يتحدث المشهد المروع لشمال غزة عن الفعالية المميتة لحملة القصف الإسرائيلية لتدمير المباني وجعل الأرض غير صالحة للعيش للفلسطينيين، ويصعب تمييز ما إذا كان كل هذا الدمار الهائل والخسائر في الأرواح لنحو أكثر من 24000 فلسطيني كافيا لما يفعله جراء المدنيين وتحقيق أهداف الحرب المعلنة أو جعلها أقرب إلى هدفها الاستراتيجي المتمثل في هزيمة الفصائل الفلسطينية بحسب قناة «سي بي سي نيوز» الكندية.

ومع استمرار القتال دون أي علامة على نهاية، يقول المحللون الذين تحدثوا إلى «سي بي سي نيوز» إنه حتى الانتصارات المتواضعة كانت بعيدة المنال، وهي 3 أهداف حددها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو للعملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، وهي «القضاء على الفصائل الفلسطينية وأنفاقها، تحرير المحتجزين بالقوة، غزة منزوعة السلاح».

1- القضاء على الفصائل وأنفاقها

قال نتنياهو في مؤتمر صحفي حينها «القضاء على الفصائل وعودة جميع المحتجزين وضمان ألا تشكل غزة مرة أخرى تهديدا للاحتلال الإسرائيلي هو أهم أهدافنا».

فبدأ الهدف الأول «القضاء على الفصائل الفلسطينية» بإعلان الحرب في اليوم التالي لهجوم الفصائل 7 أكتوبر على إسرائيل والذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 1200 شخص، وبعد عشرين يومًا، من القصف الجوي المكثف، عبرت ثلاثة فرق إسرائيلية تعتمد على أكثر من 300 ألف جندي احتياطي إلى غزة، في محاولة للسيطرة على مدينة غزة في الشمال وقطع الأرض إلى النصف، انضمت فرقة رابعة في وقت لاحق إلى القتال.

ويزعم جيش الدفاع الإسرائيلي منذ ذلك الحين أنه قتل أكثر من 9000 من نشطاء ومقاتل الفصائل، وهو رقم يضم ما يقرب من 1800 مسلح عبروا الحدود إلى الاحتلال في إطار هجمات 7 أكتوبر.

حتى يوم الجمعة، قال الجيش الإسرائيلي إن 194 جنديًا إسرائيليًا قتلوا منذ بداية الغزو البري.

وتقدر وزارة الصحة في غزة أن 24927 شهيدا و62388 مصابا، ولكن نتيجة تدهور الأوضاع جعل من الصعب تتبعها مع تقدم الحرب.

أشاد نتنياهو بالنجاحات العسكرية لبلاده، مدعيا أن قوة الفصائل القتالية قد انخفضت بما يصل إلى الثلثين، معززا أن الخطة كانت للمضي قدما في الحرب حتى تحقيق «نصر كامل».

والقوة الدقيقة لقوات الفصائل قبل هجمات أكتوبر غير معروفة لكن بعض التقديرات تشير إلى أنهم ما يقرب من 30 ألف مقاتل.

تصاعد قوة الفصائل الفلسطينية بخسائر الاحتلال الإسرائيلي

وفي حين تشير الأرقام الإسرائيلية إلى أن قدرة الفصائل القتالية قد خفضت بشكل كبير بسبب الحرب، فإن هيكل قيادة الجماعة لا يزال سليمًا إلى حد كبير، وكذلك قدرتها على مقاومة القوات الإسرائيلية لا تزال كما هي بل أصبحت أفضل نتيجة لخسائر الاحتلال الإسرائيلي.

وعلى جانب آخر، قال نور عرفة في مركز كارنيجي للشرق الأوسط «الفصائل تكبدت خسائر لكنها لا تزال قوة عسكرية فعالة، وأيضًا من الواضح أن الفصائل تسيطر على العديد من الأنفاق ولا يزال بإمكانها مفاجأة الجنود الإسرائيليين بالهجمات».

