أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها مضمونة:" هل هناك فرق بين الرؤيا والحُلم وحديث النفس؟ وهل يُخْبِر الإنسانُ أحدًا برؤياه أو لا؟". 

لترد دار الإفتاء موضحة: أن الحُلم وحديث النَّفْس والرؤيا عبارة عَمَّا يراه الإنسان في النوم؛ وغُلِّبت "الرؤيا" على ما يراه النائم مِن الخير والأمور المحبوبة، وغُلِّب "الحُلم" على ما يراه مِن الشر والقبيح، وأَمَّا حديث النفس فهو عبارة عن أحداث ومخاوف يمر بها الخلق في يقظتهم، أو في منامهم بأن يُعيد العقل الباطن تكوينها مرة أخرى أثناء النوم، وتُسمَّى "أضغاث أحلام".

ويُسَنُّ لـمَنْ رأى الرؤيا أن يحمد الله تعالى عليها، وأن يُحَدِّث بها مَن يُحِب دون غيره. وأمَّا الحُلم فيُسَنُّ أن يتعوذ بالله منه، ويبصق عن يساره ثلاثًا، وألَّا يُحَدِّثَ به أحدًا، كما يستحب أن يتحوَّل عن جنبه، وأن يصلي ركعتين.

إياك أن تفعل هذا الأمر أثناء نومك.. النبي حذر منه المقصود من حديث يأتي زمان على الناس يحبون خمسًا وينسون خمسًا

 

ما ورد في السنة النبوية في الفرق بين الرؤيا والحلم وحديث النفس

بيَّن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في السُّنَّة النبوية المطهرة الفرقَ بين الرؤيا والـحُلم وحديث النفس، وما يُسَنُّ فعله لـمَن رأى رؤيا يحبها أو يكرهها، فعن أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه أنَّه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هي مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا، وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فَإِنَّمَا هي مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلَا يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ» رواه الإمام البخاري في "الصحيح".

وعن أبي سلمة رضي الله عنه، قال: إِنْ كنتُ لأرى الرؤيا تُمْرِضُنِي، قال: فلقيتُ أبا قتادة، فقال: وأنا كنتُ لأرى الرؤيا فَتُمْرِضُنِي، حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ، فَلَا يُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، وَإِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشَرِّهَا، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ» متفق عليه.

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

الفرق بين الرؤيا والحلم وحديث النفس

المستفاد مِن هذه الأحاديث: أنَّ ما يراه الإنسان خلال نومه ينقسم إلى ثلاثة أقسام: إما حُلمٌ، أو حديثُ نفسٍ، أو رؤيا:

فالرؤيا: هي مشاهدة النائم أمرًا محبوبًا، وهي مِن الله تعالى، وقد يراد بها تبشير بخير، أو تحذير مِن شرٍّ، أو مساعدة وإرشاد، أو إظهار أمر خفي، أو بيان أمر ظاهر ولم يتم الانتباه إليه.

وأَمَّا الحُـلم: فهو ما يراه النائم مِن مكروه، وهو مِن الشيطان ليعكر على الخلق صفو حياتهم. ينظر: "المنتقى شرح الموطأ" لأبي الوليد الباجي (7/ 277، ط. مطبعة السعادة).

ويُسَنُّ لـمَنْ رأى الرؤيا أن يحمد الله تعالى عليها، وأن يُحَدِّث بها مَن يُحِب دون غيره.

وأمَّا الحُلم فيُسَنُّ أن يتعوذ بالله منه، ويبصق عن يساره ثلاثًا، وألَّا يُحَدِّثَ به أحدًا، كما يستحب أن يتحوَّل عن جنبه، وأن يصلي ركعتين. ينظر: "شرح السُّنَّة" للإمام البغوي (12/ 206، ط. المكتب الإسلامي).

