أجراس فجاج الأرض – عاصم البلال الطيب – قبل سطر لبن جعفر السفير السعودانى
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
ماجدة بكير وحسن موسى
وانا هايم
أهيم على وجهى متنزحا ولكن محظوظا،استكشف دنيوات جديدة وأعايش تجاريب مختلفة وفى البال غسل عوالق تفاصيل ولحظات الحرب بلا وصف ولا عد شهورا سبعة بالخرطوم بحرى وشمبات تلاحقنى أوجه معاناة إخوة وأخوات وأطفال هناك يكابدون حائرين كل المرارات وقصص نازحين تترى من الولايات والحضر والبادية عدوا لا تسر وأودا تقيم بإراقة ماء الأوجه وعوزا مستنزحا يلاقى هناك مستوطنا فيتضاعف الإحساس بالغلب و ويتفاقم الهم وتتبعثر صور فى الوجدان بالموروث من أدب وفنن مختلف الشراب محفورة،والصورة ليست دوما للإحتفاظ كالتى يخاف عليها المغنى البعيو الهادر محبوبةً ولا تلك فى مخيلة الطيب مدثر المفن الهادئ ولا كما صورتى للنسيان متغلغلة بمسرٍ ثالث بين الأوردة والشرايين ماجدة بكير المعلمة وحسن موسى الممتع من المكنية غرب إلى إمتداد ديم مدينة ببورتسودان شرق وفى كل صولة أقصى الشمال وفى الجنوب قبل الإنفصال، صورة ثنائى مضاد لثنائيات الحرب ورباعياتها،ثنائى حب ليت أدركه كل بديع وعتيق وطاف حوله المساح وغنى فيه شعرا جريتلى،فى ليلة مسودة بالوحشة لاول يوم نزوح، تعقبت أثر ابن العم عامر حسون الكسلاوى متعدد الاغراض والاجناس وملك الإقناع لمقر إقامة نزوحه بامتداد ديم مدينة هبة من عديله الباشمهندس عبدالرازق جريتلى،مقر بعيد عن الأهل والولد ووكر هجره صحابه وفى زمانه قصرا متفرقين بين دنيا وآخرة،والوكر بالهجر يجمّل ولا يكذب كما فى رائعة استاذ الحلنقى، حسين بازرعة الوكر المهجور وعثمان حسين يعشعشه فى الدواخل حقبا وشجنا، بضوء فلاش الجوال ينير حسون الطريق سلما للصندكة حيث وكر النزوح ملفوف بالصمت إلا من صوت تقلب إحدى المرقدين معطوب القدمين لايستقر على جانب فيوقعان بالتناوب على نوتة ليل لايبدو لنهاره طلوع كما تساورنى ظنون النزوح وتلاحقنى من باب لباب حتى يخرج الصباح بوجه صبوح ومشعاع من صاحب حسنٍ بديع ومليح مقابل بيت آل جريتلى يوما الأنيق .
ختم وبصمة
وحسن أحمد موسى بعد صولات وجولات فى الجندية والمدنية ابتدر بالبورت قبل عشرات السنيين تجارة عالمية اوقفتها بالتفاف سياسات إقتصادية وتخبطات موروثة تقعد بالدولة ويحمل محاربة فلسفته التجارية لنظام الإنقاذ وتلك قصة اخرى من روى هذا المبصوم بتيراب اهلنا المكنية ومختوم بسحنات كل السودانية ومسلول من عذوبة شاعرية بين دجلة والفرات ومن انفاس مربدها الخميلة الغناء و بالرحمية من ود القرشى محمد عوض الكريم أجمل مرور على دنيا حقبنا الغنائية والأبيض عروس الرمال ومن ثورية ازهرى محمد على ورقة ابن اخته محجوب الحاج وبالإعجاب بالقدال وحميد ومغسول الدواخل بماء البحر الطهور الأجاج،يقرأ الكتب بنهم وبالتاريخ مغرم ويغوص بين السطور عربية وإفرنجية محللا ومدققا فهيما وليس حفيّظا يفرز بين تاريخنا الصدوق والكذوب ويتحسر على تعليم الناشئة والأجيال حشوا لعقولها بما لايمت للحقيقة بصلة لتتعظ وتعتبر وتتجنب أرعن حروبنا الحالية،لايعترف لك الحسن بمشربه، اختمى هو من الإسم أم تقدمى بالرحمية الشاعرية والإعجابية ويفضل مناداته بالديمقراطى فأداعبه بانها إسمية ووصفية الدلع للشيوعى فيضحك مل روحيّه،عن بعد، قبل الإقتراب اكتفيت برفع اليد تحيةُ و رد بابتسام يشرح الصدر،وذات بسمة اعرض إقتربت للمصافحة فحيانى بإسمى مثلثا ولم ينتظر ليبدد عجبى بأنه يطالع الجرايد والبرامج التلفازية غير معرفة بتاريخية والدى فى بورتسودان وملكيته الواسعة فيها بتعبير لطيف عن سخرية الأقدار بوجودى اليوم بينهم نازحا وبالامس هاهنا مالكا،هى دنيانا.