أثير – مكتب أثير في تونس

إعداد: محمد الهادي الجزيري

لأوّل مرّة أعمد إلى كتابة ” قامات مضيئة ” استنادا إلى آخر ما أصدره الكاتب المحتفى به، فقد وقع النابل على النابل، إذ وافاه الأجل قبل صدور مجموعته القصصية “تلك كانت النهاية” ولبّى دعوة الداعي الأديب والكاتب والصحفي العراقي حسن العاني أحد أبرز الكتّاب الصحفيين في العراق، لذا سأعتني بإصداره مع الإشارة إلى مروره بالدنيا وماذا فعل فيها في مجالات الأدب والصحافة والحياة الطويلة نسبيا إذ أنّه توفي عن عمر يناهز 81 عاما .

.رحمه الله وصبّر أهله وقرائه على فراقه…

خيّرت البدء بالمجموعة القصصية “تلك كانت النهاية” على أن أختم هذه المقالة بتعريف به والتذكير بأهمّ المحطات التي مرّ بها، فلأستهلّ هذه القراءة بالاطلاع على “إيضاح أوّلي” الذي بيّن فيه الفقيد نظرته للأدب والقصة قصيرة جدّا التي لم تكن علاقة وديّة وحميمة، ومع ذلك استطاعت أن تفتكّ منه عديد القصص والتي كانت بالصدفة والقدر خير نهاية لمسيرة طويلة بذل فيها جهدا ووقتا لخدمة الأدب:
“ويلاحظ أنّ علاقتي مع هذا الفنّ الأدبي كانت قلقة ولم تعرف الاستقرار، ولا أدري لو بقيتْ في العمر بقية هل سأعود إليها أم وصلت معها إلى مفترق الطرق، على أية حال فإنّ كلّ ما فعلته بعد عام 2019 هو اختيار هذه المجموعة من القصص وضمّها في كتاب ودفعها إلى النشر، بعد أن تأخّر إصدارها هذه السنوات كلّها لأسباب تتعلّق بتكاليف الطبع المعروفة، لا أجزم أنّني حققت النجاح الذي يأمله أي كاتب ولكني أتمنى ذلك..”

في قصة “اللعبة” يبدو جليّا غدر الرجل بالأنثى حتّى وإن كان في مجرّد تسلية، عاشقان على ضفة النهر يلقيان حجارة في الماء، وفجأة تكتشف أن حجارته بارتطامها بالماء تعكس وجوها نسائية باستثناء وجهها، فتوقف اللعبة الفاضحة… 
في قصة أخرى بعنوان “معتقدات شعبية” يسخر الكاتب من سخافات ورثها البعض منا حول الدخول العريس غرفة زوجته محمّلا بسكين وكيس فيه هرّ حي عليه أن ينحره تحت قدميْ العروس ويتساءل الكاتب في نهاية القصة أين اختفى العريس في حين خرجت العروس لكي تعدّ فطور الصباح…

تبرز النخوة وحبّ الوطن في قصة “سعادة” حيث تعمد الصبية المخطوبة لرمي خاتم الخطوبة في وجه فارسها المحبوب ..لمّا تبصره يصفّق لدبابة أمريكية ..

سأحاول أن أنتقي لكم من هذه القصص القصيرة جدّا ما يعطيكم فكرة على أفكار ومخيلة حسن العاني الذي لا يخلو مزاجه من روح الدعابة ومن الضحك وحبّ الإضحاك، ففي قصة “تحقيق” ..لا لا ..أفضّل أن أنقلها بحذافيرها فهي قصيرة جدّا ومثيرة للضحك:
” عندما دخلنا غرفة التحقيق لم نكن نعرف لماذا تمّ استدعاؤنا، وما هي طبيعة التهمة، وحين تمّ نقلنا إلى المستشفى بعد ثلاثة أيّام اعترفنا بجرائم لم نسمع بها من قبل”.

