مجندات الجيش الإسرائيلي.. عالم خاص .. الزواج الشكلي ودارسة التوراة. ..أفضل طرق الهروب
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
سقطت عشرات المجندات الإسرائيليات ضمن القتلى والأسرى خلال عملية طوفان الأقصى صبيحة 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أثناء خدمتهن في غرف المراقبة بالمواقع العسكرية في غلاف غزة، مما يسلط الضوء على المهام التي يكلفن بها ونسبتهن من مجمل حجم الجيش الإسرائيلي.
التجنيد الإجباري للنساء
تعتبر إسرائيل من الدول القليلة في العالم التي تفرض الخدمة العسكرية الإلزامية على النساء، وذلك تطبيقا لنظرية "جيش الشعب" التي تسعى إلى تجنيد أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين لزيادة حجم الجيش، خاصة ضمن قوات الاحتياط، مما يكفي لتعويض محدودية عدد السكان مقارنة بعدد العرب والمسلمين في دول الجوار.
وبحسب الباحثة الإسرائيلية أييليت شاليف، فإن نواة المجندات الإسرائيليات تعود إلى النساء اليهوديات اللاتي خدمن في الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية، إذ عملن عقب إعلان تأسيس إسرائيل في عام 1948 ضمن الفيلق النسائي بالجيش الإسرائيلي.
وحدث انقسام في الآراء بين قادة دولة الاحتلال آنذاك بشأن إلزام النساء بالتجنيد الإجباري، وهو ما حسمه رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون بقوله "نحن قليلون، وأعداؤنا كثيرون، إذا وقعت حرب فسوف يذهب الرجال لمحاربة العدو، وإذا كانت النساء اللاتي يحمين أطفالهن في المنزل لا يعرفن كيفية استخدام السلاح فماذا ستكون نهايتهن في حال هاجمهن العدو؟"، لكن استُثنيت النساء العربيات واليهوديات المتدينات "الحريديم" من التجنيد لأسباب دينية وسياسية.
ومنذ ذلك الحين حتى وقتنا الحالي تشكل النساء نحو ثلث الجيش الإسرائيلي، فيما بلغ عدد القتلى منهن في عمليات عسكرية منذ عام 1948 نحو 600 مجندة وضابطة.
التجنيد والمهام
تُفرض الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي حين بلوغ عمر الـ18، لكن تقل فترة خدمة النساء عن الذكور، حيث يبلغ الحد الأدنى لمدة الخدمة الإلزامية لهن عامين ويمكن أن تمتد إلى 7 سنوات، فيما يُجند الذكور لمدة عامين ونصف على الأقل.
وتتطلب الخدمة في قوات الاحتياط التجنيد فترة تتراوح بين 21 و45 يوما سنويا إلى حين بلوغ سن الـ44.
وفي حال زواج المرأة تصبح غير ملزمة بالخدمة الإجبارية، لكن يمكنها الاستمرار في الجيش بشكل طوعي، وذلك ضمن رؤية تعطي الأولوية للواجبات العائلية للمرأة باعتبارها دعامة للاستقرار الاجتماعي.
لكن بعض النساء يستخدمن أحيانا الزواج الشكلي أو دراسة التوراة كمدخل للتهرب من الخدمة الإلزامية باعتبارها مضيعة للوقت وعائقا أمام العمل وادخار الأموال.
وخلال العقود الأولى من احتلال فلسطين تركزت خدمة المجندات الإسرائيليات في المهام غير القتالية، مثل التمريض والتدريس والخدمات الاجتماعية والأعمال الإدارية، كالسكرتارية وتشغيل الهواتف وأجهزة الاتصالات.
نقطة تحول
وحدثت نقطة تحول في عام 1994 حين تقدمت مستوطنة مهاجرة من جنوب أفريقيا تدعى أليس ميلر باستئناف أمام القضاء ضد رفض الجيش السماح لها بإجراء اختبارات الفحص للقبول في مدرسة الطيران التابعة لسلاح الجو لكونها امرأة، فقضت المحكمة العليا بعدم وجود مبرر للتمييز بين المرأة والرجل على أساس الجنس للالتحاق باختبارات مدرسة الطيران.
ورغم أن ميلر نفسها لم تنجح لاحقا في الاختبارات فإن قرار المحكمة فتح الباب لانضمام النساء إلى مدرسة سلاح الجو، وتخرجت أولاهن في عام 1998، ثم أجريت تعديلات في عام 2000 بقانون التجنيد سمحت للنساء بالخدمة العسكرية في كافة فروع الجيش، بما فيها سفن سلاح البحرية وسلاح المدفعية ووحدات الإخلاء الطبي المحمول جو، فضلا عن قوات حرس الحدود.
وتأسست سرية كاراكال كوحدة مشاة مختلطة تتشكل صفوفها من 70% من النساء للقيام بدوريات لحراسة الحدود مع مصر، ثم وافق إيهود بارك في عام 2011 أثناء توليه وزارة الدفاع على ترقية الضابطة أورنا باربيفاي إلى رتبة لواء "ميجور جنرال" لتترأس مديرية القوى العاملة في الجيش الإسرائيلي، ولتصبح أول امرأة على الإطلاق تصل إلى تلك الرتبة الرفيعة في جيش الاحتلال.