والعلة في ذكر الرؤيا الصالحة لـمَنْ يحب دون غيره؛ كما يقول ابن حجر في "فتح الباري" (12/ 431، ط. دار المعرفة) عند شرحه لحديث أبي سلمة السابق: [أنَّه إذا حَدَّث بالرؤيا الحَسَنة مَن لا يحب قد يُفسِّرها له بما لا يُحَب، إما بُغْضًا وإمَّا حَسَدًا، فقد تقع على تلك الصفة، أو يتعجَّل لنفسه مِن ذلك حُزْنًا ونَكَدًا] اهـ، وقد أورد مثل ذلك ابن رشد الجد في "المقدمات الممهدات" (3/ 427، ط. دار الغرب الإسلامي).

يضاف لذلك: أَنَّ العلة في الأمر بالبصاق عن اليسار لطرد الشيطان الذي حَضَر الرؤيا؛ فقد أورد الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (15/ 18، ط. دار إحياء التراث العربي) أنَّه أَمَرَ بالنَّفْث ثلاثًا طَرْدًا للشيطان الذي حضر رؤياه المكروهة تحقيرًا له واستقذارًا.

وقد يكون ما يراه النائم ليس رؤيا ولا حُلمًا، وإنما هو حديث النَّفْس، ويكون في اليقظة وفي المنام أيضًا:

أَمَّا في اليقظة: فهو عبارة عَمَّا يدور في نَفْس الإنسان من أحاديث وأمانٍ ومخاوف يمر بها في حال صَحْوه، ومِن رحمة الله سبحانه أنَّه رَفَع الإثم عمَّا يُحدِّث به المرء نفسه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ، أَوْ تَكَلَّمْ بِهِ» متفق عليه.

فالحديث دالٌّ بنصه على أنَّ ما لم يَنْطِق به اللسانُ لا حكمَ له. يُنظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بَطَّال (7/ 418، ط. مكتبة الرشد).

وأَمَّا حديث النَّفْس في المنام فيُسمَّى "أضغاث أحلام": وهي الأحلام المختلطة الكاذبة والأهاويل التي يراها النائم، أو ما يقوم به العقل الباطن من إعادة تكوين الأحداث مرة أخرى في أثناء النوم، وهذه الأحلام لا تأويل لها، ولا يجب الالتفات إليها. يُنظر: "مرقاة المفاتيح" للمُلَّا علي القارِّي (7/ 2919، ط. دار الفكر).

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه ن الرؤیا حدیث الن ما یراه ا یراه

إقرأ أيضاً:

الباقر مثلك لا يحتويه قبرُ

الباقر مثلك لا يحتويه قبرُ

خالد فضل

كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر **** فليس لعين لم يفض ماؤها عذر