ثمّة قصة آلمتني وأوجعتني فأحداثها تُعاد في تونس وفي كلّ مكان عنوانها “مثقف”، ويبدأ حسن العاني على لسان امرأة وصف الرجل المثقف بهندامه وعطره الباريسي، وتصف (المرأة) الكتب التي اشتراها من معرض الكتاب وتسأله عن الوقت اللازم لقراءة كلّ تلك أمهات الكتب فيكون ردّه “أنا أقتني الكتب الأنيقة والضخمة لأنّها تناسب ديكور الصالة والمكتبة” وهكذا نجح حسن العاني في كشف زمرة كبيرة من مثقفينا المنتفخين كَبلُونات الهواء..

خلاصة القول في هذا الإصدار الأخير للفقيد رحمه الله، أنّه مجموعة كبيرة جدّا من القصص القصيرة جدّا وفيها اجتهاد وبحث عن الإمتاع والإبداع قد يكون نجح في أغلبها المهمّ أنّه كما قال هو: “لا أجزم أنّني حققت النجاح الذي يأمله أي كاتب ولكني أتمنى ذلك..” رحمه الله …

وختاما لهذه التحية للعراق المجيد وكما وعدت في بداية هذه المقالة أقول أنّ العاني من أبرز الكتّاب في بلاد الرافدين، حيث تميز بكتابة عمود يومي في صحيفة “العراق”، الملغاة منذ عام 1990 تحت عنوان “ضربة جزاء”، وهو عمود يتناول فيه قضايا مختلفة وبأسلوب فكاهي، وبعد 2003 واصل كتابة العمود الصحفي لكن بعنوان آخر، حيث حظيت مقالاته بمتابعة كبيرة من القراء 
وصدر للعاني كتب عديدة في الأدب والرواية والصحافة، منها: “سيد الأشجار، مجموعة قصص 1980، والرجل الأسطوري، مجموعة قصص 1986، وليلة رأس السنة، مجموعة قصص 1993، والولد الكبير، مجموعة قصص 2000، ورقصة الموت، مجموعة قصص 2004، وليلة الاحتفاء بالحرية، مجموعة قصص 2015، والولد الغبي، رواية 2016، ووجوه وحكايات، مقالات صحفية 2019، وبانتظار الملك، مقالات صحفية 2020.

وكتب العاني للعديد من البرامج وشارك في إعداد دورات إذاعية وتلفزيونية، رحمه الله وجزاه خيرا على ما قدّمه من جهد وبذل للنهوض بالثقافة العربية في العراق…

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: مجموعة قصص رحمه الله فی قصة

إقرأ أيضاً:

حزب الله يعلن تدمير “ميركافا” إسرائيلية في بلدة الجبين

#سواليف

ذكرت الجبهة الداخلية الإسرائيلية أن #صفارات_الإنذار دوت في #كريات_شمونة والمطلة وعدة بلدات في إصبع الجليل.

من جانبه، قال #حزب_الله إنه #دمر #دبابة_ميركافا إسرائيلية في بلدة ا#لجبين جنوبي لبنان، وأوقع أفراد طاقمها بين قتيل وجريح.

مقالات ذات صلة قصف عنيف على مستشفى كمال عدوان 2024/11/23

مقالات مشابهة

  • حزب الله يعلن تدمير “ميركافا” إسرائيلية في بلدة الجبين
  • “دبي للثقافة” تنظم “ملتقى تعبير الأدبي “
  • الإمارات تشارك في اجتماع “مينافاتف” بالرياض وتتولى منصب نائب رئيس المجموعة لعام 2025
  • مجموعة “الدكتور عبد القادر سنكري وأبناؤه” تشارك بمشروع دعم برامج استمرارية التعليم في لبنان
  • بن حبتور يشارك في أربعينية تأبين الأديب والصحفي حسن عبدالوارث
  • مجموعة “روشن” تعقد “منتدى روشن لسلاسل الإمداد” وتوقع عدة مذكرات تفاهم مع الموردين المتميزين
  • أمير المدينة المنورة يرعى لقاء شركاء النجاح الذي نظمته شركة “‫أرامكو السعودية” تحت شعار “شراكة واستدامة”
  • “الجيش” الذي أذهل أمريكا والغرب..!
  • وزير الاوقاف: جائزة الكويت الدولية علامة مضيئة في مسيرة الكويت لخدمة کتاب الله برعاية أميرية سامية
  • “خلوة الكتّاب” يتكلل بإطلاق “حكايا البيت” في “الشارقة الدولي للكتاب 2024”