ودعانى لبيته للإقامة ودونها دوام الضيافة حتى ظننته مجاملا لولا ربطه يوميا لى ولنازحين من دونى يأويهم حسون بالإنابة عن حفيد جريتلى ليصطادنا لوجبة ومائدة متكاملة سبع نجوم يفترشها من بعد للعبة الورق بفلسفية عميقة عن الكوتشينة، غير ترفهيتها ففيها لديه إعمال للعقل ومعايشة صورية وبصرية وذهنية مفرقة للهموم ومنسية للأحزان دون استغراق وتوهان، نتمتع بعشرة حريق كونكان وبجر حسن الخمسين جرة تحرقه وتشتد المتعة لو هو من جرها بانتهار تعقبه قهقهة جشوشة مصحوبة بملحقات ضيافة مائدة ماجدة وما أدراك ما ماجدة بكير من ذات سلالة الحسن وحسن ولكن بنكهة مشربية اليمين و مزيج بين اجمل زوجين رابطتهما تقوى مع السنين درسا، مداعبات عميقة وفنون فى المسايسة والمثاقفة وأدبيات التسخر والتندر المتبادل والمع والضد مقرونا بحالة من الدعة والإيلاع فى حب
الآخرين و روعة بنين وبنات نجاح وفلاح وبر وإحسان وعبدالرحمن الحفيد بروح الجد.
والضفة الاخرى
وضفة حسن الاخرى ماجدة بكير معلمة وملهمة من وراء عظمة الحسن والاريحية والإستضافة للنازحين من دونى بالشارع على مائدة دسمة وعشرة حريق ومن خلفها أسرة أسماؤها بين قومها سواطع،والبيت عندهما ضجة بالحياة والناس،عملت ماجدة بمدارس الثغر تقوية للتعليم الصفى وتهيئة للعالى وبجامعة البحر الاحمر لها اقداح معلاة فى مركز دراسة ثقافة البجا وتاريخها العريض وسفرها التليد،ماجدة يلاعبها حسن بنسبها مرات هنا وهناك فلا تعرفها أحضرمية أو بربرية بيد انها سودانية القسمات من كل اصقاعه وبراريه المترامية،المهندس أحمد سليمان بكير ابن خؤولة ماجدة وحسن نازح من مدنى بدرجة مدير هيئة المياه مستضاف بأسرته الرائعة حتى نزوح خارج الديار ومن قوام اسرته تربيتها تستشف من يكون المهندس نجل آل بكير المعجب بهم وله الف حق وحسبه ماجدة وحسن ليغنى مع ود اللمين فوق اهله الجويراب بنهر النيل وهناك باقاصى غربنا ناس الجوير الكمبلو وعرضو إلى أن يرفع فخرا عقيرته بحقيت الإسم يا فارس الأرباب،هم آل موسى وبكير عصير من اجناس وسحنات من السوداناوية ومدرسة الواحد وسلسلة مسميات عبقرية دعوات للوحدة الشعوبية بلا تمايز وتصافف ،والنواة قوامها مجتمع نضيد ونضير وحسن وماجدة من يخففان علينا من الهجر و النزوح ووحشته و يخفقان بكل ما هو جميل،واستمتاعى برفقة حسن حافظت عليها كفاحا بتناسى انها مشروع ذكرى اخرى جميلة وأليمة وها قد شد ابو الحسن الرحال ولكن العزاء لمدينة سيد الخلق والآنام داعيا لنا وليتركنا نصف ايتام من بعده لماجدة نكابد خشية لحاقها به بسبب تعقيدات فى التاشيرة لو علم السفير السعودانى بن جعفر لاستغل راحلته لديم مدينة وزلل الصعاب وأعمل روح الإجراءات لماجدتنا من يلح عليها الشوق ومن بعد موعد استشفاء ملح…وبيننا يا ما جدة وعد.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: أجراس الأرض البلال عاصم فجاج
إقرأ أيضاً:
هل نسي شباب الحزب الشيوعي السوداني الرفيق التجاني الطيب؟ والمجد لروحه المناضلة
زهير عثمان
بالأمس الأول، كانت ذكرى رحيل القيادي الشيوعي التجاني الطيب، صاحب السيرة النضالية العظيمة. ولكن، وسط كمّ المعاناة والنزوح والترحال، سقطت الذكرى. وها أنا أحاول كتابة نص يليق بتجربة هذا الرجل النضالية.
