قامات مضيئة عبر “أثير”: الأديب والصحفي العراقي حسن العاني
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
أثير – مكتب أثير في تونس
إعداد: محمد الهادي الجزيري
لأوّل مرّة أعمد إلى كتابة ” قامات مضيئة ” استنادا إلى آخر ما أصدره الكاتب المحتفى به، فقد وقع النابل على النابل، إذ وافاه الأجل قبل صدور مجموعته القصصية “تلك كانت النهاية” ولبّى دعوة الداعي الأديب والكاتب والصحفي العراقي حسن العاني أحد أبرز الكتّاب الصحفيين في العراق، لذا سأعتني بإصداره مع الإشارة إلى مروره بالدنيا وماذا فعل فيها في مجالات الأدب والصحافة والحياة الطويلة نسبيا إذ أنّه توفي عن عمر يناهز 81 عاما .
خيّرت البدء بالمجموعة القصصية “تلك كانت النهاية” على أن أختم هذه المقالة بتعريف به والتذكير بأهمّ المحطات التي مرّ بها، فلأستهلّ هذه القراءة بالاطلاع على “إيضاح أوّلي” الذي بيّن فيه الفقيد نظرته للأدب والقصة قصيرة جدّا التي لم تكن علاقة وديّة وحميمة، ومع ذلك استطاعت أن تفتكّ منه عديد القصص والتي كانت بالصدفة والقدر خير نهاية لمسيرة طويلة بذل فيها جهدا ووقتا لخدمة الأدب:
“ويلاحظ أنّ علاقتي مع هذا الفنّ الأدبي كانت قلقة ولم تعرف الاستقرار، ولا أدري لو بقيتْ في العمر بقية هل سأعود إليها أم وصلت معها إلى مفترق الطرق، على أية حال فإنّ كلّ ما فعلته بعد عام 2019 هو اختيار هذه المجموعة من القصص وضمّها في كتاب ودفعها إلى النشر، بعد أن تأخّر إصدارها هذه السنوات كلّها لأسباب تتعلّق بتكاليف الطبع المعروفة، لا أجزم أنّني حققت النجاح الذي يأمله أي كاتب ولكني أتمنى ذلك..”
في قصة “اللعبة” يبدو جليّا غدر الرجل بالأنثى حتّى وإن كان في مجرّد تسلية، عاشقان على ضفة النهر يلقيان حجارة في الماء، وفجأة تكتشف أن حجارته بارتطامها بالماء تعكس وجوها نسائية باستثناء وجهها، فتوقف اللعبة الفاضحة…
في قصة أخرى بعنوان “معتقدات شعبية” يسخر الكاتب من سخافات ورثها البعض منا حول الدخول العريس غرفة زوجته محمّلا بسكين وكيس فيه هرّ حي عليه أن ينحره تحت قدميْ العروس ويتساءل الكاتب في نهاية القصة أين اختفى العريس في حين خرجت العروس لكي تعدّ فطور الصباح…
تبرز النخوة وحبّ الوطن في قصة “سعادة” حيث تعمد الصبية المخطوبة لرمي خاتم الخطوبة في وجه فارسها المحبوب ..لمّا تبصره يصفّق لدبابة أمريكية ..
سأحاول أن أنتقي لكم من هذه القصص القصيرة جدّا ما يعطيكم فكرة على أفكار ومخيلة حسن العاني الذي لا يخلو مزاجه من روح الدعابة ومن الضحك وحبّ الإضحاك، ففي قصة “تحقيق” ..لا لا ..أفضّل أن أنقلها بحذافيرها فهي قصيرة جدّا ومثيرة للضحك:
” عندما دخلنا غرفة التحقيق لم نكن نعرف لماذا تمّ استدعاؤنا، وما هي طبيعة التهمة، وحين تمّ نقلنا إلى المستشفى بعد ثلاثة أيّام اعترفنا بجرائم لم نسمع بها من قبل”.
ثمّة قصة آلمتني وأوجعتني فأحداثها تُعاد في تونس وفي كلّ مكان عنوانها “مثقف”، ويبدأ حسن العاني على لسان امرأة وصف الرجل المثقف بهندامه وعطره الباريسي، وتصف (المرأة) الكتب التي اشتراها من معرض الكتاب وتسأله عن الوقت اللازم لقراءة كلّ تلك أمهات الكتب فيكون ردّه “أنا أقتني الكتب الأنيقة والضخمة لأنّها تناسب ديكور الصالة والمكتبة” وهكذا نجح حسن العاني في كشف زمرة كبيرة من مثقفينا المنتفخين كَبلُونات الهواء..
