التناقض المطلق بين الأنظمة العسكرية وحقوق الشعوب الديمقراطية (6 -10)
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
تعرض المقال الأول للأهمية القصوى لإيقاف الحرب ومعالجة أسبابها، التي لن تتم بدون وحدة القوى المدنية، للدفاع عن التصور الديمقراطي لحل هذه الأزمة الكارثية. وكان المقال الثاني بعنوان " من يحمي الديار من حماة الديار؟" ومقولته الأساسية ان الخطر على استقرار الشعوب يأتي، وعبر التاريخ، من الجيوش، عندما تنتزع السلطة وتحكم.
تركز معظم حجج منظري الأنظمة العسكرية على الدور التنموي للجيوش، وسميت قاطرة التحديث في اقطار افريقيا واسيا. ويبررون ذلك بان الجيوش هي المؤسسات الحديثة الوحيدة في مجتمعات تتسم بالصراعات الاثنية والقبلية. وان الجيوش بقدراتها التنظيمية، وانضباط كوادرها، ومنهج التراتبية، والطاعة، والنظام الحديدي لهذه المؤسسات، تشكل عوامل نجاح في مهمة انجاز التنمية وترقية المجتمعات. وقد كان ذلك مجالا لدراسات عديدة، بحثت لماذا تحدث انقلابات، واشكال الحكم العسكري الخ. بالإضافة لهذه المقولات، هناك ظاهرة في العالم العربي هي استخدام بعض الأحزاب، التي تعرف استحالة وصولها للحكم عبر الانتخابات للتآمر مع العسكر لتنفيذ برنامجهم السياسي.
أثبت التجربة والممارسة التاريخية خطل تلك الرؤية. فالأنظمة العسكرية التي سيطرت على افريقيا لعقود طويلة من الزمن، لم تحقق التنمية الموعودة. بل ان حالة التخلف التي تعيشها اقطار القارة، رغم امكانياتها الكبيرة، لهو دليل مفحم على فشل تلك الأنظمة. لان قضية التنمية لا تتم بالأوامر ولا بالضبط والربط. وهذه هي اشكال ما سمي بالبناء من فوق، والذي يحول الشعب الي متلقي سلبي، وكم مهمل، الامر الذي يحول الشعب الي قطيع من الأغنام تكون تحت السيطرة في كل الأوقات. مما يتناقض مع أسس التنمية الحقيقية، والتي جوهرها الانسان وبالانسان.
الأخطر هو النظرية الأيديولوجية للعسكر التي ترى ان المجتمع ليس ناضجا بعد ليستطيع اختيار المسؤولين في كل المستويات المختلفة، وان الجمعيات السياسية والأحزاب والصحف المستقلة، إذا لم تراقب عن قرب، فإنها ستقوم بزرع الفتنة والفرقة بين المواطنين. ونتيجة للايدلوجية العسكرية التي تنظر للمدنيين باستعلاء، تحتكر القيادة العسكرية كل وظائف الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتجميعها في داخل مؤسسات بيروقراطية، تدير كل شيء. ولا يؤمنون بان المجتمع يتشكل من جماعات لها مصالح متناقضة ومتصارعة ولذلك تبني مؤسسات سياسية لحل هذه التناقضات والاختلافات وتسييرها بطريقة سلمية عن طريق تداول السلطة، عبر الانتخابات. وترفض الديمقراطية بمختلف الحجج والتبريرات.
الديمقراطية ليست مذهبا سياسيا، بل هي مؤسسات وإجراءات وقيم وقواعد تستهدف تقييد سلطة الحكام، ووقف تعسفهم، وصيانة الحريات، والحقوق. وهي بهذا المعني تتصل بأمور تنظيمية تفصيلية مثل: طرق المساواة امام القانون، وقواعد اختيار الحكام ومراقبتهم ومحاسبتهم واقالتهم عند الضرورة. إضافة لإجراءات صنع السياسات العامة، وإيضاح العلاقة بين السلطة والمواطنين، وبين السلطات المختلفة في الدولة، وضمانات لحماية الحقوق والحريات، وسبل المشاركة السياسية، وتمثيل كل التيارات الرئيسية في المؤسسات التشريعية للدولة.