وبحسب دراسة نشرها الباحث الإسرائيلي هرئيل شاليف عام 2020، فقد ارتفعت نسبة المجندات في مواقع قتالية من 3% في عام 2015 لتصل إلى 8% في عام 2019، كما أعلن الجيش الإسرائيلي في عام 2020 أن 92% من وحداته العسكرية أصبحت متاحة لتجنيد النساء فيها.
الحاخامات يعترضون
لكن برز رد فعل عكسي قاده الحاخامات والقادة الدينيون بحجة أن خدمة الرجال والنساء في بعض الوحدات مثل المدرعات لا يتيح مراعاة قواعد الاحتشام اليهودية التي تقوم على الفصل بين الجنسين مثلما هو الحال في التعليم بالمدارس وفي الصلاة.
ولا تسمح التعليمات الدينية لرجل وامرأة بالخدمة معا داخل دبابة واحدة، أو للمرأة بالعمل مدربة في وحدات النخبة، وما زال هذا الجدل قائما في ظل ارتباط الخدمة العسكرية بالأعراف الاجتماعية والدينية، مما يتطلب من صانع القرار مراعاة الطوائف المتدينة مثلما يراعي المكونات العلمانية في المجتمع الإسرائيلي.
ومع حدوث ثورة في تقنيات التسليح خلال آخر عقدين وبروز نجم الطائرات المسيرة التي تتطلب غرف تحكم أرضية لتشغيلها، فضلا عن تدشين جدار عازل حول قطاع غزة مزود بأجهزة مراقبة متطورة ظهرت مساحات جديدة للخدمة العسكرية تعتمد على التركيز والمهارات الذهنية ضمن مهام الدعم القتالي أكثر من الاعتماد على القوة البدنية المطلوبة في ساحة المعركة نفسها، وهو ما ناسب عمل المجندات بشكل أكبر.
وتزايد عدد المجندات الإسرائيليات في غرف الحرب التكتيكية التي تعمل كمراكز قيادة لتنسيق الأنشطة العسكرية، خاصة على مقربة من ساحات المعركة مع غزة والضفة الغربية ولبنان
المفاجأة والصدمة
أجرت الباحثة الإسرائيلية أييليت شاليف دراسة ميدانية في عام 2021 اعتمدت فيها على لقاءات مباشرة مع 40 جندية إسرائيلية يخدمن في غرف الحرب الواقعة على مقربة من غزة للاطلاع على تجربتهن.
وأكدت المجندات أنهن يلعبن دور العيون والآذان للجيش الإسرائيلي، إذ يرين ميدان القتال عبر تقنيات المراقبة بصورة أكبر من الجنود في الميدان الحقيقي، كما يلعبن دورا في جمع المعلومات الاستخبارية، وتوجيه الطائرات المسيرة نحو الأهداف، وإرشاد الجنود خلال مهامهم القتالية، ومتابعة عمليات نقل الجرحى، مما يتطلب منهن اليقظة والتركيز والعمل تحت ضغط، وتحمل الصدمات النفسية الناجمة عن مشاهدة مقتل الجنود عبر الشاشات.
لكن أخطر ما حدث لغرف الحرب التكتيكية قرب الحدود مع قطاع غزة هو سقوط العديد منها بيد عناصر المقاومة الفلسطينية صباح طوفان الأقصى، مما أسفر عن مقتل وأسر العشرات من المجندات ممن لم يجل بخاطرهن أنهن سيخضن اشتباكات وجها لوجه على أبواب مواقعهن العسكرية.
وقد يدفع هذا إلى إعادة النظر في خدمتهن على مقربة من أماكن التوتر لتضاف عقبة جديدة إلى تحفظات التيارات الدينية على اختلاط النساء بالرجال في الجيش، والذي يتخلله حدوث وقائع تحرش تصل أحيانا إلى الاغتصاب، والتي تجاوز عددها 1500 حالة تحرش سنويا.
يضاف إلى ذلك التشكيك في قدرتهن القتالية، مما دفع وزير الدفاع السابق بيني غانتس إلى التصريح في عام 2021 برفضه تشكيل سرية من المجندات ضمن لواء غولاني الشهير الذي يقوم بمهام هجومية ويتطلب قدرات لياقة بدنية مرتفعة.
