فتح الجدل حول الدعم واتجاه الحكومة إلى استبدال دعم المحروقات بمقابل مالي الباب لنقاشات تتعلق بالاقتصاد الليبي وما يواجهه من تحديات تتجاوز مصطلح التأزيم إلى حالة شديدة التعقيد.
الخيارات لمواجهة الاختلالات التي يعاني منها اقتصاد ليبيا جميعها تصنف كمسكنات وليس علاجات تعالج المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الليبي من جذورها، بل إنها سياسات تفاقم الوضع وتزيد من تكريس الاختلالات.
المؤشرات الأولية عن وضع الاقتصاد الليبي تؤكد أنه في وضع حرج، أول تلك المؤشرات هو ثبات الإيرادات العامة وتعرضها لصدمات تمنع من زيادتها بل تتسبب في تراجعها، في مقابل فاتورة إنفاق عالية ومستمرة في الارتفاع.
تنتج ليبيا نحو 1.2 مليون برميل من النفط بات هو سقف الإنتاج الثابت وأي زيادة تم التخطيط لها تتطلب استثمارات غير ممكنة في ظل الوضع المالي الراهن، ولأن الأسعار العالمية للنفط ليست إلى اتجاه تصاعدي، فالإيرادات العامة لن تشهد تحسنا يقابل النفقات التي تزداد بشكل مقلق.
يلاحظ أن الفائض في الميزانية العامة (الفرق بين الإيرادات والنفقات) تراجع من نحو 20 مليار دينار العام 2021م إلى 6.5 مليار العام 2022م لينتهي عند 200 مليون دينار في موازنة 2023م، ومع احتساب قيمة دعم المحروقات التي لم تدرج في الميزانية فإن عجز الموازنة للعام 2023م يقدر بمليارات الدينارات.
البلد في حاجة إلى مشروع إصلاحي شامل ينطلق من تسوية الوضع السياسي والأمني ويعالج الثقافة السلبية لدى شرائح واسعة من الليبيين ويرتقي بوعي المواطنين تجاه بلادهم ويغير من العادات السيئة التي تتعلق بالوظيفة العامة والمرتب الحكومي..اضطراب الميزانية العامة والاتجاه من الفائض إلى العجز سينعكس على سعر صرف الدينار الليبي، وازدياد الهوة بين السعر الرسمي للدولار وسعره في السوق الموازية هو مؤشر على الحالة السلبية لسعر صرف الدينار الليبي وما يرتبه من تداعيات أهمها الضغوط التضخمية التي تلتهم الزيادة في المرتبات التي شهدت ارتفاعا كبيرا جدا من 33 مليار العام 2021م إلى 65 مليار العام 2023م.
النفقات التي لا تعرف سقف تستقر عنده وتشهد زيادات مطردة تقطع الطريق على المطالب برفع سعر صرف الدينار الليبي من 4.9 دينار للدولار إلى 4.2 دينار للدولار كما اقترح عدد من أعضاء مجلس إدارة المصرف المركزي، فالسعر المقترح لا يمكن أن يكافئ الوضع المالي للبلاد والهوة التي تتجه إلى الاتساع بين ما يرد إلى الخزانة العامة من عوائد النفط وإيرادات سيادية وما يخرج منها في شكل مصروفات، وبحسب تصريحات لعضو لجنة التخطيط والمالية في مجلس النواب، عبدالمنعم بالكور، فإن محافظ المصرف المركزي أبلغهم عن احتمال أن يتبنى مزيد من التخفيض في قيمة الدينار الليبي ليصل إلى 6 دنانير للدولار وليس رفع لقيمته كما هو مأمول، وهذا يعني أن دوامة الضغوط مستمرة والدائرة المفرغة التي تقع فيها دورة المال العام لا سبيل لكسرها.
الاختلالات التي تستعصي على المعالجة في ظل النزاع والانقسام السياسي الراهن تعود إلى الطبيعية الريعية للاقتصاد وإلى هيكله الذي تشوه بدرجة كبيرة منذ مطلع الثمانينيات بعد تأميم القطاع الخاص وإخراجه من دائرة الفعل وتحميل القطاع العام عبئ إدارة الاقتصاد في مختلف مجالاته، حتى انه صار الملاذ لتعيين كل من يبحث عن وظيفة ليتجاوز عدد من يتلقون أجورا من الدولة ما يزيد عن 2.3 مليون موظف وعامل، وتكرست ثقافة سلبية جدا هي الاعتماد على الخزانة العامة في كل شي دون مسؤولية فردية ومجتمعية تتمظهر في شكل إنتاجية مرتفعة وحرص على موارد الدولة ومقدراتها.