خلاصة القول في هذا الإصدار الأخير للفقيد رحمه الله، أنّه مجموعة كبيرة جدّا من القصص القصيرة جدّا وفيها اجتهاد وبحث عن الإمتاع والإبداع قد يكون نجح في أغلبها المهمّ أنّه كما قال هو: “لا أجزم أنّني حققت النجاح الذي يأمله أي كاتب ولكني أتمنى ذلك..” رحمه الله …
وختاما لهذه التحية للعراق المجيد وكما وعدت في بداية هذه المقالة أقول أنّ العاني من أبرز الكتّاب في بلاد الرافدين، حيث تميز بكتابة عمود يومي في صحيفة “العراق”، الملغاة منذ عام 1990 تحت عنوان “ضربة جزاء”، وهو عمود يتناول فيه قضايا مختلفة وبأسلوب فكاهي، وبعد 2003 واصل كتابة العمود الصحفي لكن بعنوان آخر، حيث حظيت مقالاته بمتابعة كبيرة من القراء وصدر للعاني كتب عديدة في الأدب والرواية والصحافة، منها: “سيد الأشجار، مجموعة قصص 1980، والرجل الأسطوري، مجموعة قصص 1986، وليلة رأس السنة، مجموعة قصص 1993، والولد الكبير، مجموعة قصص 2000، ورقصة الموت، مجموعة قصص 2004، وليلة الاحتفاء بالحرية، مجموعة قصص 2015، والولد الغبي، رواية 2016، ووجوه وحكايات، مقالات صحفية 2019، وبانتظار الملك، مقالات صحفية 2020.
وكتب العاني للعديد من البرامج وشارك في إعداد دورات إذاعية وتلفزيونية، رحمه الله وجزاه خيرا على ما قدّمه من جهد وبذل للنهوض بالثقافة العربية في العراق…
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: مجموعة قصص رحمه الله فی قصة
إقرأ أيضاً:
لطيفة بنت محمد: سعداء بمشهد التصميم والحراك الإبداعي الفاعل الذي أحدثته دبي
كرّمت الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، نخبةً من روّاد الإبداع في مجال التصميم الذين أسهمت جهودهم الكبيرة ودعمهم المتواصل ورؤاهم المبتكرة وأعمالهم المميزة في تأسيس منظومةٍ إبداعية عزّزت ريادة دبي ومكانتها كأول مدينة مبدعة في التصميم في الشرق الأوسط ضمن شبكة اليونسكو للمدن العالمية المبدعة، بمنحهم "جائزة الشّيخة لطيفة بنت محمّد بن راشد آل مكتوم لروّاد الإبداع".
جاء ذلك خلال أُمسيةٍ ضمّت مجموعة من أعضاء المجتمع الإبداعي وكبار الشخصيات والمسؤولين والخبراء والأكاديميين والمبدعين الروّاد والناشئين في عالم التصميم في الإمارات والمنطقة، ومنهم الشيخة فوز الصباح، مؤسِّسةُ "كراود كرييتف هاوس" وشركة "خليجسك ميديا"، ونورا الدبل، المديرة التنفيذية للفنون والصناعات الإبداعية في الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وفهد العبيدلي، مدير بينالي دوحة التصميم بالوكالة، مكتب رئيس مجلس إدارة متاحف قطر،كختامٍ متميز واستثنائي لفعاليات الدورة العاشرة لأسبوع دبي للتصميم التي توّجت هذا العام عقدا من الإبداع والابتكار، وجمَعَت أكثر من 1000 مصممٍ ومهندسٍ معماري ومبدع من أكثر من 50 دولة لتبادل الأفكار والخبرات وأحدث الممارسات والتوجهات في مجال التصميم.
خطوات ثابتةوأكّدت رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي أن "الإمارة تواصل مسيرتها الريادية بخطوات ثابتة، في ظل الرؤية المُلهمة للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي"، لافتةً إلى أن الجائزة هي رسالة تقدير للمجتمع الإبداعي الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من نسيج دبي الثقافي والاقتصادي.
وقالت الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد: "نحتفي هذا العام بالمصممين وبما حقّقته دبي في مجال التصميم من نجاحات تستدعي منّا مُضاعفة الجهود للبناء على ما تم تأسيسه من قواعدٍ ثابتة رسّخت حضور دبي كأول مدينة مبدعة في التصميم في الشرق الأوسط، ضمن شبكة اليونسكو للمدن العالمية المبدعة، وسعداء بمشهد التصميم والحراك الإبداعي الفاعل الذي أحدثته دبي على مستوى المنطقة، ما يعزز استمراريتها مركزاً رائداً ومحورياً للتصميم إقليمياً وعالمياً".
وأضافت: "سنواصل رحلة التميّز مع مبدعينا، ونجدّد التزامنا بتوفير كافة أدوات ومقوّمات الدعم والتمكين لهم، ليتركوا بصماتهم المؤثرة في مختلف المجالات الإبداعية، ويحققوا طموحاتهم انطلاقاً من دبي، ويواصلوا معنا مسيرة الإلهام والريادة الإبداعية.
وضمّت قائمة المكرمين مجموعة من أبرز المصممين والمساهمين والداعمين لمشهد التصميم في دبي، وهم: الشيخة لطيفة بنت مكتوم، مؤسس ومدير "تشكيل" مركز الفنون والتصميم المعاصر الهادف لدعم ورعاية المبدعين والموهوبين، إلى جانب إطلاقها لبرنامج "تنوين" من "تشكيل" لدعم تطوير المنتجات من الفكرة إلى التنفيذ، ما يسهم في تحديد هوية جمالية للتصميم في الإمارات، والدكتورة أمينة الرستماني، عضو مجلس الإدارة وعضو مساهم في مجموعة عبد الواحد الرستماني الرئيس التنفيذي للعمليات في المجموعة، لدورها الاستراتيجي في تأسيس منظومة شاملة في التصميم، ومساهمتها الفاعلة في دعم ورعاية المواهب الناشئة في المنطقة، .