يستخدم دعاة الأنظمة العسكرية حجة ان الديمقراطية منتجا غربيا، لا يتماشى مع ثقافتنا. الصحيح ان الديمقراطية هي منتج انساني، شاركت حضارات كثيرة في إنجازه. لها جذور في الفكر الاغريقي، والفكر الروماني، وفي المسيحية، وفي الحضارة العربية الإسلامية. النظام الديمقراطي هو نتاج حضارات شتى، وتطور صراعات مختلفة، كان كل طرف يستهدف تحقيق مصالحه. للأنظمة الغربية الحالية الفضل في مأسسة النظام الديمقراطي، وابتكار الكثير من المؤسسات والآليات التي ساهمت في وضع جوهر الديمقراطية موضع التطبيق.
تجربتنا السودانية مع الأنظمة العسكرية، التي دمرت تطور شعبنا وخربت مؤسساته لا تحتاج لتفصيل، ولكن يكفي مثال هذه الحرب الاجرامية.
siddigelzailaee@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الأنظمة العسکریة
إقرأ أيضاً:
خبير دولي: بعض الرادارات سهلة الاختراق وتعرض السيارات للسرقة في دول العالم
في ظل التطورات التقنية الحديثة أصبح الاعتماد على أنظمة قراءة لوحات السيارات الآلية أمرًا شائعًا في العديد من الدول ولكن ما كشفه الباحث الأمني «مات براون» مؤخرًا يثير القلق حيث أكد أن هذه الأنظمة ليست فقط معرضة للاختراق بل يمكن الوصول إلى بياناتها بسهولة مما يشكل تهديدًا كبيرًا للخصوصية والأمن
كيف تعمل أنظمة قراءة لوحات السياراتتعتمد هذه الأنظمة على كاميرات متطورة تراقب جميع السيارات المارة وتستخدم تقنية التعرف الضوئي لتسجيل بيانات مثل لوحة الترخيص ولون السيارة وماركتها وطرازها ثم يتم تخزين هذه البيانات في قواعد معلومات لمقارنتها بالبيانات الأمنية والبحث عن المركبات المشتبه بها
الثغرات الأمنية في الأنظمة
أظهر براون أن العديد من هذه الأنظمة ليست محمية بشكل كاف مما يتيح للمخترقين الوصول إلى البيانات بسهولة عبر الإنترنت ونشر براون فيديو يُظهر بثًا مباشرًا لحركة المرور مع تسجيل بيانات السيارات بشكل مفتوح وهذا يعني أن أي شخص يمتلك بعض المهارات التقنية يمكنه مراقبة تحركات الأفراد
تتيح هذه الثغرات للمخترقين إمكانية تتبع عادات الأفراد اليومية بدقة مما يجعلهم عرضة للملاحقة أو التجسس وقد تُستخدم هذه البيانات من قبل جهات غير قانونية مثل الهاكرز، المطاردين أو حتى الأقارب الذين يسعون لانتهاك خصوصية الآخرين.
تهديد للأمن القوميلا يقتصر الخطر على الأفراد فقط بل يمتد ليشمل الأمن القومي حيث يمكن لجهات أجنبية استغلال هذه الأنظمة لمراقبة تحركات المسئولين وكبار الشخصيات مما يشكل تهديدًا مباشرًا للسلامة الوطنية.
الحلول المقترحة للتصدي للمشكلة
لمواجهة هذه التحديات يجب على الجهات المسئولة في كل دولة اتخاذ خطوات عاجلة لتعزيز حماية أنظمة قراءة لوحات السيارات من خلال تطبيق تقنيات تشفير البيانات وتقييد الوصول إلى الأنظمة.
تسلط هذه القضية الضوء على مخاطر التكنولوجيا غير المحمية وأهمية التحرك السريع لتأمين الأنظمة التقنية التي تؤثر على حياة الأفراد وأمن الدول.