في مثل هذا اليوم، 23 نوفمبر، نتذكر رحيل القيادي الماركسي والمناضل السوداني التجاني الطيب بابكر (1926-2011)، الرجل الذي لم تكن حياته مجرد سيرة ذاتية، بل لوحة تجسد النضال من أجل قيم العدالة والحرية والانحياز لقضايا البسطاء والكادحين. في هذه الذكرى، يبرز السؤال المشروع: هل نسي شباب الحزب الشيوعي السوداني إرث هذا الرفيق الفذ؟
من هو التجاني الطيب؟
ولد التجاني الطيب في مدينة شندي، تلك المدينة التي وصفها في حواره النادر مع الصحفي معاوية حسن يس بأنها مزيج من التجارة، التعليم، الصوفية، وجمال الوجوه. هذه البيئة المتنوعة صنعت وعيه الأول، وسرعان ما انتقل إلى أم درمان ليعيش في حي العرب، حيث تبلورت رؤيته كمناضل يساري ينحاز للبروليتاريا، مستلهماً من واقع حيّه الغني بالمبدعين والطبقات الكادحة.
محطات نضالية لا تُنسى
كان التجاني مثالاً للمناضل الذي يضع القيم فوق كل اعتبار. تعرض للسجن والمنفى مرات عديدة، لكنه لم يلن أو يتراجع عن مواقفه. تحدث في حواره مع معاوية يس عن تلك الفترات بصراحة وإيجابية، مستعيداً مشاهد الاعتقال في عهد نميري والبشير، وكيف واجه الصعوبات بصبر وإصرار.
من أبرز ما رواه، كان اعتقاله عقب انقلاب يونيو 1989، حيث اقتيد من منزله إلى مكان احتجاز قرب المهندسين وشاهد في ذلك اليوم مقتل أحد الضباط المشاركين في الانقلاب. رغم كل ذلك، ظل التجاني شامخاً ومتماسكاً، محاطاً بإرثه الفكري والنضالي.
رؤية التجاني وثقافته العميقة
لم يكن التجاني مجرد سياسي، بل مفكراً ومثقفاً عميقاً. تحدث عن تأثير الأدب والفكر العالمي عليه منذ شبابه. كان أول من قدمه إلى اسم كارل ماركس هو صديقه وزميله عبدالخالق محجوب، مما يوضح كيف تداخلت الثقافة والنضال في مسيرة الرجل. امتدت قراءاته من شكسبير إلى قضايا التحرر العالمي، وربط بين هذه الأفكار وواقع بلاده، ليشكل منهاجاً عملياً نادراً.
ماذا عن شباب الحزب اليوم؟
يبدو أن الحزب الشيوعي في العقود الأخيرة قد تراجع عن استلهام الإرث النضالي لرموز مثل التجاني الطيب. بينما ينشغل البعض بقضايا آنية وصراعات سياسية، يفتقد الحزب قيادة ملهمة قادرة على استعادة زخم الماضي، ومثل هذه القيادات هي ما كان التجاني يمثله.
إن الشباب اليوم مدعوون إلى قراءة تاريخ هذا القائد العظيم، ليس فقط كجزء من تراث الحزب، بل كمصدر إلهام يمكنهم من مواجهة التحديات الحالية بروح مناضلي الأمس.
إرث يجب أن يستمر
كتب الصحفي أحمد الأمين يوماً عن لقائه الوحيد بالتجاني، واصفاً إياه بأنه كان مكللاً بالوقار، مفعماً بالحياة رغم سنوات النضال الطويلة. لم يكن التجاني فقط رمزاً حزبياً، بل تجسيداً للنضال من أجل كرامة الإنسان. هذا الإرث يجب أن يُنقل للأجيال الجديدة، لا كذكريات تذروها الرياح، بل كدروس ملهمة للعمل من أجل سودان أفضل.
في ذكرى رحيل الأستاذ التجاني الطيب، علينا أن نتساءل: هل ندرك قيمة هذا الإرث؟ وهل نعمل على أن يبقى حيّاً في وجدان الحزب وضمير الوطن؟ الإجابة على هذا السؤال هي ما سيحدد مستقبل هذا الحزب الذي لطالما كان ضميراً للطبقات الكادحة.
zuhair.osman@aol.com