كما تواصل الفصائل إطلاق صواريخ من شمال غزة وهي منطقة ادعت قوات الاحتلال مرارًا وتكرارًا أنها تسيطر عليها، وأظهرت قوات الفصائل أنها لا تزال قادرة على نصب كمين للجنود الإسرائيليين في نفس المنطقة.

2- تحرير المحتجزين

إعادة المحتجزين هو هدف نتنياهو الثاني والذي يتكرر في كثير من الأحيان ولكنه لم يتحقق إلا جزئيًا منه وكان عن طريق صفقات تبادل المحتجزين وهدنة دامت نحو أسبوع، لكن باستخدام القوة لم تستطع حتى الآن إسرائيل بتحرير محتجز واحد من قبضة الفصائل.

ورفض كبار القادة الإسرائيليين باستمرار الدعوات إلى وقف إطلاق النار، زاعمين أن الفصائل لن تفرج عن المحتجزين ما لم تضطر إلى ذلك من خلال الضغط العسكري المستمر.

هناك خلاف كبير حول هذه النقطة، بما في ذلك من داخل المجتمع الإسرائيلي، فعائلات المحتجزين المتبقين من بين أشد منتقدي نتنياهو، بحجة أن عودتهم الآمنة يجب أن تأتي قبل متابعة الحرب ضد الفصائل.

وقال الباحث في كارنيجي: «إسرائيل فشلت فشلا ذريعا في إطلاق سراح المحتجزين، ولم تفشل فقط في إطلاق سراح جميع المحتجزين، بل قتلت أيضًا ثلاثة عندما حاولوا تسليم أنفسهم».

3- غزة منزوعة السلاح

هدف نتنياهو الحربي الثالث ضمان أن تكون غزة منزوعة السلاح بحيث لإنها لن تشكل تهديدًا للاحتلال الإسرائيلي مرة أخرى، كما يشمل قتل قادة الفصائل الفلسطينية الرئيسيين الذين خططوا ليوم 7 أكتوبر وعلى رأسهم يحيى السنوار.

ويقول جيش الاحتلال الإسرائيلي إن العقل المدبر المزعوم لهجمات 7 أكتوبر، يحيى السنوار، لا يزال على قيد الحياة ويفترض أنه يختبئ في مكان ما في غزة.

عرفة قال: «أعتقد أن إسرائيل تحاول تحقيق أي نصر رمزي ويعتقدون أن قتل كبار قادة الفصائل سيمنحهم بعض مظاهر النصر، بالنظر إلى الإخفاقات على الأرض والفشل الاستراتيجي والاستخباراتي الهائل في السابع من أكتوبر».

وأشار جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى أن إيقاع الحرب في غزة سيتباطأ مع سحب أحد الانقسامات الأصلية التي تقاتل في غزة، وسيسمح ذلك بتناوب آلاف الجنود وعودة جنود الاحتياط إلى عائلاتهم.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: السنوار الاحتلال الإسرائيلي إسرائيل قوات الاحتلال الإسرائيلي غزة قطاع غزة فلسطين الفصائل الفلسطينية الاحتلال الإسرائیلی الفصائل الفلسطینیة القضاء على الفصائل فی غزة

إقرأ أيضاً:

خيارات نتنياهو لمواصلة الحروب العدوانية

إدارة جو بايدن الرّاحلة قريباً في «حيص بيص» من أمرها، فبعد تبنّي سياسة تقديم كلّ الدعم اللازم، شاركت دولة الاحتلال أهداف حربها وتحمّلت ما حمّلته للولايات المتحدة من أعباء، وخسائر وفشل وعزلة، تحاول أن تستثمر ما تبقّى لها من وقتٍ للفوز بادّعاء أنّها صاحبة الفضل في إتمام صفقة تبادل الأسرى، ووقف الحرب.

لا بدّ أنّها رفعت في وجه بنيامين نتنياهو بطاقة خطيرة لم تخطر على بال الأخير، الذي كان يفضّل الاستمرار في الحرب العدوانية على قطاع إلى ما بعد دخول دونالد ترامب البيت الأبيض.

