اعتبرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، اليوم السبت، أن تقاعد مبعوث الصين للمناخ شيه تشن هوا، واعتزام جون كيري، المبعوث الأمريكي لشئون المناخ، التنحي عن منصبه لدعم الرئيس جو بايدن في حملته الانتخابية؛ يمثل بداية فترة جديدة في مفاوضات المناخ بين الولايات المتحدة والصين، وينهي ثلاث سنوات كانت تتسم بالاضطراب في كثير من الأحيان بين أكبر دولتين مسببتان للتلوث في العالم.


وذكرت الصحيفة في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الالكتروني اليوم أنه على الرغم من العلاقة الطيبة بين شيه وكيري إلا أنهما مُنعا كثيرًا من الاجتماع بسبب العلاقات المتوترة بين بلديهما، مشيرة إلى حقيقة أن شيه (74 عامًا) تقاعد من منصبه في نهاية العام الماضي بعد أن تعافى من سكتة دماغية، بينما أخبر كيري موظفيه - نهاية الأسبوع الماضي - أنه سيتنحى عن منصبه كمبعوث أمريكي للمناخ لدعم الرئيس بايدن في الحملة الرئاسية الأمريكية، وقال إنه تحدث - مرة أخرى الأسبوع الماضي - مع صديقه الصيني في مجموعة عمل مشتركة حول تقييم الإنجاز الرئيسي لتعاونهما؛ حيث اتفقا على اتخاذ إجراءات صارمة ضد انبعاثات غاز الميثان، الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم الناجم عن استمرار استخراج وحرق الفحم والنفط والغاز.
وأوضحت الصحيفة أنه كثيرا ما يعزو المحللون السياسيون الصداقة بين شيه وكيري إلى التقدم الذي أحرزته بكين وواشنطن بشأن سياسة تغير المناخ الخاصة بكل منهما، حتى مع تصاعد التوتر بشأن النشاط العسكري الصيني حول تايوان واكتشاف "بالون التجسس" الصيني فوق الولايات المتحدة.


وقال جيك شميدت، أحد كبار مديري برنامج المناخ الدولي في مركز أبحاث الدفاع عن الموارد الطبيعية (NRDC): "إذا لم يكن كيري وشيه في منصبيهما، فبالنظر إلى كل المشاحنات الجيوسياسية الأخيرة، لم تكن هناك طريقة لنكون قريبين مما نحن فيه الآن". 
وأشارت الصحيفة إلى أنه في الأيام التي سبقت قمة الأمم المتحدة للمناخ كوب-28 التي انعقدت مؤخرًا في دبي، توصلت الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق رئيسي، أطلق عليه اسم بيان "صني لاندز" نسبة إلى مكان انعقاد اجتماع المؤتمر في ولاية كاليفورنيا، حيث تعهدتا "بتسريع استبدال" الوقود الأحفوري بالطاقة الخضراء. 
واعتبر خبراء المناخ الوعد بزيادة المستوى العالمي لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030 وإدراج المزيد من الغازات الدفيئة مثل الميثان في حسابات تغير المناخ علامة جيدة على التقدم.
لكنهم أشاروا، مع ذلك، إلى أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به إذا كان أكبر مصدرين للتلوث في العالم سيقودان العالم إلى هدف اتفاق باريس المتمثل في الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أقل من درجتين مئويتين والحفاظ على مستوى 1.5 درجة مئوية بشكل مثالي.
وقالت إيلاريا مازوكو، خبيرة المناخ الأمريكية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن - في تصريح للصحيفة - "إذا قرأت اتفاق "صني لاندز"، فهو أمر رائع بالنظر إلى نقطة البداية أو خط الأساس.. لكن الأمر يتعلق بالتنسيق وليس التعاون الفعلي".
وكانت التوترات بين الولايات المتحدة والصين سببًا في كثير من الأحيان في عرقلة التقدم في مجال المناخ خلال فترة ولاية كيري الأخيرة في منصبه، على الرغم من إصراره على ضرورة عزل التعامل بين الولايات المتحدة والصين بشأن تغير المناخ عن العلاقة الجيوسياسية الأوسع.. حسب قول الصحيفة.
ومُنع الدبلوماسيون من كلا البلدين من الاجتماع لمدة عام تقريبًا عندما قطعت بكين محادثات المناخ ردًا على رحلة رئيسة قامت بها رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة نانسي بيلوسي إلى جزيرة تايوان في أغسطس من عام 2022. وكان كيري ثالث مسئول أمريكي يزور الصين الصيف الماضي في محاولة لاستئناف المحادثات، بينما سعت واشنطن لتحقيق الاستقرار في العلاقة الأوسع التي باتت تتدهور بسرعة.
وفي كل قمة من قمم المناخ التي عقدتها الأمم المتحدة على مدى السنوات الثلاث الماضية، بما في ذلك قمة المناخ قبل الماضية التي استضافتها مصر، كان كيري وشيه يمضيان ساعات طويلة معًا للتحدث والتشاور مع استمرار المفاوضات في الساعات الأولى من الصباح، واستمرت الجهود العالمية في هذا الملف تمضي قدمًا رغم كل التحديات حتى توصل مؤتمر دبي أخيرًا إلى اتفاق بين ما يقرب من 200 دولة بشأن "الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري"، في قرار أشاد به كيري ووصفه بالـ "تاريخي".
وفي حديثه في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس هذا الأسبوع، أشار كيري إلى أن مؤتمر دبي كان أول مؤتمر أطراف يخصص له يوم كامل من المفاوضات لمعالجة مشكلة غاز الميثان، وقال كيري لصحيفة "فاينانشيال تايمز" في دافوس إنه وشيه "يبذلان كل ما في وسعهما للبقاء على اتصال وثيق للغاية؛ وأنهما سيواصلان العمل في المؤسسات المعنية لإقامة تعاون أخضر"!.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: فاينانشيال تايمز الصين المناخ مفاوضات المناخ جون كيري بین الولایات المتحدة والصین