لقد تحولت المجندات على تخوم قطاع غزة إلى مأساة داخل المجتمع الإسرائيلي في ظل فشل محاولات إنقاذ الأسيرات منهن وتحولهن إلى ورقة حساسة في ملف تبادل الأسرى، وصولا إلى مقتل العديد منهن في القصف الإسرائيلي العشوائي لقطاع غزة، مما يمثل منعطفا مهما في مسيرة الخدمة الإلزامية للنساء بجيش الاحتلال.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
حماس تسلم 4 مجندات صهيونيات إلى الصليب الأحمر بغزة
الثورة نت/وكالات سلمت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في وسط مدينة غزة، ظهر اليوم السبت، أربع أسيرات صهيونيات إلى الصليب الأحمر الدولي تمهيدًا لنقلهم إلى الكيان المحتل، وذلك في ثاني عملية تبادل للأسرى ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه الأحد الفائت. وفي ميدان فلسطين بمدينة غزة وبحضور أعداد كبيرة من الأهالي وانتشار مكثف للمجاهدين من كتائب القسام، سلمت المقاومة الأسيرات المجندات الأربعة إلى الصليب الأحمر الذي أقلهن على متن سيارات تابعة له تمهيدا لتسليمهن إلى سلطات كيان العدو. وانتشر العشرات من مجاهدي القسام حاملين أسلحتهم في الساحة خلال عملية تسليم الأسيرات الصهيونيات، ووضعوا خلفهم لافتة كُتب عليها “مقاتلو الحرية الفلسطينيين منتصرون” و”فلسطين.. انتصار المظلومين على الصهيونازية” و”طوفان الأقصى.. ثورة على الظلم والإجرام الصهيوني” و”غزة مقبرة الصهاينة المجرمين” وفي خلفيتها علمٌ كبير لفلسطين. ومن أمام اللافتة وفي منصة تم تجهيزها في الميدان، بدأت مراسيم التسليم بتوقيع ممثلو القسام والصليب الأحمر الدولي على وثائق التسليم للأسيرات. ومن ثم سلمت القسام الأسيرات المجندات الذين ارتدين زيهن العسكري كاملا، وبيدين بحالة صحية ونفسية ممتازة وعلى وجوههن ابتسامة كبيرة. وقد صعدة الأسيرات الصهيونيات إلى منصة الساحة وحيين الشعب الفلسطيني في غزة، قبل صعودهن إلى سيارات الصليب الأحمر ومغادرة الساحة، تمهيدا لنقلهن إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة وتسليمهن للسطات الصهيونية. وبموجب الاتفاق سيفرج مقابل المجندات الأربعة عن 200 أسيراً فلسطينيا بينهم 120 أسيراً محكومين بالسجن بالمؤبد، و 80 أسيراً محكومين بأحكام عالية. إضافة إلى ذلك سيتمكن النازحين في جنوب غزة من العودة إلى ديارهم شمال القطاع، إذ من المقرر بعد الإفراج عن الأسيرات “الإسرائيليات” وإكمال قوات العدو انسحابها من غربي محور نتساريم أن تبدأ عودة النازحين المشاة فقط عبر شارع الرشيد (البحر) دون تفتيش فيما سيتم السماح للنازحين بالعودة عبر المركبات من شارع صلاح الدين مع تفتيش المركبات. وشدد رئيس الهيئة العليا لشؤون الأسرى الفلسطينيين، أمين شومان، على سلطات العدو تسليم قائمة أسماء الأسرى المنوي الإفراج عنهم وعدم المماطلة. وأمس الجمعة، أعلن الناطق باسم كتائب القسام “أبو عبيدة” أنه وفي إطار صفقة طوفان الأقصى لتبادل الأسرى أن القسام قررت الإفراج، السبت، عن أربع مجندات اسيرات في غزة. وقال أبو عبيدة في تغريدة عبر قناته الرسمية، مساء الجمعة، أن المجندات التالية أسماؤهن المجندة كارينا أرئيف، والمجندة دانييل جلبوع، والمجندة نعمة ليفي، المجندة ليري إلباج سيفرج عنهن غدا السبت. والأحد الفائت 19 يناير 2025م، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وكيان العدو الصهيوني، يستمر في مرحلته الأولى لمدة 42 يوما، ويتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة. وفي ذات اليوم أفرجت القسام عن 3 أسيرات صهيونيات، فيما أفرج كيان العدو الصهيوني، فيما تنفس 90 شبلا وأسيرة فلسطينيين الحرية، فجر الاثنين، في الدفعة الأولى من الأسرى والأسيرات، من سجن “عوفر” العسكري جنوب غربي رام الله، بعد تأخر من قبل العدو قرابة الـ 8 ساعات. وإجمالا يعتقل كيان العدو الصهيوني أكثر من 10 آلاف و400 أسير فلسطيني في سجونه، وتقدر حاليا وجود نحو 96 أسيرا إسرائيليا بغزة، فيما قتل العدو العشرات من أسراه في غارات جوية حاولت التخلص منهم كي لا تجبر على صفقة تبادل. ومن المقرر أن تطلق حماس في المرحلة الأولى سراح 33 أسيرا وأسيرة إسرائيليين، مقابل أسرى فلسطينيين يتوقف عددهم على صفة كل أسير إسرائيلي إن كان عسكريا أم “مدنيا”. وبمشاركة أمريكية شن كيان العدو الصهيوني حرب إبادة جماعية ضد الأهالي في قطاع غزة المحاصر، وارتكب العدو منذ 7 أكتوبر 2023 مجازر وحشية خلفت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.