فتى دهره شطران فيما ينوبه **** ففي بأسه شطر وفي جوده شطر

وأبوتمام إذ يرثي محمد بن حميد الطوسي , إنّما يسجل في وقت متقدم من الزمان ما سيلم بنا في فقد الباقر عفيفي , أخٌ شهم وصديق قريب حبيب إلى القلب , وأستاذ بارع حاذق , ودود وخلوق في تواضع العلماء وهمّة الأخيار , الباقر العفيف , يا لعظمة السيرة حينما تكون رفدا لحياة الناس , بالفكر الناصح والعمل الصالح , وقد مضى غير هيّاب أو وجل إلى ما أراد الله وشاء أن تسكن روحه العذبة إلى جواره راضية مرضية , وصاحبها إذ يرحل من دنيانا , لنتجرع مرارة الفقد , بيد أنّ تلك الروح في معية الرب الخالق تنعم في جنان وارفات الظلال بفضل الله , واشهد بأنّ الباقر من أولياء الله الصالحين وهو يهب عمره وجهده وعلمه وخبرته للصالح العام , للنافع من مهام وأجلها خدمة حقوق الإنسان , فقد كان الباقر مدافعا شرسا عن حق الناس كل الناس في حياة تليق , وعيا واستنارة ,مضى في سبيل ذلك , لم يهن ويضعف وهو يغالب الداء اللعين , يعاني ويلات الحرب وشتات الأسرة والأهل , ومفارقة الديار, وهو يحمل هموم الوطن والناس بين جنبيه أينما حلّ وسار , ويرزأ بفقد أحيه الأصغر جمال قبل شهور , وها هويلحق به على الدرب الذي هو سبيل الأولين والآخرين . الباقر لا يحويه قبر , ففضائله مما لايطمرها التراب , عفيف كما الإسم , كريما كما الإنسان في كريم الخلال , أخو أخوان وأخوات . صنديدا لم يزاور أو يداور بل أشهر مواقفه الصلبة في وجه كل إنتهاك لحقوق الإنسان . كرّس علمه ومعرفته ومدار جهده ونشاطه من أجل خدمة قضايا شعبه وبلده فاستحق عن جدارة أن يكون موقعه في الصف القدّام ويكون رحيله فاجعة وطنية كبرى . لقد تسنى لي معرفة د. الباقر ككاتب ومحرر ضمن سلسلة منشورات حقوق الإنسان في مركز القاهرة لحقوق الإنسان_إن أصبت العنوان_ ومن بعد علمت أنّه الأخ الأكبر لشقيقتيه الزميلتين في جامعة جوبا عفاف وهاجر وصهر صديقنا وزميلنا أمير إدريس , قبل أن أقابله شخصيا في وقت لاحق ضمن إنشغالاتنا المشتركة في الشأن العام , وفي كل مرّة تزداد علاقتي به رسوخا , ويزيد مقامه عندي تقديرا ,سعة أفق ورجاحة عقل , حماس وإخلاص وروح إنسانية مفعمة بحب الخير لكل الناس , وهو بعد المناضل الشرس للهوس والبؤس الفكري والثقافي الذي يكتنف حياة شعبنا , فبذل طاقته في نشر الوعي والإستنارة وكان مركز الخاتم عدلان بؤرة إشعاع فكري وثقافي ووطني من الطراز الأول . وبالطبع في ظل هيمنة نظام الهوس والإدقاع الإنقاذي كان نصيب الباقر وافيا , لكنه ظلّ مثابرا مثابرة من وعى الدرب إذ عنه لا يحيد ,وكانت صحيفة التغيير الإلكترونية ضمن مسار العمل الدؤوب من أجل الوطن والشعب . حتى مضى إلى ربه بعد حياة عظيمة حافلة بكل مفيد . ألا رحمه الله رحمة تفوق الكون وما حوى , رحمة من لدن كريم لا حد لعطائه , وألهم آله وأسرته وكل من عرف فضله الصبر وحسن العزاء ولا حول ولا قوة إلا بالله رب العالمين .

 

الوسومالموت د. الباقر العفيف رحيل نعي

مقالات مشابهة

  • مشاهد وحديث القائد العام .. زيارة البرهان للقيادة العامة بالخرطوم
  • ما الفرق بين المعجزة والكرامة؟ الإفتاء تجيب
  • مفتي الديار المصرية: الزكاة عبادة إنسانية وتطهير للنفس من حب المال والأنانية
  • وزير الآوقاف: التصوف الإسلامي العلاج الأمثل للنفس البشرية
  • العالم الزاهد.. وزير الأوقاف يُصلي على الأرض دون «سجادة» في معرض الكتاب
  • وزير الأوقاف: التصوف الإسلامي العلاج الأمثل للنفس البشرية ومواجهة الشهوات
  • عالم أزهري يفجر مفاجأة.. «الإسراء والمعراج» ليس حصرا على النبي محمد صلى الله عليه وسلم
  • الباقر مثلك لا يحتويه قبرُ
  • دعاء صباح الجمعة لتحصين النفس نقلا عن النبي.. يحميك من العين والحسد
  • "من حديث القرآن عن الإنسان".. في جناح مجلس حكماء المسلمين بمعرض الكتاب