وتزداد أزمة نتنياهو مع اتفاق بايدن وترامب، على ضرورة إتمام الصفقة، ووقف الحرب، والتي وضع لها ترامب سقفاً زمنياً لا يتجاوز العشرين من كانون الثاني القادم.

تذكّرنا الورقة التي رفعها بايدن في وجه نتنياهو بما فعله الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما حين امتنع مندوب أميركا في مجلس الأمن عن التصويت على قرار عدم شرعية وضرورة وقف الاستيطان، ما سمح بتمرير القرار في سابقة غير معهودة.

بايدن يرفع ورقة تمرير الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مجلس الأمن  ربّما بالطريقة ذاتها، إذ ثبت أنّ نتنياهو المسؤول عن تعطيل التوصّل إلى صفقة التبادل.

أيّام قليلة صعبة تواجه نتنياهو، الذي قد يقع في مصيدة بايدن وربّما إنّ تجاوزها، فقد لا يتمكن من تجاوز مصيره ترامب.

كلّ المصادر بما في ذلك الإسرائيلية تتحدّث عن أن حركة «حماس» أبدت مرونة كبيرة، وأنّها باتت مستعدّة بشهادة الوسطاء، بل وتتحدّث عن احتمال توقيع الصفقة قبل نهاية العام الجاري.

أميركا أكثر من يعلم أنّ نتنياهو هو الذي يشكّل العقبة أمام التقدّم نحو إتمام الصفقة وأنه يخترع المزيد من التفاصيل والشروط لتأخير ذلك، ويستغل كل دقيقة لإنجاز «خطة الجنرالات» في شمال القطاع، وتدفيع الفلسطينيين أكبر ثمن ممكن قبل التوقّف الاضطراري.

على أنّ التصريحات التي يدلي بها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، تنطوي على اعترافات متناقضة، فهو يكرّر رفض بلاده احتلال الدولة العبرية لقطاع غزة، وكان بإمكان إدارته أن تمنع ذلك، وأن ترغمها على وقف الإبادة الجماعية والتجويع التي ألحقت بها وأميركا مخاطر وخسائر ذات أبعاد إستراتيجية.

حين يقول بلينكن إنّ احتلال القطاع سيؤدّي إلى استمرار «حماس» في القتال، فإنّه يعترف بفشل دولة الاحتلال في سحق المقاومة وإنهاء حكم «حماس»، كما جاء في تصريح سابق أعلن خلاله أنّ دولة الاحتلال تمكّنت من إنهاء «حماس» مقاومةً وحكماً.

هو اعتراف بالفشل، ومحاولة بيع نتنياهو وهم تحقيق الانتصار، وأنّ الاستمرار في الحرب واحتلال القطاع لأجلٍ غير مسمّى لا يخدمان مصلحة دولة الاحتلال.

من الواضح أنّ نتنياهو يحاول، قبل أن يقفل ملفّ القطاع، أن يفتح المجال أمام إمكانية متابعة حربه العدوانية في مناطق أخرى، والذرائع إن لم تكن متوفّرة، فهو قادر على اختلاقها.

في الطريق إلى فتح جبهة إيران، صعّدت دولة الاحتلال اعتداءاتها على اليمن، حيث قامت عشرات الطائرات الحربية الإسرائيلية بإلقاء أكثر من 60 قنبلة على منشآت مدنية وعسكرية يمنية.

وبالتزامن، قامت الطائرات الحربية الأميركية باستهداف منشآت يمنية تكمل ما قامت به الطائرات الحربية الإسرائيلية، وتتحدّث المصادر الأميركية عن مواصلة العمل، وتجنيد أطراف أخرى للمشاركة.

دولة الاحتلال الرسمية تتحدّث عن تنسيق مع أميركا لمواصلة استهداف منشآت حيوية عسكرية وأمنية في اليمن، ما يصل إلى حدّ فتح جبهة حرب جديدة على نحوٍ لا يشبه ما جرى خلال الأشهر السابقة من الحرب.