إقرأ أيضاً:

البيجر ودور الولايات المتحدة

«ليست القنابل هي التي تقتل في حد ذاتها، بل القائمة التي تضع المدنيين في طريقها»، جيمس بامفورد، صحفي أمريكي.

في تناقض واضح، نفت الولايات المتحدة نفيًا قاطعًا أي صلة لها بتفجيرات البيجرات في لبنان، لكنها في الوقت نفسه لم تعلن إدانة هذه العملية الإرهابية، بل اكتفت بتعبير مبهم عن خشيتها من اندلاع حرب بين حزب الله والكيان الصهيوني، هذا الموقف المتردد والغامض يثير الشكوك حول مدى صدق نفيها، كما يثير تساؤلات حول موقفها الحقيقي من هذا العمل الإجرامي!

وهل يمكن تصديق هذا الهراء؟ الله وحده يعلم هل كانت لها علاقة مباشرة بهذه العملية الإرهابية أم لا، فبينما لا يمكننا الجزم بدورها المباشر، إلا أن الأدلة المتاحة تشير إلى تورط غير مباشر، وهي مسؤولة مسؤولية لا تقل عن تلك الدولة المارقة الإرهابية. وسأذكر بعض الشواهد التي تدعم وجهة نظري، وتضع الولايات المتحدة موضع المسؤولية، وتجعلها شريكة في هذه الجريمة النكراء:
1- كشف ضابط الاستخبارات الأمريكي السابق «إدوارد سنودن» عن مذكرة سرية موقعة في عام 2009 بين وكالة الأمن القومي الأمريكية ووحدة الاستخبارات الصهيونية «سيغنيت»، المعروفة بالوحدة 8200، تكشف الوثيقة أن الولايات المتحدة تشارك الصهاينة معلومات استخباراتية غير مفلترة عن المواطنين الأمريكيين، بما في ذلك المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني، دون حجب البيانات الشخصية المتعلقة بهوياتهم.

هذا النوع من البيانات يُسمى «الاستخبارات الإشارية الخام»، ورغم أن الاتفاقية نصت على احترام الخصوصية وعدم استهداف المواطنين الأمريكيين، إلا أنها لم تفرض على الكيان الصهيوني أي قيود قانونية أو إجرائية.