البلد في حاجة إلى مشروع إصلاحي شامل ينطلق من تسوية الوضع السياسي والأمني ويعالج الثقافة السلبية لدى شرائح واسعة من الليبيين ويرتقي بوعي المواطنين تجاه بلادهم ويغير من العادات السيئة التي تتعلق بالوظيفة العامة والمرتب الحكومي.. ويحارب التسيب والفساد ويعطي حيزا كبيرا للإبداع والابتكار، ويفسح المجال لقطاع الخاص ويدعمه ليقتطع مساحات ومسؤوليات كبيرة من القطاع العام من بينها استقطاب العمالة لنعود إلى وضعية كان عليها اقتصاد البلاد العام 1979 حين كان يستوعب القطاع الخاص ما يزيد عن 70% من القوى العاملة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اقتصاد ليبيا ليبيا اقتصاد رأي أوضاع مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاقتصاد اللیبی الدینار اللیبی
إقرأ أيضاً:
منع التدخلات الخارجية.. رسائل قوية من الرئيس السيسي للقائد العام للجيش الوطني الليبي
استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم السبت، المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي بحضور حسن رشاد رئيس المخابرات العامة.
صرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الاجتماع شهد تأكيدًا على خصوصية العلاقات المصرية الليبية، وأشار الرئيس السيسي إلى أن استقرار ليبيا يرتبط ارتباطا وثيقاً مع الأمن القومي المصري، وأوضح الرئيس السيسي أن مصر تبذل كل ما في وسعها من جهود ومساعي لضمان الأمن والاستقرار في ليبيا، والحفاظ على سيادتها ووحدتها، واستعادة مسار التنمية بها، مؤكداً دعم مصر لكافة المبادرات الرامية إلى تحقيق هذا الهدف.
وجاءت أبرز رسائل الرئيس السيسي للمشير خليفة حفتر كالآتي:- استقرار ليبيا يرتبط ارتباطًا وثيقًا مع الأمن القومي المصري.
- مصر تبذل كل ما في وسعها لضمان الأمن والاستقرار في ليبيا والحفاظ على سيادتها ووحدتها واستعادة مسار التنمية بها
- دعم مصر لكافة المبادرات الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا وضمان وحدة وتماسك المؤسسات الوطنية الليبية
- التنسيق بين جميع الأطراف الليبية لبلورة خارطة سياسية متكاملة تؤدي إلى إجراء الانتخابات
- منع التدخلات الخارجية وإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية
- تقدير مصري لدور الجيش الوطني الليبي في مكافحة الإرهاب
وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن الرئيس أبدى ايضاً حرص مصر على ضمان وحدة وتماسك المؤسسات الوطنية الليبية، مؤكدًا على أهمية التنسيق بين جميع الأطراف الليبية لبلورة خارطة سياسية متكاملة تؤدي إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن، وعلى ضرورة منع التدخلات الخارجية وإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية.
وأوضح المتحدث الرسمي أن الرئيس أعرب عن تقدير مصر للدور الوطني الذي قام به الجيش الوطني الليبي في مكافحة الإرهاب، والذي أسفر عن القضاء على التنظيمات الإرهابية في شرق ليبيا.
وفي ذات السياق، أكد المشير حفتر تقديره العميق للدور المحوري الذي تلعبه مصر في استعادة الاستقرار في ليبيا، والجهود الحثيثة التي تبذلها لدعم ومساندة الأشقاء الليبيين منذ اندلاع الأزمة، وذلك في إطار العلاقات التاريخية التي تربط الشعبين الشقيقين.
كما أشاد بالدور المصري الحيوي في نقل التجربة التنموية المصرية إلى ليبيا، والاستفادة من خبرات وإمكانات الشركات المصرية العريقة في هذا المجال، مشددًا على استمرار الجهود الرامية لحلحلة الأوضاع في ليبيا بما يسهم في استعادة مقدرات الشعب الليبي وفتح آفاق الاستقرار والازدهار والرخاء.