خلق هذا العدوان، الذي يتجّه نحو التصعيد، حالةً من ردّ الفعل القوي والعنيد لدى اليمنيين، الذين أكدّوا ثباتهم على موقف إسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته، وبالتزامن مع وصول الطائرات المعتدية إلى اليمن أطلق «الحوثيون» صاروخاً على يافا، لم تتمكّن كلّ أنواع الدفاعات الجوّية الإسرائيلية من اعتراضه، بالإضافة إلى عديد المسيّرات التي وصلت إلى أهدافها.

ما تعرّض له اليمن من عدوان إسرائيلي ينطوي على أكثر من رسالة، فهو يحمل معنى «البروفة»، لما قد تتعرّض له إيران، ومحاولة رفع معنويات الإسرائيليين، الذين تدّعي حكومتهم الفاشية أن يدّ جيشها قادرة على الوصول إلى أبعد الأماكن دفاعاً عنهم.

وبالإضافة فإنّ الأمل يحدو نتنياهو بأن يواصل توجيه ضربات موجعة لليمن، لاستكمال فصل الجبهات بعد أن نجح في لبنان وسورية.

إن كان هذا الهدف واقعياً، فإنّ جبهة اليمن ستشهد تصعيداً كبيراً خلال الأيام المقبلة، وأكثر مع اقتراب التوصّل إلى صفقة التبادل، حتى لا تكون هناك فجوة بين وقف الحرب العدوانية على غزّة والحاجة لاستمرارها في المنطقة.

وهذا، أيضاً، يعني أنّ ثمّة ما بعد اليمن، فعلى الطريق إلى إيران باعتبارها الهدف الأسمى لنتنياهو، قد يدفع نحو تأجيج الصراع مع المقاومة في العراق.

إدارتا أميركا، الراحلة والقادمة، إن كانتا تركّزان على وقف الحرب العدوانية على القطاع، فإنّهما لا تريان ضرراً من التصعيد، مع اليمن أو العراق، وحتى مع إيران.

ترامب يحتاج إلى ذلك، فكلّما كانت النيران في المنطقة أكثر اشتعالاً، فإنّ إنجازه بوقف وإطفاء تلك النيران سيكون أكثر أهمية وأكثر استثماراً، لوقف الحروب كما يريد ترامب أثمان ينبغي أن يدفعها أحد، والمرشّح في هذه الحالة هم العرب، الذين قد تتعرّض مصالحهم لأضرار بليغة، في حال تصعيد الحرب ضدها من قبل دولة الاحتلال وأميركا.

المنطقة إذاً مرشّحة لتطوّرات خطيرة خلال الشهر المتبّقي على دخول ترامب البيت الأبيض.

الأيام الفلسطينية

مقالات مشابهة

  • أستاذ علوم سياسية: نتنياهو يعيش نشوة انتصار رغم استمرار المحتجزين في غزة
  • خيارات نتنياهو لمواصلة الحروب العدوانية
  • لابيد يرفض المشاركة بلجنة يسعى نتنياهو لتشكيلها للتحقيق في أحداث 7 أكتوبر
  • هويدي: فرص نهضة سوريا بعيدة المنال بسبب انفراد «الإسلام السياسي» بإدارة المشهد
  • الزاوية العمياء | تصعيد عسكري جديد وعمليات نوعية ضد الاحتلال الإسرائيلي ..تفاصيل
  • خبير: إسرائيل اتخذت ذريعة 7 أكتوبر لتغيير وتقليل أعداد السكان الفلسطينيين
  • تحركات غير عادية وتحذير من الحدود.. إسرائيل تكشف عن جانب جديد من تحقيقات 7 أكتوبر
  • من «الزاوية العمياء».. الفصائل الفلسطينية تنفذ عمليات موجعة ضد إسرائيل (فيديو)
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تستعد لضرب أهداف في اليمن
  • المقاومة بالسكاكين.. الفصائل الفلسطينية تفاجئ الاحتلال بعمليات نوعية مؤلمة