه بوضع لا يليق بهم، غير مدرك أن صفات الشعوب تؤخذ من جملة سلوكيات أفراده.

لم يكن أبناء هذا الوطن يومًا سوى محل إشادة وثناء من القاصي والداني، مترفعين عن سفاسف الأمور، متحلين بالأخلاق الحميدة، متبعين منهج الله تعالى في حسن التعامل، وسيرة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في حسن الخلق، متأسين بأخلاق السابقين من حكام وعلماء وصالحين من أبناء هذا الوطن الضاربة جذوره في أعماق التاريخ البشري، متمسكين بالسمت العماني الموسوم بهم خاصة من دون غيرهم، حاملين لواء الدين الذي يدعو لأحسن الأخلاق، فقد سُئِلَ الرسول صلى الله عليه وسلم: أي المؤمنين أفضل إيمانا؟ قال صلى الله عليه وسلم: "أحسنهم أخلاقًا".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فضل الصلاة على النبي محمد وأهميتها

يعتبر ذكرى الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم من الأمور المهمة التي تجسد محبة المسلمين له وتقديرهم لمكانته الرفيعة.

وقد أوضح الشيخ محمد متولي الشعراوي (رحمه الله) كيفية توجيه النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة بصيغة الصلاة عليه، حيث أشار إلى حادثة جرت عندما قام أحد الصحابة بسؤاله عن كيفية الصلاة عليه.

كيفية الصلاة على النبي

رد النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابي بقوله: "قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد". 

هذا الدعاء ليس فقط صيغة للصلاة، بل هو تعبير عن ارتباط الأمة برسولها وحبهم له.

فضل الصلاة على النبي

في حديثه، أشار الشيخ الشعراوي إلى أن جبريل عليه السلام أبلغ النبي بأن من صلى عليه صلاة واحدة، فإن الله يكتب له بها عشر حسنات، ويمحو عنه عشر سيئات.

وعندما سأل الصحابة عن فضل الصلاة عليه، أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك من "العلم المكنون"، مشيرًا إلى أهمية الصلاة عليه كنوع من التعبد والعبادة.

أهمية الصلاة على النبي في القرآن

قال الله تعالى: "إن الله وملائكته يصلون على النبي"، وهذا يوضح أن الله سبحانه وتعالى أمر بالصلاة والسلام على نبيه، مما يدل على عظم هذه العبادة وفضلها. 

فالله لا يحدد صيغة معينة، بل يمنحنا حرية التعبير عن حبنا لرسول الله بأشكال متعددة.

صيغ مستحبّة للصلاة على النبي

هناك عدة صيغ مستحبّة للصلاة على النبي، ومنها:

"اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ."

"اللهم صل صلاة جلال وسلم سلام جمال على حضرة حبيبك سيدنا محمد، وأغشه اللهم بنورك كما غشيته سحابة التجليات، فنظر إلى وجهك الكريم."

الصيغة التي تقضي الحوائج

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، أن هناك صيغة خاصة للصلاة على النبي تساعد في قضاء الحوائج. وقال إن من رددها 500 مرة ينال ما يريد بإذن الله، وهي كالتالي:

"اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلاَةً تُنَجِّينَا بِهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَهْوَالِ وَالْآفَاتِ، وَتَقْضِي لَنَا بِهَا جَمِيعَ الْحَاجَاتِ، وَتُطَهِّرُنَا بِهَا مِنْ جَمِيعِ السَّيِّئَاتِ، وَتَرْفَعُنَا بِهَا عِنْدَكَ أَعَلَى الدَّرَجَاتِ، وَتُبَلِّغُنَا بِهَا أَقْصَى الْغَايَاتِ، مِنْ جَمِيعِ الْخَيْرَاتِ."

مقالات مشابهة

  • جمعة يوضح دلائل الحب التي جرت أيام سيدنا النبي
  • فضل الصلاة على النبي محمد وأهميتها
  •   الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: لتُخرج الناس من الظلمات إلى النور
  • كيف أبلغ النبي الصحابة بصيغة الصلاة عليه؟.. الشعراوي يوضح «فيديو»
  • 8 حقائق عن فضل رسول الله على العالمين
  • علي جمعة: علمنا رسول الله أن نقدم مصلحة الأمة على كل شئ
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • تأملات قرآنية
  • عجائب حب وإيمان الصحابة لرسول الله
  • جمعة: النبي كنز مخفي لمن أراد باب الله وعز الدنيا ومفاتيح الجنة