2- قد يكون الصهاينة قد حصلوا على هذه المعلومات عبر التجسس، إذ لديهم تاريخ طويل في التجسس على الولايات المتحدة وتساهل كبير من الولايات معها بهذا الخصوص، وهناك العديد من الحوادث التي تؤكد ذلك، ولعل أشهرها قصة جوناثان بولارد، الموظف السابق في البحرية الأمريكية، الذي سلّم الكيان المحتل معلومات غاية في السرية تتعلق بالأمن القومي الأمريكي، خصوصًا حول النشاطات العسكرية في الشرق الأوسط، والتي تضمنت تفاصيل القدرات العسكرية لدول عربية، وبعد سجنه لفترة، طلب المغادرة إلى الدولة المارقة وسُمِح له بذلك.

كما أن هناك فضيحة بيني غانتس، حيث إن إسرائيل تجسست على الولايات المتحدة باستخدام تقنيات حديثة، مثل برنامج «بيغاسوس»، وكان بطل هذه القصة وزير الدفاع الصهيوني غانتس آنذاك، الذي حاولت الولايات المتحدة في فترة ما استبدال نتنياهو به! ولا ننسى بالطبع قصص التنصت الشهيرة على البيت الأبيض في عام 2019، من خلال إنشاء أبراج هاتف محمولة مزيفة.

3- الولايات المتحدة شاركت الكيان الصهيوني في الإبادة التي تحدث في غزة باستخدام القنابل الغبية، كما تدعمه أيضًا بالمعلومات الاستخباراتية، ولا يوجد مثال أوضح من قصة تحرير أربع رهائن صهاينة من قبضة حماس، حيث وفرت الولايات المتحدة الدعم والاستشارات التي ساعدت في تحديد مواقع الرهائن، وقدمت الدعم اللوجستي والاستخباراتي، وقد عُرفت هذه العملية بمجزرة النصيرات، التي راح ضحيتها مئات الأبرياء.

4- يظل الدعم الاستخباراتي سريًّا، وتستطيع الولايات المتحدة نفيه بسهولة، مما يحمي صورتها ولا يؤجج الرأي العام ضدها.

5- الولايات المتحدة بحاجة إلى الأجهزة الاستخباراتية الصهيونية لتحقيق مصالحها في المنطقة، كما أن الوجود القوي للصهاينة هناك يخدم تلك المصالح.

أغلب الظن أن اختراق الكيان الصهيوني لسلاسل التوريد تم نتيجة العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة على حزب الله، فالحزب بحاجة إلى شركات وهمية لتأمين مشترياته، وقد حصلت شركة مجرية وهمية على ترخيص لاستخدام العلامة التجارية لشركة تايوانية، من المحتمل أن الولايات المتحدة وجهت الحزب للتعامل مع هذه الشركة المجرية بطريقة غير مباشرة.

لقد أثبت طوفان الأقصى أن الكيان الصهيوني نمر من ورق، لا يستطيع الحياة يومًا دون دعم الولايات المتحدة، ولولا الدعم العسكري والاستخباراتي والمالي، لانهار هذا الكيان منذ زمن بعيد.

(الدستور الأردنية)

مقالات مشابهة

  • رئيس «COP28» يدعو العالم إلى تنفيذ «اتفاق الإمارات» لإنقاذ المناخ
  • حصيلة قتلى إعصار هيلين في الولايات المتحدة ترتفع لـ93 شخصاً
  • رزان المبارك تدعو إلى تكامل إجراءات مواجهة تغير المناخ
  • الوزير صباغ: استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية منذ 1967 بما فيها الجولان السوري وارتكابه جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب لا يزال شاهداً ماثلاً على إخفاق الأمم المتحدة في إنهاء هذا الاحتلال العنصري التوسعي ويمثل دليلاً دامغاً على منع الولايات
  • "أولياء أمور مصر" يرصد المشاكل التي واجهت الطلاب منذ بداية العام الدراسي
  • البيجر ودور الولايات المتحدة
  • سلطان الجابر يدعو لتنفيذ «اتفاق الإمارات» المناخي
  • "فاينانشيال تايمز": اغتيال حسن نصر الله يُشكل تصعيدًا دراماتيكيًا في استهداف لبنان
  • لافروف: إسرائيل تريد جر الولايات المتحدة للحرب
  • نتانياهو يقطع رحلته إلى الولايات المتحدة بعد الغارة التي استهدفت نصرالله